خاص "هي": فاليري ميسيكا تحتفي بعشرين عاما من الإبداع مع TERRES D'INSTINCT
التقيت "فاليري ميسيكا"، مؤسسة دار "ميسيكا" ومديرتها الإبداعية، خلال أسبوع الأزياء الراقية في باريس، بمناسبة إطلاقها مجموعة TERRES D'INSTINCT للمجوهرات الراقية. جلسنا معا في فندق "كريون"، على شرفة مطلة على قلب باريس، بينما كانت تصاميم المجموعة تعرض داخل القاعة المضيئة خلفنا. كان المشهد الباريسي ينعكس على وجهها المفعم بالسعادة والرضى، وهي تستحضر مسيرتها الممتدة على مدى عشرين عاما منذ أن أسست دارها التي عرفت بأسلوبها العصري في صياغة الماس وجرأتها في تحويله إلى أسلوب أنثوي حر. تتحدث بابتسامة واثقة عن المجموعة المستلهمة من سحر إفريقيا بكل ما تحمله من ألوان وضوء وحياة، والتي تمثل بالنسبة لها فصلا جديدا من الشغف واحتفاء بالأرض والحدس والحرية.

تصف "فاليري" رحلتها إلى إفريقيا بأنها "لقاء مع الجمال الخام"، رحلة تركت في داخلها أثرا عميقا ألهمها لتجسد الطبيعة في أبهى صورها. تقول: "سافرت إلى ناميبيا وبوتسوانا وجنوب إفريقيا، وهناك وقعت في حب المناظر الطبيعية التي تخطف الأنفاس، من الحيوانات إلى الأشخاص والضوء والألوان. كانت تجربة غيّرت نظرتي إلى الماس، وأطلقت بداخلي رغبة في استكشاف الألوان للمرة الأولى في ابتكارات مجوهراتي الراقية".
ومن هذا الانبهار ولدت فكرة المجموعة التي تمزج بين بريق الماس وصفاء الأحجار الكريمة الملونة، في قطع تحاكي تدرجات الأرض الإفريقية ووهجها.
استخدمت "فاليري"، للمرة الأولى في مسيرتها، الزمرد والتسافوريت والصفير بألوانه المتعددة لتعبر عن تحول فني ناضج يضيف بعدا جديدا إلى هُوية الدار. وتقول مبتسمة: "كنت رسامة في بداياتي، وأعمل عادة بأربعة ألوان فقط، أما اليوم فصار لدي 25 لونا لأتلاعب بها. إنه حلم يتحقق". بهذه الحرية اللونية، تعيد اكتشاف لغتها الإبداعية، وتمنح نفسها مساحة جديدة للتعبير عن الضوء والملمس بأسلوب أكثر نضجا وثقة.
تتــــألــــف المجمـــــوعـــــة من 16 طقــــمــــا من المجــــوهرات الراقية تحتفي بالعناصر الطبيعية الثلاثة: الأرض والنبات والماء. تتوزع عبر ثلاثة فصول لونية، فتعبر بالأخضر عن السافانا والنباتات، وبالألوان الترابية عن الأرض، وتستحضر صفاء الماء بالأزرق. يتجلى في كل فصل حوار بين الطبيعة والضوء، حيث يتداخل الذهب والأحجار الكريمة في توازن دقيق يجمع بين القوة والعاطفة، وبين صرامة الشكل ونعومة الحركة.
يـــبــــرز في المــجــمــوعــــة عــــقـــــد KALAHARA الذي يستحــــضـــــر حــــرارة الصـــحـــراء وشمـــسـهــــا السيادية بفضل ماسة صفراء استثنائية تزن نحو 35 قيراطا. العقد مرصع بنحو 103.3 قيراط من الماس، وهو قابل للتحول. أما تصميم FAUVE، فيجسد قوة الأسد من دون أن يرسم شكله الحرفي. تتحدث عنه "فاليري" فتقول: "أحببت فكرة التحدي، كيف يمكن أن أجسد الحيوان من دون رسمه. القطعة تحمل روح الأسد وشجاعته، لكنها تروي الــــقـــصــــة بأسلـــــــوب تـــجـــــريدي". وتــــضيــــــف: "جاءت بعدها قطعة ZEBRA MNYAMA المستوحاة من الحمار الوحشي، حيث استخدمنا ماسات بقطع كاديلاك التي تمنح التصميم زوايا متقابلة تضيف إليه طاقة هندسية معمارية لافتة".

