ليلى زاهد، مؤسسة علامة baldhead world of vintage

ليلى زاهد تكتب لـ"هي": المستقبل ليس فقط لما هو جديد

مجلة هي
27 أكتوبر 2025

بقلم ليلى زاهد، مؤسسة علامة baldhead world of vintage

لم يعد الفينتج مجرد موضة عابرة، بل أصبح جزءا من حوار عالمي حول الاستدامة والهُوية. فالعالم اليوم يبتعد شيئا فشيئا عن الإفراط في الإنتاج، ويبحث عن طرق مسؤولة في الاستهلاك. وهنا يأتي دور الفينتج كخيار عملي وأنيق في آن واحد: فهو يمنح المنازل طابعا فريدا لا يتكرر، ويمنح أرضنا استراحة من دوامة التصنيع المتواصل.

في زمن يتسارع فيه كل شيء، وتذوب فيه التفاصيل أمام موجة الإنــتـــــاج الكثـــيــف والمـــوضــــة السريعة، يبرز "عالم بولدهد للفينتج" ليمثل مساحة مختلفة، مـســاحــــة تستـــعــيـــــد فيــــهـــا الأشياء أصالتها، وتستعيد الذاكرة حضورها. حيث تقدم تجربة متكاملة تُعيد الاعتبار للتاريخ، وتحوّل الذكريات إلى لغة معاصرة في عالم التصميم.

من الفازات الزجاجية الإيطالية المورانو النادرة، إلى الساعات الكلاسيكية وقطع الديكور ذات الطابع الستيني، مرورا بقطع أثاث عتيقة والديكورات الفنية من السبعينيات، نُعيد تقديم الفينتج ليس لأنه خيار جمالي فحسب، بل لأنه فلسفة حياة. فلسفة تحتفي بالبطء، بالتأمل، وبالقدرة على رؤية الجمال فيما صمد عبر الزمن.

ولأننا نؤمن بأن كل قطعة تحمل قصتها، فإن دورنا يتجاوز البيع، ليصل إلى إعيادة الإحياء. كثير من القطع التي تصل إلينا تأتي وهي مثقلة بعوامل الزمن، لكننا نعيد إليها بريقها بحرفية ودقة، لنمنحها حياة جديدة. ترميم القطع بالنسبة إلينا ليس مجرد عملية إصلاح، بل هو حوار مع الماضي، وإبداع معاصر يمنح القطعة فرصة جديدة لتكون جزءا من البيوت الحديثة.

جزء آخر من فلسفتنا هو دعم العملاء في إعادة بيع قطعهم الفينتج. فبعض القطع تظل مرتبطة بمرحلة من حياة الإنسان، وحين يتجاوزها الزمن، يمكن أن تنتقل إلى شخص آخر يمنحها دورا جديدا. هذه الدورة الطبيعية بين البيع والاقتناء وإعادة البيع تجعل من الفينتج تجربة استدامة فريدة، مختلفة عن ثقافة الاستهلاك السريع. نحن نساعد عملاءنا على تقييم قطعهم، والبحث في تاريخها، ثم إيجاد المالك الجديد الذي سيحتفي بها.

إلى جانب ذلك، يفتح الفينتج بابا على الذاكرة الجماعية. في كل مزهرية قديمة، أو ساعة حائط كلاسيكية، أو كرسي خشبي صُنع قبل خمسين عاما، تكمن قصة؛ قصة بيت احتضنها، وأيدٍ صنعتها، ومجتمع مرّ بها. وهنا تكمن القيمة الحقيقية: ليست القطعة في ذاتها فقط، بل في الحكاية التي تحملها.

ونحن نرى أن الفينتج لن يظل مجرد خيار جانبي في عالم التصميم، بل سيصبح اتجاها رئيسا خلال السنوات المقبلة. الأسباب كثيرة. الاستدامة، وهي كلمة لم تعد رفاهية، بل ضرورة، والفينتج هو أحد أذكى الحلول لتحقيقها. التفرّد لا بد منه في عالم مغمور بالمنتجات المتشابهة، يبحث الناس عمّا يميز بيوتهم ويعكس هُويتهم. التقاطع بين القديم والجديد يخلق مساحات حيوية، حيث يمكن للفينتج أن يعيش بتناغم داخل مساحات حديثة، بل ويمنحها عمقا وبعدا إنسانيا.

في هذا السياق، نرى أن التصميم الداخلي سيشهد تحولات جذرية: مساحات معاصرة، ولكن بأرواح عتيقة؛ منازل حديثة تحمل بين جدرانها مقعدا من السبعينيات، أو مكتبة من الخمسينيات، أو قطعة خزفية نادرة، لتخلق توازنا بين الأصالة والحداثة.

الرحلة

"عالم بولدهد للفنتج" ليس مجرد متجر، بل هو منصة تُعيد صياغة علاقة الناس ببيوتهم. نحن نؤمن بأن كل قطعة فينتج هي استثمار طويل الأمد: استثمار في الجمال، وفي الذكريات، وفي المستقبل. نعمل على بناء ثقافة جديدة في المنطقة، حيث يصبح الفينتج جزءا طبيعيا من البيوت الخليجية، ويكون حضور هذه القطع ليس مجرد ديكور، بل امتدادا لهُويتنا الثقافية.

المستقبل ليس فقط لما هو جديد، بل أيضا لما هو صُنع ليبقى. فالفينتج، بما يحمله من قصص وحكايات، يشهد على زمن كانت فيه الأشياء تُصنع بأمانة وجودة تجعلها تعيش لعقود، بخلاف منتجات اليوم سريعة الزوال. وهكذا يواصل الفينتج عبور الأزمنة ليُعيد صياغة مفهوم الجمال.

من جدة إلى العالم، نواصل رحلتنا، حيث نؤمن بأن التصميم الحقيقي لا يُقاس بزمن صناعته، بل بقدرته على لمس الروح. وفي كل قطعة نعرضها، نحاول أن نمنح الناس ليس فقط ما يزين بيوتهم، بل ما يثري حياتهم، ويمنحهم اتصالا أعمق مع ذواتهم والعالم.