حوار مع سيدة الأعمال السعودية كارولين الهاشمي

حوار: إسراء عماد
تصوير: خضر الزهراني
 
كارولين محمود الهاشمي سيدة أعمال تخرجت في جامعة الملك عبدالعزيز كلية الاقتصاد، وحصلت منها على درجة الماجستير، ثم ماجستير آخر في الاقتصاد من جامعة Essex في بريطانيا، وهي تعمل محاضرة بجامعة الملك عبدالعزيز، والآن تحضر للدكتوراه في جامعة Lancaster في المملكة المتحدة. لكن ذوقها الرفيع وإحساسها المرهف قاداها إلى عالم آخر، عالم الأزياء والجمال، فبرعت فيه، وانضمت إلى العمل في شركة عائلتها مع أخويها كارم وجلال الهاشمي بصفتها أحد أعضاء مجلس الإدارة.
 
ماذا تحملين لنا من سنوات الطفولة والدراسة؟ وكيف أثرت فيك كل مرحلة؟
أنا الابنة الصغرى لأسرة صغيرة تتكون من والدي ووالدتي وأخوي الاثنين، نشأت نشأة هادئة ضمن أسرة مترابطة ومستقرة وهذا ما ساعد كثيرا في بناء شخصيتي، كنت الطفلة الصغرى المدللة من كل أفراد الأسرة والأهل، لكن هذا الأمر لم يفسد نشأتي، فلقد حرص والدي ووالدتي على بناء شخصيتي بشكل سوي وجدي وبعيد عن التكاسل أو الاستهتار والاعتماد على الآخرين، تعودت منذ صغري على التحدي والإصرار على بلوغ أهدافي، ولا أعترف بالعقبات والعراقيل. 
 
كنت عنيدة في أغلب الأحيان، لكن الحياة والانخراط في الحياة العملية علماني الصبر وأخذ الأمور بشيء من التروي، فالصبر يحرك أعتى الجبال.
 
نشأت وكبرت في مدينة جدة، ودرست في مدرسة دار الحنان جميع المراحل الدراسية، وفي الجامعة، بدأت تتكون ملامح شخصيتي وتوجهاتي، بدأت أناقش وأجادل وأحلل كل شيء من حولي، وبدأت أتعلم أكثر، وأتعرف أكثر إلى العالم من حولي، أجمل الأوقات بالنسبة لي حين تجتمع كل العائلة معا لمناسبة ما، أو أجتمع مع صديقاتي، هذه اللحظات وما تشيعه من جو الفرح والسعادة هي المفضلة بالنسبة لي. وحياتي مجموعة من المحطات، كل محطة شكلت جزءا من شخصيتي، ولكن تبقى لحظة وفاة والدي هي المحطة الأصعب والأكثر قساوة في جميع مراحل حياتي.
 
ماذا عن ذكرياتك مع أسرتك وعلاقتك بوالديك وأخويك؟
أحمل أجمل الذكريات عن أسرتي، فما بين صرامة والدتي وليونة أبي وحب أخوي لي نشأت، والدتي كانت صارمة في تربيتي إلى حد ما، لا تقبل المساومة أو الاستهتار، فتعلمت منها الجدية والاجتهاد في دراستي وحياتي بوجه عام، فراستها وحدثها الذي لا يخطئ كان يعجبني، لكل شيء لديها أصول وقواعد ربتني عليها. والدي كان يتبع أسلوب الليونة والمرونة في تربيتي، تعلمت منه الكثير، كان عاشقا للفن وتاجرا محترفا كثير الأسفار، تعلمت منه كيف أحافظ على شعرة معاوية مع الآخرين، وكيف أكون متسامحة. أحببت الفن من خلاله، فقد كان يشجعني على تعلم كل أنواع الفنون، كما تعلمت منه أصول التجارة وأسرارها، إذ كان يأخذني منذ صغري في رحلاته التجارية لأتعلم منه، ولم يكن يعطيني دور المراقب، بل كان يسمح لي بدور المحاور، ليرى كيف أستطيع إتمام الصفقات التجارية، تعلمت منه الصبر وحب الحياة. أخواي هم حائط الأمان بالنسبة لي، فخوفهما وحرصهما علي لا يقدر بثمن، وتربطني بهما صلة صداقة وحب، تعلمت منهما ومازلت أتعلم الكثير سواء في التجارة أو الحياة العامة.
 
