افهمي كيف تؤثر الحالة النفسية على الانسجام الزوجي

كيف تؤثر الحالة النفسية على الانسجام الزوجي؟.. خبيرة نفسية تجيب!

ريهام كامل
7 نوفمبر 2025

هل يمكن أن تنهار علاقة مليئة بالحب بسبب ضغوط نفسية خفية؟ وهل من الممكن أن تفتر المشاعر بين الزوجين، لا لأن الحب انتهى، بل لأن الحالة النفسية لأحدهما لم تعد كما كانت؟

في الحقيقة، الانسجام الزوجي لا يقوم على الحب وحده، بل يحتاج إلى توازن نفسي وعاطفي بين الطرفين. فعندما يمر أحد الزوجين بمرحلة من القلق أو التوتر أو الاكتئاب، تنعكس حالته النفسية على جودة التواصل مع شريكه، وتتغير حتى لغة الجسد ونبرة الصوت، لتؤثر بشكل مباشر في شكل الحياة الزوجية واستقرارها.

من المهم أن يدرك الزوجان أن الاضطراب النفسي يمكن أن يتسلل بصمت إلى تفاصيل العلاقة، فيحول الدفء إلى برودة، والتفاهم إلى سوء فهم متكرر. وهنا يبدأ غياب الانسجام بين الزوجين وتتوتر العلاقة دون سبب واضح.

في هذا المقال، وبتوصيات مهمة من "أميرة داوود" دكتورة علاج شعورى وعلاج بالطاقة الحيوية،  دكتوراه صحة نفسية جامعة سيلينس إنجلترا، سنستكشف سويًا كيف تؤثر الحالة النفسية على الانسجام الزوجي، وكيف يمكن لكل من الزوج والزوجة أن يعيدا التوازن إلى حياتهما العاطفية، لتعود العلاقة مليئة بالمودة، الراحة، والتناغم من جديد.

الضغوط النفسية تضعف التواصل بين الزوجين وتؤثر في الانسجام الزوجي

كيف يتأثر الانسجام الزوجي بالحالة النفسية للزوجين؟

الحالة النفسية هي مجموعة المشاعر والتصورات الداخلية التي تؤثر على نظرة كل من الزوجين لنفسيهما وللآخرين. عندما يكون الإنسان متزنًا نفسيًا، يشعر بالرضا والهدوء وتزيد لديه القدرة على العطاء، أما عندما يمر بحالة من التوتر أو الحزن، يصبح أكثر حساسية ، وتزيد سرعة انفعالاته.

إن استقرار الزواج لا يتحقق بدوام الحب والتفاهم فقط بل بدوام استقرار وهدوء النفس أيضًا، وهذا ما تؤكده د. أمير ة داوود.

فالزوج أو الزوجة اللذان يحملان همومًا داخلية، غالبًا ما ينقلانها لبعضهما البعض بطريقة غير مباشرة  سواء عبر الصمت، العصبية، أو حتى التجاهل غير المقصود.

كيف تؤثر الحالة النفسية على الزوج؟

تختلف طبيعة الرجل عن المرأة، فهو لا يعبر عن مشاعره بسهولة. لكنه حين يتأثر نفسيًا، يظهر ذلك في سلوكه اليومي دون أن يتكلم. فقد يصبح أكثر صمتًا وانعزالًا، أو يفضل البقاء خارج المنزل لفترات أطول، أو يتفاعل بعصبية مع أبسط الأمور.

وبالنظر إلى هذه التغيرات، يتضح أن العامل النفسي في حياة الزوج مهم جدًا، ومن المواقف التي تؤثر سلبًا في الحالة النفسية للزوج ما يلي:

  • التوتر الناتج عن العمل أو الضغوط المادية.
  • الإرهاق النفسي الذي يجعله غير قادر على التعبير عن الحب أو المشاركة الوجدانية.
  • الشعور بالفشل أو فقدان السيطرة، مما يجعله أكثر حساسية لأي نقد من زوجته.

وهنا، تبدأ الزوجة في تفسير صمته على أنه "تغير في المشاعر"، بينما الحقيقة أنه تعب نفسي يحتاج إلى احتواء وتفهم، لا إلى عتاب وشجار.

من الطبيعي أن تؤثر الضغوط النفسية التي تتعرض لها الزوجة على علاقتها بالزوج

كيف تؤثر الحالة النفسية على الزوجة؟

المرأة بطبيعتها أكثر حساسية وتعبيرًا عن مشاعرها، لذا تتأثر نفسيتها سريعًا بالضغوط اليومية سواء من العمل، أو تربية الأبناء، أو تجاه الخلافات الزوجية التي تحدث بينها وبين زوجها. كل ذلك يؤثر على حالتها النفسية، والنتيجة تغير لا إرادي في طريقة التعامل مع الزوج والأولاد، يتزامن مع انعدام الرغبة في أي تواصل من أي نوع.

بحسب د.أميرة ، تتأثر المرأة نفسيًا بما يلي:

  • الحزن أو الإرهاق النفسي يجعلها أقل اهتمامًا بالتفاصيل التي كانت تعنيها من قبل.
  • التوتر المستمر يؤدي إلى نوبات غضب أو بكاء سريع.
  • الشعور بالوحدة أو الإهمال العاطفي من الزوج يدفعها إلى الانعزال والقيام بردود أفعال غير معتادة.

وهنا يكون دور الزوج أساسيًا، فالكلمة الطيبة، والاحتواء، والإنصات بصدق، قادرة على إعادة توازنها النفسي والعاطفي بسرعة.

