
من الخيط إلى الخوارزميات.. ثورة التكنولوجيا الحديثة في مجال صناعة الموضة والأزياء
الموضة مجال صناعي، مثلها من أي مجال صناعي آخر، تخضع طبعاً للتطورات في علوم التكنولوجيا بمختلفها. لذا من البديهي أن تكون التكنولوجيا اليوم لها تأثير بالغ على مجال الموضة والأزياء عامةً. هذه الصناعة تخضع اليوم بشكلٍ كبير منها، لعالم التكنولوجيا المتطور، من الصناعة في مراحل الرسم والتصميم، إلى التسويق، العرض، وحتى في الإعتماد والتنسيق، كلها تخضع اليوم لهذا العامل التكنولوجي المتطور. قديماً كانت الموضة مرآة المجتمع، تعكس كل الظروف الإجتماعية، الإقتصادية، الثقافية وتى السياسية، وهي اليوم كذلك أيضاً، لذا من الطبيعي أن تتأثر بكل هذا التطور التكنولوجي الذي نعيشه، وتبقى طبعاً للأمور البدائية أهميتها وهي نادرة. مع تقدم الموضة، تقدمت هذه الصناعة، ومع تطور التكنولوجيا، تطورت أساليب الصناعة في هذا المجال الجمالي، بكل أطيافها. اليوم في هذا النص، سوف نستعرض تفاصيل أكثر حول هذه تطور هذه الصناعة، وجهها اليوم، كيف تجاري هذا التطور الكبير في عالم التكنولوجيا، وهل فعلاً كان هذا التطور في مصلحتها أم عكس سلباً عليها!؟
الموضة بين أمس واليوم
أمس مع بروز صناعة الموضة، كانت الموضة حكراً على الطبقات المخملية الحاكمة والثرية، ومع الوقت، أصبحت مفهوماً عاماً، يعتمده كل الناس، ولكن طبعاً بإختلافات وتمايزات أحياناً واضحة وأحياناً ضئيلة. مع تقدم العصور لم تبق الموضة محصورة فقط بالقماش والتصميم التقليدي، بل إستطاعت فعلاً كمجال صناعي ضخم، أن تنخرط بشكلٍ كبير في التطور التكنولوجي الذي نشهده. تحديداً مع بجاية القرن 21، بدأنا فعلاً نلاحظ أن الموضة وعالم الأزياء، يجاري التطورات التي نعيشها من نواحي مختلفة ومتنوعة، وهذا أمر طبيعي، فلطالما إرتبطت الموضة، بالمجتمع، وإذا تطور المجتمع على الموضة أيضاً أن تتطور معه. أول مرحلة شهدت التطور تلقائياً تخطر في بالنا، هي مرحلة الصناعة اليدوية والحرفية في هذا المجال، التي تطورت وأصبح اليوم البديل الفعلي عن الإبرة والخيط، المعامل الضخمة والماكينات الحديثة. نعم، بعض أساسيات الموضة لم تتغير، والغبرة والخيط، أو العمل الحرفي لم ينقرض، مازال حاضراً في الكثير من التصاميم، ولكن هذا العمل الحرفي إختلط بعالم الإيتكار والتطور، فكانت النتيجة أسهل ومذهلة أكثر.
التكنولوجيا اليوم، أهم دور تقدمه أو عامل تلعب عليه، هو الوقت. نعم، التكنولوجيا اليوم، سهلت عملية التصنيع خصوصاً إذا أردنا أن نتحدث عن تصاميم بأرقام كبيرة للسوق التجاري. هذه السرعة، في عملية الإنتاج، تعود للتكنولوجيا والتطور الهائل في هذا المجال الصناعي.
من التصميم الدقيق، إلى الصناعة السريعة، إلى الإنتاج الصخم، والتسويق الذكي، أصبح هذا الحال الصناعي اليوم، يخضع كلياً لعامل التكنولوجيا الذكية، وعليه سوف نتعرف اليوم، على نقاط محددة، في مجال الموضة والأزياء، خضعت مباشرة للتطور التكنولوجي المعاصر والحديث.

أساليب التصميم والرسم تغيرت
كما نعلم جميعنا، أن التصميم يرسم باليد، هذا أساس التصميم، لعقود من الزمن، لا يمكننا القول أن هذا التفصيل تغير بالكامل، ما زال البعض يعتمده ولكن الأغلبية اليوم، تختار التصميم عبر البرامج المتطورة الموجودة على الحاسوب. نعم، برامج 3D، من خلالها يتمكن المصمم، من تصميم أزيائه بأسلوب متطور أكثر، فيرى التصميم بصورته النهائية، ويدل عليه كا يريد. طبعاً هذا التطور، خطوة ذكية، قد تعتبر خطيرة إذا إستند عليها المصمم بشكل كامل، ولكن قد تكون خطور إبداعية، إذا إختار المصمم فعلاً أن يتحكم هو بهذا التطبيق، دون التسليم له، لتكون النتيجة النهائية بلمسته وبصمته الخاصة. أيضاً بالإضافة إلى ذلك، عملية الوقت هنا، مهمة، بدل من يكون التصميم على الورق، يشطب ويرسم من جديد، والمحاولات تتكرر، الوقت من الطبيعي أن يكون مهدور، لذا هذه العملية والتطور وفر الكثير من الوقت.
