
قراءة فنية في ملامح الشخصية.. نجمات التمثيل الخليجي وانعكاساتهن في مرآة الموضة العالمية
إعداد: Nora AlBesher
بين فتنة العدسة وسحر القصّة، تولد المرأة الخليجية ككائن سينمائيّ وهويّة متحوّلة، تتقاطع فيها الأدوار مع الأزياء، وتتحدّ فيها الطاقات الأنثوية مع الفلسفات الجمالية. هي ليست فقط ممثلة على الشاشة، بل هي طيف من التجلّيات.. تارة صاخبة، وتارة حالمة، ودائما استثنائية.
في هذا المقال، لا نقدّم اختيارات عشوائية أو أحكاما بصرية سطحية، بل نخوض محاولة تأملية لتقاطع الهوية الفنية مع البصمة الجمالية. نرسم خريطة من العلاقات الرمزية بين سبع نجمات خليجيات، كل منهن تحمل تركيبتها النفسية، وخلفيتها الثقافية، وحضورها الخاص على الشاشة وخلفها، ونربطها بدور أزياء عالمية ليست بالضرورة عربية الهوية، ولكنها توازيهن في العمق، والانسيابية، والقدرة على التعبير عن كيان متعدد الطبقات.
الفكرة لا تكمن في فستان جميل يُلبَس على السجادة الحمراء، بل في حوار هادئ بين دار أزياء وممثلة: بين فلسفة تصميم وهوية إنسانية. كيف يمكن لقوة إلهام علي أن تترجمها دار Richard Quinn؟ كيف تعكس Miu Miu مرونة لولوة الملا؟ وكيف تُلبس Loewe فاطمة البنوي المفاهيم كما تلبس الأقمشة؟
في هذا القطعة المفهومية، لا نكتفي بتنسيق الأزياء، إنما نبحث عن التشابه الخفي بين روح الممثلة وعبقرية المصمم، عن ذلك الخيط الذي يجمع بين الأداء والإبداع، وبين الشخصية والتصميم.
إلهام علي × Richard Quinn
قوة ناعمة تختبئ خلف نظرة ثاقبة. تمثل إلهام علي المرأة التي تتقدم بثبات، من دون أن تفقد اتصالها بجذورها، لكنها لا تخشى أن تحلق بخيالها أيضا. بين التزامها الداخلي وجرأتها الصامتة، تلتقي مع "ريتشارد كوين" Richard Quinn الدار البريطانية التي تجمع بين التطرّف البصري والدقة التقنية، بين الزهور المتفجرة والهياكل الحديدية.
تصاميم "كوين" تتخطى حدود عروض أزياء، وتصبح مشاهد مسرحية مصقولة. مثل إلهام، تتحدث بلغتين في آن: لغة الحضور الهادئ، ولغة التأثير الصارخ. في طبعاته الزهرية المبالغ بها وأقمشته الغنية المليئة بالمفارقات، نرى مرآة لشخصية تتخطى التعريفات، وتعيد ابتكار ذاتها مع كل دور.

تصوير: Darren Arthur
بواسطة: Getty Images for GEA


أسيل عمران × Dior
روح شفافة تتراقص بين الغناء والتمثيل، بين الحلم والتأمل. "ديور" Dior، خصوصا في عهد "ماريا غراتسيا كيوري"، تقدم تصاميم تحاكي النساء اللاتي يمزجن العاطفة بالفكر، والنعومة بالقوة. وليس من قبيل المصادفة أن تكون أسيل أول سفيرة عربية لدار "ديور" Dior، فهو اختيار يكرس حضورها كوجه يعكس الأنوثة المعاصرة في أكثر صورها صدقا وأناقة، ويؤكد قدرتها على التعبير عن إرث ثقافي بلغة عالمية.

The Red Sea International Film Festival


هيا عبد السلام × Schiaparelli
مخرجة وممثلة، تقود وتُقاد، تكتب وتُمثّل. في هذه الديناميكية الإبداعية تلتقي مع "سكياباريلي" Schiaparelli، دار المفارقات الذكية، التي تسائل الشكل قبل أن تقدمه، وتحول الفكر إلى موضة.

تصوير: Darren Arthur بواسطة: Getty Images for GEA


ميلا الزهراني × Alexander McQueen
حين تُمثّل ميلا، فهي تلقي بجسدها كأنها ترقص في عاصفة، قوية وهشّة في آن. تماما كتصاميم "ماكوين" McQueen التي تُحوّل الألم إلى فن، والتناقضات إلى مفردات بصرية آسرة.

تصوير: Daniele Venturelli بواسطة: Getty Images for The Red Sea International Film Festival



فاطمة البنوي × Ashi Studio
لها لُغة خاصة، شديدة الخصوصية، تستند إلى الفكر والتفكيك. آشي ستوديو تُجسد تماما هذا الميل إلى الفن كبيان شخصي، والتصميم كفعل فلسفي.



لولوة الملا × Viktor & Rolf
صوت جيل جديد، بجرأته، وبخفّته، وبقدرته على كسر الأنماط. "فيكتــــور اند رولف" Viktor & Rolf، العـــــلامـــــة الــــــــراقيــــــة المشاغبة، هي مرآة لولوة التي لا تخشى التغيير، وتحتفل بتنوّع شخصيتها.



بثينة الرئيسي × Elie Saab
ملكة المشهد الدرامي، بإطلالاتها التي تمزج بين الفخامة والرهافة. إيلي صعب هو الامتداد الطبيعي لها: دار تتقن تأليف القصائد بالخيوط، وتضع للأنوثة إطارا مسرحيا لامعا.

بواسطة: Getty Images for GEA


بين الشرق والغرب.. وما بينهما
صحيح أن لكل دار أزياء فلسفتها الخاصة، ولكل ممثلة عالمها الداخلي، لكن الجمال الحقيقي يكمن في تلك اللحظة التي يلتقي فيها المختلفان، لا لتطغى هوية على الأخرى، ولكن فقط ليكتمل المشهد.
وعلى الرغم من هذه التوائم الإبداعية العابرة للقارات، لا يمكن إنكار أن من يفهم المرأة الخليجية حقا هو المصمم الذي وُلد على أرضها أو في محيطها الثقافي.
فالمـصممون الخليجيون والإقليميون، بخبرتهم الدقيقة وهمسهم المتقن في نسيج الهوية، هم الأقدر على ترجمة خصوصية هذه المرأة، من قوتها المتعددة، وأنوثتها الطاغية، وهويتها التي تتغير من دون أن تفقد جوهرها.
لكن في هذا المقال، اخترنا أن ندفع بالحدود، وأن نوسع إطار التعبير، ونجعل الشرق يصطدم بالغرب، والموهبة تحتك بالتاريخ، لتخرج كل واحدة منهن أكثر مرونة، وأكثر قدرة على التحول.
فالفن الحقيقي لا ينحصر، بل يُفصَّل، تماما كخيط يُفصَّل عليها.