ماذا حققت المرأة الإماراتية في مجال صناعة الطيران المدني؟

عندما بدأت المهندسة مريم البلوشي عملها كمديرة لقسم الدراسات البيئية في الهيئة العامة للطيران المدني، لم يتوقع احد أن تتطور حياتها المهنية في صناعةالطيران، التي يهيمن الذكور على كافة جوانب أعمالها، لتصل إلى اليوم الذي تمثل فيه دولة الإمارات العربية المتحدة في المحافل الدولية لصناعة الطيران المدني، أو أن تصبح داعماً قوياً وصوتاً مسموعاً للقضايا البيئية. لكن المهندسة مريم ليست الوحيدة التي ألهمت المرأة الإماراتية للسعي لشغل وظائف في القطاعات التي يهيمن عليها الذكور بشكلٍ تقليدي حيث كانت الكابتن عائشة الهاملي أول امرأة إماراتية تعمل طياراً وهي الممثل الدائم لدولة الإمارات العربية المتحدة في المنظمة الدولية للطيران المدني (إيكاو) منذ أكتوبر من عام 2009. وقد عملت كل من المهندسة مريم والكابتن عائشة، اللتان تتمتعان بقدر عالٍ من الموهبة والحيوية، جاهدتين على تحقيق حلميهما والنجاح في صناعة الطيران، وهو قطاع لا يزال يهيمن عليه الرجال إلى حدٍ كبير، كما يوفر العديد من الفرص الوظيفية التي تشهد نمواً سريعاً. وقالت المهندسة مريم، والتي تمثل أول متخصصة إماراتية في بيئة الطيران ورئيسة اللجنة البيئية الإقليمية للطيران بالهيئة العربية للطيران المدني: "تمثل الأجواء المفتوحة الهدف الذي تصبو إليه المرأة التي ترغب في بناء حياتها المهنية في صناعة الطيران في دولة الإمارات العربية المتحدة. وهناك نقص عام في مشاركة المرأة الإماراتية بالوظائف الهندسية وغيرها من المجالات عالية التقنية، وخاصة في مجال صناعة الطيران". وأضافت مريم: "نحن بحاجة لخلق المزيد من الوعي ودعم المبادرات لتحقيق المزيد من المشاركة للمرأة الإماراتية في القطاعات غير الإدارية بصناعة الطيران المدني. كما نحتاج إلى مزيد من النساء في الأدوار القيادية". وخلال العقد الماضي، اتبعت المزيد من النساء الإماراتيات طموحهن في وظائف متنوعة بصناعة الطيران المدني في دولة الإمارات العربية المتحدة حيث أصبحت سلمى البلوشي أول امرأة إماراتية تقود طائرة بمفردها لشركة الاتحاد للطيران، وأصبحت الدكتورة نبيلة العوضي أول طبيبة إماراتية متخصصة في طب الطيران، وأصبحت نوال السويدي أول امرأة إماراتية ضمن أطقم الضيافة في الأجواء، كما أصبحت نوف العفيفي أول امرأة إماراتية تعمل في مجال مراقبة الحركة الجوية. وقد اتخذت جميع هؤلاء النساء زمام المبادرة ليثبتن أن الطموح والموهبة يمكن أن يوفرا أداة قوية لكل من المرأة والرجل. ولكن لا يزال هناك الكثير مما ينبغي القيام به من أجل حث المزيد من النساء الإماراتيات على المشاركة في مختلف المهن والتخصصات في هذه الصناعة. وأشارت المهندسة مريم إلى أن "هناك القليل من الفرص لدراسة البرامج التعليمية المتعلقة بالطيران في دولة الإمارات العربية المتحدة، ولكن الأمور قد بدأت في التغير مع إطلاق العديد من المبادرات التي بدأت في سد هذه الفجوة. حيث دشنت جامعة الإمارات العربية المتحدة وبوينج ومبادلة لصناعة الطيران مبادرة لتأهيل مجموعة من الكوارد الإماراتية الموهوبة في السنوات المقبلة. وهناك حاجة إلى مزيد من تلك البرامج، كما أن المرأة الإماراتية بحاجة إلى الإلهام والتشجيع". جدير بالذكر أن صناعة الطيران المدني الإماراتية تستأثر بنسبة 28% (145 مليار درهم إماراتي) من اقتصاد ثاني أكبر ناتج محلي إجمالي في العالم العربي. ومع ذلك، يشغل عدد قليل للغاية من النساء الإماراتيات وظائف ومناصب في قطاعات هامة مثل الهندسة، مراقبة الحركة الجوية، صيانة الطائرات، إلكترونيات الطيران وطب الطيران، حيث ظلت صناعة الطيران في الإمارات العربية المتحدة، مثلها في ذلك مثل الاتجاه العالمي السائد، قطاعاً يخضع لهيمنة الرجال إلى حدٍ كبير. وأشارت المهندسة مريم، التي تشارك في المجلس الاستشاري للمنتدى العالمي لقادة المطارات، المقرر عقده في دبي في الشهر المقبل، إلى أن هناك الكثير من الفرص المتاحة للمرأة في جميع قطاعات الطيران. وقالت: "دعونا تتحدي الوضع الراهن والافتراضات الخاطئة. دعونا نصل إلى المرأة الإماراتية وندعوها للانضمام إلى العالم المثير والمربح للطيران، ليس كعنصر ثانوي وإنما كشريك مطلوب