من هو "مهندس الأزياء المعدنية" وما هي قصة الفستان المعدني في الموضة؟
شهدت فترة الستينات تحولاً كبيراً في عالم الموضة، حيث أصبحت الألوان أكثر جرأة والقصّات أكثر عصرية، وبدأ مصممو الأزياء يتجهون نحو أسلوب مستقبلي مستوحى من الفضاء ومن الخيال العملي، وبرزت في تلك الفترة أسماء رائدة مثل أندريه كوريج، وبيير كاردان، وطبعاً باكو رابان، والذين تحدّوا التقاليد السائدة في تلك الفترة وأحدثوا ثورة في عالم صناعة الأزياء من خلال استخدام خامات غير مألوفة مثل البلاستيك والمعدن، مقدمين أسلوباً مبتكراً وغير مسبوقاً، ومن بين أبرز التصاميم التي ميزت تلك الفترة كان الفستان المعدني الذي ابتكره ربان عام عام 1966.
باكو رابان مبتكر الأزياء المعدنية
ولد باكو رابان Paco Rabanne واسمه الحقيقي (فرانشيسكو رابانيدا كويرفو) في إسبانيا عام 1934، وانتقل في طفولته إلى باريس بعد الحرب الأهلية، والدته عملت كخياطة لدى مصمم الأزياء الشهير كريستوبال بالنسياغا، ،هذا ما جعله قريباً من عالم الموضة منذ الطفولة، درس الهندسة المعمارية لكنه اتجه إلى تصميم المجوهرات وثم الأزياء، وبدأ بصناعة الإكسسوارات لدور أزياء شهيرة مثل جيفنشي Givenchy، وديور Dior.
وفي عام 1966 أطلق رابان أول مجموعة أزياء له تحت عنوان The 12 Unwearable Dresses، وقدمها في فندق George V في باريس، وقد كانت استثنائية بكل المقاييس، حيث استخدم فيها مواد غير اعتيادية بما في ذلك صفائح من مادة “روديدو: الشفافة المقطعة على شكل أقراص متصلة بحلقات معدنية صغيرة، لتشكل ما أصبح لاحقاَ أسلوبه المميز والمعروف باسم “التجميع الميكانيكي”.
والعرض لم يقتصر ابداعياً على التصاميم، بل تميز أيضاَ بكونه أول عرض أزياء يقدّم بمرافقة الموسيقى، حيث سارت العارضات حافيات الأقدام على أنغام الموسيقي. وفي هذا العرض أيضاَ ظهرت لأول مرة عارضات أزياء من أصحاب البشرة السمراء، وجميع هذه التفاصيل كانت بمثابة خطوات غير مسبوقة لكنها تعكس شخصية رابان الجريئة، والذي لُقب فيما بعد بـ “مهندس الموضة المعدنية”نظراَ لاستخدامه المواد الصناعية بطريقة فنية ومبتكرة.
الفستان المعدني.. ابتكار سابق لعصره
يعبتر الفستان المعدني الذي ابتكره باكو رابان، أيقونة في عالم الموضة، منذ ظهوره لأول مرة في أواخر الستينيات، حيث صُنع بالكامل من أقراص الألمينيوم المتصلة بحلقات معدنية دون استخدام أي نوع من أنواع الأقمشة، وهذه الفكرة التي بدت بسيطة للوهلة الأولى كانت ثورية في تنفيذها.
وما ميّز هذا الفستان وغيره من التصاميم المعدنية التي ابتكرها رابان، الخامات غير التقليدية مثل استخدام الألمينيوم والبلاستيك، والجرأة في التصميم، والروح المستقبلية، وقد اعتبر كلفسفة ابداعية بحد ذاته ولايزال إلى اليوم يبدو عصرياً ومتجدداً.
جوليان دوسينا يعيد إحياء إرث رابان بما يتناسب مع عصرنا الحالي
منذ أن تولى جوليان دوسينا Julien Dossena الإدارة الإبداعية للدر في عام 2013، وهو يقوم بإعادة تقديم تصاميم مستوحاة من إرث رابان ولكن بلمسة أكثر عصرية.
وقد أعاد فكرة التصاميم المعدنية على التنانير والبلوزات والأطقم وحتى الاكسسوارات المصنوعة من المعدن اللامع والشبك المعدني، مستخداماً مواداً أكثر خفة وعلمية، مثل اللوريكس وشبكات الألمنيوم ليقدم تصاميم ناعمة وبراقة ومليئة بالحركة. دون أن تفقد روحها الأصلية المرتبطة بالعصرية والرؤية المستقبلية والهيكل المعماري.
النجمات في اطلالات معدنية جريئة من رابان
شاهدنا العديد من النجمات العالميات في اطلالات معدنية جريئة ومبتكرة حملت توقيع دار رابان Rabanne، بدَون فيها مشرقات وعصريات في فساتين قصيرة مصنوعة من حلقات معدنية متداخلة، أو في بلايز بدت مثل الفضة أو الذهب المنصهر، أو في تصاميم بدت أشبه بتماثيل معدنية مبتكرة، فالأزياء المعدنية مرتبطة بالقوة والجرأة والثقة بالنفس.
ومن هؤلاء النجمات نذكر كلاً من بيونسيه Beyonce التي تألقت على المسرح في تصميم باللون الذهبي اللافت، ودوا ليبا Dua Lipa التي اختارت فستاناً باللون الفضي البراق، وجيجي حديد Gigi Hadid التي اختارت الذهبي وبدت مثل النجمة المشرقة فيه. وأنا تايلور جوي في اطلالاتها المبتكرة على السجادة الحمراء والقائمة تطول…
منذ ظهوره لأول مرة، شكّل الفستان المعدني من ابتكار باكو رابان حالة فنية خاصة، وتجربة ابداعية، وألهم عدد كبير من مصممين الأزياء ومازال إلى اليوم أحد أكثر القطعة جاذية وعصرية.
