تكرار اختبار الغيرة مع الزوج يهدد استقرار الزواج

هل اختبار الغيرة دليل حب أم تهديد لاستقرار الزواج؟

ريهام كامل
12 ديسمبر 2025

تولد الغيرة في العلاقات العاطفية من الحب والخوف من خسارة الشريك لأي سبب كان، وهي شعور إنساني جميل متى ظل ضمن معدلاته المعتدلة. تلجأ بعض الزوجات إلى اختبار الغيرة مع الزوج على اعتبار أنه دليل مؤكد على الحب والاهتمام. وعلى الرغم من صحة هذا الاعتقاد، إلا أن التعامل مع الغيرة يحتاج إلى وعي عميق وحكمة بالغة، تجنبًا لتحولها إلى مصدر توتر داخل العلاقة. فكيف نميز بين الغيرة الصحية والغيرة المرضية المرهِقة؟ ومتى يكون اختبار الغيرة علامة حب، ومتى يصبح تهديدًا لاستقرار الزواج؟ما هو اختبار الغيرة؟

على الزوجة أن تتعامل مع اختبار الغيرة بوعي وحرص شديد
على الزوجة أن تتعامل مع اختبار الغيرة بوعي وحرص شديد

ماذا يعني اختبار الغيرة مع الزوج؟

يشير اختبار الغيرة إلى فعل مقصود أو غير مقصود تقوم به الزوجة لمعرفة مدى حب الزوج لها، ومدى اهتمامه أو خوفه من فقدانها، مثل إثارة انتباهه للآخرين، أو التلميح بإعجاب أحدهم بها عبر أحد المواقف، أو غير ذلك من المواقف التي تختبر بها غيرة الزوج عليها.

الغيرة في حد ذاتها ليست مشكلة؛ فهي دليل على الحب وتفكر فيها الزوجة أغلب الوقت على أنها حماية وأمان لها، ورسالة دافئة تطمئنها عن مكانها في قلب زوجها. ولكن، يجب التفرقة بين الغيرة كشعور نابع من الفطرة، والغيرة التي يتم الحث عليها من خلال اختبار الغيرة الذي قد يؤدي تكراره إلى شعور الزوج بأنه في اتهام دائم، وعليه أن يدافع عن نفسه دائمًا. هنا يتزعزع استقرار العلاقة الزوجية، وتبدأ سلسلة لا نهاية لها من المشاكل والخلافات.

لماذا تلجأ الزوجة إلى اختبار الغيرة؟

بحسب "أميرة داوود" دكتورة علاج شعورى وعلاج بالطاقة الحيوية دكتوراه صحة نفسية جامعة سيلينس إنجلترا، تلجأ الزوجة لاختبار الغيرة مع الزوج لفقدانها الشعور بالأمان من خبرات سابقة، ولحاجتها للاطمئنان والأمان في علاقتها بزوجها، ولدوافع أخرى عديدة أبرزها ما يلي:

  • الخوف من الإهمال أو تغير مشاعر الزوج نحوها.
  • تعرضها للخيانة أو التجاهل.
  • حاجتها إلى تقدير الذات.
  • الاعتقاد الخاطئ بأن الغيرة بكل أنواعها وفي كل الأوقات هي دليل حب قوي.

توكد د. أميرة، أن هذه الأسباب تجعل اختبار الغيرة محاولة لتعويض نقص داخلي، بدلًا من معالجة المشكلة من جذورها لتحقيق أكبر قدر من الاستقرار الضروري لتحقيق التناغم والانسجام في العلاقة.

متى يكون اختبار الغيرة خطرًا على العلاقة؟

يصبح اختبار الغيرة خطرًا على العلاقة الزوجية عندما:

  • يصبح سلوكًا متكررًا من الزوجة.
  • يُستخدم كوسيلة للضغط أو السيطرة.
  • يُشعر الزوج بالشك الدائم أو التقليل من جهوده.
  • يؤدي إلى زعزعة استقرار الزواج، وذلك بسبب تكرار حدوث الخلافات.

في هذه الحالات، لا يعكس اختبار الغيرة حبًا، بل يكشف عن خلل في التواصل بين الزوجين أو فقدان الأمان العاطفي في العلاقة.

