رحلة مع أسلوب وتاريخ "كارتييه" Cartier

 

سهى حامد Souha Hamed

كشفت دار "كارتييه" Cartier في معرض الساعات الراقية في جنيف عن آخر إنتاجها، فكان ما كشفت عنه باهرا. لفت انتباهنا في المجموعة أنها قدمت الجديد في جميع الفئات المختلفة من الساعات، فجددت في الساعات الرجالية بإعادة تصميم ساعة " سانتوس" Santos  الأيقونية، كما قدمت في فئة الساعات الراقية بعض الموديلات الرجالية الجديدة. أما للمرأة، فقدمت ساعات مجوهرات راقية وموديلا جديدا أ ضافته إلى مجموعة "بانتير دو كارتييه" Panthere de Cartier  إضافة إلى ساعات زينت بالفنون الحرفية العتيقة.

كان لنا في المعرض حوارا شائقا مع "بيير رينييرو" مدير الصورة والأسلوب والتراث في "كارتييه" Cartier، حدثنا فيه عن مصادر الإلهام لمجموعات الدار وتاريخ مجموعة " سانتوس"  Santos والتحديات التي واجهها فريق التصميم عند العمل على جديدها.

 

لا تعتمد أسلوب عمل أو مصدر إلهام واحدا عند تقديم مجموعاتها الجديدة. فقد يستمدون الإلهام من أرشيف الدار الثري، أو يبدؤون من الصفر لابتكار مجموعة جديدة. ولفت رينييرو إلى أن التجديد في مجموعة "سانتوس" Santos كان أمرا مهما هذا العام، ومصدر إلهام واضحا لجديد ما تقدمه الدار للرجل. فقال "فكرنا كيف يمكن أن نضيف إلى ساعة سانتوس لنقدمها اليوم. قصة

سانتوس بدأت في عام 1904 ساعة بسوار من الجلد. وقد أثريت في عام 1978 بسوار معدني. وهكذا فإن تاريخها يضم النوعين من السوار.

فتساءلنا لماذا علينا أن نختار بين السوار الجلدي والمعدني، ولذلك عملنا على تطوير نظام يسمح لصاحبها بتغيير السوار بكل سهولة، فيأتي مع كل ساعة سوار معدني وآخر جلدي. كما عدلنا تفصيلين في التصميم، فغيرنا في نسب التصميم بين الميناء وعلبة الساعة، ليبدو الميناء أوسع، كما غيرنا شكل حافة العلبة لتبدو أطول قليلا فتصل إلى السوار بشكل انسيابي".

 

للنمر دور أساسي

أما في ساعات المجوهرات التي تشتهر بها الدار، فأكد رينييرو أن لنمر الدار الشهير دورا أساسيا في جماليات جديد ساعات المجوهرات وساعات الحرف اليدوية النادرة التي دخل فيها هذا العام تعشيق القش، وتعشيق الخشب والذهب بشكل جميل. فقال: ترين وجهه يزين الساعة أو بشكل تجريدي، حيث تزين بعض الموديلات بالنقاط السوداء على خلفية بيضاء. ولا بد من ذكر ساعة "ريفيلاسيون " Revelation المفاجأة، التي نملك فيها براءة الاختراع، ففيها آلية تسمح لك رؤية رسم رأس النمر الذي يظهر ويختفي مع تحرك اليد وذلك بانزلاق  900 حبيبة ذهب على وجه الساعة.  وأشار رينييرو إلى مجموعة "كارتييه ليبر" Cartier Libre لساعات المجوهرات التي تلاعبت فيها الدار بشكل ساعة "بينوار" Baignoire البيضاوي المنحني فقدمت تسعة موديلات مختلفة.

وأخيرا أضافت الدار موديلا جديدا إلى مجموعة "بانتير دو كارتييه"  Panthere de Cartier بسوار ذهبي يلتف حول المعصم أكثر من مرة.

وقد عزا سبب تقديم هذه النموذج الجديد مجوهرات فقال "كانت الفكرة لدينا منذ البداية أن نقدمها بسوار يلتف حول المعصم أكثر من مرة، لكن أردنا أن نطور تقنية صياغة السوار بطريقة تضمن الراحة لصاحبتها".

 

الجمال أمر أساسي

عند تعليقنا على أن هذا الموديل الجديد يجمع هوية الدار باعتبارها صانع ساعات وصائغا في منتج واحد، أكد رينييرو أن هذه هي حال كل ما تنتجه الدار من الساعات، وإن لم يكن ذلك واضحا. وأضاف "إننا دار مجوهرات ودار صانعة للساعات متخصصة في التحف الثمينة.

