حين تتحول الصورة إلى حكاية تروى

خاص لـ "هي": المخرجة الإبداعية السعودية ريما المنديل.. حين تتحول الصورة إلى حكاية تروى

عائشة شربيني
13 نوفمبر 2025

في عالم يجتمع فيه الفن، والسينما، والأزياء تحت عدسة واحدة، تشكّل ريما المنديل حضورًا بصريًا فريدًا يجمع بين الحسّ السردي والدقة الجمالية.

بدأ شغفها منذ طفولتها مع حبّ السينما الذي ورثته عن والدها، وكبر معها حتى قادها إلى تنسيق الأزياء والإخراج الإبداعي. ومع الوقت، أصبحت تهتم أكثر بعالم الصورة وكيف تُروى القصص من خلالها.

لقطة من مشروع “Dune” الذي جمع بين عدسة ريما المنديل وتصاميم تيما عابد
حين تتحول الصورة إلى حكاية تروى

من التصوير إلى التحرير البصري، وبفضل ملاحظتها وخيالها، تصنع ريما عالمها الخاص الذي تعبّر فيه بالألوان والضوء والملابس.

عملت على العديد من المشاريع الإبداعية التي جمعت بين السرد البصري والموضة، من أبرزها تعاونها مع المصممة تيما عابد في مشروع استوحى قوّته من العمق الدرامي والهوية الفنية، ليجسّد رؤيتها في تحويل الصورة إلى قصة نابضة بالحياة.

وفي لقاء خاص مع "هي"، تتحدث ريما عن بداياتها، أسلوبها الإبداعي، ورؤيتها التي تمزج بين الجمال والسرد، لتكشف كيف يمكن لصورة واحدة أن تحكي أكثر من حكاية.

  • ⁠كيف تصفين أسلوبك الإبداعي؟

رؤية بصرية من ريما المنديل وأزياء من المصممة تيما عابد (1)
رؤية بصرية من ريما المنديل وأزياء من المصممة تيما عابد

أسلوبي الإبداعي يعتمد على الحدس والسرد. أستمد الإلهام من العوالم والقصص أكثر من اعتمادي على الصيحات، وأميل إلى الشخصيات والرموز التي تبقى في الذاكرة.

في التنسيق، أحرص على أن يظهر كل عميل في صورته الأقوى والأصدق من خلال ما أسميه هندسة الصورة. أريد للإطلالة أن تتحدث قبل الشخص نفسه، وأن تعكس هويته وما يريد إيصاله.

أخطط بعناية، لكنني أترك مساحة للعفوية. ما يهمني هو أن تكون النتيجة مقصودة، واضحة، ومعبّرة عن الشخص الذي يقف أمام الكاميرا.

  • عند العمل على أي مشروع، كيف تبدأين عملية بناء الفكرة؟

أفكاري تبدأ عادة من شيء بسيط يلفت انتباهي. قد تكون لقطة من فيلم، أو تناغم معيّن بين لونين، أو تفصيلة بصرية تغيّر الطريقة التي أرى بها الصورة الكاملة.

أحيانًا يبقى هذا الشيء في ذهني لوقت طويل، وأستمر في بناء أفكار وعوالم حوله من دون أن أشعر أنه اكتمل تمامًا. أفكر فيه باستمرار، وأحيانًا أحلم به.

أترك هذا الإحساس يقودني بدلًا من محاولة تفسيره. أتعامل مع الحركة واللون والملابس وكأنني أخرج مشهدًا قصيرًا. أخلق لأن هناك دائمًا فكرة تعود إليّ وتطالب بأن تتحوّل إلى صورة.

رؤية بصرية من ريما المنديل وأزياء من المصممة تيما عابد
رؤية بصرية من ريما المنديل وأزياء من المصممة تيما عابد
  • ⁠الإخراج التحريري لتيما عابد اتسم بالقوة والدراما في كل لقطة. كيف تتعاملين مع الضوء واللون والتكوين لتحقيق هذه الهوية البصرية؟

ما زلت أتذكر شعور الدهشة عندما شاهدت فيلم Dune للمرة الأولى. الصمت، القوة، والطبقات العميقة في كل مشهد بقيت معي وأصبحت الأساس الذي بُني عليه المشروع. أردت ترجمة هذا الإحساس بصريًا، ليس بنسخ الفيلم، بل بإعادة تخيّل الشخصيات بروح جديدة.

