الأميرة نورة الفيصل

الأميرة نورة الفيصل لـ"هي": التراث نقطة البداية وبه نخطُّ المستقبل

22 سبتمبر 2023

حوارsouha hamed

تضطلع الأميرة نورة الفيصل بمسؤوليات عدة في عالم التراث والتصميم. وربما كان التراث هو هاجسها الأول، فهو يربط بين جميع اهتماماتها الحضارية، وقد عينت أخيرا رئيسة تنفيذية لهيئة "فنون التراث"، وهي من خلال منصة "أظلال" التي أسستها عام 2018 تهدف إلى التركيز على الاستراتيجية لتقوية وتمكين المجتمع التصميمي ونقل الهوية السعودية من التراث والأصل إلى العالم. ترى الأميرة أن التراث هو نقطة الإبداع والبداية وتقول: "التراث هو الأساس والمصدر، إنه المكان الذي تنشئين منه. لذلك، إن لم يدرك المرء ماهية تراثه، فهو لم ينطلق من نقطة الأصالة". بصفتها المؤسسة والمديرة الإبداعية لدار المجوهرات الراقية "نون جويلز" NUUN JEWELS كشفت الأميرة نورة عن تعاونها الأول مع دار المجوهرات البريطانية العريقة "آسبري" ASPREY. فصممت خمس حقائب فاخرة محدودة الكمية، مزينة بتطريزات تراثية بنقوش وألوان تجسد تفرد المناطق الخمس الرئيسة في المملكة، سعت من خلالها إلى نقل الثراء الثقافي للمملكة إلى الجمهور العالمي. وتحت توقيع NUUN FOR ASPREY على هذه الحقائب، أصبحت "نون جويلز" أول دار يعتلي اسمها منتجا من دار "آسبري" التي أُسست عام 1871.

صممت خمس حقائب فاخرة محدودة الكمية

في لندن جلسنا مع الأميرة نورة نتحدث عن نشاطاتها المتعددة. بدأنا الحوار بالسؤال عن تعاونها مع دار "آسبري"، فأشارت إلى أنها من الدور الأثيرة عندها، وقد وجدتها رفيقا جميلا لتحقيق رغبتها في التوسع بالتصميم واكتشاف قدراتها التصميمية. سألناها عما إذا كانت تفكر يوما في التوسع لتصميم الأثاث أو المستلزمات المنزلية، فأجابت: "أجل بالطبع، أودّ ذلك، فأنا أريد تصميم كلّ شيء! أؤمن بأنّ الشخص المبدع يمكنه أن يبتكر أيّ شيء. وتعلّمت ذلك خلال حياتي. لقد تخصّصت في مجال التصميم الداخليّ، وأصبحت في النهاية مصمّمة مجوهرات، وأنشأت داري الخاصّة. ثمّ بدأت العمل في الاستشارات المرتبطة بالتصميم، ورحت أبتكر استراتيجيات وبرامج، سواء أكانت تعليمية أو غيرها. لكن كلّ ذلك ينطوي تحت مظلّة التصميم. ما زال التفكير التصميميّ نفسه لكن أطبّقه على مسائل مختلفة، سواء كان ذلك في تصميم مقعد مريح أو معالجة نقص ما في برنامج معيّن، فإن التعامل مع المسألة مماثل. يجب عليك أولا تحديد المسألة ثم دراستها وإجراء الأبحاث ثم معالجتها. إنّها العملية المتّبعة نفسها التي أطبّقها على المجالات المختلفة. بالنسبة لي، عندما يسألني الناس ما هو مجال عملي، أجيب فورا بأنني مصمّمة، فهو أعلى طموحاتي".