ففي كارتييه يهمنا أولا جمال المنتج. حتى فكرة الأشكال المختلفة لعلب الساعات ترتبط بخبراتنا بصفتنا دار مجوهرات. فمصمم المجوهرات يفكر في الأشكال والتصميم والابتكار والجمال. أشكال علب ساعاتنا مختلفة ومتميزة عما تقدمه الدور الأخرى. لا بد من الإشارة إلى أن دار كارتييه أدخلت إلى عالم صناعة الساعات فكرة تصميم علبة الساعة بشكل مختلف. فقد كانت دور الساعات القديمة لا تفكر في شيء سوى تقديم الوقت، ويكون شكل علبة الساعة أمرا ثانويا. أما عند دار كارتييه، فيجب أن نقدم الوقت، ولكن

أيضا يهمنا بشكل أساسي تقديم منتج جميل".

 

أول ساعة يد في التاريخ

الحديث مع رينييرو في تاريخ الساعات مشوق، فهو خبير ملم بعالم الساعات والتصميم. سألناه إن كانت حقا ساعة "سانتوس" أول ساعة يد في التاريخ. فأجاب: لم تكن أول مرة تُلبس فيها ساعة حول المعصم. فمنذ منتصف القرن التاسع عشر، لبس البعض ساعة الجيب حول المعصم، خاصة الجنود. لكن المشكلة التي واجهها الناس أنها لم تكن ساعات طورت وصممت لتُلبس على المعصم، فكانت ضخمة حول المعصم.

 

الابتكار الذي أضافه "لوي كارتييه" إلى عالم الساعات هو أنه قدم أول ساعة صممت خصيصا كي تلبس حول المعصم، وكانت تلك ساعة "سانتوس" . شكلها تعرف به "كارتييه"، وهو المربع ذو الحواف المنحنية، وقد كان لدينا ساعات جيب مبتكرة بذلك الشكل، في حين أن كل ساعات الجيب في السابق كانت دائرية. اهتمام الدار بالمرأة كان واضحا منذ البداية، وقد أحدثت الدار نوعا من الثورة والتغيير عندما قدمت ساعة "تونو" Tonneau عام 1906 للرجل والمرأة، وساعة "سانتوس" للمرأة في أوائل القرن العشرين. واستطرد قائلا "بدأت المرأة في العقد الأول من القرن العشرين بلبس ساعات اليد. عاصر ذلك زمن مطالبة المرأة في

بريطانيا بحق الانتخاب. وقد وجدنا مقالة نشرتها (نيويورك تايمز( عام 1912 أكدت أن كارتييه كانت السباقة في صناعة أول ساعات اليد للمرأة، وأكدت أن كارتييه ابتكرت هذه الساعات".

 

في نهاية اللقاء أكد رينييرو أن العمل على ساعة "سانتوس" Santos الجديدة شكل التحدي الأكبر هذا العام. فكل خطوة وتعديل سيكون له صدى كبيرا، خاصة أنهم يشعرون بمسؤولية كبيرة نحو إنتاج مهم وعريق. فكان من الضروري أن يكونوا واثقين بكل خطوة يتخذونها. وأضاف أنهم إضافة إلى التحديات التصميمية، واجهوا تحديا تقنيا لإنتاج آلية تغيير السوار بسهولة.

فقال "استعملنا آلية مشابهة في عام 2002 بساعة (رودستر( Roadster لكن تلك الساعة كانت أعرض بنسبة ملحوظة، وهو ما سهل ادراج الآلية ضمن التصميم.

لكن ساعة "سانتوس" Santos رفيعة، وهذا ما اضطرنا إلى إعادة تصميم الآلية بشكل كامل". وأشار أخيرا إلى لمسة مبتكرة تساعد صاحب الساعة على تضييق سوار الساعة المعدني من دون الحاجة إلى زيارة البوتيك. فقال: "عادة عندما تشترين ساعة بسوار معدني، يحتاج السوار إلى التضييق، ويكون ذلك في المحل فقط، حيث يرفعون منه حلقة أو أكثر. أما الآن، فقد أضفنا طريقة تسمح لصاحب الساعة بتقصير السوار المعدني بكل سهولة ومن دون الاستعانة بحرفي. وهذا ابتكار خاص بدارنا".