اكتئاب ما بعد الولادة .. أسبابه وأعراضه وطرق الوقاية والعلاج

اكتئاب ما بعد الولادة أحد أهم الأمور التي تواجهها الأم بعد الولادة، وذلك بسبب التغيرات الهرمونية التي تحدث لها، والتي يصاحبها تغيرات عديدة أخرى تشمل الجسد والنفسية والعاطفة أيضاً.

واكتئاب ما بعد الولادة يحدث بعد تعرض الأم لتضارب شديد في المشاعر بين الفرحة العارمة، والخوف، والقلق، وأمور عديدة تتراكم بداخلها، تستدعي الإنتباه إليها، والعناية بها، وتقديم الدعم اللازم لها حتى تمر بهذه الفترة بسلام، حيث أن إنتهاء تجربة المخاض والولادة، وما تحمله من مشقة، لا يعني أن ينحصر إهتمام وتركيز المحيطين بالأم على الرضيع فقط، لأنها تكون في أمس الحاجة إلى ذلك أيضاً.

إكتئاب ما بعد الولادة .. أسبابه وأعراضه وطرق الوقاية والعلاج

ومن ناحية أخرى، يجب على الأمهات الجديدات العناية بأنفسهن سواء من الناحية الجسدية أو النفسية. وتشمل رعاية ما بعد الولادة إستكمال التعافي الجسدي اللازم، والتعامل مع تحديات الصحة العاطفية والنفسية الشائعة التي تواجهها الأمهات الجدد، مثل التقلبات المزاجية ومشاعر القلق.

وحول اكتئاب ما بعد الولادة، يخبرنا "الدكتور عادل سجواني"، أخصائي طب الأسرة والدكتورة "جايسي جايانكار"، أخصائية أمراض النساء والتوليد، الخبراء في مستشفى فقيه الجامعي بدبي، عن تجربة ولادة الطفل والتعامل مع اكتئاب ما بعد الولادة، من خلال تناول النقاط المهمة التالية:

اكتئاب ما بعد الولادة

  • ما هو اكتئاب ما بعد الولادة؟
  • ما هي أبرز أسباب وأعراض اكتئاب ما بعد الولادة
  • ما هي عوامل الخطر للإصابة باكتئاب ما بعد الولادة
  • كيف يمكن تجنب وعلاج اكتئاب ما بعد الولادة 

ما هو إكتئاب ما بعد الولادة؟

يجب أن نفرق هنا بين الكآبة النفسية والاكتئاب، لأن الأولى والتي تعرف باسم "بيبي بلوز" عبارة عن مصطلح يستخدم لوصف حالة القلق والاكتئاب والحزن والتعب التي تعاني منها العديد من السيدات بعد الإنجاب، والتي تبدأ بأعراض "الكآبة النفاسية" التي عادةً ما تبدأ بعد أيام قليلة من الولادة ثم تختفي من تلقاء نفسها في غضون بضعة أيام (من 3 إلى 5 أيام).

وإذا لم تختفي أعراض الكآبة النفسية في المدة المحددة، وإذا لم تنتهي في غضون أسبوعين، وطالت معاناة الأم من أعراض الحزن والقلق والبكاء، فإن ذلك يدل على إصابتها بالاكتئاب.

وبحسب د.سجواني، تكون مشاعر الأم في حالة اكتئاب ما بعد الولادة أكثر حدة من حالة الكآبة النفسية التي تصيبها بعد الولادة، والتي تعرف بـ "بيبي بلوز"، كما أنها تستمر فترة أطول، وقد تتراوح شدة المشاعر والأحاسيس التي تشعر بها الأم من مشاعر بسيطة إلى مشاعر مؤلمة للغاية.

أسباب إكتئاب ما بعد الولادة

ما هي أبرز أسباب وأعراض اكتئاب ما بعد الولادة؟

تتسبب التغييرات الطبيعية التي تحدث للأم أثناء الحمل في ظهور أعراض تشبه الأعراض التي تدل على اكتئاب ما بعد الولادة، والتي تتمثل في ما يلي:

  1. البكاء بوتيرة أكثر من المعتاد.
  2. سيطرة مشاعر الغضب على الأم.
  3. عزل النفس عن الأحباء.
  4. الشعور بالخدر، أو عدم الارتباط بطفلك.
  5. الشعور بعدم الإرتياح أو تقلب المزاج.
  6. الشعور بالحزن أو اليأس أو الإرهاق والتعب.
  7. وجود أفكار لإيذاء الطفل.
  8. وجود أفكار لإيذاء النفس.
  9. عدم الاهتمام بالطفل، وعدم الشعور بالإرتباط به. أو الشعور كما لو كان الطفل الرضيع هو طفل لامرأة أخرى.
  10. إنعدام الطاقة أو الدوافع.
  11. فقدان الشهية أو تناول الطعام بشراهة.
  12. قلة النوم أو كثرة النوم.
  13. صعوبة في التركيز أو اتخاذ القرارات.
  14. وجود مشاكل في الذاكرة.
  15. الشعور بإنعدام القيمة أو الشعور بالذنب وإهدار قيمة الذات.
  16. فقدان الإهتمام أو الشعور بالمتعة عند القيام بالأنشطة المحببة لدى الأم.
  17. الإنعزال عن الأهل والأصدقاء.
  18. المعاناة من الصداع والأوجاع والآلام أو مشاكل المعدة الكثيرة.

