ألبوم "عيش بشوقك"..هوس تامر حسني المتكرر بالدعاية على حساب الموسيقى!

كالعادة ضجة كبيرة يحدثها الفنان تامر حسني حول أعماله الفنية وقت إصدارها ولكنها في الغالب ضجة حول كل شيء إلا في مستواها الفني ومدى جودتها وتطورها، وهو ما تكرر في ألبومه الجديد "عيش بشوقك"، الذي شهد ضجة كبيرة في الدعاية بدون تقدماً كبيراً في المستوى الفني لتامر حسني.

هل يحتاج تامر حسني لاكتشاف نفسه من جديد؟

ظلم تامر حسني ألبومه الجديد بحديثه عن التطور الكبير الذي أحدثه في مستواه الفني، والتي وصلت إلى حد وصفه بالنقلة النوعية في الموسيقى العربية وبانه فنان يحظى بمكانة دولية، وبالغ تامر حسني في وصف مستوى ألبومه، في سابقة غريبة على المطربين، وقال إنه سيكون مؤثراً في رفع مستوى الموسيقى العربية وانه مواكب للتطورات العاليمة وحرم الألبوم من فرض نجاحه بالمستوى الفني وليس بالنقد المسبق والمبالغات حوله.. فماذا ترك تامر حسني للجمهور والنقاد إذن؟ وكل ذلك حدث حتى قبل إطلاق الألبوم!

يعطي تامر حسني دائماً للأشياء حجماً أكبر مما تستحق، فالألبوم الجديد قد يكون جيداً أو يحتوي بالفعل على أغاني مميزة، ولكنها بالطبع لا تحمل أي جديد على مستوى صناعة الموسيقى ولا تشهد تطورات فنية تصل لمرحلة التأثير في مستوى الأغنية العربية ولا في مسيرة تامر حسني الفنية والتي تعتمد كثيراً على تنوع أساليب الدعاية لنفسه مثل هذا المنطلق بدون تقديم ما يبرر أو يشرح ذلك عملياً وفنياً.

وبالإضافة إلى غرابة حديث ونقد تامر حسني لألبومه بنفسه ومسبقاً، فإن الأغاني التي حققت نجاحاً جماهيرياً وحملت مستوى جيد فنياً كانت الأغاني الأقل دعاية من جانبه، وربما الأقل في الاهتمام بها، وأبرزها أغنية "ناسيني ليه" وربما لانها لم تكن من كلماته وألحانه مثل معظم أعماله الغنائية، وهي نقطة الضعف الأولى في طريقة عمل تامر حسني، بسعيه لاثبات تفوقه في كل المجالات بدون اهتمام حقيقي بجودة هذه العناصر.

يطرح نجاح أغنية "ناسيني ليه" بدون دعاية كبيرة مثلما حدث مع أغاني "عيش بشوقك" و "100 وش" و "وانت معايا" تساؤلات هامة حول مدى معرفة تامر حسني بما يميزه أو ما يجيده في الأغاني، وهل لدى الجمهور فكرة حول ما يميز تامر حسني؟ وهل يجيد الأغاني الرومانسية فقط؟ هل يفشل في الأغاني الإيقاعية؟ وهل يتقبله الجمهور في الأغاني التي لا تتحدث عن علاقة عاطفية؟ وكذلك هل اعتزل تامر حسني أغانيه الفكاهية والرومانسية الساذجة التي كان يشتهر بها منذ بداياته؟!

الحقيقة ان طريقة عمل تامر حسني لا تحمل أسلوباً فنياً واضحاً أو محدداً ولا إجابات عن هذه التساؤلات، بقدر ما تحمل أسلوباً واضحاً في الدعاية ومدى إجادته لها، وهي الجانب الأكثر تطوراً لدى تامر حسني في ألبومه "عيش بشوقك"، والتي تظهر في عدة نقاط أبرزها تعاونه مثلاً مع الشاب خالد في أغنية "وان معايا" والتي توقع من حجم دعايتها انها بالفعل ستكون أغنية العام ولكن ما الجديد بها؟ كلمات ركيكة ومكررة من تأليف تامر حسني كالعادة، وبلحن فقير منه أيضاُ مقارنة بالحديث عن انها نقلة في الموسيقى العربية أو التقاء فكر مطربين عالميين!

