حوار خاص بـ "هي" مع المصممة العالمية Carolina Herrera و ابنتها Carolina de Baez

حوار: مي بدر Mai Badr
 
كارولينا هيريرا الفنزويلية الأميركية أسطورة وأيقونة في عالمي الأزياء والجمال. كانت في الثمانينيات من بين أكثر النساء أناقة في العالم وألهمت أندي وارهول أحد أهم مبدعي فن البوب آرت. قدّمت مجموعتها الأولى عام 1981 في نيويورك، وفي العام 1988 دخلت إلى عالم العطور بإطلاق عطر "كارولينا هيريرا" للنساء. وفي مشوارها الإبداعي الاستثنائي حتى اليوم نالت العديد من الجوائز المرموقة من لقب "مصممة العام لملابس النساء" من مجلس مصممي الأزياء في أميركا، إلى جائزة إنجاز العمر من المجلس نفسه مرورًا بوسام الاستحقاق الذهبي في مجال الفنون الجميلة في اسبانيا. تستوحي تصاميمها من الفنون المتنوعة كالعمارة والرسم والسينما وغيرها فتتميز ابتكاراتها بالأناقة التي تتخطى حدود الزمان والمكان. وقد ارتدت فساتينها أشهر نساء العالم من جاكلين أوناسيس إلى ميشيل أوباما. 
 
أما الابنة كارولينا هيريرا دي باييز فمبدعة وفنانة أيضًا وتعمل مديرة إبداعية لقسم العطور في دار "هيريرا" وممثلة لمجموعة الملابس الرياضية والأكسسوارات CH Carolina Herrera . 
 
زارت المبدعتان دبي لإطلاق مجموعة العطور الجديدة "هيريرا كونفيدنشال"Herrera Confidential   في فندق "وان أند أونلي" الذي تزيّن بخشب مكاسار المستوحى من صالة عرض "كارولينا هيريرا" في نيويورك وبأزهار الكاميليا المستلهمة من مكتب المصممة وبوتيكها ومنزلها. 
 
أرادت كارولينا الإبنة أن تجسّد هذه المجموعة رقي والدتها الكلاسيكي وأناقتها الفاخرة، لذلك تعبق عطورها بذكريات الأم والإبنة وتحمل من يتنشقها إلى عالم كارولينا هيريرا الخاص. وتقول كارولينا هيريرا إنها اختارت دبي للإطلاق العالمي لهذه المجموعة لأن "دبي تقدّر الأناقة والرفاهية، ويبحث ناسها عن البراعة في الأزياء والعطور. لذا هي المكان المثالي لإطلاق أرقى عطوري".  
 
العطور الستة والزيوت الأساسية الأربعة التي تؤلّف المجموعة مرتكزة على روائح طبيعية يمكن استعمالها بمفردها أو المزج بينها. وكل قارورة مصنوعة من الزجاج الفاخر المطبوع بشعار الدار. كما أن كارولينا هيريرا ستطلق أيضًا 6 فساتين لإطلالات نهارية ومسائية مستوحاة من العطور فتعكس قصة كل منها. 
 
"هي" التقت بالمبدعتين المرحتين والمتحمستين في دبي بعد فعاليات الإطلاق لمعرفة المزيد عن مصادر الإلهام، والعمل معًا كعائلة، واختيار الشرق الأوسط كنقطة انطلاق. 
 
ما القصة وراء مجموعة العطور الجديدة؟ كيف ولدت الفكرة؟
كارولينا هيريرا دي باييز (الإبنة): أردت العودة إلى الجذور. حين بدأت العمل في قسم عطور الدار عام 1996، كان عطر 212 أول المنتجات التي عملت عليها. وقبل ذلك كانت الدار قد أصدرت عطرين، عطر "كارولينا هيريرا" للنساء الشهير المعروف بعلبته المنقطة وعطر الدار للرجال. فابتكرنا عالم عطور 212 بكل نسخاتها وأنواعها وأسمائها ثم انتقلنا إلى عطور "سي إتش"CH  وغيرها. 
 
والآن أردت العودة إلى الجذور أي إلى عطرنا الأول والأكثر نجاحًا الذي صار رمزًا كلاسيكيًا في عالم العطور، وأردت إحياء تاريخ العائلة. فكانت النتيجة مجموعة من 6 عطور بدلا من عطر واحد، فكل منها يمثل جزءًا مختلفًا من حياة كارولينا والدتي، وبعض هذه الأجزاء تعنيني أنا أيضًا طبعًا. فبهذه العطور ندخل بنظرة خصوصية حميمة إلى عالم "هيريرا" الخاص وعالم والدتي حتّى قبل ان تولد. لذلك أطلقنا على المجموعة إسم "كونفيدنشال" أي سري أو خصوصي.  
 
