محاور المشاهير عدنان الكاتب يحاور مصممة المجوهرات الإماراتية سلامة خلفان

حوار: عدنان الكاتب Adnan AlKateb

لقاء شغف الإبداع بأصالة البراعة سلامة خلفان: شعرت بأنني ومعوض عائلة واحدة حتى قبل أن نلتقي 

1

في تعاون إبداعي فريد، اجتمعت رؤية مصممة المجوهرات الفاخرة الإماراتية سلامة خلفان التي تسعى إلى إهداء المرأة العصرية الأنيقة تحفا فنية قابلة للارتداء، ببراعة حرفيي مشاغل دار المجوهرات العريقة "معوض" وبإرثها المتلألئ ببعض أندر وأروع أحجار الأرض. وقد أثمر الحوار الفني بين خلفان و"معوض" عن قطعة مجوهرات فريدة تكلل الرأس بشلالات من الماس تتدفق من أشكال سعف النخيل المرصعة بنقاء الماس وأخضر الزمرد. القطعة الاستثنائية المستوحاة من شجر النخيل ورمزيته المتجذرة في الثقافة الخليجية، حملت اسم "سعف" وعرضت للمرة الأولى خلال فعالية "فن أبوظبي" 2021 ، حيث التقينا بالمصممة الموهوبة سلامة خلفان، لنعرف المزيد عن تجربة تعاونها مع دار "معوض"، وعن مراحل تصميم تحفة "سعف" التي تخطف الأنفاس بجماليتها ومرونتها وبريقها.

حكاية تاريخية عن الحرف والأحجار: تحت رعاية الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، تألقت مواهب إبداعية عدّة من منصة "فن أبوظبي" السنوية. دار "معوض" التي كانت راعيا ثقافيا للمعرض خصصت ركنا شارك زواره قصة الإلهام والفن والحرفية خلف كل قطعة من مجوهراتها، وسلط الضوء على روائع الدار الاستثنائية إلى جانب مجوهرات أثرية وأعمال فنية. وبحسب "فراد" و"ألان" و"باسكال معوض"، المؤتمنين من الجيل الرابع في دار "معوض"، فإن الهدف من هذه التجربة هو إطلاع الزوار على كل مرحلة من مراحل صياغة مجوهرات الدار، "بدءا من مخططات التصميم الأولي، إلى إنشاء نموذج أولي ثلاثي الأبعاد، ومنه إلى صياغة الذهب، ثم إلى إعداد القطعة النهائية وتلميعها". هنا، في هذه المساحة المتلألئة بوميض أحجار دار "معوض" المذهلة، تعرفنا إلى المصممة سلامة خلفان الشغوفة بالتصميم والفن منذ طفولتها، والتي أطلقت عام 2014 مجموعة مجوهراتها الأولى بعد أن أغرمت بالمعادن والأحجار الثمينة. تسعى سلامة من خلال تحفها المرصعة التي تزيّنت بها نجمات عالميات مثل "إيما ستون" و"ميريل ستريب" إلى صون حرف المجوهرات العربية التاريخية، دون المساومة على حداثة تصاميمها وخصائصها العملية الملائمة لنمط عيش امرأة العصر.

2

تعاون طبيعي، حقيقي: سألنا سلامة في البداية كيف تعرفت إلى فريق دار "معوض"؟ وكيف كان اللقاء الأول بين الطرفين؟ فقالت إن التعارف حصل من خلال أصدقاء مشتركين مقيمين في فرنسا ومقربين جدا منها ومن زوجها، وإن الاجتماع الأول عبر مكالمة فيديو لم يشبه أي لقاء أول، إذ شعرت بأنها تعرفهم وأنهم يعرفونها منذ وقت بعيد: "بصراحة، شعرت بأننا عائلة واحدة حتى قبل أن نلتقي". أما عن مشروع التعاون، فأخبرتنا المصممة الإماراتية أنه كان خطوة طبيعية وبديهية بعد أن تطورت تدريجيا معرفتها بدار "معوض". وما دفعها إلى التعاون مع "معوض" هو تاريخها العريق مع أروع الأحجار وأندرها، وخبرتها في إيجاد مصادر الأحجار الكريمة الاستثنائية التي لا تكون في متناول أي صائغ. "كوني مصممة مجوهرات، أجيد تحديد الدور المميزة في عالم المجوهرات. بين إرثها الغني وكفاءة الجيل الحالي القيم عليها، إن سمعة دار "معوض" بالفعل تسبقها". بدوره، وصف "باسكال معوض" هذا المشروع الذي بدأ برسم سلامة خلفان وفكرتها، وتبلور من خلال خبرة مشاغل "معوض" التي عملت يدا بيد مع المصممة، بال"تعاون الحقيقي". وصرح مع شريكيه المؤتمنين في الدار "فراد" و"آلان"، أنهم فخورون بهذه الشراكة التي تنبع من شغف مشترك بالتطور التقني والأحجار الكريمة الرائعة، وأن معنى هذا التعاون الجوهري يكمن في تحيته إلى طبيعة الشرق الأوسط وثقافته.