كما يمكننا القول، أن التجربة على البرنامج الإلكتروني أسهل، مثلاً أنت لست بحاجة لتطبيق التصميم فعلياً على العارضة، والتعديل عليه، وإختاري الأقمشة مباشرة وتبديلها، كل هذا يمكنك القيام به، إلكترونياً، بأسلوب غير مباشر، تفادياً لهدر الوقت، القماش، الأنسجة، والمال أيضاً. أما الصناعة عبر تقنيات الـ3D، طبعاً ساهمت في خلق تصاميم مبتكرة، ذكية، غير مألوفة، وهذا عامل إيجابي أيضاً.
الأقمشة والأنسجة تبدلت
حتى صناعة الأنسجة والأقمشة دخلت في سياق التكنولوجيا والتطور، حيث نشهد اليوم فعلياً ظهور أقمشة ملائمة للطبيعة، تتلاءم مع المناخ، والطقس. أقمشة تلائم البيئة، لا تؤثر عليها سلباً، لا من حيث الصناعة، ولا من حيث تلفها، أو إعادة تصنيعها. هذه النقطة بالذات، تخضع بشكلٍ كبير لعالم التطور اليوم، وما نشهده من تصاميم بأنسجة وأقمشة متطورة، قد يفوق الخيال، وهو اليوم في بداية إنطلاقاته، لذا قد يعتبر أمراأ مستغرباً، خصوصاً تلك الأقمشة التي يتغير لونها وفق الحرارة، أو الأقمشة التي يمكنك التحكم بها من خلال الهاتف الذكي، وغيرها من التفاصيل، التي يمكننا الإطلاع عليها أكثر، عندما تتوفر لنا معطيات جدية ومعتمدة بيننا بشكل أكبر.
لا يمكننا أن ننسى أيضاً، إختراعات الملابس والتصاميم، التي تناسب المكان المرجو الذهاب إليه، مثلاً كالذهاب إلى الفضاء، الذي يتطلب ملابس متطورة، وتخضخ لشروط حساسة، لذا هي بالتأكيد، مصنوعة بدقة تكنولوجية عالية، لنتفادى أي حادث مأساوي.
الذكاء الإصطناعي بخدمة مجال الموضة والأزياء
الذكاء الإصطناعي له بصمته اليوم في جميع المجالات، الصناعية واحدة منها. من الطبيعي الإستقادة منه في عالم الموضة والأزياء، كيف؟ عبر مراقبة ميول الناس، إتجاهات الموضة يمكن الحصول عليها بسهولة تامة. الصور والتعليقات على وسائل التواصل الإجتماعي جميعها تخضع للتدقيق والتحليل، ومن خلالها يمكننا بسهولة معرفة ميول هذا الجيل، ماذا يحب، ماذا يكره، متطلباته، حاجاته وغيرها. من هنا اليوم تحدد إتجاهات الموضة القادمة، لا على تحليل مصمم أو أكثر، قد ينجح في تحليل أو يفشل. بالإضافة إلى ذلك، هذا العامل مهم في مجال الصناعة المركزية، من حيث تحديد الكميات، في الإنتاج والصناعة، دون الحاجة إلى الهدر بتاتاً.

التجربة الرقمية!
تطبيقات اليوم عديدة تعتمد هذا النهج، وهو تجربة التصاميم قبل شرائها، المعروف ب AR. يمكنك اليوم تجربة الملابس التي تعجبك قبل شرائها، لتكون فعلاً تجربة تسوق غير عادية، إفتراضية، ولكن مهمة جداً، وفعالة كثيراً. الكثير من التصاميم تحتار إذا كانت تليق بنا، أو تليق ببعضها البعض، ولكن هذا التطور الذكي، سهل علينا هذا الأمر، وأصبح بإمكانك اليوم تجربة أي تصميم قبل الشراء، وليس بمجهود جسدي بل بكبسة زر فقط!
الموضة المستدامة
مفهوم الموضة المستدامة اليوم، الذي ينتشر بيننا، ما كان لو ما التطور التكنولوجي الذي نشهده. إذ تعتبر صناعة الموضة والأزياء من أكثر الصناعات في العالم تأثيراً على البيئة، لذا اليوم إتجاه الموضة الجديد هو الإستدامة. تكلمنا كثيراً عن الموضة المستدامة، أو الموضة الصديقة للبيئة، أو حتى الخضراء، كثيرة هي التعريفات، ولكن المعنى واحد. اليوم البعض يلجأ لصناعة الملابس بأقمشة أعيد تدويرها، أو بأنسجة صديقة للبيئة، من ألياف نباتية سهلة التحلل. اليوم من خلال التكنولوجيا، وإستخدامها السليم، يمكننا أن نصنع وننتج أقمشة جديدة تخضع لشروط الموضة المستدامة، لتكون فعلاً سلاماً على البيئة، وليست خطراً.
الموضة والتكنولوجيا المعاصرة
في الختام، يمكننا القول أن الموضة اليوم، أعيد هيكلتها اليوم من جديد، من جذورها حتى، بفضل التكنولوجيا والتطور الذي نشهده. بإختصار تحولت الفكرة إلى تجربة، دون الحاجة لا إلى هدر الوقت، الأقمشة، والمال. ونحن اليوم، في أوج التطور التكنولوجي، لذا ننتظر ماذا ينتظرنا بعد في هذا السياق، الذي يخضع دائماً لعالم التطور السريع، الذي نجاريه بصعوبة. اليوم التكنولوجيا تعتبر لغة الموضة الجديدة، وكل ما سيصدر عن الموضة سيكون بلغة التكنولوجيا، ليومنا هذا، كانت التنولوجيا بخدمة هذا المجال الصناعي، فهل برأيك ستبقى كذلك؟! أم ستنكعس عليه سلباً؟!