Salvatore Ferragamo: صانع السندريلا الأسطوري

إعداد: أريج عراق
 
تُرى هل كان الكاتب الأميركي من أصل إيطالي Mario Puzo يفكر في Salvatore Ferragamo عندما كتب رائعته الشهيرة The Godfather والتي حولها المخرج الكبير Francis Ford Coppola إلى ثلاثية سينمائية أكثر شهرة؟ لا تجعل عقلك يذهب بعيداً، فليس المقصود –بالتأكيد- أن Ferragamo ينتمي للتنظيمات الإجرامية العالمية المعروفة بالمافيا، ولكنها نفس فكرة البدايات، فمن قرية صغيرة في جنوب إيطاليا، خرج الطفل Salvatore ذو الأعوام التسعة في بدايات القرن العشرين، ليبدأ معركته مع الحياة مبكراً، حيث اضطرته الظروف لترك المدرسة، وفي سن العاشرة صنع Salvatore بيديه أول زوج من الأحذية لشقيقته، التي لم تكن تملك أي حذاء، ولولا هذا الزوج الأبيض لظلت حافية القدمين، ومثلما فعل Vito Corleone توجه Salvatore إلى أرض الأحلام والفرص، إلى الولايات المتحدة.
 
على شاطئ نيويورك هبط Salvatore أيضاً، ولكنه فضل بعدها الذهاب إلى بوسطن، ومنها إلى كاليفورنيا، حيث استقر هناك عام 1914، وهو لم يتجاوز السادسة عشر من عمره بعد، وسريعاً وجد طريقه إلى الفن الجديد الناشئ، فن السينما، وأسس أول متجر له مع ورشة أحذية عام 1923، وتحول إلى مصمم الأحذية المفضل لنجمات ذلك الزمان مثل Joan Crawford  وGloria Swanson، وفي نفس العام 1923 قام بتصميم الأحذية لفيلم Cecil B. DeMille الشهير The Ten Commandments في نسخته الصامتة الأولى، إلا أن الحنين للوطن ظل يداعب Salvatore، وبات واثقاً أن نجاحه في الولايات المتحدة، سيكون حافزاً كبيراً لنجاحه في إيطاليا، وبالفعل عاد إلى هناك عام 1927، وبعد عشر سنوات من العمل، استطاع أن يشتري أحد أقدم القصور التاريخية العريقة في فلورنسا والمعروف باسم the Palazzo SpiniFeroni والذي يعود تاريخ إنشائه لعام 1289، وهناك أسس شركته الأولى في أوروبا، وقد تحول هذا القصر الآن إلى متحف لأعمال Salvatore Ferragamo وتاريخه العريق.
 
ما بين فلورنسا وكاليفورنيا، تحول Ferragamo إلى أسطورة حقيقية في عالم صناعة الأحذية التي يعشقها، ولم يكن غريباً أن تختاره كل نجمات هوليوود في عصره، ليكون المصمم المفضل لديهن مثل Audrey Hepburn، Sophia Loren، وGreta Garbo وكثيرات غيرهن، لذا كان من الطبيعي أن تجد في ورشته الخاصة، قوالب لأقدام كل واحدة منهن مطبوع عليها اسمها، ليصنع بيديه الساحرتين من كل واحدة منهن، سندريلا حقيقية تسير بخطوات ناعمة نحو المجد.
 
ورغم وفاة Salvatore الصادمة عام 1960، إلا أن زوجته العنيدة Wanda FerragamoMiletti رفضت أن تنهار، وقررت أن تكمل المسيرة بمعاونة أبنائها الخمسة، الذين سرعان ما منحوها 23 حفيداً ليساهموا أيضاً في دعم المؤسسة الكبيرة التي صارت أكبر وأكبر، وتوسعت Wanda في إنتاج المؤسسة، وقدمت خطوط للنظارات والساعات والعطور والملابس الجاهزة للنساء والرجال والحقائب والأحزمة (المنتجات الجلدية بشكل خاص)، ومؤخراً في 2011 خط لإنتاج المجوهرات بالتعاون مع Gianni Bulgari، دون التخلي عن خط الأحذية الشهير المصنوع يدوياً بالكامل، والذي يحمل –بكل فخر- عبارة "صناعة يدوية إيطالية".
 
لا شك –بعد كل هذا- أن قصة كفاح ونجاح مؤسسة Salvatore Ferragamo العريقة التي تجاوز عمرها أكثر من 85 عاماً، لا تقل إثارة عن قصة Vito Corleone السينمائية، وبالتأكيد هو يستحق لقب الأب الروحي لعالم صناعة الأحذية، لكنه يتفوق على Corleone بنبل وجمال غاياته، والأهم بكونه الساحر الحديث لصناعة أي سندريلا.