بروس ويليس يعاني من الخرف الجبهي الصدغي: مرضٌ نادر .. يسرق اللغة ويُبدّل الحياة
يعيش النجم الأمريكي بروس ويليس صراعًا كبيرًا مع مرض "الخرف الجبهي الصدغي" الذي أُعلن عن إصابته به في فبراير 2023؛ حيث شهدت الفترة الأخيرة تدهورًا ملحوظًا في حالته الصحية، ترتبَ عليه تغيّراتٌ في عاداته وتفاصيله اليومية مع أسرته.
إذ كشفت إيما هيمينج مؤخرًا، وهي زوجة النجم العالمي، في تصريحاتٍ إعلامية عن تطورات الحالة الصحية لزوجها، مؤكدةً أنه يتمتع بصحة عامة جيدة ولا يزال قادرًا على الحركة بشكل طبيعي؛ لكن الأزمة الحقيقية تكمن في دماغه، حيث تزايد ضعف قدراته الذهنية وبدأ يفقد القدرة على الحديث والتواصل مع الآخرين. وأكدت أن المحيطين به بدأوا يتعلمون طرقًا جديدة للتواصل معه بدلًا من الاعتماد على الكلام، نظرًا لتلاشي لغته تدريجيًا.
وللتكيَف مع هذه التغيَرات، أوضحت إيما أن بروس يعيش الآن في منزلٍ من طابقٍ واحد مع فريق رعاية صحية متخصص، نظرًا لازدياد تعقيد حالته واحتياجاته. كما أنها تحرص على الحفاظ على الحياة الأسرية الطبيعية، وتُصطحب ابنتيهما مابل وإيفلين لتناول الإفطار والعشاء معه.
للوقوف أكثر على حيثيات مرض الخرف الجبهي الصدغي الذي يعاني منه نجم هوليوود للأكشن والكوميديا، والذي يُشكَل حوالي 10% إلى 20% من حالات الخرف بشكلٍ عام؛ إليكِ عزيزتي هذه المعلومات.
ما هو مرض الخرف الجبهي الصدغي، وكيف يختلف عن الأنواع الأخرى من الخرف وألزهايمر؟
أثارَ خبر تدهور الحالة الصحية للنجم الشهير بهذا المرض النادر، تساؤلاتٍ كثيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصةً وأن الخرف الجبهي الصدغي لا يُعدَ من الأمراض المعروفة على نطاقٍ واسع.
ولاستيضاح تفاصيل المرض، أجرينا مع الدكتورة دعاء عاطف مكاوي، استشارية أمراض المخ والأعصاب بكلية طب قصر العيني، حديثًا خاصًا على موقع "هي". وأوضحت الدكتورة مكاوي أن الخرف الجبهي الصدغي هو نوعٌ من أنواع الخرف، يظهر عادةً في سنٍ أصغر من مرض ألزهايمر، ويصيب غالبًا الأشخاص في عمر بين 40 و65 عامًا. ويرجع السبب في هذا المرض إلى تلفٍ يحصل في الفصين الجبهي والصدغي من الدماغ، وهما المسؤولان عن السلوك والتصرفات اليومية واللغة.
وأكدت الدكتورة مكاوي أن أغلب المصابين يُظهرون تغيّراتٍ سلوكية واضحة مثل الاندفاع أو اللامبالاة، وصعوبة في ضبط العواطف، إلى جانب مشاكل في الكلام والفهم. مشيرةً في الوقت ذاته إلى أنه لا يوجد علاجٌ نهائي لهذا المرض، بل الهدف من الأدوية المتوفرة حاليًا، هو الحدَ من تفاقم الأعراض، وشددتَ استشارية أمراض المخ والأعصاب على أهمية الدعم النفسي وتكيّف الأسرة مع الحالة لمساعدة المريض قدر الإمكان.
هل يمكننا إجراء مقارنة مُفصلة بين الخرف الجبهي الصدغي ومرض ألزهايمر وكيفية تمييز الأعراض المختلفة بينهما؟
عن الفارق بين هذا النوع من الخرف ومرض ألزهايمر، أوضحت الدكتورة مكاوي أن الخرف الجبهي الصدغي يؤثر في المقام الأول على السلوك والشخصية، وتظهر لدى المرضى صعوباتٌ في الكلام والفهم قبل أن تتأثر الذاكرة.
