من سعاد حسني إلى شريهان.. حسن شعبان يكشف لـ"هي" أسرار المكياج السينمائي للنجوم وكيف تطوّر
في عالم صناعة السينما الكثير من الصنّاع، لهم دور مهم ومؤثر لخروج العمل بأفضل شكل ممكن، من بين هؤلاء يأتي "الماكيير السينمائي" ببصمتة الخاصة في تحضير وصناعة الشخصية، فهو يرسم ملامحها بالمكياج بطريقة تتناسب مع الأبعاد النفسية والتطورات الزمنية للدور.
ولأن هذا العالم مليء بالأسرار أجرت "هي" حوارًا مع الماكيير السينمائي حسن شعبان الذي كشف العديد من التفاصيل الخاصة بهذا المجال، بعد مشوار يقترب من الخمسين عاما.
أسرار جمال النجمات خلف كواليس الأفلام
بدأنا حديثنا معه بالحديث عن كواليس عمله مع كبار نجوم ونجمات السينما المصرية على مدار هذه السنوات، فلتكن البداية مع النجمة الراحلة سعاد حسني كيف وجدت التعاون مع السندريلا في عدد كبير من أفلامها؟ كان هذا سؤالنا الأول له، فأجاب بأن سعاد حسني فنانة تعرف جيدًا كيف تتعامل مع جمالها وتعشق كل ما هو جميل، ولا تتردد في الاستماع لأي اقتراح جمالي يخدم الدور.
سعاد حسني تعشق الرموش الطويلة
يكمل حسن شعبان: "عندما كنّا نتعاون في فيلم شفيقة ومتولي، لم تتردد لحظة في التخلي عن رموشها الطويلة التي تعشقها لأنها لن تكون مناسبة دراميًا لدراما الصعيد".
عن رموش السندريلا، يقول حسن شعبان: "الرموش هي أهم ما يميز سعاد حسني، وكانت حريصة عليها تمامًا، لدرجة أنني لو تساقط مني رمش أثناء وجودي معها كان علي أن أحتفظ به في عبوة و ألصقه، ضمن الرموش المستعارة التي نضيفها لها".
ما هي التقنيات التجميلية المفضلة لدى سعاد حسني؟ سألناه، فأجاب: "سعاد حسني كانت تحب النمش، رغم أن وجهها لم يكن يحتوي على أي نمش، فكانت تطلب مني أن أرسمه لها بالألوان".
بعكس ميرفت أمين التي كان لديها العديد من علامات النمش، لكنها كانت تطلب مني أن أغطيها بالكريمات الشبيهة بدرجة لون بشرتها لأنها لا تفضل ظهور النمش على جلدها.
كواليس العمل مع شيريهان في "خلي بالك من عقلك"
طلبنا منه أن يحكي لنا أيضًا عن كواليس عمله مع الفنانة شيريهان، فقال إن أشهر الأعمال التي عملا بها سويًا هو فيلم "خلي بالك من عقلك"، الذي شاركت في بطولته مع عادل إمام. وأوضح أنها في هذا الفيلم لم يكن كافيًا أن تظهر بدون ماكياج، لأنها مفترض أن تكون مريضة نفسيًا وهزيلة جسديًا، فكان يجب أن أقوم بسحب "الدورة الدموية" من جسمها بالكامل باستخدام الألوان، خصوصًا الزرقاء التي تعطي إحساسًا بالجمود والتعب، فأكثرت من هذه الدرجات، ورسمت الهالات السوداء، وأعطيت إحساسًا عامًا بالشحوب.
وشيريهان من النجمات المحترفات التي تقدر جيدًا دور الماكيير السينمائي، وتترك نفسها للمساته التي تحولها من شيريهان النجمة المحبوبة إلى الشخصية الفنية التي تجسدها ضمن الأحداث، دون أي اعتراضات من نوعية "أظهرني أكثر جمالًا" أو "لا أريد أن أبدو متعبة"، فهذه العبارات لا تخرج أبدًا من ممثلة محترفة. بالعكس، كلما بدا وجهها أكثر شحوبًا أثناء وضعها الماكياج كانت تبدو أكثر سعادة.
تفضيلات نيللي ولبلبة اللونية في المكياج
كشف حسن شعبان أيضًا في حديثه لـ "هي"، عن سر ميل الفنانة نيللي للون البرتقالي في حياتها العادية وأمام الكاميرات: "نيللي درجة بشرتها فاتحة للغاية، وهو ما يجعل اللون البرتقالي هو الأنسب لها، لأنه يكسر حدة البياض الثلجي، لذا نراها دائمًا لا تتخلى أبدًا في حياتها العادية عن لون الروج البرتقالي وأحمر الخدود الخوخي، فهي تعرف جيدًا أنه من الألوان التي تليق بها أكثر من غيرها".
كذلك لبلبة تفضل الألوان التي تميل إلى البرتقالي لأنها لديها نفس لون البشرة.
عن أسرار لبلبة أيضًا، قال: "من خلال عملي معها لاحظت أنها تحب استخدام الشعر الصناعي أو "البواريك" أثناء التصوير، لأنها من جهة لا تحب أن تُجهد شعرها بالحرارة لتحافظ عليه، ومن جهة أخرى، البواريك تعطيها تنوعًا في شكل الشخصيات التي تقدمها".
