رجل الأعمال الشهير Nirmal K. Sethia لـ"هي": الشاي كالمرأة لا يُحكم عليه من مظهره وإنما من طبيعته ومزاياه

في هذا الحوار المميز نتعرف الى رجل الأعمال الشهير نيرمال سيثيا Nirmal K. Sethia البريطاني من أصل هندي الذي يملك مجموعة "إن.سيثيا فاونديشن" المتعددة المجالات: تكرير السكر، وإنتاج حبر الطباعة السري الخاص بطباعة العملات، والاستثمارات العقارية في دبي والهند وألمانيا والنرويج وروسيا والمملكة المتحدة، والتي دخلت أخيرا مجال العمل المصرفي. واللافت للنظر أنه يخصص معظم ووقته لهوايته "الشاي"، الذي أسس لها شركة خاصة Newby teas of London  مهمتها "إنتاج الشاي الفاخر وزراعته وتغليفه" ورغم أن هذه الشركة لا تمثل إلا 15% من حجم استثماراته فهو يوليها 85% من اهتمامه ووقته، ولذلك دار معظم الحديث معه عن هذه الهواية.
 
تستثمر في مجالات عديدة لا علاقة لها ببعض، لماذا؟
 
لله الحمد، مجموعتنا N. Sethia charity Foundation قوية جدا، وطريقنا مستقر وفي نمو مستمر، وتركيزنا منصب على الصناعات المرتبطة بالأغذية وعلى العقارات. وأنا مساهم وعضو في مجلس إدارة بنك إي إس بانكرز (دبي) المحدودة ضمن مركز دبي المالي العالمي. كما أمتلك استثمارات عقارية في دبي. إضافة إلى كل ذلك يأتي مجال عملنا الأساسي، والذي يحظى بالاهتمام وهو "نيوبي". ولا شك أننا نتطلع إلى توسيع أعمالنا في قطاع الأغذية في الشرق الأوسط أينما وحالما تتوفر الظروف المواتية لذلك. 
 
كيف أيقظ الشاي روح الإلهام لديك؟ وكيف بدأت قصتك معه؟ ومتى؟
 
منذ نعومة أظفاري كانت لديّ رغبة جامحة في أن أقف على قدمي من دون أن أعتمد على ثروة أبي المقدرة بملايين الجنيهات الإسترلينية. كان والدي راضيا عني، وشاءت إرادة الله أن أحصل، على نحو غير متوقع، على فرصة عمل كمتدرب في شركة وساطة تعمل في مجال الشاي.
 
كان أبي مندهشا من الراتب الزهيد الذي كنت أتقاضاه، وهو سبعة شلنات أسبوعيا. لذلك، قدم لي أبي وصاياه الثلاث: إياك والكذب، لأنك ستفقد الثقة بنفسك حين يُكشف أمرك، وإياك والغش، لأن المال لله وحده، وإياك والادعاء والتباهي، لأنك لن تتعلم شيئا. ولقد التزمت بوصايا أبي التزاما تاما.
 
من الواضح شغفك الشديد بالشاي، كيف لك أن تصف هذا المشروب الغني؟
 
يمثل الشاي حبي الأول والدرجة الأولى التي ارتقيتها على سلم النجاح. والشاي كالحبل السري الذي يربطني بالطبيعة الأم بأرهف المعاني وأرقاها. وهو بالنسبة لي أن تعيش أجواء الرومانسية حين تتذوقه. لكن حتى ندرك مزايا الشاي، يجب علينا أن نتحلى بالانضباط والتركيز عند تذوقه وملامسته لخلايا التذوق في الحلق.
 
كيف أدى كل هذا الشغف إلى ظهور شاي نيوبي وشركته الرائدة عالميا؟
 
أردت أن يشاركني الناس هذه التجربة من خلال إنتاج وتقديم شاي نيوبي. وتعود ملكية جزء كبير من الشركة إلى مؤسسة خيرية مسجلة في بريطانيا، بينما تملك بقية أسهمها مجموعة متنوعة من شركات الاستثمار الائتمانية. وتتمثل رسالة الشركة في توعية وخدمة المستهلكين بأرقى السبل وأنبلها عبر توفير أفخر أنواع الشاي بأسعار معقولة. فليس هناك أي حيل في أسلوب التسويق الذي نتبعه. كما لا نحاول أن نسوق أنواعا رخيصة أو غير جيدة من الشاي معلبة ومغلفة بعبوات جميلة المظهر تخدع العميل والمستهلك على حد سواء. وبفضل من الله ثم تفانينا في العمل، وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم. لقد أضحى شاي نيوبي الشاي العلامة الأكثر زخرفة وجودة في العالم، إذ حصلت العلامة التجارية على أكثر من 75 جائزة دولية خلال 13 سنة فقط.
 