يهتم تامر حسني بالفكرة على حساب التنفيذ دائماً، فتنتهي الأغنية بالنسبة له بمجرد اجتماعه مع الشاب خالد وان يذكر الجمهور في بداية الأغنية انهما أصدقاء، وهو ما حدث في دويتوهاته السابقة جميعها، ولكن ما سيأتي بعد ذلك فهو ليس بأهمية ما سبق، لذلك فهو تعاون مع الموزع الشهير جلال الحمداوي في أكثر من أغنية بالألبوم من هذا الأساس، دون سعي للاستفادة الحقيقية من تواجده، أو كأن الحمداوي يحمل عصا سحرية تجعل الأغاني عصرية وناجحة بمجرد وجود إسمه كما حدث مع تعاوناته الشهيرة مع سعد لمجرد.

تعاون جلال الحمداوي مع سعد لمجرد كان ناجحاً بالفعل بسبب المفهوم العصري للأغنية الإيقاعية الذي قدمه الثنائي في أعمالهما سوياً، بالاهتمام بالإيقاع والكلمات الخفيفة المناسبة له وللموسيقى الإلكترونية، وهو ما لم يحدث مع تامر حسني الذي يفضل دائماً الجمل الطويلة في الكلمات والألحان بجانب ميله الدائم للشجن والرومانسية في طريقة الغناء، وهو ما يجعل توزيع جلال الحمداوي بالموسيقى الإلكترونية  معها غير ملائم ومتناقض وبلا جدوى كحال أغنية "لولاك حبيبي" مثلاً، وأغنية "ولا يوم من أيامه" والتي لا تعرف فور سماعها هل هي أغنية درامية حزينة من لحنها وكلماتها وطريقة الأداء أم أغنية صيفية وإيقاعية من التوزيع الموسيقي لها من جانب الموزع تميم.

تعامل تامر حسني بهذه الطريقة في معظم الأغاني، بالاهتمام بالفكرة بدون البحث عن طريقة تنفيذ أغنية جيدة وعادية، وفي مسيرته الفنية لم يقدم تامر حسني أغنية إيقاعية أو موسيقى إلكترونية ناجحة مقارنة بنجاح أغانيه العاطفية والدرامية، وهو اللون الذي يجيده تامر حسني لعدة أسباب أبرزها تناسبه مع أداءه الصوتي بها وإحساسه، وهو ما قد يفسر أسباب تفوق أغاني مثل "كفاياك أعذار" و "ناسيني ليه" و "ورد صناعي" فنياً عن بقية أغاني الألبوم.

وآخر أفكار تامر حسني التي يراها متطورة هي استعانته بالمطربين الشعبيين محمد دياب ومصطفى حجاج وأحمد شيبة في أغنية "100 وش"، من كلماته وألحانه أيضاً، وحققت الأغنية بالطبع انتشاراً بسبب هؤلاء أصحاب الشعبية ولكنها أيضاُ لا تعبر عن تطور فني سواء في الأغنية الشعبية أو في أسلوب تامر حسني، خاصة انه تعمد إعادة استهلاك كل ما انتجته الأغاني الشعبية في الفترة الأخيرة في أغنيته الجديدة بالحديث حول معاني "غدر الأصحاب وتلون الوجوه وغيرها"، ونفس الحال في اللحن، وقد تكون محاولة تجارية منه للتقرب من جمهور الأغنية الشعبية ولكنها بالطبع ليست محاولة لتقديم جديد وإسهام في هذا المجال، وأخيراً افتقد تامر حسني في الأغنية إلى التفكير في الدويتوهات على انها قائمة في الأساس على الخروج بنتيجة فنية وموسيقية من اختلاف الأصوات المتواجدة وليس بكثرتها أو بأسماء أصحابها ولا بالإستعراضات الصوتية المبالغ بها التي ساهمت في إضعاف مستوى الأغنية.

وأدعى أخيراً تامر حسني في ألبومه الجديد، أول تجاربه في الانتاج، بتقديم فكرة جديدة بتصوير جميع أغاني الألبوم أو عدم الاعتماد على الموديل التقليدية في الكليبات، وهي أفكار سبقها إليه كثيرون وآخرهم محمود العسيلي مثلاً في العامين الأخيرين وليست من اختراعه ولا دليلاً على ان الأغنية المصورة أو التي لا تتواجد بها موديل هي أغنية ناجحة ومتطورة بالفعل!