يشير المسؤولون في دار "آسبري" إلى أن الأبواب مفتوحة للأميرة نورة لتصميم ما شاءت، وأنه لا حدود للتعاون بينهما. للإعلان عن هذه الشراكة صممت الأميرة نورة مجموعة خواتم عرضت في معرض "عطايا" في أبو ظبي. وقد اهتمت بأن يكون "عطايا" مركز العرض لارتباطه بالأعمال الخيرية القريبة جدا إلى قلبها. كما أنها أعادت تخيّل مجموعة مجوهرات راقية من "آسبري" بأسلوبها الخاص، ليُكشف عنها في العام المقبل. وتقول الأميرة نورة: "كانت تقتضي المهمّة دمج الآرت ديكو مع أسلوب دار NUUN، وإضفاء تفاصيل معاصرة ومختلفة وجديدة، باستخدام موادّ لا تستخدمها دار "آسبري" بالضرورة دائما. في نهاية المطاف أنا المصمّمة، وستبقى حتما بعض التفاصيل ظاهرة في المجموعة، لكنّ قطع المجوهرات ستحمل توقيع "آسبري"، وعليّ أن أحترم الدار وتاريخها. والجدير بالذكر أنّ هذا التحدي جعلني أشعر بالمرح، فأنا أنظر إلى التحديات بحماسة".

التراث السعودي

أما تصاميمها الخمسة المحدودة الكمية من حقيبة كلاتش 1781، فهي بداية مشوارها في التوسع إلى مجالات جديدة في التصميم مع "آسبري". وقد وصفتها قائلة: "ينسج كل تصميم بدقة جوهر منطقة معينة، ويتشابك فيه ألوانها وزخارفها وتقنيات التطريز، فطرزنا كلا منها بنقوش نابعة من المنطقة التي يجسدها وبالألوان المرتبطة بها. ومن خلال احتضان التنوع في تراثنا والاحتفاء به، كنت أهدف إلى إنشاء سرد بصري يغرس الشعور بالفخر والتواصل بين الأفراد في جميع أنحاء المملكة. ولضمان الأصالة والدقة غصت في أرشيف "فنون التراث" الذي يضمّ أكبر مجموعة من التراث السعوديّ والذي كان بمنزلة مورد قيم للأنماط المستخدمة في تصميماتي. بالنسبة لي، كانت رحلة استكشاف تعمّقت في داخلها وتعلّمت منها أكثر عن المناطق المختلفة وأنواع التطريز المتعدّد والألوان والنقوش وغيرها من التفاصيل الجمالية. أذهلني التنوّع فحاولت أن أختار النقوش التي تعبّر عنه. استخدمت مثلا تطريزات وزخارف الأزهار التقليدية، وأضفت الأشكال الهندسية والقط العسيري وبعض النقوش السعودية التقليدية التي قد لا يصدق البعض أنها تقليدية. شعرت بالحماسة كثيرا للاستعانة بالأرشيف كمرجع لعملي، وأنا فخورة جدا بذلك. سعيت أيضا إلى تقديم الثراء الثقافي للمملكة إلى الجمهور العالمي، ودمج التطريز السعودي مع الأناقة الخالدة لحقيبة كلاتش 1781. هدفي هو دعوة الناس من جميع أنحاء العالم لتقدير التعقيد والجمال والمعنى العميق المتجسد في نسيجنا الثقافي. وأعتقد أنها ربما تظهر للناس أن هناك فيضا من الفرحة والألوان في تراثنا".

فصممت خمس حقائب فاخرة محدودة الكمية

مرجع أساسي

تطرق بنا الحديث إلى دورها بصفتها مديرة تنفيذية لمركز "فنون التراث" Art of Heritage، فحدثتنا عن أهمية الحفاظ على الأرشيف كمرجع أساسيّ للأجيال القادمة، وخاصة في ظلّ هذه النهضة التي تشهدها المملكة العربية السعودية اليوم، والحاجة إلى التواصل. فقالت: "يتمثّل الجزء الأهمّ من دوري في التأكّد من إتاحة هذا المرجع للأجيال المقبلة وتوفيره للقطاع التربوي وللناس بشكل عامّ. ويرتبط الجزء الآخر من مهامي بالبرامج القائمة في قسم الموضة وقسم الهدايا، والتي تشمل أيضا التراث والثقافة. في الواقع، أريد حقّا أن أتواصل مع الجيل الجديد وأن أضمن نقل التقنيات والخبرات إليهم، وأن أستخدم مجموعة الأرشيف كوسيلة لنقل المعرفة، سواء من خلال البرامج الإرشادية أو التدريبية أو التعاون مع الأوساط الأكاديمية أو مع كلّ تلك الجهات المحلية والعالمية. وقد تواصل مركز "فنون التراث" بالفعل مع مصمّمين عالميّين قدّموا أعمال التطريز الراقية".