تفاصيل تجربة العمل مع محمود ياسين في فيلم "الجزيرة"
تعاونتَ أيضًا مع النجوم الرجال. كيف وجدت تعاونك مع الفنان محمود ياسين في فيلم "الجزيرة"؟
عن هذا السؤال، أجاب حسن شعبان بأنه أحضر لمحمود ياسين 90 شاربًا مستعارًا ليختار منها المناسب له لرسم شخصية "علي الحفني"، وعندما اختار المخرج شريف عرفة أحدها، اقترحتُ عليه أن يختار الشارب الذي يحتوي على بعض الشعيرات الصفراء لأن علي الحفني يعيش في الصعيد، وهو ما يعرضه لاصفرار شعرات الشارب، فاقتنَع بوجهة نظري. وهنا يأتي دور الماكيير السينمائي الذي يحمل رؤية فنية، وليس مجرد منفذ للأوامر.
ويكمل :"تشرفت أيضا بالتعاون مع الأخوين "فهمي" مصطفى وحسين، فهما في غاية الرقي والذوق، وعن كواليس الألوان التي يستخدمها مع بشرة كل منهما يقول :"أستخدم فقط كريم الأساس بدرجات معينة لإخفاء آثار التعرض للشمس كثيرا في المصيف لأن حسين محب للحياة وكذلك كان الراحل مصطفى الذي كان يفضل قضاء وقت طويل في المصيف للاستمتاع بالبحر فكانت بشرته تتعرض لبعض البقع السمراء التي عليّ كماكيير علاجها"
نظرة تاريخية على تطور أدوات المكياج السينمائي منذ عام 1914 حتى الآن
بعدها فتحنا باب الحديث عن تطور أدوات المكياج السينمائي، وأكد شعبان لـ"هي" أن بداية هذا المجال كانت منذ عام 1914، عندما حملت 3 دول كبرى على عاتقها تصنيع أدوات مكياج تناسب الإنتاج السينمائي.
وكانت البداية مع إنجلترا عندما صنعت شركة ماكس فاكتور كريم الأساس "الفاونديشن" بدرجات تناسب التصوير السينمائي، ثم قامت بتصنيع الكحل والماسكرا الأساسيين لتحديد شكل العين أمام الكاميرا، وتوالت بعدها المنتجات مثل البلاشر والروج.
أما ألمانيا، فقامت بتصنيع المكياج المائي الذي له استخدامات كثيرة ومتنوعة في عالم المكياج السينمائي. أشار أيضًا إلى أن فرنسا كان لها دورا كبيار في صناعة الأدوات، خاصة وأنها قامت بتصنيع ألوان عديدة ومختلفة من مكياج العيون تحديدًا، مما جعل الفرصة لعمل مكياج الحفلات والاستعراضات أكثر إبهارًا، وتوالت تطورات المكياج من حيث الدرجات والأدوات حتى وصلنا لما نحن عليه الآن.
تطور "الكونتور" وتقنيات إخفاء العيوب
الكونتور وتغطية عيوب الوجه بالمكياج من الأساليب التي كانت موجودة في المكياج منذ القدم، ولكن كانت تحمل اسم "ديفوه"، والمقصود بها خافي العيوب وكان يتم استخدام الفاونديشن لتنفيذها.
وأوضح الماكيير السينمائي حسن شعبان أنه يوجد 13 درجة من كريم الأساس، وكان يقوم باستخدام الدرجات المختلفة لتحديد الشفاه وأسفل العين وإخفاء عيوب الوجه مثل الهالات السوداء تحت العين أو الذقن المزدوج، وأشار أيضًا إلى أن أنواع ومقاسات الفرش المختلفة لها دور كبير في الحصول على شكل مثالي.
تطور صناعة الرموش الصناعية اللاصقة
أما عن تطور الرموش اللاصقة فأخبرنا حسن شعبان أنهم في السابق كانوا يقومون بتصنيعها من شعر فتيات الأرياف الطبيعي يقومون بشرائه وغزله ثم لصقه على ما يشبه الحبل لتحويله إلى رموش أقرب إلى الطبيعية.
أما فيما يتعلق بأحمر الشفاه، قال إنه يوجد درجات كثيرة ومتفاوتة من كل لون أحمر شفاه، وأوضح إن عدد الدرجات قد يصل إلى 24 درجة مختلفة، مما يجعله قادرًا على عمل مزيج من درجات مختلفة للحصول على اللون المناسب للبشرة وطبيعة الشخصية التي يلعبها النجم.
الدور الأساسي للماكيير في بناء الشخصية الفنية وتفسيره لعناصرها النفسية
"عدد كبير من الجمهور لا يدركون قيمة مهنة الماكيير السينمائي" هكذا وأوضح حسن أن الماكيير يعتبر الضلع الرابع في العمل الفني، فبدونه لا يكتمل تكوين الشخصية التي سيقدمها الفنان. وأشار إلى أن بداية عمل الماكيير تكون عندما يحصل على السيناريو، ويقوم بقراءة الشخصيات وتكوينها وأبعادها النفسية، وكذلك مراحل تطورها خلال العمل، ويبدأ يرسم ملامح الشخصية بالمكياج والأدوات.
أكد حسن أنه قبل بداية التصوير، يتم عقد جلسات عمل بين المخرج والفنان والماكيير لعمل المكياج الأفضل للشخصية، وبعد الاستقرار على كافة التفاصيل النهائية يتم تنفيذ المكياج بدقة كبيرة خلال أيام التصوير.
