كيف يُعاد تشكيل مشاركة المرأة في علوم STEM؟

خاص "هي": من الاستراتيجيات الوطنية إلى منصة تيك توك.. كيف يُعاد تشكيل مشاركة المرأة في علوم STEM؟

مجلة هي

تشكل الإناث حوالي 35% فقط من خريجي العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في العالم وفق منظمة اليونسكو ولا تزال هذه النسبة على حالها منذ عشر سنوات. لكن هناك تغيرٌ في هذا الواقع في منطقة الشرق الأوسط، حيث تشهد هذه المجالات إقبالاً أكبر من النساء وبأعداد غير مسبوقة، وتهيمن النساء بنحو متزايد على قطاع تعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.

ففي دولة الإمارات العربية المتحدة، تمثل الخريجات 56% من الخريجين في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، كما أن 44.5% من طلاب الهندسة الجامعيين من الإناث، وهي من بين أعلى النسب المئوية في جميع أنحاء العالم). أما في المملكة العربية السعودية، فتشكل النساء 47% من خريجي أكاديمية الذكاء الاصطناعي.

وبالرغم من هذا التقدم المحرز، لا يزال هنالك مجال للتحسين لاسيما فيما يتعلق بالتمثيل المتساوي في القوى العاملة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، إذ تبلغ نسبة الباحثات في هذه المجالات اليوم نحو 19.5% فقط من إجمالي الباحثين عالميا، مما يوفر فرصة واضحة لمواصلة التقدم الحاصل في هذا الجانب. ويساعد التغير الحاصل في المنطقة في الأعراف الاجتماعية وزيادة ظهور النماذج النسائية والتطور في سياسات العمل على كسر هذه الحواجز التي عفا عليها الزمن. ومع زيادة تركيز اهتمام المؤسسات على المرونة والإرشاد والشمولية، باتت فرص النساء في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات أوسع وأكثر سهولة من أي وقت مضى.

خلال توقيع الشراكة بين منصة "مدرسة" للتعليم الإلكتروني التي تنضوي تحت مظلة مؤسسة "مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية" وبين "تيك توك" لإطلاق موجز "STEM" العالمي في دولة الإمارات
خلال توقيع الشراكة بين منصة "مدرسة" للتعليم الإلكتروني التي تنضوي تحت مظلة مؤسسة "مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية" وبين "تيك توك" لإطلاق موجز "STEM" العالمي في دولة الإمارات

دور فعال للمنصات الرقمية 

وفي حين تقود الاستراتيجيات الوطنية، مثل رؤية السعودية 2030 والاستراتيجية الوطنية للابتكار المتقدم في دولة الإمارات التغير المنهجي الحاصل في المنطقة، تؤدي المنصات الرقمية دوراً فاعلاً في إعادة تشكيل هذه المفاهيم وتفسح المجال أمام النساء في مجال العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في مختلف أنحاء المنطقة. إذ باتت هذه المنصات تشكل مراكز مجتمعية حيوية يتواصل فيها صناع المحتوى والمتعلمون والمعلومون في المنطقة ويتعاونون معاً لتطوير هذه المحالات. ويشهد محتوى العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات ازدهاراً كبيراً عبر الإنترنت، بدءاً من مقاطع الفيديو التوضيحية القصيرة وحتى البرامج التعليمية المعمقة، مما يوفر للشباب، لاسيما النساء، مسارات أكثر سهولة وقابلية للتطبيق للتفوق في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.

موجز STEM على "تيك توك" 

وفي هذا السياق رأت منصة "تيك توك" ضرورة توفير مساحات مخصصة للعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات على المنصات الرقمية لتشجيع المشاركة والإلهام. ويهدف موجز STEM الجديد الخاص بالمنصة إلى توسيع آفاق المستخدمين وإلهامهم وتعريفهم بهذا المحتوى الغني بالمعلومات والمصمم لدفعهم لممارسة التعلم مدى الحياة، بالإضافة إلى الأقسام الأخرى المتاحة على المنصة مثل "متابعة" و"من أجلك".

وتشجع "تيك توك" الشباب، عبر مقاطع الفيديو القصيرة والهادفة، على اكتشاف واستكشاف موضوعات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وتغيير مفهومهم عنها وجعلها أكثر سهولة ومتعة. وبذلك، تعمل "تيك توك" على توفير البيئات التي يمكن فيها للمهندسين وعلماء الرياضيات والمبرمجين الطموحين التعلم والمشاركة والتعاون، وبالتالي تمكين الجيل القادم من المبتكرين البارعين في حل المشكلات.

