المهندسة المعمارية السعودية نورا غبرة لـ هي : المرأة السعودية تعيش عصرها الذهبي في كافة المجالات العلمية والعملية
في كل مره تتميز المرأة السعودية بإنجازاتها العلمية التي تجعل من طموحها وأحلامها واقع حقيقي يرسم بوجوده تحدي وطموح لكل الفتيات السعوديات اللاتي يحلمن بالنجاح ، نورا غبرة المهندسة المعمارية السعودية التي نشرت صورتها كأول معمارية سعودية تظهر على غلاف أشهر المجلات الأمريكية المتخصصة في مجال العمارة حدثتنا على موقع هي عن طموحها وأعمالها في هذا اللقاء الخاص .
عرفينا اكثر عنك نورا
نورا عبدالرحمن غبرة، معمارية من جدة واقيم حاليا في مدينة نوتنجهام بالمملكة المتحدة بحكم دراساتي العليا مع ابنتي دانة، ٨ سنوات ، تخرجت عام 2006 من جامعة الملك فيصل بالدمام - جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل حاليا تخصص العمارة الداخلية ، عملت كمصممة داخلية في شركة زهير فايز ومشاركوه للاستشارات الهندسية لمدة عامين ثم تم تعييني في عام 2008 كمعيدة في قسم التصميم الداخلي بجامعة الملك عبد العزيز بجدة.
في عام 2012 حصلت على ماجستير العمارة بتخصص التصميم البيئي من جامعة نوتنجهام ببريطانيا، وفيها أكملت دراستي لدرجة الدكتوراه في تخصص ترشيد الطاقة والعمارة الخضراء لناطحات السحاب في منطقة الخليج العربي، حيث متوقع تخرجي في 2018 باذن الله.
نورا غبرة أنتِ أول معمارية سعودية تظهر على غلاف أشهر المجلات الأمريكية المتخصصة في مجال العمارة حدثينا عن هذه التجربة ؟
يصنف مجلس المباني العالية والمساكن الحضرية Council on Tall Buildings and Urban Habitat ، منذ تأسيسه في عام ١٩٦٩ في مبنى مونرو التاريخي بشيكاغو بالولايات المتحدة الامريكية، من المصادر الرئيسة الأولى في العالم للمهنيين والمتخصصين والتي تركز على انشاء وتصميم وبناء وتشغيل المباني العالية وناطحات السحاب والمدن المستقبلية ، ويقدم المجلس العديد من البرامج البحثية والعلمية التي تسهل تبادل أحدث المعارف المتاحة في المباني العالية في جميع أنحاء العالم من خلال المنشورات والبحوث والمؤتمرات ومجموعات العمل والموارد على شبكة الانترنت. كما تتولى ادارة البحوث في المجلس قيادة التحقيق في الجيل القادم من المباني العالية من خلال نشر وتقديم البحوث الاصلية في مواضيع الاستدامة وقضايا التنمية الرئيسية ، وتصدر للمجلس مجلة CTBUH العلمية وهي نشرة دورية رسمية تنشر وتعمم على أعضاء المجلس حول العالم وتهدف الى توثيق ونشر العمل الرائد في العديد من الميادين المتصلة بالمباني العالية والتنمية الحضرية. في هذا العدد من المجلة، والذي وضعت صورتي على غلافه، كان الهدف من العدد هو تسليط الضوء على دور المرأة في مجال المباني العالية وناطحات السحاب، نظرا لأنه في الاونة الاخيرة اصبح هناك اعتراف متزايد ومتأخر نوعا ما في الوسط المعماري بأن المرأة ممثلة تمثيلا ناقصا في مجال المباني العالية، ليس فقط من حيث المناصب القيادية، بل أيضا من حيث الحصول على التقدير الحقيقي للعمل الذي قامت بها في هذا المجال ، وكان هذا العدد من المجلة بمثابة توثيق وإبراز الأعمال والأبحاث والمبادرات المقدمة من السيدات و المعماريات حول العالم في ما يتعلق بالمباني العالية. وعن طريق مشاركاتي السابقة منذ عام ٢٠١٢ في المسابقات المعمارية والمؤتمرات والأبحاث المقدمة من مجلس المباني العالية والمساكن الحضرية، تم التواصل معي لتقديم ورقة علمية مستنبطة من بحثي في الدكتوراه الذي يدور حول مفاهيم الاستدامة وترشيد الطاقة لناطحات السحاب في منطقة الخليج العربي، حيث قبلت الورقة العلمية وعنوانها "تحسين الأداء وترشيد الطاقة في المباني السكنية العالية في منطقة الخليج العربي"، والتي تناقش كيفية ترشيد استهلاك الطاقة عن طريق تطوير انظمة واشتراطات البناء بما يتلائم مع تحديات ومتطلبات البيئة المحلية والمواصفات الطبيعية وتحديدا المتعلقة بمواصفات المباني العالية في منطقة الخليج العربي والمملكة العربية السعودية بوجه خاص. وكنوع من التكريم والتوثيق وضعت المجلة صورتي على غلاف العدد لكوني من السيدات القلائل المتخصصات في المجال البحثي لعمارة المباني العالية خصوصا في منطقة الشرق الأوسط، والذي كان بمثابة مفاجآة لطيفة لي في الحقيقة.