لماذا اخترت مجال الاقتصاد بالتحديد والتعمق في دراسته؟
دخلت مجال الاقتصاد بمحض الصدفة، فقد كنت أخطط للسفر إلى الخارج بعد حصولي على الشهادة الثانوية، وذلك لدراسة الطب البشري أو الهندسة النووية، ولكن لم توافق والدتي على سفري لصغر سني في تلك الفترة، فكانت محطتي هي كلية الاقتصاد والإدارة بجامعة الملك عبدالعزيز، لم أكن أعرف شيئا عن علم الاقتصاد الذي كان ضمن موادي، ولكن عشقت هذه المادة منذ المحاضرة الأولى، وقررت منذ ذلك الوقت أن أتخصص فيه، ولقد أحببت هذا العلم، لأنه مرتبط بالواقع، ويشمل كل جوانب حياتنا اليومية، ومرتبط بالدين والسياسة وعلم النفس والاجتماع، إضافة إلى ما لمست في مواده من تحدٍ للعقل والتفكير، وارتباطه بالتحليل والمنطق. وقد أعتبر نفسي من المحظوظات، لأنني قد تتلمذت وأخذت هذا العلم على يد أساتذة قديرين ومميزين لم يبخلوا علينا بعلمهم، وكانت كل محاضرة هي لتحدي العقل وإثبات قدراتنا على الاستمرارية والنجاح. وها أنا الآن أكمل مسيرتي وأتعمق أكثر في دراسة هذا العلم.
 
حصلتِ على شهادتي ماجستير في الاقتصاد وتحضرين الدكتوراه .. فإلامَ تسعين من خلال الدراسة؟ ولماذا لم تكتفي بنجاحك في إدارة مشاريعك الحالية مع الأسرة؟
العلم بالنسبة لي هواية، والعمل في التجارة وراثة، وأنا أحب الاثنين، ومن الصعب التخلي عن أحدهما. دراستي للماجستير كانت صدفة وتوفيق من الله، وهي التي قادتني إلى العمل كأكاديمية، ومن هنا استمرت مسيرتي في الدراسات العليا، ولقد حاولت أكثر من مرة أن أكتفي بالعمل في إدارة مشاريع الأسرة الخاصة، ولكن عشقي للعلم يقودني مرة أخرى للكتب ومواصلة أبحاثي. وأنا لا أرى أي تعارض بين المجالين، إضافة إلى أن دراستي تفيدني وتوسع مداركي لإدارة أعمال الأسرة بشكل أفضل.
 
يرى البعض أن الممارسة العملية والموهبة في الأساس أهم من الدراسات العليا التي يعتبرونها مضيعة للوقت، كيف تجيبين عن هذا؟
العلم يصقل الموهبة، والممارسة العملية الصحيحة لا بد أن تبنى على أساس متين وهو العلم، والمتعلم لن ينجح ما لم يكن موهوبا وقادرا على تطبيق ما تعلمه في الكتب على أرض الواقع، إذا هي حلقة متكاملة للنجاح. لكن، يجب ألا ننسى أن هنالك كثيرا من الناجحين الذين لم يحصلوا على شهادة الماجستير أو الدكتوراه، ولكن لديهم القدر من العلم والموهبة والشخصية والقدرات وفريق العمل الكفوء، هذه العوامل مجتمعة هي التي قادتهم للنجاح.
 