3

تحية إلى النخلة: سؤالنا التالي كان عن سبب اختيار النخيل مصدر إلهام للقطعة، وقد أجابت المصممة خلفان قائلة: "أنا إماراتية خليجية. ولدت في هذه المنطقة، وترعرعت وعشت فيها. خلال طفولتي، استمعت إلى قصص أهلي التي كان للنخلة دوما مكان فيها، سواء في بناء البيوت أو الحرف والأعمال اليدوية أو الطعام والغذاء. وحين ولدت فكرة التعاون مع دار "معوض"، أحببت أن تكون ثمرة هذه التعاون قطعة تكرم هوية منطقتنا؛ هكذا وجهت إلهامي نحو النخلة". تتزين قطعة "سعف" بأكثر من 3500 حبة من الماس الذي تحبه سلامة للغاية، كما أنها مرصعة بالزمرد الذي يجسّد بلونه "صلة الوصل بين النخلة وقطعة المجوهرات هذه". تطلب تنفيذ القطعة ساعات طويلة من العمل الدقيق والتعاون المثابر بين سلامة والتقنيين والحرفيين في مشاغل "معوض"، وتقول مصممة "سعف": "إن مرحلة التصميم والرسم كانت وجيزة، لكن العمل على سعف النخيل تطلب وقتا طويلا، إذ جرى صب كل ورقة بمفردها". يتميز تصميم طوق الرأس الفخم الذي يزن نحو 300 غرام بمرونته الاستثنائية وقابلية تعديله وتحريكه، فيمكن التحكم بقياسه بحسب حجم الرأس وتسريحة الشعر، كما يمكن فك قطرات الماس المنهمرة على مداره. وتشدد خلفان على أنها تحرص دائما على أن تكون مجوهراتها مريحة حين تتزين بها المرأة: "كان مهما جدا بالنسبة إلي أن تكون القطعة مرنة وسهلة الارتداء. قيمتها تكمن في إحساس المرأة حين تتزين بها، فتشعر بأنها حقا توّجت رأسها".

جهود متضافرة: سلامة التي أبدعت في رسم تصميم "سعف"، تعاونت مع فريق "معوض" في كل مراحل التنفيذ والتصنيع التي جرت في مشاغل الدار، على الرغم من صعوبة تصنيع قطعة مجوهرات في بلد مختلف عن بلد التصميم وعدم إمكانية لمس النتائج مباشرة. تواصلت مع خبراء دار "معوض" عدة مرات، وتابعت كل الخطوات عبر الإنترنت، من خلال مكالمات منتظمة ومراسلات متواصلة كانت تتلقى عبرها ملفات تطبعها في مكتبها باستعمال الطابعة الثلاثية الأبعاد لرؤية القياسات والأحجام، قبل أن ترسل بدورها إلى فريق "معوض" تعديلاتها. وتتذكر سلامة اليوم كيف تعاون معها فريق "معوض" بشكل رائع، وكيف رأت شغفهم الحقيقي: "لدى دار "معوض" فريق مدهش؛ قلوبهم في المكان الصحيح". وفي نهاية لقائنا داخل المساحة التي كرستها "معوض" لإرثها البرّاق في "فن أبوظبي"، عبّر "فراد معوض" عن إعجابه بالطريقة التي تعاملت فيها سلامة خلفان مع عملية الإنتاج بكل مراحلها، من الإبداع إلى الحرفية: "التقت خبرة مشاغلنا برؤية سلامة التي قادت المشروع، وتعاونت مع فريقنا، وتابعت معه كل المراحل عن قرب".