كارولينا هيريرا (الأم): البداية كانت مع الياسمين، فأول عطر أطلقته كان "كارولينا هيريرا" المرتكز بشكل أساسي على الياسمين ومسك الروم. واخترت الياسمين لأنه رافقني في طفولتي حين كانت نافذة غرفتي تطل على حديقة تعبق بعطر الياسمين الذي ملأ غرفتي. والمرة لأولى التي تعرفت فيها على عالم العطور كانت في طفولتي مع والدتي التي كانت ترش عطر "جوي"Joy  لجان باتوJean Patou  الذي ينبض بعبير الياسمين. فكل عطوري صارت تشتمل على الياسمين. أما الزيوت التي ابتكرتها ابنتي فقصتها أنني كنت أشتري الزيوت المعطرة أينما أذهب من المغرب إلى نيويورك وأخلطها وأضعها كعطر. وكانت كلها مرتكزة على الياسمين ومسك الروم أيضًا. ومن هنا ولدت فكرة عطور "كارولينا هيريرا" في الأساس. ثم أتت ابنتي في العام 1996 وأحدثت ثورة بعيدة عن الياسمين فابتكرت عطر 212 بالقارورة العصرية المتطورة كمفهوم مختلف تمامًا لكن متناغم مع عائلة منتجاتنا. ومن هناك انطلقت الحكاية. 
 
في الشرق الأوسط ثقافة مزج العطور وخلطها مألوفة. وهذه المجموعة تسمح بالتلاعب بالروائح والمزج بينها.
 
الأم: الشرق أوسطيون هم من يبرعون حقًا في فن مزج العطور، وأعتقد أن فكرة خلطها أتت من هذه المنطقة وليس من فرنسا كما يعتقد الكثيرون. 
 
ذكرت في حفلة إطلاق العطر أن الموضة تزول لكن العطر يدوم. كيف ذلك؟
الأم: الموضة عابرة وسريعة الزوال، فتدوم لثلاثة أشهر لتحل محلها تيارات جديدة. لكن من المستحيل إنتاج عطر كل ثلاثة أشهر فالعطر يتطلب سنتين إلى ثلاث سنوات. 
 
الإبنة: سر نجاح العطر في السنة الثانية من تكوينه. ويصبح عطرًا كلاسيكيًا حين يكون في الأسواق لعشر سنوات أو أكثر.
 
نلاحظ أن عطور الدار تتميز بقواريرها الفاخرة وتصاميمها الأنيقة. ما أهمية القوارير وأي منها  تفضّلان؟
الأم: يهمني كثيرًا أن تكون القوارير فريدة بجمالها ورفاهيتها. فتغص الأسواق بالقوارير العادية. طريقة التقديم مهمة جدًا لكن 80% من العطر هو ما في داخل القارورة. فالقارورة مهمة والإسم مهم وحفلة الإطلاق مهمة لكن أيضًا تركيبة العطر أساسية جوهرية. العطر المفضّل لدي هو عطر مسك الروم الذي أرشّه دائمًا.  
 
الإبنة: يصعب عليّ اختيار عطر واحد. أعشقها كلها. لعل أكثر عطر أرشه هو عطر البتشول، لكنني أضع الآن عطر الورد "بورنينغ روز". والمضحك أن أقل عطر أرشه هو عبير مسك الروم "هيريرا توبروز" لأنني أشعر أنّه عطر والدتي. 
 
الأم: الممتع أنه بإمكانك أن تجربي كل العطور لتري تفاعلها مع بشرتك وتستمعي إلى آراء من حولك بها. 
 
هل المجموعة الجديدة مخصصة للمرأة فقط؟
الأم: يمكن للرجال أيضًا أن يضعوها. فهي للرجل أو المرأة.
 
الإبنة: أفضل أن أقول إنها للرجل والمرأة. فالعود والبتشول والورد كلها من العطور التي يمكن للرجل أن يضعها مثلًا. الأمر يتوقف على الرجل، وشخصيته، وعلى كيفية رش العطر ومزجه مع عبير أو زيت آخر. 
 
هل تباع المجموعة مع بعضها؟
الإبنة: لا بل تباع كل قارورة منفردة.  
 
كم استغرق إنتاج المجموعة بأكملها؟
الإبنة: تطلّب إنتاجها حوالي سنتين لكن الفكرة والاستعداد لها موجودان منذ فترة طويلة. 
 
