النظام الغذائي المتوسطي الأخضر يساعد في إبطاء شيخوخة الدماغ

هل نملّ من الحديث عن النظام الغذائي المتوسطي، أو حمية البحر الأبيض المتوسط؟

جمانة الصباغ
28 سبتمبر 2025

النظام الغذائي المتوسطي الأخضر: هل يساعد في إبطاء شيخوخة الدماغبالطبع لا؛ فهذا النظام الذي يمتدَ ليشمل دولًا عديدة في منطقة البحر الأبيض المتوسط، منها أوروبية مثل إسبانيا، إيطاليا وفرنسا واليونان ومالطا وقبرص، دول شمال أفريقيا كالجزائر، وليبيا، وتونس، والمغرب، مصر، وبالطبع بلاد الشام مثل سوريا، لبنان، وفلسطين، هو بحق وتأكيد العديد من الخبراء والدراسات أفضل نظامٍ غذائي لتعزيز الصحة وجودة الحياة حتى الآن. وإذا ما أردنا تحسين صحة قلوبنا، خسارة الوزن الزائد، الوقاية من شيخوخة الزمن، وحماية عقولنا من ألزهايمر والخرف وغيرها من الأمراض والمشاكل الصحية؛ ما علينا سوى اعتماد هذا النظام الذي يشهد تطوراتٍ وتحسيناتٍ تطال مرافق عدة من حياتنا وصحتنا.

منها النظام الغذائي المتوسطي الأخضر Green Mediterranean Diet، وهو أحد فروع هذا النظام المعروف عالميًا. وقد أثبتت دراسةٌ جديدة نُشرت في مجلة Clinical Nutrition أن هذا النظام يُساعد بشكلٍ كبير في إبطاء شيخوخة الدماغ.

فما هي تفاصيل الدراسة الجديدة؟ وكيف يمكننا توظيف النظام الغذائي المتوسطي الأخضر في تعزيز صحة دماغنا وحمايته من الشيخوخة؟ إليكِ الإجابة وفقًا لتقريرٍ منشور على موقع Medical News Today بعنوان Green Mediterranean diet, including green tea, may help slow brain aging للرجوع إليه إن أحببتِ.

النظام الغذائي المتوسطي الأخضر يساعد في إبطاء شيخوخة الدماغ

النظام الغذائي المتوسطي الأخضر يساعد في إبطاء شيخوخة الدماغ - رئيسية
النظام الغذائي المتوسطي الأخضر يساعد في إبطاء شيخوخة الدماغ 

هو العنوان العريض الذي طالعنا به موقع Medical News Today، رابطًا بين اتباع هذا الفرع من النظام الغذائي المتوسطي وبين صحة الدماغ. ولا يخفى على أحد أن العديد من الدراسات السابقة وجدت صلةً وثيقة بين تحسين صحة الدماغ واتباع النظام الغذائي المتوسطي الغني بالخضروات والفواكه والدهون الصحية والحبوب والبقوليات، التي تحمي خلايا الدماغ من الشيخوخة وتُساهم في منع تدهوره وإصابته بأمراضٍ مثل الخرف وألزهايمر وغيرها.

وها هي الدراسة الجديدة التي حملت إسم Direct Plus وقام خلالها الباحثون بتحليل البيانات الصحية لحوالي 300 مشارك في التجربة، تتوصل إلى نتيجةٍ مفادها أن النظام الغذائي المتوسطي الأخضر قد يُسهم أيضًا في إبطاء شيخوخة الدماغ.

وهو ما يطرح السؤال التالي..

ما هو النظام الغذائي المتوسطي الأخضر؟

وفقًا لتصريح مونيك ريتشارد، الحاصلة على ماجستير العلوم، وأخصائية تغذية مسجلة، وأخصائية تغذية مرخصة، ومالكة شركة Nutrition-In-Sight - والتي لم تشارك في هذه الدراسة - لموقع Medical News Today؛ فإن النظام الغذائي المتوسطي الأخضر "يشبه إلى حدٍ كبير النمط الغذائي الأصلي، مع التركيز على مجموعةٍ واسعة من الخضراوات والفواكه والبقوليات والحبوب الكاملة والأسماك وزيت الزيتون." مشيرةً إلى أن "الفكرة الخضراء" في هذا النظام الغذائي تتمثل ببساطة في زيادة تناول الأطعمة الغنية بالبوليفينول والبروتينات النباتية، مع تقليل تناول اللحوم الحمراء أو المصنعة. والأطعمة الغنية بالبوليفينول التي يُركَز النظام الغذائي المتوسطي الأخضر عليها هي الشاي الأخضر والجوز والمانكاي (الطحالب المائية).