يحتاج عملك كمحاضِرة في كلية الاقتصاد، وفي إدارة مختلف فروع شركتكم Demetrios، ودراستك الكثير من الوقت والجهد .. فكيف توفقين بينها؟
ترتيب المهام و الأولويات شيء أساسي في الحياة، إضافة إلى تنظيم الوقت والإعداد المسبق لجدول الأعمال، عملي محاضرة ينتهي في منتصف اليوم، ويبدأ بعدها العمل الخاص الذي أديره أنا وأخويّ كارم وجلال الهاشمي، نحن فريق عمل متكامل ومتفق على العمل معا لإدارة شركتنا وتقسيم المهام والمسؤوليات في ما بيننا، بحيث يكون هنالك لكل واحد منا وقته الخاص الذي يقضيه بعيدا عن متاعب العمل ولممارسة الحياة اليومية والاجتماعية. لا أنكر أن هناك أياما لا تكفي فيها الـ 24 ساعة للانتهاء من المهام المطلوبة، ولكنه نوع من التعب الجميل الذي ينتهي بابتسامة رضا عن النفس، ولا تنسي أن هناك فريق عمل متكاملا تحت إدارتنا تم اختياره بدقة للقيام بالكثير من الأعمال والمهام.
 
ما طبيعة عملك الحالي؟
حاليا أعمل محاضرة في قسم الاقتصاد بجامعة الملك عبدالعزيز، وعضوة في مجلس إدارة شركة «اللآلئ الذهبية» التي أشارك فيها أخويّ كارم وجلال الهاشمي، وهي الوكيل الحصري للعلامة التجارية Demetrios وكامل منتجاتها من فساتين الأفراح والسهرات وخدمات التجميل في منطقة الخليج العربي، إضافة إلى وكالات أخرى. عملي في الشركة جزء منه يتركز في إدارة الحسابات والعلاقات مع الشركات الأجنبية في الخارج، وإدارة Demetrios Center المسؤول عن تقديم خدمات التجميل، إضافة إلى مهام أخرى مشتركة مع أخويّ.
 
هل دفعتك الظروف أو ربما الصدفة إلى عالم الجمال أم هو شغفك؟
الظروف هي التي قادتني لهذا العالم بحكم طبيعة نشاط شركتنا المتمثل في مجال الموضة والأزياء، والذي يمتد لأكثر من خمسة وثلاثين عاما، فقد نشأت منذ صغري وأسرتي تعمل في هذا المجال، إضافة إلى الرحلات التجارية التي كنت أسافر إليها برفقة العائلة، وأتعلم منها الكثير، وأشاهد فيها كيف تقترن الموضة والجمال في عالم واحد. الجمال والموضة جزءان مرتبطان، فمن خلال عروض الأزياء ومقابلة المصممين والمتخصصين في مجال الموضة والجمال بدأ اهتمام شركتنا بهذا العالم، وقررنا أن نتوسع في نشاطنا وتقديم خدمات متكاملة لعميلاتنا، ليشمل خدمات التجميل والتخصص فيها، وبالتأكيد لولا وجود الشغف بهذا العالم الجميل لما تمكنا من النجاح والاستمرار فيه.
 
ما هواياتك؟ وكيف تمضين أوقات فراغك؟
لدي هوايات متعددة، منها القراءة والرياضة والكتابة، أهتم بالفنون والتاريخ والآثار والتعرف إلى الحضارات والثقافات المختلفة، فلكل حضارة أسرارها التي نتعلم منها الكثير، أحب اقتناء القطع الغريبة، وجمع أكواب القهوة من كل بلد أو مكان أقوم بزيارته.
 
لا يوجد لدي وقت فراغ عموما، ولكن هنالك وقت لنفسي أبتعد فيه عن العالم الخارجي، كما أنني أهتم كثيرا بالحياة الاجتماعية ووقت للصديقات، إضافة إلى البحث عما هو جديد في مجال عملي.
 
من داعمك الأول ومصدر طاقتك؟
والدي، رحمه الله، هو داعمي الأول ومصدر قوتي، لقد كان أبي وصديقي، كان يشجعني على الإقدام والمغامرة وتعلم كل ما هو جديد ومفيد في جميع أمور حياتي العلمية والعملية، هو من جعلني أعشق التجارة منذ نعومة أظفاري وعلمني أصول و خفايا هذا العالم، فهو منذ صغره كان تاجرا أيضا وينتمي إلى عائلة تعمل في التجارة منذ زمن بعيد. وهو الذي رافقني في أول رحلة لي لإتمام دراستي في الخارج، و تحمل من أجلي الكثير، وشجعني على الاستمرار على الرغم من الصعوبات التي مررت بها في الشهور الأولى من سفري.
 
