"ويس غوردون" لـ"هي": بدأت القصة على شكل رحلة عبر الأطلال ورغبة في إعادتها إلى الحياة
حوار: Mai Badr
حين بدأ "ويس غوردون" التفكير في حكاية مجموعة "ريزورت" 2026 من "كارولينا هيريرا"، عاد إلى ذكرياته عن منطقة بحر إيجة؛ فوجد إلهامه في أضوائها وخزفياتها وألوانها طبعا، كيف لا وهو المصمم المولع أبدا بالألوان وقدرتها على سرد الحكاية ونقل الفكرة وإيصال الرسالة! هكذا ولدت مجموعة "ميثوس" Mythos، (وهي كلمة تعني القصص والأساطير والمعتقدات التي تحدد هُوية ثقافة معينة والطريقة التي تفهم بها العالم من حولها)، كتب "ويس غوردون" حكاية مجازية تتجسّد حبكتها في الازدواجية بين الهندسة والانسياب. وهنا يخبرنا عن رحلة الإلهام خلف "ميثوس"، وما أراد التعبير عنه من خلالها، في حوار يكشف ملامح إبداعه، وإيمانه بأن المرأة، حين ترتدي ما يشبهها، تعيد للأسطورة معناها.
مجموعة "ريزورت" 2026 مستوحاة من جماليات منطقة بحر إيجة، وتحديدا من ألوانها وخزفياتها المتعددة الألوان. ما كانت اللحظة الأولى التي وجّهتك نحو هذا الإلهام؟ وما الذي جذبك إلى هذا الحوار البصري والثقافي تحديدا؟
اللون. هناك جانب عاطفي للغاية في الطريقة التي تتغير بها ألوان منطقة بحر إيجة عبر ساعات اليوم: بين الفيروزي العميق للبحر، وطين الحجارة، والدرجات الوردية المنصهرة عند مغيب الشمس. وعندما جمعتُ تلك الذكريات بأعمال الفخار المتعددة الألوان التي تشتهر بها المنطقة، شعرت بأن قصّة معيّنة بدأت تتشكل، قصة حول إعادة الاكتشاف، وحول أناقة تولد من جديد بالألوان. فأصبح هذا التفاعل بين الجـمــال التاريـخـــي والحيوية الحديثة أساس مجموعة "ميثوس" Mythos.
كيــف تبـــلـــورت قـــصــــة مجموعة "ميثوس": هل بقيت السردية قريبة إلى رؤيتك الأصلية أم فاجأتك على طول الطريق؟
بدأت القصة على شكل رحلة عبر الأطلال ورغبة في إعادتها إلى الحياة. وأثناء تطور المجموعة، تطورت القصة بطرق لم نتوقعها. على سبيل المثال، ظهر الجلد للمرة الأولى في عالم الدار وهو طبعا غير متوقع في مجموعات "ريزورت" تحديدا، ولكن ذلك التوتّر بين القوّة والنعومة الذي نجده في الجلد، تناسب تماما مع "ميثوس". وصارت الخطوط المعمارية والأشكال المنحوتة والتجديل الدقيق تعبيرا مثاليا عن تلك الازدواجية.
تـــتــحـــدث المـــجــمــوعـــــة عــــن شخصــيــــة ميــثـــولـــوجـــيـة ولكن معاصرة. ما تعريفك الشخصي لبطلة هذه القصّة؟
أجد الكثير من الفرح في رؤية المرأة وهي مرتاحة تماما مع نفسها، وتعبّر عن ذاتها وهُويتها بكل حرّية وثقة. سواء التقيتها في أحد متاجرنا أو في أي مكان آخر من العالم، يلهمني أن أشاهد المرأة في مساحتها الخاصّة تشعّ وتتألّق في ما ترتديه.
مع هذا الحـــضـــور الـــقـــوي للخــطــوط النحتــيــــة والطيات الديناميكية، كيف توازن بين الهيكلية والانسيابية لتبدو القطع حسّية وسهلة الارتداء في الوقت نفسه؟
هذا التوتر هو بالفعل جوهر هذه المجموعة. إن النحت المعماري والخيـاطـــة الدقيـــقــة يمنــحــــان كل قطعة هيكليتها الهندسية الطابع، بينما تأتي الانسيابــيـــة من خلال الحركة: أي الطيّ والانسدال والقماش الذي يتنفس حياة على الجسم. تشعرين بقوة القصّات، ولكنك تحسّين أيضا بأنها تتنفس.