ولاختبار فرضيتهم، عمل الباحثون على مدار 18 شهرًا من مدة التجربة، على مقارنة ثلاثة أنواعٍ من الأنظمة الغذائية لشيخوخة الدماغ؛ وخلالها طُلب من المشاركين في الدراسة اتبَاع أحد الأنظمة الغذائية الثلاثة التالية:

1.     نظام غذائي صحي قياسي.

2.     نظام غذائي متوسطي تقليدي مُقيَد السعرات الحرارية.

3.     نظام غذائي متوسطي أخضر.

وخلال الدراسة، قاس الباحثون 87 بروتينًا مختلفًا موجودًا في مصل دم المشاركين، أو الجزء السائل من الدم. ليجد العلماء أن بروتينين محددين، هما جالكتين-9 (Gal-9) وديكورين (DCN)، يرتبطان بتسريع شيخوخة الدماغ. ويلعب جالكتين-9 دورًا مهمًا في جهاز المناعة في الجسم، بينما يساعد ديكورين في السيطرة على الالتهابات، ويساعد في التئام الجروح، كما ثبت أنه يساعد في تثبيط نمو الأورام.

في ختام الدراسة، اكتشف الباحثون انخفاض مستويات هذه البروتينات لدى المشاركين الذين اتبعوا النظام الغذائي المتوسطي الأخضر مقارنةً بمجموعتي الدراسة الأخريين. وفي تعليقها على نتائج الدراسة، قالت الدكتورة أنات مائير، الحاصلة على درجة الدكتوراه، وزميلة أبحاث ما بعد الدكتوراه في كلية هارفارد تشان والمؤلفة الرئيسية المشاركة للدراسة في بيانٍ صحفي: "إن دراسة البروتينات المنتشرة في الدم تُتيح لنا رصد كيفية تأثر عمليات شيخوخة الدماغ بتغييرات نمط الحياة والنظام الغذائي، في سياقٍ عملي". مضيفةً "تُتيح لنا دراسة البروتينات في الدم رؤيةً ثاقبةً لصحة الدماغ، مما يُساعد على كشف التغيرات البيولوجية قبل ظهور الأعراض بوقتٍ طويل. ومن خلال رسم خرائط لهذه البصمات البروتينية، نكتسب رؤى جديدةً قيّمةً حول كيفية مساهمة التدخلات، مثل النظام الغذائي، في الحفاظ على الوظائف الإدراكية مع تقدمنا في السن."

بدوره؛ صرَح جاسديب س. هوندال، الحاصل على دكتوراه في علم النفس، وزمالة المجلس الأمريكي للطب النفسي والتغذية (ABPP-CN)، مدير مركز الذاكرة والشيخوخة الصحية في المركز الطبي بجامعة هاكنساك ميريديان جيرسي شور، والأستاذ المشارك في الطب النفسي وعلم الأعصاب في كلية هاكنساك ميريديان الصحية للطب في نيوجيرسي، لمجلة Medical News Today، مشيرًا إلى اعتقاده بأن نتائج هذه الدراسة تُعدَ واعدةً للغاية كونها تُعزز العلاقة بين النظام الغذائي وصحة الدماغ.

وأوضح قائلًا: "على الرغم من الحاجة لمزيدٍ من الأبحاث طويلة الأمد والمتنوعة، إلا أن النتائج تتوافق مع استراتيجيات نمط الحياة التي نُشددَ عليها بالفعل مع المرضى، وخاصةً اتباع أنظمة غذائية غنية بالبروتينات النباتية والبوليفينول والدهون الصحية." وأضاف: "ليس لدينا حاليًا علاجات لمرض ألزهايمر أو معظم الحالات العصبية التنكسية الأخرى، لذا تُعدّ عوامل نمط الحياة مجالًا بحثيًا بالغ الأهمية. النظام الغذائي هو عامل خطر قابل للتعديل، وبالتالي يُمكن للناس تغييره، وقد يُساعد ذلك في تأخير أو إبطاء التدهور المعرفي."

وأكدَ هوندال على الحاجة إلى دراساتٍ أوسع نطاقًا وطويلة الأمد، تشمل مجموعاتٍ أكثر تنوعًا لتأكيد هذه النتائج. كما سيكون من المهم، بحسب هوندال، دراسة كيفية تأثير النظام الغذائي مع عوامل نمط الحياة الأخرى مثل النوم وممارسة الرياضة وإدارة التوتر، نظرًا لتأثر شيخوخة الدماغ بعوامل عديدة.