الأميرة نورة إلى جانب عمل فني بخط الفنان حسام السواحة
الأميرة نورة إلى جانب عمل فني بخط الفنان حسام السواحة

تعد مجموعة أرشيف "فنون التراث" المجموعة الأكثر شمولا في العالم من قطع التراث السعوديّ. وتضمّ أكثر من57 ألف قطعة، تشمل مجالات عدّة من الصور الفوتوغرافية والخرائط والأبواب والتحف والمنسوجات والأزياء والمجوهرات. تتحدث عنه الأميرة نورة، فتقول: "الهدف هو أن نجعل الأرشيف متاحا للجميع، فنعمل اليوم على استراتيجيات وخطط لتحقيق ذلك بالطريقة الفضلى. إنها مهمّة مرتبطة بعملي أيضا في "فنون التراث". وظيفتي اليوم هي الرقابة على هذه المرحلة الانتقالية، والإشراف عليها، من حيث الهيكلية والبرامج والاستراتيجيات، وكلّ ما يلزم لجعل الأرشيف مستداماً ومتاحاً للجميع. وتقوم الحكومة أيضاً بطرح برامج رائعة، وهي فرصة رائعة للتأكد من الاستفادة منها. ونحن في صدد العمل على إنشاء معرض لجزء من المجموعة بمناسبة الذكرى الستين لتأسيس جمعية النهضة التي كانت "فنون التراث" أساسا جزءا منها. كما نهدف أيضا من خلال الحدث إلى سرد قصّة إنشاء "فنون التراث"، وذلك تكريما للنساء اللواتي جمعن القطع التراثية. فهنّ نساء متفانيات قضين أكثر من 30 سنة في جمع القطع التراثية وشرائها والحفاظ على الإرث لأنّهن يؤمنّ بأهميته. وانظري أين أصبحنا اليوم والفرصة المتاحة لنا. لقد كان لديهنّ نظرة مستقبلية وفهما بأهمية الحفاظ على التراث".

صممت خمس حقائب فاخرة محدودة الكمية

وأضافت: "يُعدّ الحفاظ على مجموعة الإرث السعوديّ وعرضها وسرد قصّتها والاستمرار في تطويرها وتوسيعها الأمر الأهمّ اليوم. حاليا، ونحن نسير نحو المستقبل، نحيك تاريخاً حديثاً، مثلاً "فنون التراث" صنعت أزياء الفريق السعودي الذي سيشارك في الألعاب الأولمبية المقبلة، ومن الضروريّ أن نستمرّ في سرد قصصنا. ولا بد من نشر التوعية حول الحفاظ على الإرث، وضمان أن يتّبع المصمّمون الناشئون الخطى نفسها، لإبقاء الأرشيف آمنا. نمرّ اليوم بفترة مدهشة، وذات يوم، يمكن إخبار ما يحصل الآن في السعودية من خلال التصاميم.

Credits

    حوار:

    souha hamed

    إعداد وتنسيق:

    MASHAEL AL DAKHEEL وMAHA AL HAWITI

    إنتاج محلي:

    LAMA AL EIDAN

    تصوير:

    NORA AL AMRI

    إضاءة:

    ABDULLAH AL KHALIFAH

    إخراج فني:

    LAILA AL DULAIGAN

    خبيرة مظهر:

    ANUSHA HITTALMAKKI

    خبيرة مظهر محلية:

    AL JOHARA AL HAJJAJ

    الأزياء:

    ART OF HERITAGE

    تصفيف الشعر:

    AISHA ALSHAMARI

    ماكياج:

    LAYLA AL OTAIBI لدى ASTERI