حوار مجلة "هي" مع مدير مؤسسة "نماء" للارتقاء بالمرأة ريم بن كرم

دبي: سينتيا قطار"Cynthia Kattar"

تنسيق الجلسة التصويرية: مايا صباح"Maya Sabbah

في إطار مهامها بصفتها مدير مؤسسة "نماء" للارتقاء بالمرأة، تشرف ريم بن كرم على مهام العمل في المؤسسة، ووضع الاستراتيجيات الكفيلة بتحقيق أهدافها، وأبرزها تمكين المرأة من الوصول إلى الموارد من أجل تحقيق طموحها المهني والاجتماعي. مؤسسة "نماء" التي تعمل تحت مظلتها ثلاث مؤسسات مهمة وحيوية، وهي: مجلس سيدات أعمال الشارقة، ومجلس إرثي للحرف المعاصرة، وأكاديمية بادري للمعرفة وبناء القدرات، تحرص من خلال مؤسساتها على تطوير مبادرات وبرامج محفزة للمرأة بمختلف تخصصاتها ومراكزها. ومعها كان هذا اللقاء.

حوار مجلة "هي" مع مدير مؤسسة "نماء" للارتقاء بالمرأة ريم بن كرم

هل لنا بنبذة عن دراستك وعن مسيرتك المهنية؟

تخرجت في عام 2002 من الجامعة الأمريكية في الشارقة، وتلبية لحماسي الشديد لدخول سوق العمل، التحقت مباشرة بالطيران المدني في دبي، ومن ثم انتقلت للعمل في شركة والدي المتخصصة في مجال المقاولات. فكانت تجربة ثرية ومهمة لمسيرتي لاحقا، لكنها لم تجب بالكامل عن شغفي ورغبتي في العمل التنموي الاجتماعي، ومشاركتي لمسيرة الارتقاء والتمكين لثروتنا البشرية، وهو ما شجعني على المشاركة في برامج "منتدى الشارقة للتطوير" ما يسمى اليوم "مؤسسة الشارقة لتطوير القدرات"، ومن هناك بدأت رحلتي في العمل الاجتماعي واهتمامي بتمكين المرأة، والارتقاء بقدراتها ومواهبها لتكون رائدة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي.

تشغلين منذ عام 2016 منصب مدير مؤسسة "نماء" للارتقاء بالمرأة. أخبرينا أكثر عن هذا المنصب.

مؤسسة "نماء" للارتقاء بالمرأة هي إحدى المؤسسات التي تعمل تحت مظلة ورعاية مكتب قرينة حاكم الشارقة الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة المؤسسة. وكوني مدير للمؤسسة يمنحني الشعور بالفخر والعزة للعمل تحت رعايتها وبتوجيهاتها.

الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، أيقونة في العمل التنموي والإنساني والاجتماعي، لا توفر جهدا أو وقتا من أجل تعزيز قوة المجتمع، وبشكل خاص قوة موارده البشرية. من هنا، فنحن في مؤسسة "نماء” للارتقاء بالمرأة نترجم رؤيتها ومواقفها تجاه كل امرأة في العالم، حيث تؤكد وبشكل متواصل أن المرأة قادرة على تحقيق المزيد دوما إذا ما عملنا على تذليل العقبات المهنية والثقافية والقانونية التي قد تعيق تقدمها.

تسعى "نماء" إلى توفير البيئة والظروف المواتية  لتعزيز تكافؤ الفرص بين الجنسين. على أي محاور تعمل المؤسسة من أجل تحقيق هذا الهدف؟

تؤمن مؤسسة "نماء" للارتقاء بالمرأة بأهمية الاستمرار بالارتقاء بقدرات ومواهب المرأة، مواكبة لمتغيرات السوق ومتطلباته وتطورات البنية الاجتماعية والعلاقات بين فئاتها.

العمل على الارتقاء بالمرأة يستند إلى عدة محاور، المحور الأول هو التعليم والتعلم المستمر، والتمكين المهني والمعرفي، وهو بالمناسبة ضروري لكل شخص بغض النظر عن جنسه.

المحور الثاني هو تعزيز الثقافة الاجتماعية الداعمة للارتقاء بالمرأة، بحيث يصبح المجتمع حاضنة للطاقات والمواهب وبيئة صديقة لكل فرد فيه.

المحور الثالث، تمكين المرأة من الوصول إلى الموارد من أجل تحقيق طموحها المهني والاجتماعي أيضا، أما المحور الرابع فهو التطوير الدائم للسياسات والتشريعات التي تتيح للمرأة العمل في مختلف البيئات، وتمكنها من الوصول إلى المناصب القيادية ومراكز صنع القرار.

لا شك في أنّ الارتقاء بالمرأة محور أساسي لتحقيق التنمية المستدامة في المجتمعات. أين يكمن دور المرأة الإماراتية في هذا الإطار؟

الحقيقة الواضحة تقول إن مفهوم التنمية المستدامة لا يتحقق من دون الشراكة الفاعلة بين الرجل والمرأة من مختلف الفئات الاجتماعية، فهذا مفهوم تكاملي، يشمل في معانيه مكانة المرأة وحقوقها وقدرتها على الوصول إلى الموارد.

