تفاصيل من حياة الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز كما روتها لـ هي ابنته الأميرة عادلة بنت عبدالله

ودع العالم بقادته وشعوبه الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي توفي يوم الجمعة في الثالث والعشرين من الشهر الماضي، وكان رحيل الملك عبدالله خسارة للأمة العربية والإسلامية بوجه عام وللسعودية بوجه خاص. واكتسب الملك الراحل احترام ومحبة الملايين في العالم، وسيتذكر دوما السعوديون، والعالم، وخصوصا أبناء الأمتين العربية والإسلامية، الأدوار الإيجابية التي أدّاها في حياتهم اليومية، وكيف كان ينشر المحبة والألفة بينهم، ويدعو إلى ‏تكريس تعاليم الخير والإنسانية.
 
مجلة «هي» وتكريما لذكرى الملك عبدالله تعيد نشر صور خاصة له ومقتطفات ومواقف من حياته، ومعلومات خاصة جدا من حوار سابق مع كريمته الأميرة عادلة بنت عبدالله، كانت قد أجرته معها سابقا رئيسة التحرير مي بدر في عام 2006. 
 
حدثينا عن علاقتك بالوالد (خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز) عبر كل المراحل منذ الطفولة؟
ـ بصراحة حياتنا الأسرية كحياة أي أسرة أخرى، فيها دائما التوجيه والانضباط والالتزام، ليس من الوالد فقط، بل من الوالدة أيضا.
 
من المهم جدا عند الوالد الالتزام بالطاعات الأساسية في الدين وبالعادات والتقاليد، وعدم الخروج عن المألوف، ولم يكن يفوت أي أشياء صغيرة من دون توجيه وتنبيه، بأسلوب صارم ولكن في الوقت نفسه لا يعطيك المجال لأن ترفضيه وإلا لأحسست بأنك تقومين بعمل تخجلين منه.
 
للوالد رهبة وكذلك للوالدة، ولكن هذا لم يمنعنا أن نناقش معه وجهة نظرنا، كلاهما يكره الكذب ويشجّع على الصدق. وكلاهما حريص على تنمية القناعة فينا والاهتمام بالجوهر لا بالقشور، ودائما يحثاننا على تقدير النِعم.
 
كيف يتعامل الملك مع أحفاده؟
ـ أحرص على زيارته مع الأولاد كلما سنحت لي الفرصة. وأود أن أقول إن والدي، كجميع الآباء، مميّز عندي لأنه والدي، وقد كان بالنسبة لنا مسؤولا عن التربية والتهذيب والالتزام والتأديب، ولكن مع الأحفاد يختلف الدور تماما، حيث يحصل نوع من التراخي في هذه الأمور باعتبار أن هذه مسؤوليتنا نحن الأمهات. 
 
هل يدلل أحفاده؟
والدي من النوع الذي لا يدلل، إنه محب وعطوف ورحيم، ويعتقد أن التدليل يخرّب الأولاد، في الصغر لم يعجبنا هذا، ولكن مع مرور الأيام وجدنا أن معه كل الحق.
 
الآن نحن في فترة العيد هل أعطاهم جدهم "عيدية"؟
"عيدية" والدي مهمة جدا بالنسبة لأولادي، وهم يعدّونها في السيارة بمجرد الخروج من عنده.
 
هل تخبرينا شيئا عن الوالد الملك مما لا يعرفه الناس عنه؟
ـ لا يوجد شيء لا يعرفه الناس عنه لأنه كتاب مفتوح .. بسيط جدا وليس لديه وجه يراه العامة وآخر يراه الخاصة.
 
عنده حساسية عاطفية خاصة في بعض المواقف، وأعتقد أن الناس باتوا يعرفون هذا، علما أن أكثر ما يضايقه معاناة الأطفال.
 
بحكم قربكم من الوالد، خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وتكليفكم بمهمات كثيرة في مجالات متعددة تهم المرأة والمجتمع، هل لنا أن نتعرف إلى نظرته إلى واقع المرأة السعودية، وتطلعاته المستقبلية لتفعيل دورها في مختلف الميادين؟
ـ بصراحة يعزز الوالد من مسيرة المرأة السعودية ويحس بأهميتها دائما، سواء في الأسرة الصغيرة أو المجتمع، حيث يعطيها أهمية كبيرة ويدعمها ويساعدها، وهو حريص على أن يوسع دائرة عمل المرأة بالمجتمع السعودي، ويعلي من إنتاجيتها، وأتمنى من المجتمع أن يكون أكثر تجاوبا مع نظرة الوالد للمرأة، لأنه لا يمكن فرض هذا الموضوع على المجتمع. فالوالد متأكد من أن "المرأة السعودية ذات الكفاءة تشرّف أخاها وتشرّف أباها وتشرّف ابنها، وعنده ثقة كبيرة بقدراتها إذا ما أعطيت لها الفرصة لتنمية المجتمع".
 