دونت ِفي حسابك على تويتر بأنك تخصص عمارة وبيئة واستدامة حدثينا أكثر عن مجالك ؟
هذه الكلمات الثلاثة: عمارة، بيئة، و استدامة، تلخص مشواري المهني والأكاديمي خلال الستة عشرة السنة الماضية بداية بدراستي ومزاولة لمهنة العمارة الداخلية خلال وبعد مرحلة البكالوريوس ومرورا بتخصصي في مجال العمارة البيئية في الماجستير والدكتوراه، أما الاستدامة فهي المنهج الشامل الذي اتبعه وانوي تطويره في المملكة العربية السعودية من خلال أبحاثي وتصاميمي ، وبنظرة شمولية أكبر يجب تغيير ترتيب هذه الكلمات الثلاث حيث تكون الاستدامة هي الأساس الذي يتضمن الاقتصاد والمجتمع والبيئة والتي بدورها تكون المحرك والمحدد الرئيسي للعمارة والذي يهدف لتحقيق مساحات خارجية وداخلية خلاقة متكاملة مع البيئة المحيطة ومريحة للمستخدمين في الوقت الحالي والمستقبل على حد سواء.
كيف تقيمين وجود المرأة السعودية كمهندسة و معمارية خلال السنوات الماضية ؟ وكيف ستكون في السنوات القادمة ؟
من وجهة نظري الخاصة المرأة السعودية تعيش عصرها الذهبي في كافة المجالات العلمية والعملية ومن ضمنها المجال المعماري، ولو قارنا السنوات الماضية سنجد ان التحدي الاكبر كان في تواجد الجامعات والكليات التي توفر تخصصات العمارة والتصميم للفتيات حيث كانت جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل - جامعة الملك فيصل سابقا- من الجامعات الرائدة في هذا التخصص، وتبعتها عدة جامعات خاصة في الرياض وجدة كجامعة عفت ودار الحكمة، بالإضافة إلى برامج الابتعاث الداخلي والخارجي والتي اتاحت الفرصة لاعداد اكبر من الفتيات للالتحاق وحمل الشهادات الجامعية والعليا في هذا التخصص المبدع الذي يفتح فرص عمل مختلفة ومتنوعة للمرأة السعودية سواء من منزلها أو في العمل الخاص من شركات ومؤسسات او العمل الحكومي في الجهات المختصة والاكاديمية ، والان وبعد عودتي لارض الوطن بعد غربة اكثر من ستة سنوات أستطيع القول وبكل ثقة أن المرأة السعودية لها دور واضح وبارز في مجال التصميم والعمارة وتواجدها له بصمة مميزة يدعمه وبقوة رؤية ٢٠٣٠ المستقبلية للمملكة العربية السعودية، كما يقبله ويشجعه سوق العمل والمجتمع.
لما اخترتي هذا التخصص بالذات ؟ وما هي مشاريعك الخاصة ؟
ردي لهذا السؤال عادة يكون بأن هذا التخصص اختارني أكثر من كوني اخترته! منذ بدايات دراساتي الجامعية والعملية والعليا لاحقا ومعاناتي مع صعوبة المواد وكون التخصص متطلب ومجهد جدا سواء من الناحية العلمية او المادية او الجسدية والنفسية حتى الا ان طعم الإنجاز فيه يسبب الادمان الى حد كبير ، وكل ما ازددت علما وخبرة فيه ايقنت بشكل أكبر أنه مازال لدي الكثير لاتعلمه وأعلمه واحققه ، ومشاريعي الخاصة اغلبها سكني ومعظم مشاريعي الاخرى كنت فيها ضمن فريق عمل متكامل في شركة هندسية ، ومن ناحية اخرى فان انغماسي في المجال الأكاديمي في السنوات الأخيرة فتح المجال للأبحاث العلمية لتتضمن المشاريع والتصاميم المعمارية بالإضافة لقيمة البحث العلمي المتخصص.
