الدكتورة السعودية أشواق البخاري لـ"هي": الإنسان يعيش حياة واحدة فليستمتع بها..

يحتلّ سرطان المبيض المرتبة السادسة من حيث أكثر أنواع السرطانات شيوعاً بين النساء، وهو أكثرها تسبباً لارتفاع معدلات الوفيات. وفي هذا الإطار، قررت الدكتورة السعودية أشواق البخاري الحائزة على زمالة لوريال- اليونيسكو أن يتناول بحثها في دراسة الدكتواره هذا المجال، باعتباره إحدى الأولويات على الصعيد المحلي و اللإقليمي. "هي" التقت الدكتورة البخاري التي كشفت لنا عن تفاصيل مشروعها الذي يهدف إلى خلق نموذج ثلاثي الأبعاد يسهم في تحسين وتطوير الأبحاث لاكتشاف أبرز علامات مرض سرطان المبيض الخبيث.

أخبرينا عن تخصصك وعن الأبحاث التي تجرينها في إطار شهادة الدكتوراه الخاصة بك.

أنا أستاذ مساعد في جامعة الملك عبدالعزيز - كلية العلوم. أُجري أبحاثا خاصة بسرطان الثدي وعوامل الاستجابة ومقاومة العلاجات الخاصة بنوع معيّن من سرطان الثدي ضمن شهادة الدكتوراه التي استحصلتها من جامعة أكسفورد البريطانية. في المرحلة الأخيرة من دراستي، بدأ يزيد اهتمامي بأنواع السرطان التي تصيب المرأة تحديدا، وأبرزها سرطان المبيض. ومشروعي يتمحور حول هذا النوع من السرطان واكتشاف علاماته المخفية.

لسرطان الثدي إشارات محددة، أما سرطان المبيض، فلا تزال علاماته خفية. برأيك ما أبرز العلامات الحيوية التي تشير إلى سرطان المبيض؟

مع الأسف حتى يومنا هذا لا توجد علامات وإشارات واضحة لسرطان المبيض. عادة ما يُكتشف هذا النوع من السرطان

بالصدفة، وعندما تتوجّه المريضة إلى العيادة لتشخيص المرض يكون قد أصبح في مراحله المتقدمة. نسعى إلى تشخيص المرض قبل أن يصبح متقدّما، ويتحوّل إلى كتلة. فكلما شخّصنا المرض مبكرا، أصبح هناك أمل أكبر بشفاء المريض. أثبتت الدراسات أنّ هذا النوع من السرطانات يتكوّن في قناة فالوب، ثم تنتقل إلى المبيض، لكن تفاصيل انتقال المرض من قناة فالوب إلى المبيض مجهولة. لدراسة بعض الخلايا السرطانية، نعتمد عادة على نماذج معيّنة أو على الحيوانات، إلاّ أنني بعد أبحاث مطوّلة، عملت على اقتراح نظام قوي يولِّد أنسجة لقناة فالوب (FT) مشتقة من الإنسان لتكون نموذجا لدراسة التسرطن المبكر، وهو ما يساعد في الحيلولة دون إجراء عملية استئصال المبيض وقناة فالوب في سن مبكرة. ويساعد هذا النموذج على فهم الآلية الجزيئية الكامنة وراء تطور سرطان المبيض في الكشف المبكر مع تأثير قوي فيما يتعلق بزيادة فرص الشفاء، وتجنّب تقدّم المرض أو اضطرار المرأة إلى التخلّص من المبيض، ما يؤثر بشكل سلبي في صحة المرأة النفسية والجسدية.

آمل أن نصل إلى هذه المرحلة مع تطوّر العلم والتكنولوجيا، ونأمل أن نصل إلى مرحلة علاج جميع أنواع السرطانات.

متى يمكن أن يصبح هذا النموذج الثلاثي الأبعاد واقعا؟

لا يمكن توقّع الفترة الزمنية التي سنحتاج إليها لابتكار هذا النموذج. ربما نتمكن من ابتكاره بسرعة، وربما العكس. نحن نسعى جاهدين إلى جمع المعلومات الكافية لابتكاره.

كيف تستطيعين فصل مشاعرك تجاه هذا المرض الأليم خلال العمل والأبحاث؟

إحدى زميلاتي شُخِّصت مؤخرا بمرض سرطان الثدي. حزنت كثيرا، وكان من الصعب عليّ تعليم التلامذة في جامعة عبدالعزيز حول هذا المرض. لكوني عالمة في المختبر، لا أتواصل أو أواجه المريض شخصيا، بل أعمل على عيّنات من المريض، ما يساعدني على التركيز على عملي وفصل الجزء العاطفي. شخصيا لا أستطيع التعامل مع شخص يعاني جسديا.

كثيرا ما نسمع عن نظريات تؤكّد أنّ هناك علاجات لمرض السرطان، لكن شركات الأدوية وكبار الأطباء يرفضون الكشف عن هذه العلاجات لمصالح شخصية ومادية، ولا سيما أنّ كثيرين اعتمدوا الطب البديل وكانت النتائج فعالة. ما رأيك بهذه النظرية؟

طبعا لا أؤمن بهذه النظرية، لكوني أعي المجهود الكبير الذي يبذله العلماء للوصول إلى نتيجة ملموسة وفعالة. فالعلم يعتمد على وقائع مثبتة ومؤكدة في المختبرات نرتكز عليها لتطوير العلاجات، وهذه الدراسات والعلاجات تأخذ الكثير من الوقت. لا شكّ في أنّ الطب البديل موجود، ولديه فاعلية في تخفيف الأعراض الجانبية لبعض العلاجات، لكن الشيء الأكيد أن نتائجه غير مضمونة. كل سرطان مختلف عن الآخر وكل مريض كذلك، ولذلك فالهدف إيجاد حلول لمختلف أنواع الأمراض.

أخبرينا عن تجربتك مع زمالة لوريال-اليونيسكو "من أجل المرأة في العلم" للشرق الأوسط.

سمعت بزمالة لوريال اليونيسكو منذ سنوات عدة من صديقتي التي شاركت في الزمالة. العام الفائت، وصلتني رسالة إلكترونية من لوريال حول الزمالة، فقررت المشاركة بهدف دعم الأبحاث التي أجريها لابتكار النموذج الثلاثي الأبعاد. والحمد لله، كان التوفيق من الله، وآمل أن نحقق مع الوقت الأهداف التي نطمح إليها. أنا شغوفة بعملي، وأحلم بتحقيق هدفي الأسمى، ألا وهو معالجة مرض سرطان المبيض لمساعدة المرضى.

بحسب خبرتك، إلى أي مدى النظام الغذائي والتلوّث هما عاملان مؤثران في مرض سرطان المبيض بشكل خاص؟

لا شكّ في أنّ الهواء الذي نتنفّسه والطعام الذي نتناوله لهما تأثير مباشر في مرض السرطان بوجه عام، وليس فقط سرطان المبيض والأمراض الأخرى، إضافة إلى عوامل أخرى أيضا.

الإنسان يتلقى الكثير من المعلومات حول مرض السرطان ومسبباته، وأصبح بحالة ضياع في كيفية تجنب هذا المرض والابتعاد عنه. ما نصيحتك؟

أنصح الجميع بعيش حياة طبيعية ومتابعة نظام غذائي صحي متناغم. الإنسان يعيش حياة واحدة، فليستمتع بها. يمكن تناول الوجبات السريعة من حين إلى آخر، لكن بالطبع ليس بشكل يومي ومكثّف، كما أن الرياضة مهمة جداً للحفاظ على نمط حياة صحي.