صوّرنا في الاستوديو مع فريق كامل، وعملنا على خلق الجو نفسه من العمق والهدوء البصري. تصاميم تيما عابد أضفت قوة وأناقة طبيعية أكملت الصورة وأعطتها هويتها.

  • ⁠ما أهمية التفاصيل في عملك، وكيف تختارين ما يبرز في الصورة؟

التفاصيل عنصر أساسي في عملي. غالبًا ما أنجذب لفكرة الإشارة أو الإحالة، سواء إلى مشهد من فيلم أو شخصية معيّنة، وأحب أن أترك خيطًا يمكن للمتلقي اكتشافه.

هذا يضيف طبقات للصورة ويجعل التجربة أعمق. في الوقت نفسه، أحب عدم الكمال. الصورة لا تحتاج أن تكون مثالية لتكون مؤثرة. أرى الجمال في الشيء الذي يبدو حيًا وواقعيًا، وحتى غير مكتمل أحيانًا.

لقطة من _Dune_ للمصممة تيما عابد، برؤية إبداعية حملتها ريما المنديل
لقطة من _Dune_ للمصممة تيما عابد، برؤية إبداعية حملتها ريما المنديل
  • ⁠كيف توفّقين بين الجانب الجمالي في التنسيق والجانب السردي الذي يعبّر عن القصة؟

بالنسبة لي، الجمال لا ينفصل عن السرد. أي اختيار بصري يجب أن يخدم الفكرة أو الجو الذي أريد خلقه. التنسيق ليس تزيينًا، بل توجيه بصري. كل خامة، وكل لون، وكل قصّة فستان يجب أن ينتمي إلى العالم الذي أعمل على بنائه. لا أبحث عن الجمال بمعناه التقليدي، بل عن الانسجام. عندما ترتبط العناصر ببعضها بصدق، تصبح الصورة ناطقة من تلقاء نفسها.

  • ⁠ما أكثر تجربة أو مشروع ترك فيك أثرًا وشكّل نقطة تحوّل في أسلوبك الفني؟

يبقى مشروع Dune مع تيما عابد من أقرب الأعمال إلى قلبي. جمع بين السرد والتصوير والتنسيق في مساحة إبداعية واحدة. استلهمت الكثير من عمق الشخصيات وكيف شكّل المكان هويتها.

تحويل هذا الشعور إلى صور كان تحديًا جميلًا. تعلّمت من خلاله أهمية الثقة في الفكرة وتركها تنضج دون محاولة السيطرة على كل التفاصيل. وكان لدعم عائلتي وأصدقائي دور كبير في إنجاح التجربة، وهذا ما جعلها أكثر تأثيرًا على المستوى الشخصي والمهني.

لقطة من مشروع “Dune” الذي جمع بين عدسة ريما المنديل وتصاميم تيما عابد
لقطة من مشروع “Dune” الذي جمع بين عدسة ريما المنديل وتصاميم تيما عابد
  • ⁠ما الذي يلهمك بصريًا اليوم، وكيف تطوّرين رؤيتك مع كل مشروع جديد؟

أستلهم من كل ما حولي. من الأفلام، والكتب، والمحادثات، وحتى اللحظات اليومية العادية. ألاحظ تغيّر الإضاءة خلال اليوم، وطريقة تفاعل الألوان، وكيف يمكن للصمت أن يغيّر مشهدًا كاملًا.

رؤيتي تتطوّر كلما دخلت في مشروع جديد يختبر طريقتي في النظر. لا أبحث عن الكمال، بل عن الفضول. كل تجربة تضيف وعيًا جديدًا، وتعلّمني كيف أحوّل الإلهام إلى شيء ملموس.