هل واجهتما تحديات صعبة خلال ابتكارها أم كان المشوار سلسًا؟
الإبنة: الإنسان يواجه التحديات والمراحل الصعبة دائمًا. في كل مرة أفكر في عطر أو خط عطور أو عالم عطور يجب أن يكون حقيقيًا ويخبر قصة حقيقية. التحدي الأكبر هنا كان كيفية تقديم العطور الستّة التي يحمل كل منها معنى جوهريًا بشكل متناغم وكيفية ربطها بإرث العائلة وبعالم كارولينا هيريرا الخصوصي. فكل عطر بمفرده يخبر قصّة مختلفة لكنني أردت أن تكون الحكاية موحّدة ومرتبطة. لهذا أصدرنا كتابًا يخبر قصة كل عطر. 
 
كيف تصفان العمل معًا؟ هل  تتجادلان أم تتفقان على كل شيء؟
الأم: نحن نتشابه بطريقة أو بأخرى. لكن العمل معًا صعب، فوجهات نظرنا مختلفة لكنها في النهاية تسير معًا بشكل مثمر وناجح. أحب العمل معها لأنها تقول لي الحقيقة ولا توافقني الرأي في كل شيء. نواجه تحدي الاختلاف في التفاصيل الصغيرة لكننا نحله دائما. حين يقول كل من حولك عن ما تفعلينه رائعًا كيف ستعرفين إذا كان حقًا رائعًا؟ من الضروري أن يكون هناك شخص يقول لك الحقيقة. 
 
التشابهات في الذوق والجمالية البصرية موجودة فأعتقد أنها ترى ما أراه. نحن نقدّر الترف والجمال، ونملك الفضول وحب الاستكشاف. 
 
الإبنة: نتشابه بأمور كثيرة لكننا نعبّر عنها بطرق مختلفة، وإلا لكان الأمر مملًا جدًا لو اخترنا الإطلالات نفسها أو فكرنا بالأمور نفسها...
 
هل هذا ما يساعد العلامة على التوسّع والتطور؟
الأم: طبعًا فنحن نتجه نحو المستقبل وليس إلى الماضي. 
 
هل من مشاريع لفتح بوتيكات "كارولينا هيريرا" في الشرق الأوسط؟
الأم: سنتوسّع طبعًا ونفتح متاجر في الشرق الأوسط، لكن كل شيء يتطلّب وقتًا. 
 
زرت الشرق الأوسط مرات عديدة. ما الفرق الذي لاحظته بين المرة الأولى التي أتيت فيها واليوم؟
الأم: دبي نمت كثيرًا إلى درجة أني كدت لا أعرفها. حين زرتها للمرة الأولى لم يكن فيها هذا الكم الهائل من المباني والفنادق والمنازل. ذهلت بما استطاعوا القيام به خلال هذه الفترة القصيرة. أنا مذهولة بكل ما يجري هنا. 
 
نتمنى أن تحظيا بفرصة التجوّل فيها ومشاهدة معالمها.
 
الأم: زرنا مناطق كثيرة هنا. المكان ينبض بالترف. المرأة هنا تعشق الموضة والأزياء والرفاهية. إنه مكان رائع حقًا. 
 
الإبنة: زرت مناطق كثيرة من الشرق الأوسط من دبي إلى الدوحة مرورًا بأبو ظبي وجدة. 
 
لماذا اخترتما المرأة العربية لتطلقان من موطنها هذه المجموعة الجديدة؟
الإبنة: المرأة هنا تتمتع بالحسية والشغف تجاه العطور. أقدّر ذلك كثيرًا. وأحد مصادر إلهامنا لهذه المجموعة كان في الحقيقة منطقة الشرق الأوسط وثقافة مزج طبقات العطور والزيوت. ألهمنا كثيرًا تراث العطور في الشرق الأوسط.
 
الأم: أعتقد أنّ الشرق الأوسط هو المكان الذي تنتمي إليه هذه المجموعة. 
 
والدتك تحدّثت عن ذكرياتها مع الياسمين والعطور. وذكرت في حفلة الإطلاق أنك كنت ترافقينها لشراء الزيوت. هلا أخبرتنا أكثر عن ذكرياتك مع العطور؟
الإبنة: لطالما كانت العطور موجودة في حياتي من عبير الحديقة إلى والدتي وعطورها وروائح الطبيعة. فأعود في كل مرة أبتكر فيها عطرًا إلى هذه العطور التي أتذكرها من طفولتي. وهذه المرة تذكرت مسك الروم والياسمين ولهذا كان "هيريرا توبروز" أول عطور هذه المجموعة. ومنه كان الانطلاق إلى التركيبات الباقية. 
 
الأم: هذه الذكريات تعيدك إلى تجارب ومواقف ولحظات، ما يجعل العطور والزيوت بهذه الأهمية الكبيرة. العطر يعكس شخصية الإنسان وأسلوبه، وهو ما يتذكره الناس. إنّه أهم أكسسوار غير مرأي للمرأة. نشمّه ولا نراه.