
الحب أم التعود.. أيهما يحكم علاقتك؟.. الإجابة هنا!
في العلاقات العاطفية؛ يصعب أحيانًا التمييز بين الحب والتعود. قد يظن شخص ما أنه قد وقع في الحب، ولكنه في الحقيقة قد اعتاد على وجود الطرف الآخر في حياته، وشتان بين التعود والحب، فإن الفارق كبير جدًا بينهما.
الحب والتعود وعلى الرغم من تشابههما في بعض الأمور، إلا أنهما مختلفان تمامًا في الجوهر، فكل منهما يخلق رغبة بداخل الشخص في البقاء مع الطرف الآخر، لكن الفرق عميقًا بينهما، فالحب هو شعور دافئ ومتجدد، يتخلله الشغف، والعطاء، والرغبة في تحقيق سعادة الآخر. أما التعود فهو شعور مستقر، وخالي من الشغف، سببه الروتين والأنس بالشعور بالراحة الذي يحدث نتيجة الاستقرار.

ما الفرق بين الحب والتعود في العلاقات العاطفية؟
تقول "أميرة داوود" دكتورة علاج شعورى وعلاج بالطاقة الحيوية، دكتوراه صحة نفسية، جامعة سيلينس إنجلترا، أن كل من الحب والتعود وجهان لعملة واحدة، أحيانًا لا يمكن التفرقة ببينهما في بعض العلاقات على الرغم من اختلافهما جوهريًا في العديد من الأمور، فكلاهما يعكس مشاعر إنسانية يشعر بها كل من الطرفين.
الحب هو شعور جميل ترافقه حرية مطلقة في التعبير عن المشاعر، من أهم سماته، العطاء، وإيثار الحبيب على النفس، لا مجال للأنانية فيه. المحب فيه، يملك قوة كبيرة ورغبة قوية لمواجهة العالم أجمع من أجل الحفاظ على حبيبه. أما التعود الذي ينتج عنه التعلق، فهو يعكس أنانية المحب في حبه لحبيبه، ورغبته القوية في السيطرة عليه والتحكم فيه.
التعود يجعل الشريك يتغاضى عن كل ما قد يفسد علاقته بشريكه الذي اعتاد عليه وتعلق به، إذ يأمره تعلقه بتجاهل العديد من العيوب خوفًا من ضياع شريكه الذي اعتاد عليه، أما الحب فيميزه الشغف ووجود الحافز للبقاء وبذل الجهد لتعزيز نمو الحب، فكل فعل يفعله الشريك يكون بحماس وشغف، كما أن الحماس أقل في التعود.
باختصار الحب هو عاطفة ناضجة تنمو مع الوقت، لكنها لا تفقد بريقها، ينتج عنها احترام متبادل، ورغبة لا تنتهي أبدا بتحقيق سعادة الطرف الآخر، في علاقة الحب الحقيقية، يحدث قبول للعيوب، كما أن مشاعر الحب غير قابلة للتغيير في حالات الغضب من الشريك، أو عند الشجار معه، فما استقر في القلب لا يمكن زعزعته بسبب لحظات من الغضب. إذا انعدمت الرغبة في الحديث مع الشريك، وقل الشعور به في حالات الغياب أو البعد، أو عند الشجار، فهذا تعود، ولا يمكن إن يرتقي إلى مكانة الحب أبدًا.
متى يحدث التعود؟
يحدث التعود بعد مرور فترة طويلة على العلاقة حيث الروتين والرتابة وتكرار الأحداث دون شغف أو حماس، حينئذٍ تنشأ رغبة بالاستمرار في العلاقة ليس من أجل الحب، ولكن حفاظًا على من تم الاعتياد على وجوده.
كيف يمكن معرفة أن العلاقة تعود لا حب؟
يمكن اكتشاف التعود في الحالات التالية:
- إذا كان الروتين هو الحاكم، والآمر في العلاقة حيث تشابه التصرفات والأحاديث والتفاصيل اليومية التي تجمع بين الشريكين دون شغف، فإن ذلك يكون تعودًا وليس حبًا.
- إذا كان سبب بقاء الشريكين معًا هو الخوف من الوحدة وليست رغبة حقيقية بداخل كل منهما في الآخر.
- إذا انعدم الحماس وغاب التواصل على الرغم من توافر كل مقوماته.
- غياب الحافز لتطوير العلاقة وضعف الهمة، وانعدام الرغبة في بذل الجهد لاحداث بعض التجديد فيها، لأن الراحة في الاعتياد تغطي على غياب مشاعر الحب الحقيقية.

ما هي الأسباب التي تؤدي إلى الوقع في التعود؟
ثمة أسباب عديدة تؤدي إلى الوقوع في فخ التعود، والحرمان من الحب الحقيقي ألا وهي،
- الخوف من التغيير أو الخوف من المجهول.
- الطمأنينة الزائفة والراحة المترتبة على التعود والاستمرار في العلاقة لوقت طويل.
- أحيانًا يكون السبب في ضغط المجتمع أو العائلة على الطرفين لاستمرار العلاقة من أجل الأولاد.
- العجز عن التفرقة بين الراحة النفسية المترتبة على التعود، ومشاعر الألفة والسكينة المترتبة على مشاعر الحب الحقيقي.
هل يمكن أن يتحول التعود إلى حب؟
في بعض الحالات، نعم. إذا ساد الاحترام، وبلغ التواصل بين الطرفين حد التناغم والانسجام، وزادت رغبة كل منهما الاقتراب أكثر من الآخر، فإن التعود في هذه الحالة يصبح أرضًا خصبة لزرع ابذرة الحب الحقيقي. لكن ذلك يتطلب كثير من الوعي والالتزام، وأيضًا الحافز لخلق المشاعر في ثوب جديد هو الحب.
كيف يمكن تجنب الوقوع في فخ التعود؟
يمكن تجنب الوقوع في فخ التعود من خلال تطبيق النصائح التالية:
- الحرص على تجديد العلاقة دائمًا، ومحاربة الملل بتجربة أشياء جديدة معًا، وعمل تغييرات في شكل العلاقة من حين لآخر.
- الحديث المستمر عن المشاعر وعدم الاعتماد على فهم الطرف الآخر لها.
- تقييم العلاقة من وقت لآخر، واختبار الحب، للتأكد من انعدام سيطرة التعود عليها.
ما هي مخاطر التعود على العلاقات العاطفية؟
للتعود أثر خطير على العلاقات العاطفية، فقد يؤدي اللبس بين الحب والتعود إلى الارتباط بأشخاص غير أسوياء لمجرد اعتياد وجودهم بشكل محدد. كما قد يؤدي ذلك إلى استمرار علاقة فقدت شغفها أو إنهاء علاقة تستحق فرصة ثانية. لذا، تؤكد د.أميرة، أن فهم الفرق بين الحب والتعود ليس رفاهية، بل ضرورة للنجاة من الخذلان والفشل، وللوقاية من الصدمات والخيبات التي قد ينتج عنها الدخول في نوبات نفسية سيئة.
خلاصة القول:
قد يكون من الصعب أحيانًا التفرقة بين الحب والتعود. الحب الحقيقي هو المنح بلا حدود. أما التعود، فهو شعور بالراحة والروتين.