
ديور بين الأمس والغد: كيف يفتتح جوناثان أندرسون عهده الجديد؟
تطلّ من “ديور” ملامح أولى من عهد جوناثان أندرسون، كأننا أمام لحظة انعطاف تحمل معها وعداً بكتابة فصل جديد في تاريخ الدار. والسؤال الذي يطرح نفسه: ماذا يحدث حين تسلّم الدار التي صاغت أنوثة ما بعد الحرب مفاتيحها إلى مصمّم اشتهر بقدرته على قلب المعايير وإعادة تركيب الرموز؟ الجواب بدأ يلوح قبل أن تنطق المنصّة في إشارة مبكّرة جاءت عبر إطلالة سفيرة الدار “أنيا تايلور-جوي” في مهرجان تورونتو السينمائي.



فستان من الساتان الأزرق الباهت، بعنق دائري ينساب نحو تنوّرة مشبعة بعُقد متشابكة، كنسيج متوتّر بين البساطة والفوضى. هذا التصميم الخاص كان بياناً واضحاً من توقيع “أندرسون” حيث تبرز الأنوثة بصورة متجددة، أعيدت صياغتها إلى معمار سريالي يعلن عن مرحلة جديدة.

قوة “أندرسون” لا تكمن في القطع بقدر ما تكمن في التهجين. فهو لم يلغِ إرث “ديور” و لكن أعاد تقديمه بأسلوبه الفني الجريء. ظِلّ فستان “Du Barry” من مجموعة 1957 يحضر واضحاً، بفيونكات القرن الثامن عشر التي كانت تثبّت انتفاخات القماش، فيما يطلّ شبح خطّ الـTrapèze الذي قدّمه “إيف سان لوران” في 1958، بخطوطه لتعطي الإطلالة أكثر سيولة وراديكالية.

"أندرسون” جمع بين لحظتين تاريخيتين مفصليتين وصهرهما في إيماءة واحدة، حدّثها، منحها بعداً مادياً جديداً، وحوّلها إلى مزيج صادم من الماضي والمستقبل.
هذه ليست قراءة أرشيفية، إنما عملية تفكيك وهضم للتاريخ، ثم إعادة تركيبه في صورة مشبّعة بالخيال. وإذا كان تصميم مخصّص واحد استطاع أن يحمل هذه الشحنة الفكرية والجمالية، فما الذي يمكن أن تحمله المجموعة الكاملة لربيع وصيف 2026؟ المؤشّر بات واضحاً: “ديور” تحت “أندرسون” لن تؤدي الماضي كما هو، إنما ستعيد تشكيله وفق معاييرها الخاصة، فارضة إيقاعاً جديداً للترف والهوية.