وهو يعمل جاهدا على تفعيل دور المرأة وإعطائها أدوارا قيادية أكبر، وليس ذلك لأنها امرأة، بل لأنها تتحلى بالكفاءة والمسؤولية والنشاط والعمل بشكل لا يقل عن الرجل، بل يزيد عنه أحيانا، لأنها تشعر دائما بالتحدي وبأنها يجب أن تصل وتُثبت نفسها.
 
ماذا عن نظرته لمشاركتها في التصويت والانتخاب؟
ـ بصراحة لا أستطيع أن أتحدث عن رأي الوالد في هذا المجال، لأني لا أعرفه، ولكن أستطيع أن أقول وجهة نظري، فأنا أعتقد أن كل هذه الأشياء تنبع من احتياج المجتمع لها، وإذا لم يكن لدى المجتمع قناعة بضرورتها وأهميتها فلن تتحقق. من المهم جدا أن يقتنع المجتمع بأهمية وضرورة الخطوات الإيجابية لعمل المرأة، وحصولها على مناصب قيادية ومشاركتها في أخذ القرار، وهذا سيزيد من التفاعل والإنتاجية ويساعد على المشاركة في تحمل المسؤوليات بين الرجل والمرأة.
 
وعندما يعود صنع القرار للمرأة والرجل معا، ويتشاركان في صناعته يصبح الاستعداد من الجانبين أكبر لتطبيقه، أما عندما يتم تحييد فئة عن صنع القرار يصبح هناك تشنج من الطرفين لتطبيقه. وهذا يحصل وحصل في القرار المتعلق بعمل المرأة، حيث لم تطبق كل بنوده.
 
ولا يمكن أن يكون نصف المجتمع غير فاعل وغير منتج وألا يحسب ضمن الاقتصاد الوطني.
 
قرأت أخيرا بحثا عن عدد كبير من سيدات الأعمال اللواتي يعملن من منازلهن، وفوجئت أنه لا يتم احتسابهن ضمن الاقتصاد الوطني، لأنهن لا يحملن التراخيص اللازمة، والسبب أنهن لا يردن الدخول في دائرة القوانين والأنظمة التي لا تتمتع بالمرونة. 
 
المرونة يجب أن تكون أساس كل التعاملات، فكم يسعدني دفع فاتورة الهاتف عن طريق الإنترنت مثلا، وكم هو جميل أن أستطيع الدخول إلى موقع على الإنترنت لإنجاز قسم كبير من أعمالي، أو أن يصرف منسوبو الضمان الاجتماعي مستحقاتهم عن طريق الصراف الآلي.
 
ومن المفروض أن يهتم المسؤولون بوضع القوانين المرنة لخدمة المواطن وليس لتعقيد حياته.
 
ما دوركم في إطلاع والدكم على ما يجري ضمن الحركة النسائية أو مطالبة السيدات ببعض حقوقهن؟
ـ نحاول دائما نحن البنات وكذلك عماتنا نقل ما يجري حولنا، ويكون ذلك بشفافية كبيرة.
 
هل تلتقين دائما بالسيدات السعوديات العاديات؟ 
ـ نعم، ولست الوحيدة التي أقوم بهذا، فعماتي أيضا يقمن فيه، لدينا مجلس للعائلة للسيدات يقوم بهذا الدور أيضا، ونتشاور في ما بينا بما يجب أن يطلع عليها ولاة الأمر، سواء والدي أو أعمامي، ونحرص قدر الإمكان على نقل المواضيع بشفافية كبيرة، وبكثير من الصدق حتى وإن لم تكن تسعد الشخص الذي ننقلها له، لأن النتيجة ستكون للمنفعة العامة.
 
والوالد يهتم كثيرا جدا بالمعيشة الراضية للمواطنين، وموضوع محاربة الفقر من أولويات الأعمال التي تؤرقه، وقد اتخذت خطوات كثيرة وأنجزت الكثير من الدراسات في هذا المجال، وستكون هناك خطوات أخرى قريبة، إن شاء الله، في الفترة المقبلة في تفعيل صندوق الفقر، وأعتقد أن أكثر ما يُسعد والدي أن يرفع المستوى المعيشي للمواطن المحتاج.
 
يطلق السعوديون ألقابا كثيرة على الوالد الملك للتعبير عن محبتهم له، أي الألقاب الأحب إلى قلبه؟
ـ بصراحة لا أعرف ما الأحب إلى قلبه، ولكني شخصيا أحب لقب "ملك القلوب" كثيرا، وأشعر بأن هذا اللقب عاطفي ويعبر عن سموّ مكانته لدى المواطنين، ويعكس محبته هو شخصيا لهم، وفي الوقت ذاته يحمله مسؤولية كبيرة تجاههم. أدعو الله أن يعطيه الصحة والعافية والقوة، ويطيل عمره ويساعده على تحقيق أحلام المواطنين .. نعم هذا اللقب هو الأحب لي.