أستمد قوتي أيضا من أخويّ، فنحن أخوة وأصدقاء ندعم وننصح بعضنا البعض، تعلمت منهم الكثير في كل أمور حياتي العامة والعملية، ونحن نعمل معا على إدارة شركتنا، ونسعى لإنجاحها بكل المقاييس.
 
وتبقى والدتي قبل وبعد كل هذا، فهي التي تستمع لي، وتنصحني وتشجعني على الاستمرار مهما كانت الضغوط والمصاعب.
 
ما نصيحتك لكل امرأة طموحة؟
الاستفادة من كل يوم لتعلم أشياء جديدة، عدم التوقف عند مرحلة واعتبارها القمة، لا أحد يصل للقمة، لأن من يصل إليها يتجه للهبوط، مهم جدا أن تسعى كل واحدة لتحقيق أحلامها، وألا تيأس مهما كانت الصعوبات، دائما هنالك نهايات جميلة في الحياة لمن يصرون على بلوغ خط النهاية.
 
كيف تنظرين إلى المستقبل؟
النجاح هو ما أسعى إليه، حصولي على شهادة الدكتوراه والتوسع في مجال العمل الخاص، فتح مزيد من فروع Demetrios في المنطقة، لا يوجد حدود إلى ما أسعى وأطمح إليه، فكل يوم سوف يجد ما هو جديد، هدفي أن أنظر كل يوم إلى المرآة وأبتسم ابتسامة رضا عن نفسي وعما استطعت
تحقيقه كادر عن العروس ومتطاباتها
 
كيف ظهرت فكرة إنشاء مركز للتجميل وتجهيز العرائس تحت مسمى العلامة التجارية Demetrios؟ وهل هو امتداد لسلسلة من مراكز التجميل في الخارج؟
فكرة إنشاء مركز للتجميل يحتوي على صالون وسبا وقسم متخصص لتجهيز العرائس لم تكن فكرة وليدة الصدفة، ولكنها فكرة ومشروعا كان التخطيط له قائما منذ أكثر من خمس سنوات، وذلك بهدف التوسع في تقديم الخدمات لعميلاتنا، وعرائسنا بشكل خاص وسيدات المجتمع بوجه عام.
 
حيث إنه وبعد أن تم الاتفاق على صورة مبدئية للمركز، تم التواصل مع شركة Demetrios في الخارج لمناقشة الأمر، ولقد رحبت جدا بالفكرة وبإطلاق مسمى Demetrios على المركز، وتم الافتتاح في الأول من شهر ديسمبر للعام 2010، وهو يعتبر المركز الأول على مستوى العالم لهذه العلامة التجارية، والذي يهتم بتقديم خدمات العناية المتكاملة بالمرأة وجمالها، إضافة إلى قسم خاص للعناية بالعرائس على أيدي مجموعة من العاملات المتميزات كل في مجالها، وسيكون هنالك خلال الأشهر المقبلة تعاون مميز بين مركز Demetrios في مدينة جدة ومجموعة من الصالونات العالمية في أوروبا، وسيعلن عنها في حينه، إضافة إلى افتتاح فروع لمركز Demetrios على مستوى العالم.
 
كيف وفقتم بين المقاييس العالمية لتتناسب وذوق المرأة السعودية؟
بداية بعد أن حصلنا على وكالة Demetrios كانت أهم خطوة أن نقرب وجهات النظر بين ما تنتجه هذه الشركة من ملابس الزفاف التي تميل للبساطة لتلبي طلب العروس الأوروبية وبين ما تفضله العروس في السعودية، وقد نقلنا لهم المطلوب في السوق العربي بشكل العام، واحتياجات المرأة السعودية، وذلك من خلال خبرتنا في مجال الأزياء الممتدة لأكثر من ثلاثين عاما،  ومع الوقت أصبح هناك تقارب في الأذواق بشكل كبير بين ما ترتديه المرأة في السعودية وما تفضله المرأة الأوروبية، فالموضة والأناقة أصبحتا الآن لغة عالمية مشتركة تتفق عليها جميع النساء في كل مكان، وأصبحت فساتين زفاف Demetrios من أكثر القطع المفضلة لدى العروس السعودية والخليجية بوجه عام.