خاص بـ"هيَ" ريم السبهان تُعيد صياغة الجرادة في تصميم معاصر لليوم الوطني 95

نورا البشر

23 سبتمبر 2025

في اليوم الوطني الخامس والتسعين، اختارت المصممة السعودية ريم السبهان أن تكتب صفحة جديدة في كتاب الهوية البصرية للمملكة. مؤسسة علامة REFD وREFD Studio، والمدربة المعتمدة في مجال الأزياء الفاخرة، لا ترى التصميم مجرّد حرفة، وإنما لغة تستدعي بها الذاكرة وتستشرف المستقبل. ومن بين تضاريس الإرث والطبيعة والألوان التي طالما جذبتها، التفتت هذه المرة إلى الجرادة، الكائن الصغير الذي حملته المخيلة الشعبية بوصفه رمزاً للصبر والقدرة على التكيّف، لتعيد قراءته كأيقونة أزياء تنبض بروح الوطن وتعلن عن ولادة رمز سعودي معاصر.

عارضة الأزياء السعودية ديم بتصميم خاص من علامة Refd من تصميم المصممة السعودية ريم السبهان مسنوحاة من الجرادة.

منذ بداياتها، انجذبت ريم إلى الألوان وتشبعها وتناقضها، رأت في الكسرات الدقيقة لحبّة القماش شخصية متفردة، وفي البطانات بارزة اللون ازدواجية طابع تجعل كل فستان يروي أكثر من حكاية. استلهمت من تضاريس آجا وسلمى، من البرونز والبنفسج، من الأرض والسماء، ومن إرث المملكة الممتد في كل اتجاه، لكنها في هذه اللحظة الوطنية أرادت أن تُخرج من صمت الرمال صوتاً جديداً، فاستدعت الجرادة لتصبح جسراً بين الماضي والحاضر، وبين الرمز الشعبي واللغة المعاصرة.

تقول ريم في حوارها الحصري معنا:

"في تصميمي المستوحى من الجرادة حاولت أن أعيد قراءة هذا الكائن بعيداً عن صورته التقليدية، لأبرزه كرمز عربي عميق، وحوّلت هذه الرمزية إلى قطعة فنية تعكس الهوية السعودية اليوم من خلال الدمج بين ذاكرة الأجداد وروح التصميم الحديثة. الفكرة لم تكن استعارة شكلية بقدر ما هي إعادة صياغة لمعاني الصبر والوفرة والمرونة، وهي قيم متجذّرة في المجتمع السعودي وتاريخه".

هذه القيم ترجمتها السبهان عملياً داخل تفاصيل الفستان بوعي رمزي وبصري في آن واحد. تشرح ذلك قائلة:

"اخترت لون الفستان بدرجات قريبة من لون الجرادة الأنثى، وهي المفضلة عند العرب قديماً لكونها غنية بالبروتين، وفي الوقت نفسه يعكس هذا اللون رمال الصحراء التي تشكّل بيئة الجراد الطبيعية. أما الخطوط الهيكلية الخارجة من الخصر والجذع فاستلهمتها من حركة أرجل الجرادة الديناميكية لتمنح التصميم قوة وحضوراً. على الصدر وضعت قطعة مطرزة بألوان متدرجة تحاكي لمعان الأجنحة وهي مغلقة تحت الشمس، محاولةً أن أوصل توازناً بين القسوة والجمال. الذيل صممته من الأورغانزا الشبكي كإشارة إلى الشبكة التي كان الأجداد يستخدمونها لصيد أسراب الجراد، رمزاً للذاكرة الشعبية والعلاقة الوثيقة بين الإنسان والطبيعة".

في هذه القراءة يتضح أن تحويل الجرادة إلى أيقونة أزياء لا يقتصر على استعادة للتراث، وإنما هو مشروع لإعادة ابتكار لغة تصميم سعودية قادرة على مخاطبة العالم. ريم ترى في هذه التجربة خطوة تمهّد لمستقبل تتجدد فيه الرموز الشعبية لتغدو أداة إبداعية، تقول:

"تحويل الجرادة إلى أيقونة أزياء هو محاولة لابتكار رمزيات سعودية متجددة. أخذت من الذاكرة الشعبية رمزاً وأعدت صياغته بلغة تصميم معاصرة تعبّر عن حاضرنا. بهذا الشكل يتحول التراث من مجرد ذكرى إلى مصدر إلهام يفتح أبواب الابتكار ويمنح الموضة السعودية شخصية خاصة تتغذى من جذورها وتعيد إنتاجها بروح جديدة".

هذا الوعي الثنائي بين التصميم والهوية، بين الرمزية الشعبية والرؤية العالمية، هو ما يميز ريم السبهان عن غيرها. فهي لا تقدم قطعاً جميلة فحسب، وإنما تصوغ خطاباً متكاملاً ينطلق من القيم الإنسانية للمجتمع السعودي ويعيد تمثيلها في هيئة معاصرة. خلفيتها الأكاديمية من معهد IFM في باريس وخبرتها كمدربة معتمدة في مجال الأزياء الفاخرة تمنحها قدرة مضاعفة على المزج بين الصنعة والإلهام، بين الممارسة الفنية والنقل المعرفي. إنها تصوغ رؤيتها كمن ينسج نصاً شعرياً من خيوط الواقع والذاكرة، لتثبت أن الموضة السعودية ليست امتداداً لما كان فحسب، وإنما مشروع لما سيكون.