أما ألزهايمر، فيرتبط غالبًا بكبار السن؛ وتكون الذاكرة هي أول ما يتأثر، ثم تظهر مشكلاتٌ في التفكير والتعلَم فيما بعد. وبمرور الوقت، يؤدي كلا المرضين إلى فقدان القدرة على الاستقلالية، لكن طبيعة البداية والأعراض تختلف بوضوح بينهما.
من هم الأشخاص الأكثر عرضةً للإصابة بالخرف الجبهي الصدغي وما هي العوامل الوراثية؟
في جوابها على هذا السؤال، أشارت الدكتورة دعاء خلال حديثها مع "هي" إلى أن هذا النوع من الخرف يصيب عادةً الأشخاص في منتصف العمر. وغالبًا ما يكون لدى المريض تاريخٌ عائلي مشابه للمرض، مضيفةً أن نحو 30 بالمئة من الحالات تكون وراثية.
كما أوضحت أن الإصابة بالخرف الجبهي الصدغي لا ترتبط مباشرةً بأمراضٍ مثل الضغط أو القلب، ولا بأسلوب الحياة مثل التدخين أو التوتر اليومي.
ما هي الأعراض المبكرة والمتقدمة للخرف الجبهي الصدغي وكيفية ملاحظتها تدريجيًا على المريض؟
سألنا الدكتورة دعاء، فقالت إن الأعراض لا تظهر فجأةً، بل تتطور تدريجيًا على مرَ السنوات. في البداية قد يلاحظ المحيطون تغيّراتٍ بسيطة في سلوك المريض أو الشخصية مثل الاندفاع، قلة التعاطف، وصعوبة التحكم في التصرفات؛ لتبدأ لاحقًا مشكلات اللغة أو الذاكرة في الظهور تدريجيًا. وأضافت أن الأعراض المبكرة قد تُفسر خطأً بأنها جزءٌ من التقدّم الطبيعي في العمر أو ضغوطٌ نفسية، مما يؤدي إلى تأخر التشخيص.
أما أبرز الأعراض المصاحبة للخرف الجبهي الصدغي، فقد لخّصتها استشارية المخ والأعصاب الأعراض الرئيسية كما يلي:
1. تغيّرات في السلوك والشخصية مثل الاندفاع، قلة الاهتمام، أو التصرفات غير اللائقة اجتماعيًا.
2. صعوبات في اللغة وبطءٌ في الحديث.
3. صعوبةٌ في إيجاد الكلمات أو فقدان القدرة على الفهم.
4. ضعفٌ في التحكم العاطفي.
5. نوبات غضب أو ضحك وبكاء في غير مواضعهم الطبيعية.
6. مشكلات في اتخاذ القرار والتخطيط.
7. فقدان القدرة على التنظيم أو التعامل مع المهام اليومية.
8. تراجع ملموس في الاهتمام بالنظافة الشخصية.
9. إهمال المظهر أو الروتين اليومي المعتاد
ما مدى انتشار مرض الخرف الجبهي الصدغي حول العالم وعدد المصابين الحاليين؟
وفقًا لأحدث الدراسات الطبية، فإن مرض الخرف الجبهي الصدغي يُصنّف كحالةٍ نادرة؛ حيث يُصيب ما بين 15 - 22 شخصًا من كل 100 ألف شخص، ويُقدّر عدد المصابين حول العالم بما بين مليون ومئتي ألف، وواحد ونصف مليون شخص.
وأكدت الدكتورة دعاء في ختام الحديث، أن هذا المرض يستمر مدى الحياة، ويمكن التعايش معه من خلال الدعم والرعاية المستمرة.
خلاصة القول؛ فإن الخرف الجبهي الصدغي هو مرضٌ يؤثر على طباع المريض وقدرته على الكلام والتعبير، ويختلف بصورةٍ كبيرة عن مرض ألزهايمر الذي عادةً ما يُصيب كبار السن. بروس ويليس ليس الشخص الوحيد الذي يعاني منه، فهناك أكثر من مليون إصابة مُسجلَة بهذا المرض حول العالم؛ لكنه تحت الأضواء، وربما يكون ذلك جانبًا إيجابيًا من هذا المرض، للتعرف عليه ومحاولة تفادي تطوراته السيئة قدر الإمكان.