على سبيل المثال، لو حقق مجتمع ما معدلات جيدة من النمو في وقت معين من دون شراكة المرأة، فمن المؤكد أن هذا النمو سيتراجع، ولن يطرح ثماره التنموية، ولن يحقق بعده الاجتماعي من دون أن تكون المرأة أحد عناصره ومقوماته ومحركاته.

التنمية المستدامة في جوهرها تعني تنمية القدرات الاجتماعية من خلال الارتقاء بمهارات وقدرات الثروة البشرية من الجنسين، وتعني أيضا أن تتضافر كافة الجهود في العمل من دون تحييد أي جزء منها، وتعني عدم التمييز أو الإقصاء والمساواة في الحقوق والواجبات وتكافؤ الفرص في التعليم والعمل والحصول على الخدمات.

من هنا نستنتج أن مكانة المرأة في مجتمع ما هي سبب لتنميته، وهي نتيجة لهذه التنمية أيضا.

يعرف عنك شغفك بالعمل التطوعي والإنساني. كيف تترجمين هذا الشغف في حياتك؟

الشغف بالعمل التطوعي هو المقابل السلوكي للشغف بالوطن وحب المجتمع والرغبة في خدمته، ومن يحب وطنه لا يبخل عليه بالوقت والجهد من أجل تنفيذ الأعمال التطوعية، وأستغرب جدا ممن يحبون وطنهم، ولكنهم لا يتطوعون لخدمته، لأن المحبة يجب أن تترجم إلى ممارسات وأفعال.

أكثر ما يشعرني بالفخر من بين الأعمال التطوعية هو رئيس اللجنة العليا المنظمة لمسيرة فرسان القافلة الوردية، ومن خلال هذه المسيرة تمكنا فعليا من إنقاذ حياة الكثيرين عبر توعيتهم بأهمية الكشف المبكر، والتعامل مع سرطان الثدي، إضافة إلى عملي مع مراكز الأطفال والناشئة، هناك اكتسبت الكثير من المعارف التي أفادتني في مسيرتي المهنية وبناء ثقافتي، وتعزيز معارفي بحاجات المجتمع.

ما أبرز البرامج التي اعتمدتها "نماء" لتحفيز المرأة في المجالات الاقتصادية والمهنية والاجتماعية؟

تعمل تحت مظلة مؤسسة نماء للارتقاء بالمرأة ثلاث مؤسسات مهمة وحيوية، وهي: مجلس سيدات أعمال الشارقة ومجلس "إرثي" للحرف المعاصرة، وأكاديمية بادري للمعرفة وبناء القدرات. وخلال السنوات الماضية أطلقت المؤسسات الثلاث عددا كبيرا من المبادرات والبرامج التي تستهدف الارتقاء بقدرات وطاقات المرأة بمختلف تخصصاتها ومراكزها. من بين هذه البرامج، برنامج المبادرات الرئيسة لهيئة الأمم المتحدة، ويهدف إلى تحقيق التكافؤ بين رائدات الأعمال في العالم، وبرنامج سفيرات من أجل السلام في بنغلاديش وإندونيسيا، ويهدف إلى تعزيز التضامن بين مؤسسات المجتمع المدني المعنية بدعم الفتيات في البلدين. وأطلق مجلس "إرثي" للحرف المعاصرة برنامج "بدوة للتنمية الاجتماعية"، وبرنامج التبادل الحرفي، وبرنامج حرفتي للأطفال والشباب و"أزيائي لرائدات الأزياء والموضة" .

أما أكاديمية "بادري للمعرفة وبناء القدرات"، وهي الذراع التعليمية لمؤسسة نماء، فقد أطلقت برنامج بادري لريادة الأعمال وأكاديمية بادري الإلكترونية التي توفر محتوى مجانيا لكل المتخصصين والراغبين في تطوير مهاراتهم ومعارفهم المهنية.

برأيك ما أبرز التحديات التي تواجه النساء الشابات؟

التحديات أمر طبيعي في مسيرتنا الحياتية بشكل عام، والمهنية بشكل خاص، فلا توجد مسيرة ممهدة وسلسة بالكامل، ولو وجدت هذه المسيرة لما طورنا قدراتنا من أجل التغلب على التحديات والمشكلات، لذلك لا أرى فائدة من تعداد التحديات، بقدر فائدة الحديث عن الجهوزية لمواجهتها، وأهم عناصر الجهوزية هي التعلم المستمر، ومواكبة المستجدات والثقة بالنفس والعمل وفق مبدأ الشراكة والتعاون والتكامل، وفي هذه الحالة لا تستطيع التحديات أن تعيق مسيرتنا، بل ستصبح سببا لتفوقنا وتعزيز مهاراتنا الحياتية.

كيف استطعت تخطي المطبات التي رافقت تداعيات "كوفيد- 19 "؟

تجربة "كوفيد- 19 "، وبشكل خاص أوقات الحجر المنزلي علمتني أن أقدر الحياة أكثر، وأن أقدر ما نملك وأن أدرك أهمية الحياة الاجتماعية والمهنية، وما حققناه من نجاحات فيها ساعدتنا على تخطي مرحلة الحجر.

لقد تعلمنا في دولة الإمارات كيف نحول التحديات إلى فرص، وأثناء مرحلة الحجر وبعدها أعدنا مراجعة سياساتنا وآليات عملنا لتكون أكثر جهوزية ومرونة، وتمكننا من الاستمرار في خدمة الوطن والمجتمع في كافة الظروف وأصعبها.