مديحه صباني لموقع "هي": هناك من كل فن طرب نحن في وقت يحتم علينا استخدام الرقمنة
الفن هو لغة الحوار العالمية بين كل الشعوب والثقافات، هو فلسفة تسلط الضوء على أطروحات متعددة التساؤلات، لكنه لا يجيب عنها.
هكذا تصف الفنانة المغربية مديحه صباني الفن من وجهه نظرها، التي اختارت لندن لتكون المحطة الأولى لمعرضها المتجول "الفنانون الشباب المغاربة 2019 "، كونها نقطة لقاء ما بين القيّمون الفنيون والفنانين أيضا، إضافة إلى أنها قلب الدول العالمية للفنون، ناهيك عن متاحفها وساحاتها الفنية.
مديحه شغوفه بالفن منذ الطفولة، ولدت وترعرعت في المغرب، وطورت رؤيتها الفنية بين المغرب وألمانيا، تأثرت بكتابات الكاتبة النسوية المغربية فاطمة المرنيسي، وتنتمي إلى مدرسه الفن المعاصر، لكنها تجد نفسها أكثر ميلا إلى الفن المفاهيمي، الذي يسمح لها باستعمال وسائط متعددة من الفوتوغراف والفيديو والفن الأدائي وغيره. طموحها أن تكمل مسيرتها كما بدأتها، بتقديم والتعريف بفنانين محليين عالميا تحت ظل العالم والوطن العربي.
التقتها “هي" في لندن مقر إقامتها حاليا حيث تجهز لمعرضين فرديين في مطلع هذا الخريف، ولتعرفنا برؤيتها بالفن ودورها في جمع الفنانين تحت مظلة فنيه واحده.
أنت منظمه معارض وفنانة في نفس الوقت؟ كيف تجدين المزج بين المهنتين خصوصا وأن التنظيم يمتاز بالحس التجاري أكثر من الحس الفني؟
هذا سؤال مهم ومثير للجدل كون الفنان يعمل بشكل منظم، لذلك هو يمتلك الحس التجاري والفني معا، ويخلق فرصة للتقرب من الفنانين. كذلك المعارض الفنية (الأروقة) وفضاءات العرض تعرف بالفن المعاصر المغربي بالتوازي مع عرض أعمالي والتعريف بها شخصيا.
لندن هي محطتك الأولى لمعرضك المتجول " الفنانون الشباب المغاربة 2019"سبب اختيارك للعاصمة
اللندنية لمعرضك الأخير؟ وهل شهد إقبالا من قبل المغاربة والعرب أم البريطانيين أكثر؟
لندن هي عاصمه عالميه للفنون، كالقلب تتوسط الدول العالمية وتعتبر نقطة لقاء ما بين القيمون الفنيون والفنانين أيضا، إضافة إلى أهمية متاحفها وساحاتها الفنية. وقد استقبل المعرض المتلقي البريطاني وبعض المغاربة المقيمين في لندن، بجانب حضور السفارة المغربية الداعمة لهذا الحدث الفني. ولا ننسى كذلك حضور بعض الفنانين المشاركين في المعرض مما خلق حوارا بين المتلقي البريطاني والفنان المغربي للتعريف بالفن المعاصر المحلي.
نظمت معارضا أخرى في جنوب أفريقيا تحت عنوان "sacred" المقدس ضمت فنانين من المغرب والسعودية وجنوب أفريقيا تحت مظلتها خبرينا عن الهدف من هذا النوع من المعارض؟
الهدف هو خلق مجموعة متميزة تربط ما بين الشرق الأوسط وأفريقيا شمالا وجنوبا مع الاحتفاظ بنقطة اللقاء ألا وهي المغرب. فالفن هو اللغة العالمية بين كل الشعوب، وكان محتوى المعرض مناقشه فكرة "المقدس " من خلال السياقات المختلفة سواء أكانت دينية، اجتماعية وغيرها.
أي حقبه فنيه تفضلين وتجدين فنك أكثر قربا لها؟ الفن الحديث أم المعاصر؟ وأي المدارس تجدين نفسك أكثر إنتماءاً لها؟
أنتمي للفن المعاصر، وهذا ما أشعره في قرارة نفسي هذه اللحظة، هي فترة زمنية ابتدأت في حقبة الستينيات وتعتبر الأقرب للجيل الجديد. لكن هذا لا يعني أن الفن الحديث يلغى من قائمة الفن المؤثر بالمدارس الجديدة. الفن يعيد نفسه عبر التاريخ، باختلاف الوسائل التعبيرية التي تتماشى مع كل جيل وكل عصر، ومن المدارس الجديدة التي أركز عليها هو الفن المفاهيمي والذي يسمح لي أن استعمل وسائط متعددة من الفوتوغراف والفيديو والفن الأدائي وغيره.