ومرغوب. فالمرأة الإماراتية بحاجة إلى المزيد من التشجيع من الأسرة والمجتمع، كما تحتاج أيضاً إلى التفكير في كيانها ودورها في هذه الصناعة المثيرة". ومن المتوقع أن تشهد صناعة الطيران المدني في دولة الإمارات العربية المتحدة زخماً كبيراً ونمواً هائلاً خلال العقد القادم، حيث باتت دولة الإمارات العربية المتحدة مركزاً رائداً للسفر في العالم، ومن ثم، فمن المتوقع أن يرتفع الطلب على القوى العاملة الماهرة بشكلٍ ملحوظ. كما تدعم صناعة الطيران المدني، وفقاً لتقرير اقتصادي لأكسفورد، 224,000 وظيفة في الإمارات العربية المتحدة، وستوفر أكثر من 400,000 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة جديدة في مختلف التخصصات خلال السنوات الـ20 المقبلة. كما أشارت دراسة أجرتها وزارة الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي بعنوان "المرأة في الإمارات العربية المتحدة - نبذة عن التقدم" إلى أن قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة ترى أنه ينبغي تشجيع النساء لتولي مناصب مؤسسية قيادية، على أساس الجدارة، وأن دخولهن إلى المجالات التي كانت يهيمن عليها الرجال يمثل خطوة أولى أساسية نحو مجتمع متساو. وخلصت الدراسة إلى أنه: "من أجل إثبات أنفسهن في المهن التي اخترنها، يجب أولاً أن تمنح المرأة الإمكانيات والآليات لتحقيق ذلك". وتتوقع سلمى البلوشي رؤية المزيد من النساء يتبعن خطاها، ويكسرن الحواجز بين الجنسين. وتقول: "ليس في وسعي سوى الأمل بأن يشجع الإنجاز الذي حققته العديد من أخواتي الإماراتيات لدفع حدود طموحاتهن وتحقيق أهدافهن". وحضت نوف العفيفي المرأة الإماراتية لاغتنام الفرص لإثبات ذاتها وجعل بلادها تفخر بها. كما شجعت النساء على الدخول في أكثر المهن التي تتسم بالتحديات، لأنها تعتقد أن المرأة قادرة على القيام بكل شيء بهذه المجالات الصعبة. وتحقيقاً لهذه الغاية، ستشهد الدورة الثالثة عشرة من معرض المطارات المقرر انعقاده في دبي في الفترة من 6-8 مايو، مبادرة تهدف إلى تشجيع المرأة الإماراتية للانضمام إلى الوظائف في مختلف مجالات صناعة الطيران المدني المجزية للغاية. ومن المقرر أن يقام على هامش معرض المطارات معرض "المرأة في مجال الطيران"، وهو معرض ملهم للتصوير الفوتوغرافي يجوب مختلف أنحاء العالم، ويسلط الضوء على دور ومساهمة المرأة في صناعة الطيران العالمية، كما يهدف إلى إلهام المزيد من النساء للتغلب على الحدود التقليدية الموضوعة لمشاركة المرأة في هذه الصناعة وتحقيق أهدافهن. ويتم تنظيم المعرض بالتعاون مع منظمة "النساء في صناعة الطيران المدني" الدولية، ومقرها الولايات المتحدة الأميركية، (www.wai.org)، وهي منظمة لا تستهدف الربح تضم أكثر من 8,000 عضوة. وقال دانيال قريشي، مدير الحدث في معرض المطارات 2013: "نحن نريد تسليط الضوء على حقيقة أن دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل عام وصناعة الطيران المدني الحيوية بها على وجه الخصوص تشجعان المرأة الإماراتية للتمتع بالفرص المهنية الواعدة في صناعة الطيران المدني". ويهدف المعرض، الذي يقدم رؤى تاريخية حول التطور المذهل الذي شهدته صناعة الطيران على مدى السنوات الـ100 الماضية، إلى رفع مستوى الوعي حول أهمية الدور الذي تلعبه المرأة في مجال الطيران المدني وتسليط الضوء على فرص النمو الهائلة التي يمكن أن يوفرها هذا القطاع الاقتصادي الحيوي للمرأة. وقالت ماريولا زيولكاوسكي، رئيسة منظمة "النساء في صناعة الطيران المدني" الدولية، مكتب ألمانيا، أن المعرض سوف يجوب مختلف أنحاء العالم. وأضافت: "نحن نخطط أيضاً لاستثمار الفائض من رعاية المعرض في صندوق للمنح الدراسية يهدف إلى دعم التدريب والدراسة لكل من الرجال والنساء المهتمون بشغل وظائف في قطاع الطيران المدني". وقالت ألكسندرا هوزونيانو، الرئيس التنفيذي لشركة خدمات المطارات الرومانية: "عندما انضممت إلى صناعة الطيران، منذ ما يقرب من 10 أعوام، أدركت منذ البداية أننا نتحدث عن صناعة يهيمن عليها الذكور بشكل شبه كامل. ولكن هذا لم يجعلني أشعر بعدم الراحة، بل جعلني أشعر بحماس وتصميم أكثر على بناء حياتي المهنية خطوة بخطوة، وأنا أعلم الآن أن تصميمي هذا قد جنى ثماره".