ما هي عوامل الخطر للإصابة باكتئاب ما بعد الولادة؟

تؤدي التغيرات الهرمونية إلى ظهور أعراض اكتئاب ما بعد الولادة، حيث تنخفض الهرمونات بسرعة بعد مرور 24 ساعة بعد الولادة، لتعود إلى مستوياتها الطبيعية قبل الحمل. ويعتقد الباحثون أن هذا التغيير المفاجئ في مستويات الهرمونات قد يؤدي إلى الاكتئاب.

تساهم مشاعر أخرى أيضاً في إصابة الأم باكتئاب ما بعد الولادة، ومنها:

  1. التعب بعد المخاض والولادة.
  2. التعب من قلة النوم أو النوم المتقطع.
  3. الإجهاد المفرط لوجود طفل جديد.
  4. شكوك حول القدرة على أداء مهام الأم الجديدة.
  5. الإجهاد الناجم عن التغييرات في روتين العمل والمنزل.
  6. السعي إلى أداء دور الأم المثالية.
  7. الإحساس بأنك أقل جاذبية.
  8. الإنشغال وقلة وقت الفراغ.

أعراض إكتئاب ما بعد الولادة

توجد تجارب تزيد من إحتمالات إصابة بعض الأمهات باكتئاب ما بعد الولادة أكثر من غيرهن مثل:

  1. طبيعة حياة صعبة ومجهدة.
  2. قلة الدعم الإجتماعي.
  3. الإصابة السابقة بالاكتئاب.
  4. وجود سجل عائلي من الإصابة بالاكتئاب.
  5. صعوبة الحمل
  6. إنجاب توائم متعددة، طفلين أو ثلاثة.
  7. الأمومة في سن المراهقة.
  8. الولادة المبكرة (قبل 37 أسبوعاً).
  9. مضاعفات الحمل والولادة.
  10. إنجاب طفل ثم إدخاله إلى المستشفى

ومع كل ذلك، يمكن أن يصيب اكتئاب ما بعد الولادة جميع الأمهات، حتى في حالات الحمل الصحي والولادة الطبيعية، وبحسب كل حالة.

كيف يمكن تجنب وعلاج اكتئاب ما بعد الولادة؟

أكد كل من د.سجواني، د.جايانكار، على أن تحقيق الوقاية من اكتئاب ما بعد الولادة، وعلاجه بالنسبة لمن أصيبت به، يتطلب إلتزام الأم بتطبيق ما يلي:

  1. الحصول على قدر وفير من الراحة، والنوم عندما ينام الطفل.
  2. عدم القيام بالكثير من المهام.
  3. طلب المساعدة من شريك الحياة والمقربين.
  4. تخصيص بعض الوقت للخروج، وزيارة الأصدقاء أو قضاء وقت للإسترخاء مع النفس منفردة، أو قضاء بعض الوقت مع شريك الحياة.
  5. ضرورة التحدث مع الشريكك والمقربين عن المشاعر التي تشعر بها الأم.
  6. التحدث مع أمهات أخريات للتعلم من تجاربهن.
  7. الإنضمام إلى المجموعات التي تقدم الدعم النفسي للمصابات بإكتئاب ما بعد الولادة.
  8. إجراء بعض التغييرات الجوهرية في الحياة بعد الولادة مباشرة.

وأخيراً، شدد د.سجواني، على أنه يجب على الأم عدم البقاء بمفردها بمجرد شعورها باكتئاب الحمل، أو اكتئاب ما بعد الولادة، مشيراً إلى أهمية مشاركة مشاعرها مع شريك الحياة، والمقربين لها من الأهل والأصدقاء.

وقال أنه يجب على الأم التي تخشى على نفسها من الإصابة بالاكتئاب بعد الولادة أن تتحدث عن مخاوفها مع مقدم الرعاية الصحية الذي سيقوم بدوره إلى تحويلها إلى أخصانئ نفسي للحديث معه بشأن كل المخاوف التي تسيطر عليها، لمد يد العون لها، وتجنباً للتعرض لمخاطر اكتئاب ما بعد الولادة.