لماذا يتأثر الانسجام الزوجي بالحالة النفسية؟

إن العلاقة بين الحالة النفسية والانسجام الزوجي علاقة واقعية وأكيدة، لأنه من الطبيعيي أن تنعكس الحالة النفسية الجيدة على الانسجام الزوجي إيجابًا، فعندما يكون الزوجان في حالة نفسية متزنة، يصبح الحوار بينهما أسهل، والتفاهم أسرع، والاختلاف لا يتحول إلى صراع.

أما عندما تتدهور الحالة النفسية لأي من الزوجين، يبدأ التواصل في التآكل تدريجيًا، وتتسع الفجوة العاطفية بين الزوجين دون وعي منهما. من هنا يتضح أن الانسجام الزوجي ليس غيابًا للمشكلات الزوجية بل القدرة على التعامل معها بسلام نفسي.

تقول د. أميرة، أن الحالة النفسية المتوترة تجعل كل طرف يفسر الكلمات بنظرة سلبية، ويرى في الملاحظات البسيطة هجومًا شخصيًا. ومع الوقت، يتحول سوء الفهم إلى تراكمات تضعف الانسجام الزوجي والتوافق العاطفي بين الزوجين. وفي زيجات عديدة ربما تزعزع استقرار العلاقة بالكامل.

تتحسن الحالة النفسية للزوجين ويتحقق الانسجام الزوجي بالتواصل الصادق الفعال بينهما

كيف يمكن الحفاظ على الانسجام الزوجي في ظل الضغوط النفسية؟

تحدد د. أميرة في ما يلي عدة توصيات مهمة جدًا في تعزيز العلاقة بين الزوجين، والحفاظ على الانسجام الزوج في ظل الضغوط النفسية، وهذه التوصيات هي:

  • التواصل الصادق

يجب على الزوجين التحدث عن المشاعر بوضوح يختصر الكثير من سوء الفهم. ليس ضعفًا أن يعبر كل من الزوجين عن شعورهما بالارهاق والتعب من المسؤوليات الحياتية المختلفة. التواصل الصادق يحارب الأثر السلبي للحالة النفسية على الزوجين، باعتباره أساس التفاهم والانسجام الزوجي.

  • الدعم النفسي المتبادل

من أجمل مظاهر المودة والرحمة والسكن بين الزوجين أن يكون كل طرف ملجأً نفسيًا للآخر. يتحقق ذلك من الاستماع الجيد، والاحتواء، والكلمة الطيبة، وكمات الشكر والتقدير، كل ذلك له أن يصنع فارقًا كبيرًا في تحسين الحالة النفسية.

  • احترام المساحة الشخصية

في بعض الأوقات، يحتاج أحد الزوجين إلى وقت قصير من الهدوء دون نقاش. الاحترام هنا لا يعني البُعد واهمال ما يمر به الطرف الآخر، بل تقديرحالته النفسية، والصبر عليه ومنحه الوقت الكاف.

  • الاهتمام بالصحة النفسية

يجب على الزوجين الاهتمام بكل ما يعزز الصحة النفسية لديهما، ومن أهم ما يجب البدء به عند التعرض للضغوط النفسية، تطبيق الأمور التالية:

  1. ممارسة الرياضة في الهواء الطلق والاستمتاع بالأجواء الطبيعية الجميلة.
  2. النوم الجيد، يجب الحصول على قدر وفير من النوم.
  3. قضاء وقت بعيد عن الضغوط، والتخطيط لقضاء نزهة قصيرة مع الشريك.
  4. عدم إهمال تأثير الحالة النفسية على الزوجين والانسجام الزوجي، واستشارة المختصين على الفور، لأنه في بعض الحالات، قد تحتاج العلاقة إلى تدخل استشاري أو متخصص نفسي،  وهنا يجب على كل من الزوجين التأكد من أن الذهاب إلى مختص ليس ضعفًا، بل خطوة واعية ونضج كبير لإنقاذ العلاقة من الانهيار الصامت بسبب تأثير الضغوط النفسية على الانسجام بين الزوجين.
أميرة داوود دكتورة علاج شعورى وعلاج بالطاقة الحيوية دكتوراه صحة نفسية جامعة سيلينس إنجلترا
أميرة داوود دكتورة علاج شعورى وعلاج بالطاقة الحيوية دكتوراه صحة نفسية جامعة سيلينس إنجلترا

ما هي أهمية توافر الوعي النفسي بين الزوجين؟

تؤكد دكتورة أميرة داوود على أن توافر الوعي النفسي بين الزوجين له أهمية كبيرة جدًا في تحقيق الانسجام الزوجي واستقرار الحياة الزوجية، لأن الوعي بالحالة النفسية يعني أن إدراك كل من الطرفين بأن المشاع المتقلبة لا تعني بالضرورة تغير الحب، وأن الضيق المفاجئ لا يعني فتور العلاقة.

كما أن التسليم بأن لكل من الزوجين مزاج من الممكن أن يتقلب، ونفس من الممكن أن تتوتر وتمر بفترات ضعف وتعب، يجعل التعامل بينهما أكثر لطفًا وواقعية، ويقلل من المشاحنات التي لا داعي لها.

خلاصة القول:

الحالة النفسية ليست أمرًا ثانويًا في الزواج، بل هي الأساس الذي يقوم عليه الانسجام الزوجي الحقيقي. فالحب وحده لا يكفي إذا غابت الراحة النفسية في العلاقة، والمنطق لا ينفع إن غابت المودة والرحمة. والانسجام الزوجي لن يتحقق بدون استيعاب أهمية الصحة النفسية للزوجين وتأثيرها على الحياة الزوجية.