هذه النتائج المذهلة ستدفع بنا لتجربة النظام الغذائي المتوسطي الأخضر، فما هي خطواته؟

حوَلي للنظام المتوسطي الأخضر لتعزيز صحة دماغكِ من الخرف وألزهايمر
حوَلي للنظام المتوسطي الأخضر لتعزيز صحة دماغكِ من الخرف وألزهايمر

طرحت مجلة Medical News Today هذا السؤال على مونيك ريتشارد، أخصائية تغذية مسجلة؛ فقدمت نصائحها حول كيفية تجربة هذا النظام والتي تتطلب إجراء بعض التعديلات البسيطة على النظام الغذائي المتوسطي الذي نعرفه جيدًا. وبحسب ريتشارد فإن "بعض البدائل الخضراء يمكن أن تُحدث فرقًا كبيرًا."

مقترحةً هذه الطرق السهلة لبدء النظام الغذائي الأخضر المتوسطي:

•       استبدلي طبقًا رئيسيًا واحدًا من اللحوم أسبوعيًا بطبق من الفاصوليا أو العدس (مثل الحساء، والتاكو، واليخنات، والفلفل الحار).

•       اشربي الشاي الأخضر الطازج (3-4 أكواب) بدلًا من المشروبات السكرية أو المُحلاة صناعيًا.

•       أضيفي حفنة من الجوز كوجبة خفيفة، أو كإضافة للسلطة أو الفاكهة.

•       استبدلي رقائق البطاطس أو الكوكيز أو المقرمشات ببذور دوار الشمس، أو الحمص مع القرنبيط، أو رقائق الكرنب.

•       أضيفي الخضراوات الورقية أو الأعشاب غير المُفضلة لديكِ عادةً، مثل الميكروجرين، أو المانكاي، أو الأعشاب البحرية، أو الجرجير. وفي حال لم يتوفر المانكاي أو غيرها من الخضراوات، جربي إضافة خضراواتٍ طازجة، أو مجمدة، أو مجففة بالتجميد، أو مسحوقة (مثل الجرجير، والكرنب، والنعناع، والريحان، والسبانخ، وبراعم البروكلي) إلى العصائر، أو بارفيه الزبادي، أو الحساء.

وتُعلَق ريتشارد على هذه الخيارات بالقول: "لقد لاحظنا باستمرار أن الأنماط الغذائية الغنية بالنباتات، والبوليفينول، والدهون الصحية - على غرار النظام الغذائي المتوسطي - تدعم صحة الدماغ، وأكثر من ذلك بكثير. ويقدم النهج المتوسطي الأخضر، الذي يُركَز على المزيد من الأطعمة الغنية بالبوليفينول، دليلاً آخر مثيراً للاهتمام على أن خيارات الطعام يمكن أن تؤثر على شيخوخة الدماغ والمرونة الإدراكية. غذِّ دماغكِ بالألوان والمركبات النباتية - وسيشكركِ مستقبلكِ."

وتابعت: "ومع ذلك، علينا أن نضع في اعتبارنا، أن هذه العوامل ليست سوى جزء من مجموعة متنوعة من المُتغيرات التي تُساهم في وظائف الدماغ والشيخوخة والصحة العامة. ومع أن معظم بيانات شيخوخة الدماغ البشرية واعدة، إلا أنها لا تزال مستمدة من تجارب قصيرة نسبيًا وضمن فئاتٍ سكانية محددة. هناك حاجةٌ إلى المزيد من البحث حول السلامة على المدى الطويل (مثل ارتفاع محتوى المنغنيز، والتفاعلات في بعض الحالات الصحية) وكيفية تأثير هذه المكونات على النتائج، بالإضافة إلى اختلافها باختلاف العمر والجنس والموقع الجغرافي والجينات وتكوين الجسم وخيارات نمط الحياة."

خلاصة القول؛ أن النظام الغذائي المتوسطي الأكثر صحيةً بتأكيد الخبراء والدراسات، ومعه فرعه الجديد المتمثل في زيادة البوليفينولات والدهون الصحية والنباتات (النظام الأخضر) يُسهم بشكلٍ كبير في تحسين صحة الدماغ وحمايته من الأمراض التي قد تُصيبه مع التقدم بالسن كالخرف وألزهايمر. وينصح المشاركون في دراسةٍ جديدة حول هذا النظام وغيرهم من المختصين، بوجوب إدخال هذه الأطعمة ضمن النظام الغذائي اليومي، ليس فقط لتعزيز صحة الدماغ في الوقت الحالي، وإنما على مدار السنوات القادمة حيث الخوف الشديد من أمراض الشيخوخة.