فيلم "خط دم"..يوميات عائلة تشرب الدماء بالملعقة !

في عام 2004 شارك بدور صغير في الفيلم الكوميدي "فول الصين العظيم"، وجسد شخصية الشيف اللبناني رامي الصفدي، وهو أحد المشاركين في مسابقة طهى عالمية تُقام في الصين، وهناك قابل محى الشرقاوي "محمد هنيدي"، ودارت بينهما منافسة مرحة من أجل الفوز بالمسابقة. خلال 16 عاماً لم نر هذا الممثل الأردني الذي يُدعى "رامي ياسين" في أدوار تمثيلية أخرى، ولكنه قام بإنتاج عدد من الأفلام الإماراتية منها "المُختارون" و"زنزانة"، وظهر قبل أيام مُمثلاً في فيلم الرعب "خط دم" الذي بدأت عرضه حصرياً منصة "شاهد"، وفي الفيلم قام بدور صغير لطبيب، ولكن دوره في الفيلم لم يقتصر على هذا المشهد الصغير، فقد حمل الفيلم اسمه كمخرج وكاتب للسيناريو أيضاً.

البحث عن الدماء

نتعرف في المشاهد الأولى لفيلم "خط دم" على الزوجين "نادر-ظافر عابدين" و"لمياء-نيللي كريم" وولديهما التوءم، وأحدهما وهو الصبي "مالك" تعرض لحادث وظل في غيبوبة مدة تقارب عام ونصف، ويعيش في غرفة داخل فيلا بمساعدة أجهزة طبية خاصة، ولا نرى في الفيلا إلا هؤلاء الأربعة، ولا تتحرك الأحداث خارج جدران ذلك المكان إلا في لقطات نادرة، وحبكة العمل الرئيسية تدور حول لجوء الوالدين لحل غير تقليدي لإعادة إبنهما للحياة، وهو حقنه بدماء مصاص دماء، ويفيق الطفل من الغيبوبة، ويبدأ في التغذي عن طريق مص دماء الحيوانات الأليفة، ويدفن الأب جثث الحيوانات في حديقة الفيلا، ويميل سلوك تدريجياً للعنف.

اختار "رامي ياسين" استبعاد خلفية الأحداث التي أدت إلي غيبوبة الطفل "مالك" وأى أحداث تؤسس للعلاقات بين الشخصيات، وظهرت شخصيات الفيلم جامدة وتتحرك مثل تماثيل شمعية، ولا تحمل ملامح العواطف البشرية، وهذا ليس مقصوراً على شخصية مصاص الدماء، بل حالة عامة في الأداء، ولهذا يبدأ الفيلم وينتهي دون أن ينشأ بين الشخصيات والمتفرج أى علاقة عاطفية، ويغرق الفيلم في مشاهد مُكررة عن عائلة مهمومة بالبحث عن دم لاطعام طفلها مصاص الدماء، ومحاولة اقناعه بشرب الدماء بالمعلقة من الطبق بدلاً من عض الحيوانات أو البشر.

ليس أول فيلم عربي عن مصاصي الدماء

يسقط صناع الدراما غالباً في فخ الإنبهار بتقديم عمل جديد من نوع غير مألوف في السينما العربية، ولكن هذه الفرحة والسعادة تكون بلا خطة غالباً، ولهذا نُشاهد على الشاشة عجباً في نهاية الأمر، وهذا ما رأيناه حينما بدأت السينما العربية والمصرية بالأخص تقديم نوعيات مختلفة مثل أفلام الأكشن ومطاردات السيارات، ثم حينما قدمت الدراما التليفزيونية دراما خيال علمي يتضمن روبوتات تشبه البشر كما في مسلسل "النهاية"، وهذا الانبهار والهوس بتقديم عمل مُختلف عن السائد لا يوازيه مجهود فني لتقديم دراما مُختلفة وجذابة، وما يُقدمه فيلم "خط دم" من دراما تدور في أجواء مصاصي الدماء قدمته السينما المصرية سابقاً في فيلم أخرجه "محمد شبل" في الثمانينيات بعنوان "أنياب"، وشارك في بطولته "أحمد عدوية" في دور دراكولا، وهو فيلم رعب غنائي يحمل ملامح فنية تجريبية، وإذا استثنينا تجربة "أنياب" وصدقنا دعاية "خط دم" الذي يدعى أنه عمل غير مسبوق في السينما العربية، سنجد أنه عمل درامي غير طموح بالمرة؛ فهو لا يقدم حبكة مُختلفة عما تم تقديمه من قبل في العديد من أفلام نفس النوع، ولم يُحاول تقديم زاوية جديدة أو أصيلة عن عالم مصاصي الدماء، وتركنا مع قصة فقيرة درامياً تدور في لوكيشن محدود، وهى بالكاد تصلح كخيط درامي ثانوي داخل فيلم رعب متوسط، أو فلاش باك يمهد لحكاية أكبر وأكثر إثارة مما شاهدناه.