انتي زوجة وأم كيف استطعتي التوفيق بين حياتك العائلية والعملية
التوفيق بين الحياة العائلية والعلمية والعملية تحدي مستمر ومتغير تبعا لظروف الحياة وطبيعة الدراسة والعمل، وقد كان لأسرتي بعد فضل الله الفضل الأكبر في مساعدتي لتجاوز هذه الصعوبات، كما أن خبرة الحياة تزودك بالمهارات اللازمة للتعامل مع هذه التحديات بالذات مهارة تنظيم الوقت والجهد وتوزيع المهام والادوار بشكل عادل وكيفية التعامل مع جميع الاطراف سواء في البيت او العمل بشكل يضمن التعاون والتفاهم. ومن الامور المهمة التي حرصت عليها انه مهما بلغ انشغالي وزادت المهام علي فيجب أن أخصص يوما في الاسبوع للقيام بنشاط عائلي ترفيهي اقضي فيه وقتا مع ابنتي واجدد فيه طاقتي للعمل.
كيف ترين ايجابيات وسلبيات تجربتك في الابتعاث والغربة ؟
حياة الابتعاث والغربة مدرسة متكاملة قد تعلمك اكثر من الدراسات الجامعية والعليا احيانا! ايجابياتها منافع وسلبياتها دروس، استفدت منها طرق العلم والبحث والتقصي المبني على أسس علمية صحيحة، التقيت فيها برواد العلم والصناعة في مجالي في التصميم والعمارة، وفتحت لي ابوابا عديدة للنمو ونشر اعمالي ومشاركاتي ، كما أتاح لي الابتعاث فرصة الاطلاع على الثقافات والحضارات المتنوعة من مختلف أنحاء العالم مما يوسع المدارك ويكسب المهارات في التقبل والتعامل مع الأشخاص والجهات باختلافها ، ومن جهة اخرى فإن الغربة علمتني الاعتماد على النفس ومواجهة صعوبات الحياة وتحدياتها بصبر وكيفية الوصول لحلول سريعة وفعالة في معظم جوانب الحياة.
واخيرا الشكر لله اولا ثم كل الشكر والتقدير للدولة وجامعة الملك عبد العزيز التي أتاحت لي هذه الفرصة للابتعاث.
ما هي مشاريع نورا المستقبلية وكيف ترين نفسك بعد خمس سنوات من الآن ؟
تعتبر عودتي لأرض الوطن بشهادة الدكتوراه كأستاذ مساعد في جامعة الملك عبدالعزيز هي الخطوة المباشرة القادمة في حياتي العملية، والتي سأحرص فيها على تطبيق ما تعلمته فيما يتعلق بالاستدامة والعمارة البيئية من خلال منهج التعليم الجامعي ، بالاضافة الى العمل على تطوير البحث العلمي في الجامعة بطريقة تدمج بين المجال الأكاديمي وخبرة سوق العمل ، أما طموحي في السنوات القادمة فهو الحرص على تقديم العمارة السعودية سواء في المباني العالية او في جميع انواع العمران بشكل يضمن مفاهيم الاستدامة وتوفير الطاقة والتي تراعي البيئة الطبيعية والمتطلبات الاجتماعية والتحديات الاقتصادية بشكل شامل ، وذلك عن طريق غرس هذه المفاهيم في مناهج التعليم الجامعي من جهة وتطبيقها في المشاريع الرائدة من جهة أخرى.
كيف تقضين أوقات الاسترخاء والراحة؟
الوقت كنز ثمين ومن المقومات الرئيسية للنجاح في جوانب الحياة كلها، وفي خضم صخب ومتطلبات الحياة العائلية والعلمية والعملية يعتبر تملك الوقت للذات للراحة والاسترخاء من الاحتياجات الضرورية الشخصية وليست رفاهية زائدة ، وبالنسبة لي فإني أفضل وقتي الخاص اقضيه في الرياضة والمشي للحفاظ على الصحة والرشاقة، بالاضافة الى تغذية العقل بالقراءة والكتابة والتأمل ، ايضا من الدروس التي تعلمتها في الغربة ان السفر والاكتشاف لا تعتبر رفاهية بل هي وسيلة اعمق واشمل للتعلم والاطلاع وتوسيع المدارك بالاضافة الى تجديد طاقة الإنسان والذي يعتبر ضرورة لزيادة الانتاج والابداع في العمل.