تحية تقدير للام الحاضنة لليتيم في "يوم الام"

إن من أصعب ما يصاب به الإنسان في حياته، أن يحرم من أحد والديه أو كليهما، في مرحلة من أكثر مراحل حياته أهمية وحساسية، وهي مرحلة الطفولة، في فترة تكوينه النفسي والعاطفي، التي تبني عليها شخصيته العامة، وتظهر عليه آثارها في مستقبل حياته، وهناك الكثير من الاطفال الايتام بحاجة إلى الحب والرعاية، وبحاجة لعائلة تضمهم، وتعتبرهم أبنائها، ومن هنا كان مشروع "الاسرة البديلة" الحل الأمثل لرعاية هؤلاء الأطفال.

وعندما نتكلم عن "الاسر البديلة" فلا شك أن الدور الاكبر سيكون للام "البديلة" أو "الحاضنة"، التي تستحق تحية تقدير واحترام في يوم الام، حيث يقع على عاتقها الدور الاعظم والاهم في حياة هؤلاء الاطفال. 

اسباب الاحتضان 
بعض الأسر تقدم على احتضان يتيم لأنها لم ترزق بأطفال، فتحل مشكلة العقم في الأسرة باستحضار طفل يرضى دوافع الأمومة والأبوة داخل الأسرة، وفى هذه الحالة يستخدم الطفل لحل مشكلة الأسرة وليس العكس، وهناك احتمالات اخرى لاقدام الاسر على هذه الخطوة، ومن ذلك الاستفادة المادية من العون الذي تقدمه المؤسسات الاجتماعية لهم مقابل كفالتهم للطفل، وكذلك الشفقة والرحمة تجاه هذا الطفل وعدم انتظار أي مكافأة دنيوية، وهناك الكافلين بحثا عن الثواب فقط، فلقد جاء في العديد من النصوص الشرعية بيان لفضل كفالة اليتيم، والأجر الكبير من الله عز وجل المترتب على هذه الكفالة، وكيف أن كافل اليتيم سيحظى بصحبة رسول الله صل الله عليه وسلم ومرافقته في الجنة.

والسؤال الذي يطرح نفسه.. هل تؤدي الام "البديلة" أو "الحاضنة"، الدور الحقيقي للام؟   

اجابت على هذا السؤال الاخصائية الاجتماعية جيهان توفيق، فقالت: "لا بد وان كل ام فكرت باحتضان طفل، سألت نفسها "هل سأحب الطفل المحتضن مثلما أحب طفلي؟" ولكن هذه الشكوك سرعان ما تزول بمجرد أن تستلم هذا الطفل، وفجأة يتحول كل الحب والحنان لهذا الطفل، لتتساءل مرة أخرى، "كيف شككت في هذا الأمر؟". 

واكدت الاخصائية على دور الام الحاضنة تحديداً بقولها: "الامومة ليست فقط في إنجاب الأطفال ولكن في رعايتهم وتربيتهم، فالام الحاضنة تشبع غريزة امومتها من ناحية، وتتضمن الاستقرار الاسري والنفسي والاجتماعي للطفل، وترتبط فيه عاطفيا ووجدانيا وكأنه قد خلق من صلبها، بل ان عاطفتها نحوه وحنانها عليه كونه طفل يتيم تتضاعف عن حدود المشاعر المعتادة، فتغدق عليه بمشاعرها، بل ان المشكلة الاكبر التي نخاف من مواجهتها مع مثل هذه الامهات هي الدلال الزائد، الذي قد يفسد الطفل".    

وتابعت: "وبشكل عام فلقد حققت نتائج اندماج الأطفال في اسر حاضنة نتائج فاقت كل ما هو متوقع، فلا شك أن الأسرة مصدر أساسي لا غنى عنه للطفل لتلبية احتياجاته الضرورية لتكوينه الاجتماعي والنفسي، ويستقي منها المبادئ والقيم الأسرية، والمفاهيم العامة، لتكون شخصيته مستقرة وصالحة من جميع النواحي، ومن خلال الأسرة كذلك يندمج الطفل في المجتمع، وفي الحياة العامة، في مرحلة من أحوج ما يكون لذلك، ولا يستطيع أحد أن يدعي بأن المؤسسات الإيوائية التربوية يمكنها أن تشبع حاجات الطفل اليتيم الضرورية، ولو جزءاً يسيراً منها، في مقابل وجوده داخل الأسرة البديلة، التي يمكن أن توفر له أغلب هذه الاحتياجات".