خط دم

فيلم مصري..تقريباً!

في مشهده الوحيد كممثل في الفيلم، يقوم "رامي ياسين" بدور طبيب مصري، لكنه يتكلم بلكنة شامية ثقيلة، ولكن يمكن التجاوز عن ذلك، فربما كان الطبيب من أصول شامية مثلاً، ولكن حالة الفيلم غريبة إلى حد ما؛ فالفيلم مصري بحكم الشخصيات ومكان الأحداث وحتى لوحات السيارات، ولكن مشاهد الفيلم وديكوراته مُحايدة، حتى أن الفيلم يمكن أن يكون من أى جنسية لو غيرنا فقط لغة الحوار وأسماء الشخصيات، وهذا يُذكرني بأفلام من نوعية "زنزانة" و"المُختارون" وهى أعمال منزوعة الملامح المحلية، حيث لا تنقل الكاميرا ملامح لهوية المكان والشخصيات بتفاصيل خاصة، ورغم الحوار الناطق باللهجة المصرية نشعر بحالة مشاهدة عمل مُدبلج، حيث اللهجة لا تعبر عن الصورة تماماً.

الصورة تقدم تفاصيل أركان الفيلا الفاخرة بكادرات أنيقة، أغلبها يركز على إكسسورات وتحف المكان، وهى غالباً زوجين من التماثيل في إشارة للتوءم أهم شخصين في حياة العائلة، ولا يوجد ملامح رؤية اخراجية خاصة للصورة، ربما هناك لقطة من أعلى لجلوس العائلة لتناول الطعام على مائدة تجمع بين الطعام البشري وأطباق الدماء والحيوانات الأليفة الحية، وهى الأكثر تعبيراً عن مأساة التعايش بين أفراد العائلة.

أغلب اللقطات عادية وتتعمد الكادر التماثلي الذي نرى فيه العناصر مُتماثلة في شقيه الأيمن والأيسر، وهى تُذكرنا بمشاهد التوءم من فيلم The Shining "البريق"، الذي أخرجه "ستانلي كوبريك" عام 1980 عن رواية "ستيفن كينج"، ولا نستطيع تجاهل التشابه بين قصة فيلم "خط دم" وقصة "مقبرة الحيوانات" التي كتبها "ستيفن كينح" وإقتبستها السينما مرتين، وتدور حول زوجين شابين لديهما ابن وابنة، وتموت الفتاة، وتعود للحياة بعد دفنها في مقبرة حيوانات غامضة، ولكنها تُصبح أكثر عنفاً وخطورة.    

لا يحمل "خط دم" تفاصيل مثيرة أو فكرة محورية خاصة، ولهذا كان التركيز فى نهاية الفيلم على شخصية الأم لمنح العمل قيمة إنسانية وعاطفية، وحاولت "نيللي كريم" منح مشاهدها مع إبنيها قيمة عاطفية تكسر جمود حالة الفيلم، وهو جمود ساهم فيه التوجيه السىء للممثلين بشكل عام، وبدا كأنهم يرددون الحوار كما حفظوه بأداء مُصطنع خالي من المشاعر. 
خط دم