كيف تجدين الفجوة بين جيلي الفن المغربي الحديث والقديم؟ وهل هنالك تخوف أم انسجام أم تمرد بين الجيلين؟
الفجوة واردة بين الجيلين، غير أن الجيل الحديث يبقى هو المرجع وأساس بناء ما نسميه بالفن المعاصر. هذه الفوارق خلاقة للتسميات ونسجت حوارات وأسلوب المعارض الجديدة في المغرب، لذلك بعض دور العرض هي مزيج بين فنانون من الجيل القديم وفنانون شباب معاصرين تحت ظل معرض واحد، مما جعل هدف الفن واحداً متوازناً فقط عندما يتحقق الاختلاف بين الأعمال وحقبتها الزمنية. فعندما نتكلم عن مدى انسجام الجيلين، أقول انه هناك من كل فن طرب، فبعضهم ينظر إلى هذا التطور في استخدام التقنيات الجديدة كتمرد، ابتداء من استخدام الأماكن والفضاءات العمومية كفضاء للعرض. والبعض ينظر إليها باستغراب ويتقبل النمط الجديد خاصة، ونحن فيوقت يحتم علينا استخدام الرقمنة والعالم الافتراضي.
بمن تأثرت مديحه صباني؟
تأثرت بكتابات الكاتبة النسوية المغربية فاطمة المرنيسي، مع العلم إنني لا أنتمي لهذه الحملات، لكن كتاباتها مفعمة بواقع مغربي وعربي. ومن بين كتاباتها (شهرزاد ليست مغربية، ما وراء الحجاب) وكلها تلهمني فهي ثقافة مغربية عميقة تصف المجتمع ما وراء الحجاب غير ما هو مسكوت عنه.
فكونها امرأة مغربية كاتبة وصلت العالمية، فهو بحد ذاته إنجاز عظيم أثر في بشكل تلقائي.
حدثينا عن البدايات متى اكتشفت شغفك بالفن؟
اكتشفت شغفي بالفن منذ الطفولة، كنت أحب الخلوة والصمت لمدة طويلة. أبحث فيها عن حلمي وأخبئ فيه أفكاري، إلى أن صرت أرسم كلما سمحت لي الفرصة بعد الانتهاء من جدول الدراسة. طفولتي كانت غريبة نوعا ما لمصادفتها، إذ ترعرعت داخل أسرة عسكرية ولصرامة المحيط بالسكن العسكري،
وبالرغم من ذلك، تمسكت بأفق الأحلام الذي كبر معي.
ولدت وترعرعت في المغرب وحياتك المهنية في ألمانيا، كيف أثرت المغرب على حبك وتلقيك للفن؟
بين المغرب وألمانيا تطورت رؤيتي للفن، بحيث أنه كنت دائما أربط بين الفوارق الاجتماعية وأعمالي الفنية،] فالمغرب بثقافاته المتعددة من شماله إلى جنوبه بأصالته لعب دورا كبيرا في دعم ذاك الحس الذي يجعلني أنظر إلى ألمانيا وكأنني ولدت من جديد أكتشف عالماً بإدراك الطفل. هناك اكتسبت مهارات في فن الأداء بحيث أنها كانت نمطا مألوفًا في تاريخ الفن الألماني، ومنه أذكر أهم فنانيها (جوزيف بويز) يمثل حقبة الفلوكسوس وهو مؤسسها حيث أنه قام بمجموعة من الأعمال الأدائية فرداً وجماعة كذلك. أعمالي معظمها مفاهيمية، من صور فوتوغرافية إلى أعمال يدوية كالأقنعة النحاسية التي هي كذلك متواجدة بالصور. فاعتبر أن الفن هو فلسفة تسلط الضوء على أطروحات متعددة التساؤلات، لكنه لا يجيب عنها، فرموز أعمالي كمديحة تتكلم عن علاقاتنا الاجتماعية في مختلف المجتمعات تقاطعا أو انسجاما مع حمولاتها الثقافية. فمثلا بحثي وانشغالي بجامعة القرويين التي هي أقدم جامعة عالميا بمدينة فاس العريقة، كانت أساس أول عمل قناع من نحاس مخرم ويشبه النوافذ الصغيرة في أزقة المدينة العتيقة، والذي يُحدث عن مساهمة هذه الجامعة في تعليم الرجال عبر التاريخ واستثناء النساء مع الرغم من أن مؤسسة الجامعة امرأة.
ماذا لديك في المستقبل القريب؟
طموحي أن أكمل مسيرتي كما بدأت، التقديم والتعريف بفنانين محليين عالميا تحت ظل العالم والوطن العربي. وأتطلع في الأفق القريب تنظيم مجموعة من المعارض بعناوين جديدة، والتي ستضمها العاصمة البريطانية لندن.
جميع الصور من المصدر