ويتضح شغفها بالتفاصيل الخفية في ظهر القطع أيضا، حيث تركت آثارا صغيرة تحكي قصة بعض التصاميم. تقول: "ترين مثلا آثار الأقدام تزين ظهر أحد تصاميم أقراط الأذن". تحمل هذه القطع بصمة تروي حكاية الحيوان الذي ألهمها، من مخالب الأسد التي حفرتها بعناية على سطح الذهب، إلى التعرجات التي تحاكي أثر الرياح على الرمال. توثّق هذه النقوش الدقيقة العلاقة بين التصميم والطبيعة، وكأنها توقيع خفي يحفظ ذاكرة الإلهام داخل القطعة نفسها. وفي سياق بحثها عن ملمس يوازي حس الصحراء، استعانت "فاليري" بتقنيات الذهب المحفور والمصقول، الذي استخدم في قطع مثل MIRAGE لتجسيد إحساس الرمال المتحركة تحت أشعة الشمس. تقول: "أحب أن يبدو الذهب كقطعة قماش. استخدمت الملمس غير اللامع والساتاني لخلق حوار بين بريق الماس ودفء المعدن". تشكل هذه العلاقة بين البريق والملمس، أحد عناصر التوازن الجمالي التي تميز المجموعة، فتبدو كل قطعة كأنها مشهد حي من الطبيعة الإفريقية.
ويبرز طقم MIRAGE، المستوحى من ظاهرة السراب في الصحراء، من بين التصاميم التي تحمل بعدا شعريا خاصا. صيغت قطعه بأسلوب ينتج عنه ما يشابه الخداع البصري، فإذا تأملها الفرد من جهة يراها كأنها مصنوعة من الذهب الخالص، ومن جهة أخرى يراها مرصعة بالماس. تقول: "أحب هذا التصميم، فعندما تنظرين من جهة ترين شيئا، ومن الجهة الأخرى يظهر لك مشهد مختلف تماما".

تـــؤكــــد "فاليـــــري" أن الــــمــــاس يبـــقـــى جوهر رؤيتها، الذي تبني حوله كل تفاصيلها، على الــــرغــــم من استــــخـــدامـــها الجديد للأحجار الكــــريــــمــــة الملونة في هـــذه المجــمــوعــــــة. تقول: "الماس هو مصدر إلهـــامي الدائم، فهو ما يجعلني أبتكر من جديد في كل مجــمــــوعـــــة". ومع ذلك، لا تــــخـــفــــــي متعتـــــها بالاكتــــشــــاف، إذ تــــــرى أن التلاعب بالألــــــوان فــــتـــــح أمامها آفاقا جديدة من التعبير الفني التي ستستمر في استكشافها مستقبلا.
عند الحديث عن مرور عشرين عاما على تأسيس الدار، تتأمل "فاليري" مسيرتها بامتنان واضح. تــــؤكــــد أنــــهــــا ما زالـــت وفيـــــة لمبــــدأيـــــن أساسيين، وهما إبراز جـــمـــال الـــــماس في كل تصمــــــيم، وتقـــديــــم مجــــوهـــــرات راقـــيــــــة يسهـــــل التزين بها في الحياة اليومية. وتضيف: "كل ما نصنـــعـــــه في الدار هو اقتراح جديد لجعل المجوهرات الراقية أكثر قربا من النساء، وأكثر تعبيرا عن شخصياتهن".


سألتــــهـــا في نهـــايــــة اللـــــقاء عن خطـــطـــهـــا للسنوات العشرين المقبلة، فأجابت: "لم أكن أتوقع أن أصل إلى هذا المستوى في غضون 20 عاما. ولم أكن أرغب في أن أضع ضغطا إضافيا على نفسي. لـــــذا أتـمــــنى أن أستــــمـــــر في التــــطــــور، لكن أيضا في الاستمتاع بما أقدمه، وأن أجعل مَن حولي يحبون عمـــلـــهـــم. والأهـــــم أن أرد الجميـــــل من خــــــــلال دعم النساء والأطفال عبر مؤسستي الخيرية".