أماكن عملنا لا تتناسب مع عقولنا!

توصلّت دراسة أجرتها "ستيلكيس"، إلى أن الموظفين في مكاتبهم يواجهون طيفاً هائلاً من العناصر القريبة والثابتة التي تُسبّب الإلهاء أو صرف الانتباه، ويُعزى ذلك بشكل كبير إلى القصور في فهم كيفية إدارة التركيز ضمن بيئة العمل! 
 
وتستند دراسة التحليلية الشاملة التي أجرتها الشركة على مدار العام الماضي إلى علوم الأعصاب والبحث المعرفي. ويشتمل العمل الكامل في هذه الدراسة على مجموعة من الاستكشافات التي توصّل إليها خبراء علوم الأعصاب، مع الأبحاث الاستقصائية المستمرة للشركة بخصوص سلوكيات الموظفين، والطبيعة المتغيّرة لمهام العمل.
 
عدم المقدرة على التركيز
 
وتوضح الدراسة إلى أن الموظفين يتعرضون في المتوسط للإلهاء أو صرف الانتباه كل ثلاث دقائق، ويحتاجون إلى 23 دقيقة للعودة إلى إنجاز مهمة ما بعد تشتّت تركيزهم. ويؤثر الإلهاء أو عدم المقدرة على التركيز على الإنتاجية والمشاركة وجوانب الرفاهة، بل وعلى الأداء الكلي في الشركات. 
 
قدرات محدودة من الطاقة
 
وكشفت نتائج الدراسة أن الدماغ لديه قدرات محدودة من الطاقة، ويستخدم 20% من طاقة الجسم. لذلك، من المستحيل من الناحية الفسيولوجية لأي فرد أن يستمر في التركيز والانتباه بصورة واعية لثماني ساعات متواصلة، وفي الوقت نفسه إحراز منجزات نوعية أو كمية حسب المطلوب. فالانتباه لديه إيقاع طبيعي عبر اليوم. وتطرّقت نتائج أخرى إلى أهمية الوعي الذهني في تدريب الدماغ، والآثار الضارة للمهام المتعددة.
 
3 حالات للدماغ
 
وقد حدّد فريق البحث في "ستيلكيس" 3 حالات للدماغ، كل منها يتطلب سلوكيات ووضعيات معينة من شأنها تحقيق التوازن طوال اليوم وتساعد الموظفين على إدارة الإيقاع المتقلّب لتركيزهم على نحو أفضل.
 
التركيز: 
 
يتطلب التركيز العميق تجنّب عناصر الإلهاء غير المرحّب بها. وسواء كان مصدر الإلهاء خارجياً أو داخلياً، فإنه في كل مرة نصرف انتباهنا نقوم بحرق الموارد العصبية المحدودة. 
وكشفت دراسة إضافية من "ستيلكيس" أن 66% من الأفراد يمكنهم التركيز بسهولة في أماكن العمل، في حين أن 58% فقط يمكنهم التركيز ضمن فرق العمل دون التعرّض للإلهاء. 
وتوصّل استبيان منفصل لمنطقة الشرق الأوسط إلى أن 35% من الموظفين لا يمكنهم التركيز في العمل، بسبب عناصر رئيسية للإلهاء منها: الأحاديث الصاخبة (16%)، وثرثرة زملاء العمل (15%)، والحجم المفرط من الرسائل الإلكترونية (15%). وأفاد المشاركون في الاستبيان بأن الهدوء والخصوصية والهواء النقي تعتبر أهم 3 شروط مطلوبة للتركيز، ويجب على أماكن العمل أن تضمن أماكن مصمّمة للاسترخاء بعيداً عن المسببات المزعجة للإلهاء، والعناصر المتكررة لتشتيت الذهن.
 
التجدد والإلهام: 
 
من المهم إدراك أن الإلهاء قد ينطوي على فرص لمنح دماغنا الاستراحة القصيرة التي يحتاجها، وإتاحة المجال لأذهاننا أن تنطلق إلى الأفق الذي تريده. وبالرغم من أن أحلام اليقظة اكتسبت دلالات سلبية عموماً في عالم الأعمال، إذ يبدو من خلالها أن أدمغتنا لا تزال تعمل في حين أنها تتخيّل، ومع ذلك نشعر بأننا لا نعمل فعلياً. إن التواصل بسهولة مع الزملاء، والتغذية السليمة، ووجود أماكن لتصفية الذهن تساعد الموظفين المنهمكين على الاسترخاء والراحة. ووفقاً لاستبيان الشرق الأوسط، أفاد 55% من المشاركين أن ضغوطات العمل تجعلهم يشعرون بالإرهاق والتعب في العمل، في حين صرّح 59% أن مكاتبهم لا توفر مساحات يمكن للموظفين فيها الاسترخاء وتجديد النشاط.
 
التنشيط: 
 
الحركة تحفّز الدماغ؛ لقد توصلت دراسة إلى أن هؤلاء الذين يعملون من على منصّة مكتبية مفرّغة ذات جهاز للحركة استطاعوا على الأرجح وبأكثر من 34.9% الإجابة على سؤال استيعابي بشكل صحيح، مقارنة بهؤلاء الذين يعملون وهم جالسين على كرسي خلف مكاتبهم. ومع ذلك، كشفت نتائج استبيان الشرق الأوسط أن 29% من المشاركين ليس أمامهم فرصة للحركة في محيط مكان العمل أو تغيير وضعية الجلوس. 
وتوصي دراسة "ستيلكيس" بتوفير تصاميم سهلة النفاذ، تحفّز الموظفين على الحركة طوال اليوم من أجل تنشيط أذهانهم، وأيضاً العناية بأجسامهم.