حكايات عن مهنة "طبيب السيناريو" التي أثارت المشاكل في مسلسل "شقة 6"!

لم تكن أزمة "مسلسل "شقة 6" هى استعانة المخرج "محمود كامل" بما يسمى script doctor "طبيب سيناريو"؛ بهدف ضبط الدراما داخل الحلقات؛ فهذا عمل مشروع ويحدث في كثير من الأعمال السينمائية والتليفزيونية، ولكن تكمن أزمة العمل في عدم قدر صُناعه على التعامل مع الخلاف في وجهات النظر، والخلط بين الخلاف الفني الإبداعي والمواقف الشخصية داخل كواليس العمل. في العادة لا يُسبب عمل "طبيب السيناريو" أزمات أو إختلافات تصل إلى الإعلام؛ لأن الكل يعلم أن السينما عمل الجماعي، وعلى من يرغب في الكتابة مُنفرداً اللجوء إلى كتابة القصص والروايات، والحكم على السيناريو النهائي هو رأى الجمهور، وتحليل النُقاد. 

أزمات الكتابة الدرامية!

لم يعترض "نجيب محفوظ" على السيناريوهات المأخوذة عن رواياته، ولأنه كاتب سيناريو أيضاً، فقد أدرك أن صياغة الدراما في السينما والتليفزيون تختلف عنها في الروايات المطبوعة، وهو المسؤول الأول والأخير عما يكتبه في رواياته، ولكن للسينما والتليفزيون تفاصيل أخرى تتطلب تعديلات وتغييرات في الدراما؛ ولهذا لم ينزعج "محفوظ" حينما رفض "يوسف شاهين" السيناريو الأول الذي قدمه لفيلم "الإختيار"، ورضخ لتدخلات وتعديلات "شاهين" في النهاية، ولكن الوضع كان مختلفاً في حالة فيلم "حدوتة مصرية"، فقد إختلف صاحب فكرة الفيلم، الكاتب "يوسف إدريس" مع المخرج "يوسف شاهين"، ووصل الخلاف إلى الإعلام، وحذف "شاهين" الكثير من التفاصيل التي اقترحها "يوسف إدريس" في النسخة النهائية للسيناريو.

"طبيب السيناريو" مهنة هامة وحساسة، وهى قريبة إلى حد ما مع مهنة الدراماتورج في المسرح، ومن أهم مواصفات طبيب السيناريو إلمامه بفنيات الكتابة الدرامية، والثقافة الموسوعية، والصفة الأهم أن يكون موضوعياً، وهناك قلة من الموهوبين من يستطيع القيام بها؛ لأن التعديلات التي يقوم بها على السيناريو الأصلي قد تُفسد العمل تماماُ، ولكن في العادة من يقومون بهذه المهنة لديهم سُمعة في علاج عيوب سيناريوهات جيدة، لكنها تحتاج تنقيحها وصياغتها درامياً، أو بلورة موضوعها، أو تحسين الحوار، وغيرها من الأمور الفنية التي تُزيد من جودة السيناريو، وتدفعه إلى الطريق الأفضل.

في أغلب الأحوال يستعين المخرج بطبيب السيناريو لترسيخ رؤيته الفنية، وإضافة تفاصيل يفتقدها السيناريو الأصلي، وحسب قواعد نقابة الكُتاب الأمريكية لا يحق لطبيب السيناريو وضع اسمه على تترات العمل، إلا إذا زاد حجم إضافاته للسيناريو عن 50%، أو 33% لو كان السيناريو مُقتبساً عن وسيط فني أخر.

ب

آرون سوركين وقائمة شندلر!

تحتوي قائمة من عملوا بمهنة "طبيب سيناريو" أسماء مُدهشة؛ منها الممثلة "كاري فيشر"، التي جسدت دور الأميرة "ليا" في سلسلة أفلام "حرب النجوم"، والمخرج المعروف "كوينتين تارانتيو"، وكاتب السيناريو الشهير "أرون سوركين"، الحاصل على الأوسكار عن سيناريو فيلم The Social Network، والعديد من جوائز الإيمي التليفزيونية، وهو كاتب مسلسل The Newsroom، وعدد كبير من الأعمال الهامة، ولكن لا يعلم كثيرون أنه شارك في كتابة عدد من سيناريوهات الأفلام الهامة دون أن يُضاف إسمه على التترات، وكان وقتها يعاني من عدم القدرة على العثور على أفكاره الخاصة.

طلب المخرج "ستيفن سبيلبرج" من "أرون سوركين" تعديلات في سيناريو فيلم "قائمة شندلر" (1993)؛ لتنقيح وتلميع بعض الخيوط الدرامية بالفيلم، وإضافة مشاهد للسيناريو القصير الذي كتبه سيناريست هام وبارع هو "ستيفن زيليان"، وكان السيناريو الأصلي يحمل بصمات ورؤية "مارتن سكورسيزي" الذي كان سيخرج الفيلم قبل "سبيلبرج"، وقد فاز الفيلم بسبعة جوائز أوسكار، من بينها أوسكار السيناريو التي حصل عليها "ستيفن زيليان" وحده.

واستعان المخرج "مايكل باي" بمواهب "سوركين كطبيب سيناريو لكتابة حوار جذاب للمشاهد التي تدور بين "شون كونري" و"نيكولاس كيج" في فيلم The Rock "الصخرة" (1996)، وتكرر الأمر جينما طلب المخرج "توني سكوت" من "سوركين" تعديلات في سيناريو فيلم Enemy of the State "عدو الدولة" (1998)، الذي قام ببطولته "ويل سميث".

Enemy of the State
Enemy of the State

الممثلة التي عالجت سيناريوهات هوليوود!

الممثلة "كاري فيشر" مارست مهنة طبيب السيناريو فترة طويلة من حياتها، ولديها قائمة طويلة من الأفلام التي عالجت السيناريوهات الخاصة بها، وأغلبها أفلام مغامرات وأكشن تجارية، ومن أبرزها فيلم Hook "كابتن هوك"، الذي أخرجه "ستيفن سبيلبرج" عام 1991، وشارك في بطولته "روبن ويليامز" و"داستن هوفمان"، والفيلم الكوميدي الغنائي Sister Act، بطولة "ووبي جولدبرج"، و The Wedding Singer "مُطرب أفراح"، بطولة "آدم ساندلر" و"درو باريمور"، كما قامت بتعديلات في بعض أفلام الأكشن الشهيرة في حقبة التسعينيات، ومنها فيلمي Lethal Weapon 3 "سلاح مميت"، وفيلم Last Action Hero "البطل الأخير".

استعان المخرج "توني سكوت" بالمخرج الشاب "كوانتين تارانتينو" عام 1995 لإضافة أجزاء لسيناريو فيلم الإثارة Crimson Tide "المد القرمزي"، وخاصة أجزاء الحوار التي تحمل إشارات من الثقافة الشعبية. 

هناك أسماء أخرى شاركت في تعديل سيناريوهات دون أن يُكتب إسمها على التترات، ومنهم الأخوين "كوين"، وقد قاما عام 2005 بتعديلات على سيناريو النسخة المُعادة من الفيلم الكوميدي Dick and Jane "ديك وجين"، بطولة "جيم كاري"، وهو الفيلم الذي إقتبسته السينما المصرية في فيلم بطولة "عادل إمام" و"لبلبة" بعنوان "عصابة حمادة وتوتو".