ما هي أفضل مسلسلات رمضان 2022؟

قبل بداية موسم رمضان 2022 فيما يتعلق بالأعمال المصرية، كانت التوقعات وترشيحات مشاهدة المسلسلات مختلفة إلى حد كبير عن النتائج الفعلية، ففيما كان مسلسل "المشوار" يستحوذ على الاهتمام الأكبر مع توقعات بتصدره للموسم من حيث الجودة الفنية، ودعم هذا التوقع الحلقات الأولى منه التي كانت جيدة جدًا مع عدم اهتمام مبدئى بمسلسل "جزيرة غمام" نظرًا لكون مؤلفه عبد الرحيم كمال كان له النصيب الأكبر في الانتقادات في موسم رمضان الماضى بسبب ضعف مستوى مسلسليه "نجيب زاهي زركش" و"القاهرة.. كابول"، ونفس الشيء بالنسبة لمخرج "جزيرة غمام" حسين المنباوي الذى توقف مسلسله "الملك" بسبب حملة على السوشيال ميديا من الجمهور لمنع استكمال تصوير وعرض المسلسل بسبب أخطاء تاريخية واضحة في شكل وملابس المصريين القدماء، أي أن العمودين الرئيسين للعمل كان منتظرا بشكل كبير عدم تفوقهما.

ما حدث بعد ذلك هو العكس تماما، بعد مرور الأيام الأولى في الموسم بدأ تراجع مسلسل "المشوار" وبدأ مسلسل "جزيرة غمام" في الاستحواذ على اهتمام الجمهور شيئًا فشيًا لتفوق عناصره الفنية مقارنة بـ "المشوار"، الأيام الأولى كشفت فوائد الاهتمام بجودة العناصر وتكاملها، بعد زوال الأثر الدعائى وتأثير وجود أسماء في ثقل المخرج محمد ياسين ونجوم مثل محمد رمضان ودينا الشربينى، حتى مع دخول مسلسل "بطلوع الروح" إلى المعادلة في النص الثاني من الموسم ومع الاشادات والاهتمام الكبير به، إلا انه لم يتفوق على "جزيرة غمام" الذى ظل النموذج خلال الموسم الذى يواجه نفس ظروف الصناعة الصعبة واستطاع مخرجه حسين المنباوي مع وحدة إضافية للمخرج إسلام خيري، ان يعبر بالمسلسل بشكل آمن وسط موسم هو الصعوبة بعينها، في الوقت الذى لم يستطع مخرج كبير بحجم محمد ياسين مدعوم بخمس وحدات إخراجية إضافية عبوره، ومسلسل "بطلوع الروح" على الرغم من جودته الفنية ووجود وحدة ثانية للمخرج كريم الشناوي، إلا أن الظروف أيضًا تغلبت عليه وفات ميعاد عرض أحدي حلقاته واعتذر صناعه للجمهور، فى حين أن "جزيرة غمام" لم يقل مستواه أو تتراجع جودته.

مسلسل "جزيرة غمام" هو الأفضل في هذا الموسم لأسباب أخري بالإضافة إلى السبب السابق، أهمها اختيارات الممثلين للشخصيات أو الـ(كاستينج)، هذا العنصر الذى أصبح يمثل الأهمية القصوى في الأعمال الفنية بعد عنصر السيناريو، حيث أصبحت الأعمال الناجحة هي التي تهتم اكثر بتسكين الممثلين في الشخصيات المناسبة وفقًا لمعايير فنية لا معايير تجارية أو تسويقية، وعلى سبيل المثال فمن أبرز الخاسرين في الموسم وهو "بابلو" الذى يضم أسوأ اختيارات للممثلين مناصفة مع مسلسل "مزاد الشر" فلا الأول مقنع في تحويل حسن الرداد إلى بلطجي وشقى ولا الثاني أقنعنا أن ابطاله ينتمون للصعيد، وجمع بين ثلاثتهم الأداء السئ والسيناريوهات ضعيف المستوي وعدم وجود أي بصمة للمخرج سواء في توجيه الممثلين أو حتى اختياراتهم.