المبدعات والتحول الثقافي 

وتتصدر المبدعات في مجال العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات هذا التحول الثقافي والتعليمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتساعد في كسر القوالب النمطية وإرساء معايير جديدة تحظى فيها المرأة المتخصصة في هذا المجال بالتقدير وتسليط الضوء على دورها الفاعل.

ومن أبرز هذه الشخصيات @dareen_habib، التي حققت دروسها التعليمية الواضحة والمفصلة في الرياضيات ملايين المشاهدات. كما أنها تساعد آلاف الطلاب على تعزيز ثقتهم بقدراتهم من خلال تعليم الرياضيات البسيطة وتحويل العمليات الحسابية المعقدة إلى محتوى ممتع وسهل التعلم.

أما @lara_math8، وهي مصممة أخرى مشهورة، فتستخدم سيناريوهات حل المشكلات الواقعية لجعل الرياضيات تبدو أكثر واقعية ومتعة. ويوضح عملها كيف يمكن للموضوعات التي يعتقد أنها صعبة أن تتحول إلى محتوى سهل الفهم عند شرحها بصبر وتأن.

وتعتمد @lklogic نهجاً مختلفاً في ذلك، إذ تدمج بين العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات والمعرفة العامة من خلال مقاطع الفيديو ذات الإيقاع السريع وتلك التي يتم شرح المحتوى فيها بخط اليد. وقد أثبتت من خلال عدد المتابعين البالغ نحو 9 ملايين أن المحتوى التعليمي قد يكون محتوىً ترفيهياً أيضاً، يلهم أعداداً كبيرة من المتابعين في جميع أنحاء المنطقة.

وتقدم @jenanalshehab، وهي مهندسة كويتية ومدربة غوص، العلوم بطريقة السرد القصصي، ما يمنحها بعداً إنسانياً جميلاً. وتجمع في محتواها ما بين التعليم والفضول البشري لاستكشاف كل شيء بدءاً من البيئات البحرية وحتى الهندسة الكهربائية. وهي تلهم الفتيات لمتابعة مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات من خلال الاستكشاف الإبداعي على أرض الواقع.

فيما تركز @qadrat_rawan على المنطق والكفاءة والاستعداد الأكاديمي، وهي نواحي مهمة للتفوق في التقييمات. ويحظى المحتوى الذي تقدمه بقبول كبير لدى الطلاب الذين يستعدون للجامعة، لاسيما الفتيات اللاتي يستفدن من التعليم النسائي.

تقدم هذه السيدات نموذجاً لا يقتصر على التدريس وحده، بل يبني المجتمعات. فمن خلال التفاعلات بين النظراء والتعليقات والأسئلة والأجوبة، تشجع هؤلاء المبدعات على المشاركة النشطة، مما يحول المشاهدين السلبيين إلى متعلمين ومتعاونين فاعلين. ويعتبر هذا العنصر التفاعلي مهم للغاية في تغيير المفاهيم حول من يمكنه التفوق في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، ويسهم في تسليط الضوء على النساء المتفوقات في هذه المجالات.

ومن خلال الإنترنت تتوسع آفاق الشابات في المنطقة حول مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات لتخرج من نطاق الدراسة وحدها وتصبح مسار مهني حيوي يمكن تحقيقه. ومن خلال تسليط الضوء على المبدعات الناجحات، نأمل أن نغير بذلك التصورات في جميع أنحاء المنطقة، لتعزيز مشاركة المرأة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات والتفوق فيها.

ومن المتوقع أن تتجاوز آثار هذا التحول وسائل التواصل الاجتماعي إلى الواقع. وهو ما تعمل "تيك توك" على تحقيقه من خلال المساهمة في إثبات قدرة المرأة على النجاح في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات ضمن منظومة من التمكين والإلهام والتمثيل والمعرفة الحرة.

ومع مواصلة النساء قيادة مسيرة تعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في المنطقة وخارجها، فإن ما تقدمه منصة "تيك توك" عبر موجز STEM هو انعكاس لهذا التحول ومحفز لتسريعه. ورغم التقدم الكبير الذي تم إحرازه، يجب أن تستمر جميع منصات المحتوى الرقمي في إعطاء الأولوية لتشجيع الفضول وتعزيز الثقة وتعزيز المجتمع لتشكيل مستقبل تكون فيه المرأة في مجال العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات هي القاعدة وليس الاستثناء.