في هذه المجموعة، تصاميم كثيرة مستوحاة من القفطان وتذكّرنا بالجماليات الشرقية. هل كان هذا جسرا متعمدا يتّصل بالمنطقة أم تطورا طبيعيا للغة المجموعة؟
عميلاتنا مهمّات للغاية بالنسبة إلينا، والكثير مما نقدمه يبدأ بما يحببنه. فتتطور هذه الخيارات والتفضيلات بشكل طبيعي إلى أفكار جديدة وألوان جديدة وتعبيرات جديدة. إن مجموعة الموسم مليئة بالقفاطين والكابات بلون أحمر "هيريرا" والأبيض الناصع ونقشات الزهور. وقصّة القفطان نفسها عابرة للزمن بطريقة ما، فهذا الشكل موجود منذ قرون وما زال يبدو عصريا حتى اليوم.
تحدثت سابقا عن اللون وعلاقته بالفرح والتفاؤل، وذكرت أهمية اللون في قصة مجموعة "ميثوس". في "ريزورت" 2026، ما اللون الذي يحمل الصدى الشخصي الأقوى بالنسبة إليك؟
اللون الوردي الذي يظهر في كل أنحاء المجموعة، والذي أطلقنا عليه اسم "غروب الشمس". فهو يجسد الكثير مما أردت أن تعبّر عنه هذه المجموعة: الإشراق والتفاؤل والتلميح إلى الخرافي والميثولوجي. هي تلك اللحظة العابرة التي يتورّد فيها الأفق بأكمله ويبدو كأنه من عالم آخر.
إذا كان بإمكانك تخيل مكان واحد يبعث الحياة في هذه المجموعة، فكيف سيكون؟
لا أعتقد أن هناك مكانا واحدا. المرأة هي من تمنحها الحياة والحيوية. إن اللحظة التي تشعر فيها بالسعادة والثقة وتكون على طبيعتها تماما في هذه الملابس، هي اللحظة التي تتنفس فيها هذه المجموعة وتصبح حيّة.
هل هناك خيوط من هذه المجموعة ستستمر في مجموعة ربيع 2026؟
هـنــاك دائـــمـــا خيـــوط مشتـــركــــة، وأهـــمّها الألوان، والتفاؤل، والانبهار بالقصّة وخطوطها. كل مجــمـــوعة، على الرغم من تميزها، هي استمرار لحكاية تتكلّم عــــن امرأة "هيريرا" في مراحل مختلفة من حياتها.
عندما تفـــكــــر في الأنــــاقــــــة، ماذا تعــــني لك اليــــوم بــعـيــدا عن معناها الجمالي؟
الأناقة الحقيقية هي الثقة بالنفس. أن تكوني على طبيعتك من دون خجل أو اعتذار، بغض النظر عن الصيحات. إنها الشجاعة على التميز، والتعبير عن نفسك، وتقبّل فرادتك بالكامل.
ما أكثر تحدٍّ لم تتوقع مواجهته في قيادة دار أزياء عريقة مثل "كارولينا هيريرا"؟ وكيف غيّر منظورك؟
التحدي الكبير، والذي أعتبره أيضا شرفا وامتيازا، هو تكريم إرث السيدة "هيريرا" المذهل. لقد بنت معجما من الجمال والقوة والأنوثة يتردد صداه عبر الأجيال. ومسار التعلّم بالنسبة إلي كان حتى الآن أن أفهم كيف سأطوّر هذه اللغة من خلال تصاميم جديدة، وأنا أحمل دائما روحها معي.
بعد أن أتيت بصوتك الخاص إلى دار بهذه المكانة الأيقونية، ما نصيـحتك للمصممين الناشئين الذين يسعون إلى تحقـيــق التوازن بين بصمتهم الإبــداعيـــــة ومتــطلبـــات العلامة التجارية العالمية؟
استــمـــع إلى الـــمـــرأة التي تصـــمـــم لـــهــــا. افهم عالمها ورغباتها وتعقيداتها. عملك لا ينتهي على منصة العرض، بل ينتهي عندما ترتديه هي.