هل يمكن أن تخبر القارئات عن الأنواع المختلفة للشاي؟ وكيف يمكنهن التعرف إلى مدى جودة ما يشربن؟
 
هنالك الكثير من أنواع الشاي، منها على سبيل المثال: الشاي الأسود (أكثر الأنواع شيوعا) والأخضر وأولونج والأحمر والأبيض، وهناك أيضا بعض الأنواع من الشاي الأصفر، لكن أكثر أنواع الشاي انتشارا هي الأنواع المذكورة أعلاه. أما أصناف الشاي الممزوجة مع منتجات أخرى، فينبغي أن تُسمى خلطات وليس شايا. فمنتجات مثل البابونج والنعناع وثمر الورد والكركديه تُعرف بشكل أفضل باسم Tisanes.
 
الشاي الفاخر لا يُحضّر لكي "يُشرب"، بل لكي "يُحتسى" حتى يوقظ الحليمات الذوقية على نكهة الشاي المخمر المرهفة. الشاي ثقافة عميقة. وإذا أردت أن تحتسي شاياً فاخراً، يجب أن تتحلى بالصبر. فتحضير الشاي فن قائم بذاته، ينبغي لمَن يحضره أن يولي أقصى درجات الاهتمام بالمقادير الدقيقة والماء المناسب ودرجة حرارة الماء الصحيحة ومدة التخمير. وتختلف المعايير باختلاف أنواع الشاي. وقد وُضعت هذه المعايير على يد أشهر ذواقي الشاي في العالم، بعد طول تأمل وتركيز، حتى يحصل شارب الشاي على أروع مذاق.
 
وأنا أرى أن الشاي، كالمرأة، لا يُحكم عليه من مظهره وإنما من طبيعته ومزاياه، وكذلك على أنواع الشاي الفاخر بمزاياها عند تخميرها. فالأنواع الفاخرة من الشاي نادرة، وإن لم تُحفظ بشكل جيد، فستفقد بالتأكيد مزاياها وقيمتها. لكن السؤال هو: تُحفظ من ماذا؟ في الحقيقة، عدو الشاي هو الرطوبة والحرارة والتلوث التي تشوه نكهته ومزاياه.
 
لقد دخل هذه الأيام الكثير من الحيل والتلاعب في التسويق، وظهرت شركات ومؤسسات تسمي أنفسها "حكام الأغذية الفاخرة"، وتجمع الأموال من المشاركين في مسابقاتها، حيث تصدر الجوائز لأي منتج، سواء كان شايا أو قهوة أو زيتا. لكن هذه المؤسسات، في الحقيقة، يصح عليها القول "موجود في كل شيء، ولكن لا يجيد شيئا". فتوزيع ملصقات لوضعها على منتجاتهم عمل مضلل، لأنه يجعل المنتج مخالفا للقانون وغشا للعامة الأبرياء. بالنسبة لي، هناك جائزة واحدة فقط أعترف بها وأقدرها، وهي الجائزة العالمية في أميركا الشمالية.
 
انحدرت ثقافة الشاي في القرن العشرين من مكانتها الرفيعة إلى أدنى مستوى لها. ويعود السبب في ذلك إلى جشع بعض شركات التعبئة من عديمي الضمير. فالشاي ثقافة لها تاريخ وتقاليد عريقة، وأنواع الشاي الرديئة فقط هي التي تحتاج إلى مزجها بالحليب أو السكر أو غيرها من المنكهات لإخفاء الطعم المنفر للشاي الفاسد أو الذي أصابته الرطوبة أو امتص الروائح.
 
وأنصح بالدخول إلى الموقع الإلكتروني Da Hong Pao لمعرفة المزيد والثمن الذي تُباع به أنواع الشاي الفاخرة، فهناك شاي يبلغ سعر الكيلو منه ملايين الدولارات.
 
تابعوا الحوار كاملا في العدد 236 لشهر أكتوبر 2013.