خاص "هي": في قلب الرياض.. مارانغوني تكتب فصلا جديدا في قصة الأزياء السعودية
في مشهد التعليم الإبداعي المتسارع في المملكة، يبرز معهد Istituto Marangoni في الرياض كأول مؤسسة تعليمية متخصصة في مجال الموضة والتصميم، أُطلق بالتعاون بين وزارة الثقافة وهيئة الأزياء، ليشكّل محطة فارقة في مسيرة تمكين المواهب السعودية وتطوير طاقاتها الإبداعية، ضمن بيئة تعليمية تستند إلى أرقى المعايير العالمية.
وقد شكّل هذا الإنجاز خطوة نوعية مع تخريج أول دفعة تحمل شهادات احترافية في الأداء وعرض الأزياء، ضمن برنامج متخصص أطلقته هيئة الأزياء بالشراكة مع المعهد، في مبادرة تُجسّد توجه المملكة نحو تنمية قطاع الموضة، وفتح آفاق جديدة أمام الشباب السعودي للتميّز والإبداع على الساحتين المحلية والدولية.
يشاركنا عدد من خريجي الدفعة الأولى وهم أفنان، همس، سهام الصحراوي، عبدالرحمن رياض، يوسف نواف، عبدالرحمن خالد، وفيصل المسيند، حيث يتحدثون عن رؤيتهم ومسيرتهم في عالم الأزياء، ويسلطون الضوء على البدايات، والتحديات، وأحلام المستقبل، من خلال تجربة أكاديمية ومهنية أثبتت قدرتهم على الجمع بين الإبداع والاحتراف، بين الهوية المحلية والطموح العالمي.
تبرز أفنان حضورها في مجال عرض الأزياء، إذ انطلقت مدفوعةً بشغفٍ عميق بالتعبير عن الذات من خلال الموضة. بالنسبة لها، الموضة ليست مجرد أزياء أو مظهر خارجي، بل وسيلة فنية للتواصل دون كلمات، تعكس الشخصية وتعزّز الثقة. وقد وجدت في هذا المجال مساحة تعبّر فيها عن نفسها وتشارك قصتها بأسلوب مختلف ومؤثّر.

أما همس، فقد كانت منذ طفولتها مفتونة بعالم الأداء، ووجدت في عرض الأزياء امتدادًا لهذا الشغف المبكر. دراستها لتصميم الأزياء عرّفتها على سحر المنصة وتفاصيل المشي وعمق التعبير البصري. وعندما أُتيحت لها فرصة الانضمام إلى برنامج الأداء وعرض الأزياء في المعهد، بدعم من هيئة الأزياء، شعرت بأنها تقترب من تحقيق شغفها، فكان البرنامج مساحة حقيقية لاكتشاف طاقاتها الفنية والتعبيرية.
ومن جهتها، تنظر سهام الصحراوي إلى الموضة كأداة سرد بصري قادرة على رواية القصص من دون كلمات. منذ صغرها، كانت تستلهم من الأسلوب والهوية، وعند التحاقها ببرنامج مارانغوني بالشراكة مع هيئة الأزياء، وجدت فيه فرصة لصقل موهبتها في بيئة تدمج بين الإبداع والاحتراف. تجربة عرض الأزياء بالنسبة لها أصبحت أكثر من مجرد وقوف على المنصة، بل وسيلة تواصل عميقة مع الثقافة والناس.
وفي السياق ذاته، استطاع عبدالرحمن رياض أن يخطّ مسيرته في عالم الموضة بخطى واثقة ومدروسة. بدأ مسيرته في أواخر عام 2023 كعارض أزياء، ومنذ اللحظة الأولى كان حريصًا على التطوّر السريع وفهم تفاصيل هذه الصناعة. وخلال فترة وجيزة، تمكّن من التعاون مع مجلات وعلامات تجارية مرموقة، وأثبت نفسه على منصّات التصوير المحلية والدولية. بالنسبة إليه، لم يكن عرض الأزياء مجرّد ظهور أمام الكاميرا، بل أسلوبًا للتعبير عن الذات، ولغة بصرية تنقل رسالة من خلال كل حركة وتفصيلة. كان كل مشروع يشارك فيه بمثابة فرصة لترجمة الشخصية والهوية بأسلوبه الخاص، وبلمسة تعبّر عن الوعي، والحضور، والفهم العميق للموضة كفنّ.
أما يوسف نواف، فقد بدأ مسيرته فعليًا عام 2021، ومنذ ذلك الحين وضع معايير خاصة في اختيار مشاريعه المهنية. لا يشارك يوسف إلا في التجارب التي تعكس قيمه الإبداعية، ويؤمن بأن سر النجاح في هذا المجال يكمن في دقّة الاختيار والحرص على التعاونات ذات الجودة العالية، التي تمكّنه من المساهمة في صناعة الموضة بروح أصيلة ومعاصرة.
ويكشف عبدالرحمن خالد عن جذوره الفنية قائلاً إن اهتمامه بعالم الموضة بدأ منذ الطفولة، إذ كان مفتونًا بجمال الصورة وتعبير الجسد، مع التركيز على التفاصيل. اعتبر الإبداع أسلوب حياة شكّله الإلهام والخبرة، إلا أن ما دفعه إلى المضي قدمًا بشكل احترافي هو الدمج بين هذا الشغف وبين الانضباط الذي اكتسبه من رياضة كرة السلة. فقد علّمته هذه الرياضة الالتزام، والعمل الجماعي، والتعامل مع الضغط، وكلها عناصر تنعكس اليوم في عروض الأزياء وجلسات التصوير. وهو يرى أن الشغف، عندما يُقترن بالانضباط، يفتح أبواب النجاح بلا حدود.
وأخيرًا، يروي فيصل المسيند أن بدايته في عرض الأزياء انطلقت من شغف حقيقي بالتعبير عن الذات، ورغبة في تقديم صورة تمثّل الثقافة السعودية بأسلوب حديث وأنيق. حرص منذ البداية على إبراز الهوية المحلية من خلال الزي السعودي التقليدي، ولكن بطريقة معاصرة تحاكي الذوق العالمي وتحافظ على الجذور. ويرى أن معهد مارانغوني كان محطة مهمّة في هذه الرحلة، إذ ساعده على الجمع بين الإبداع والاحتراف، وفتح له آفاقًا أوسع لفهم صناعة الموضة من منظور عالمي، دون التنازل عن هويته.
تخرّج هذه المجموعة من الطلاب لا يُعد إنجازًا فرديًا فحسب، بل يعكس ثمرة رؤية المعهد في تمكين الطاقات السعودية وتوجيهها وفق أعلى المعايير العالمية. ورغم أن بعض الخريجين شاركونا تقصصهم، إلا أن هناك آخرين ممن أكملوا هذا البرنامج النوعي ويواصلون اليوم مسيرتهم في عالم الأزياء بخطى واثقة نحو الاحتراف والإبداع.
جيل جديد يُبشّر بمستقبل واعد لصناعة الموضة في المملكة، أكثر تنوعًا، وابتكارًا، وتأثيرًا على الساحة العالمية، مما يؤكد مكانة Istituto Marangoni Riyadh كمنصة رائدة تصنع الفارق وترتقي بالمشهد الإبداعي المحلي إلى آفاق عالمية.