هل الغيرة مقياس للحب؟

في بعض الحالات تكون الغيرة دلالة حب، عندما تكون طبيعية وفي مواقف تلقائية غير مختبرة، ولكن في حالات أخرى تكون انعكاسًا لمشاعر الارتباط والخوف من الفقد، فبحسب د.أميرة، يمكن أن تنبع من الحب كما قد تنبع من القلق أو انعدام الأمان. فالحب الحقيقي يقوم على الثقة والاحترام والتواصل الواضح، لا على مراقبة الشريك أو اختبار مشاعره.

ببساطة يمكن القول إن الغيرة المعتدلة قد ترافق الحب، لكنها لا تصلح وحدها لتكون معيارًا لقياسه، لأن عمق الحب يُقاس بقدرة الطرفين على بناء الأمان العاطفي لا بإثارة الغيرة أو اختبارها.

ما الفرق بين الغيرة الصحية والغيرة المضرة؟

الغيرة الصحية هي الغيرة الطبيعية المعتدلة التي تُبنى على الثقة، ويتم التعبير عنها بهدوء. يعززها الشعور بالمودة والرحمة، وتوافر الأمان في العلاقة بين الزوجين. كما أنها تؤتي ثمارًا طيبة تعود على الحياة الزوجية بإيجابية.

أما الغيرة المضرة التي تقوم دائمًا على اختبار المشاعر، فهي مرهقة نفسيًا للطرفين، لأنها عادة ما تكون مصحوبة بقلق وتوتر، ولذلك تسبب ضعف التواصل بين الزوجين.

وتؤكد د.أميرة على ضرورة فهم الحقيقة، وهي أن اختبار الغيرة ليس معيارًا للحب. كما ان تكرار حدوثه يحوله من أداة للاطمئنان إلى سبب فجوة نفسية بين الزوجين.

كيف يؤثر اختبار الغيرة على الزوج؟

قد يشعر الزوج في البداية بالاهتمام أو الغيرة الإيجابية، لكن مع التكرار تظهر تأثيرات سلبية للغاية، هي:

  • انعدام الثقة في النفس أو في العلاقة، وكلاهما يعجل بفشل الزواج.
  • شعوره بالاتهام الدائم.
  • تكرار دفاعه عن نفسه في العلاقة قد يزيد من احتمالات انسحابه عاطفيًا من العلاقة الزوجية.

كيف يمكن الحفاظ على التوازن العاطفي دون اختبار الغيرة؟

بدلًا من اختبار الغيرة، يمكن اعتماد بدائل أكثر صحة مثل:

  • المصارحة والمكاشفة بين الطرفين دون استخدام التلميح أو الاختبار.
  • تعزيز الثقة بالنفس لأنها ستحول دون الحاجة لهذا الاختبار.
  • التقدير المتبادل لبناء الأمان العاطفي واستقرار العلاقة الزوجية.
  • فهم تصرفات الزوج بوعي بعيدًا عن أي مخاوف.
  • التمييز بين الحدس والشك، لأن القلق لا يعني بالضرورة أن هناك ما يضر بالعلاقة من جانب الزوج.
تكرار اختبار الغيرة مع الزوج يشعره انعدام الثقة فيه
تكرار اختبار الغيرة مع الزوج يشعره انعدام الثقة فيه

هل يمكن أن يكون اختبار الغيرة رسالة؟

نعم، نفسيًا، وبحسب د.أميرة، تقوم الزوجة باختبار الغيرة كرسالة للزوج لتخبره بحاجتها للاهتمام. أحيانًَا من أجل لفت نظره إلى احتياجات غير ملباة لديها. وقد يكون مضمون الرسالة "أحبك وأخشى فقدانك"

هنا يجب على الزوج أن يحتوي مخاوف الزوجة، وأن يهتم باحتياجاتها، وأن يطمئنها ليساعدها على عدم اختبار مشاعره مرة أخرى ضمانًا لتحقيق الاستقرار العاطفي في الزواج.

كما توصي الزوجة بالمصارحة بدلا من اختبار الغيرة كونها أقصر الطرق نحو الطمأنينة، وتجنبًا لإساءة فهمه من قبل الزوج.

في النهاية، اختبار الغيرة مع الزوج قد يبدو في ظاهره وسيلة للاطمئنان، لكنه في جوهره مرآة تعكس مستوى الأمان العاطفي داخل العلاقة. فالحب لا يُقاس بكم الغيرة، بل بعمق الثقة والقدرة على التعبير عن المشاعر بصدق.

تذكروا أن الحوارات الواضحة والصريحة خيرٌ من ألف اختبارٍ للغيرة، وأن الثقة المتبادلة تحافظ على التوازن العاطفي في العلاقة.