مسلسل "جزيرة غمام" وبعده "بطلوع الروح" هما الأفضل في هذا العنصر تحديدًا، فالأول اختار صناعه الممثلين بعناية شديدة وقدموا مفآجات للمشاهدين فى اختيارتهم لأحمد امين فى شخصية عرفات ومي عز الدين فى شخصية العايقة، على اعتبار أنهما بعيدان كل البعد عن المعتاد فى اعمالهم السابقة التى تنتمى للكوميديا بالنسبة لأمين والكوميديا والرومانسية بالنسبة لمي، باقى فريق التمثيل حتى فى أختيارات الأطفال يدل على وجود توجيه قوى من المخرج حسين المنباوي واهتمام شديد بالحوار من المؤلف عبد الرحيم كمال، نفس الشيء ينطبق بحذافيره على "بطلوع الروح" الذى واجه صعوبة أخري هى العمل فى منطقة أخرى ويضم ممثلين من جنسيات متعددة نظرًا لطبيعة العمل، لكن نفس الجودة والاهتمام يمكن ملاحظتهم فى سيناريو محمد هشام عبية وتوجيه كاملة أبو ذكري للممثلين، وبمقارنتهما مع أي مسلسل أخر سيكنشف بوضوح الفارق الكبير الذى يحدثه حسن اختيار الممثلين والاهتمام بالتوجيه والحوار.

التصوير من أهم العناصر التي ميزت مسلسلات رمضان 2022 في كثير منها، والتفوق في هذا العنصر تحديدًا محسوم لنفس المسلسلين "جزيرة غمام" ومدير تصويره إسلام عبد السميع، و"بطلوع الروح" ومديرة تصويره نانسي عبد الفتاح، وكلاهما حمل مهمة صعبة وشديدة التعقيد نظرًا لوجود العديد من المشاهد الخارجية، والمشاهد الداخلية تتطلب إضاءة وتجهيزات متعددة، وكلاهما المكان والبيئة فيهما لهما طبيعة خاصة، الأول بلدة لها خصوصيتها في مطلع القرن الماضى، بعيدة عن المدن على شاطئ البحر الأحمر، والثاني في الرقة المحتلة من قبل تنظيم داعش، أي أن تصميم الإنتاج يقع عليه عبء كبير في رسم الدقة وتعدد التفاصيل التي تصل بحالة الايهام عند المشاهد لاقصاها، وكذلك اعتماد كلا منها على الخدع والمؤثرات البصرية وإن زاد على "بطلوع الروح" مشاهد المعارك التي تم تنفيذها بجوده شديدة عدا التي جاءت في الحلقة الأخيرة منه والتي ظهرت بمستوى أقل بكثير من مستوي المسلسل، وظهر فيها حالة من التعجل بانهائها والاعتماد على عدد من المشاهد التي تظهر إطلاق النيران والمطاردات كوسيلة لزيادة زمن الحلقة على حساب الدراما.

باقى مسلسلات الموسم لم تقع في نفس الاختبار الصعب، وأن نفذت مشاهدها بجوده عالية متوقعه لكثرة تجهيز مواقع سابقة بنفس الشكل في مئات الاعمال السابقة، لكن هذا التنفيذ جاء بجودة عالية في مسلسلات "أحلام سعيدة" و"فاتن أمل حربي" و"الكبير أوي 6"، وهذه الأعمال أيضًا اعتمدت على عنصر المونتاج لتدعم جودتها الفنية وجميعم نجح في ذلك، وتميبز بفارق "جزيرة غمام" و"بطلوع الروح" لكن مستوى الحلقة الأخيرة فيه أضعف من باقى المسلسل في عديد من العناصر، وهو الأمر الذى يصب في مصلحة المسلسل الأكثر تماسكًا والأطول في عدد حلقاته وهو "جزيرة غمام"، الذى يمكن القول بلا أي مبالغة أنه الأفضل في الموسم لهذه الأسباب وهي الأبرز بالإضافة إلى أسباب أخري يطول شرحها مثل الملابس واختيار نطاق الألوان في المسلسل وتعدد مستويات قراءة أحداثه .