الفرق بين الدهون الصحية والدهون الضارة وأثرها على الصحة

تبدأ من عمرٍ صغير لسن الشيخوخة: أهمية التفريق بين الدهون الصحية والدهون الضارة وأثرها على الصحة

جمانة الصباغ

أكثر ما نخشى منه، نحن النساء بشكلٍ خاص، تناول الكربوهيدرات والدهون؛ خشية زيادة الوزن. وكثيرًا ما نربط بين استهلاك الدهون وزيادة الكيلوجرامات في أجسامنا، مع أن بعض تلك الدهون قد تكون صحية، بل وضرورية لصحتنا.

نعم؛ فالدهون ليست كلها ضارة، وبعضها يمتاز بصفة "صحية" بدرجةٍ كبيرة وعالية. كما أن للدهون أهمية في بناء وعمل الجسم، وبدونها قد نعاني من مشكلاتٍ صحية تبدأ من سنين النضوج والبلوغ، ولا تنتهي مع ولوج سن الشيخوخة.

بدايةً، لا بد من التذكير بأن الدهون تنقسم إلى قسمين: صحية وضارة؛ الثانية هي ما نخشاه، ونحن محقون في ذلك، كونها ترفع من نسبة إصابتنا بالأمراض والسُمنة. لكن ماذا عن الأولى، ماذا نعرف عنها وما هي أهميتها لتعزيز صحتنا، وما مصادرها الغذائية بشكلٍ خاص؟

للتعمق أكثر في الفرق بين الدهون الصحية والدهون الضارة وأثرها على الصحة، دعينا نستعرض معًا في هذه المقالة، لكافة التفاصيل التي جمعتها لكِ عزيزتي كمحررة صحة على موقع "هي" من مصادر طبية وعلمية عديدة، بغية التمييز جيدًا بين هذين النوعين.

إنما البداية، فلنتوقف عند تعريف الدهون ووظائفها في الجسم.

الفرق بين الدهون الصحية والدهون الضارة وأثرها على الصحة - رئيسية واولى
الفرق بين الدهون الصحية والدهون الضارة وأثرها على الصحة

ما هي الدهون؟

هي مُركَباتٌ عضوية ضرورية لوظائف الجسم الأساسية؛ إذ تعمل كمصدرٍ للطاقة، ولها مساهمةٌ عظمى في بناء الخلايا، تخزين الفيتامينات، وتنظيم الهرمونات. هناك أنواعٌ مختلفة من الدهون، بعضها صحي مثل الدهون غير المُشبعة، وبعضها ضار مثل الدهون المُشبعة والمتحولة الموجودة والتي يجب الحد منها، لتجنب أمراض القلب والسُمنة.

ما وظائف الدهون في الجسم؟

للتعرف على الوظائف المهمة للدهون في الجسم، نشارككِ هذه المعلومات من موقع "الطبي":

1.     توفير الطاقة للجسم: نعلم جميعنا أن الكربوهيدرات هي مصدر الوقود الأساسي في الجسم، لكن أجسامنا تعمد إلى تحويل الدهون كمصدر دعمٍ للطاقة، عندما لا تتوفر الكربوهيدرات؛ وبالتالي يمكن اعتبار الدهون مصدرًا مُركزًا للطاقة. ويحوي كل 1 جرام من الدهون على 9 سعرات حرارية، أي ضعف مقدار السعرات الحرارية الموجودة في البروتين أو الكربوهيدرات.

2.     تنظيم درجة حرارة الجسم: إذ تقوم الخلايا الدهنية بعزل الجسم للحفاظ على درجة حرارته.

3.     بناء الخلايا: الدهون هي من الوحدات الأساسية الضرورية لبناء خلايا الجسم والحفاظ عليها.

4.     حماية الأعضاء الجسدية: تعمل الدهون المُخزَنة في الجسم، على الإحاطة بالأعضاء الداخلية والمحافظة عليها من تأثير الحركات المفاجئة والصدمات الخارجية (وظيفةٌ مهمة بالفعل!).

5.     المساعدة في امتصاص الفيتامين من الطعام: تعتمد بعض أنواع الفيتامينات على الدهون لامتصاصها، حيث أنها فيتاميناتٌ ذائبة بالدهون؛ وهي فيتامين أ، فيتامين د، فيتامين E، وفيتامين ك. فإذا لم يحصل الجسم على كمياتٍ كافية من الدهون بسبب اتباع حميةٍ قليلة الدهون، فإن ذلك قد يحدَ من امتصاص هذه الفيتامينات، وهو ما سيؤدي إلى خفض مستوياتها في الجسم.

6.     تكوين الهرمونات: تعمل الدهون كعناصر بنائية لبعض المواد المهمة في الجسم، من ضمنها البروستاجلاندين؛ وهي موادٌ مُشابهة للهرمونات، وظيفتها تنظيم العديد من الوظائف الجسدية. كذلك فإن الجسم بحاجةٍ للدهون لضمان تنظيم إنتاج الهرمونات الجنسية، وهو ما يفسر سبب تأخر البلوغ وعدم نزول الدورة الشهرية لدى بعض المراهقات شديدات النحافة.

بعد الإطلاع على الدهون ووظائفها الحيوية المهمة في الجسم، ما رأيكِ عزيزتي بالانتقال إلى الفرق بين الدهون الصحية والدهون الضارة وأثرها على الصحة؟

الدهون الصحية مفيدة للصحة ويمكنكِ الحصول عليها من مصادرها الغذائية كاللأفوكادو
الدهون الصحية مفيدة للصحة ويمكنكِ الحصول عليها من مصادرها الغذائية كاللأفوكادو

والبداية بالتأكيد مع الدهون الصحية، غير المُشبعة.

ما هي الدهون الصحية وأثرها على الصحة؟

إذن، وكما أسلفنا؛ هي دهون غير مُشبعة (أحادية ومتعددة)، نجدها في العديد من مصادر الطعام.

الدهون الصحية غير المُشبعة نوعان:

1.     الدهون الأحادية غير المُشبعة (الموجودة في زيت الزيتون والأفوكادو والمكسرات). هي دهونٌ صحية سائلة في درجة حرارة الغرفة، وتعتبر مهمةٌ لصحة القلب. تعمل على تقليل الكوليسترول الضار LDL ورفع مستويات الكوليسترول الجيد HDL، تحسين مستويات الإنسولين والجلوكوز، محاربة الالتهابات في الجسم والمسؤولة عن العديد من الأمراض المُزمنة، و دعم صحة الدماغ والمساهمة في امتصاص الفيتامينات.

2.     الدهون المتعددة غير المُشبعة (أحماض أوميغا 3 وأوميغا 6)، دهونٌ ضرورية لا يستطيع الجسم تصنيعها وتُساهم في وظائف الجسم الحيوية (نجدها في الأسماك الدهنية مثل السلمون والماكريل وبذور الكتان – أوميغا 3) بالإضافة إلى زيت الذرة وزيت الصويا وزيت الفول السوداني – أوميغا 6). هذه الدهون تكون سائلة في درجة حرارة الغرفة؛ وهي ضرورية لصحة القلب والجسم وبناء خلايا الجسم وتوجد في الأطعمة النباتية والأسماك، وتكون سائلة في درجة حرارة الغرفة.

على المقلب الآخر، نجد الدهون الضارة تتربصنا. إليكِ تفاصيلها..

ما هي الدهون الضارة وأثرها على الصحة؟

من إسمها نعرف أنها ضارة، وبالتالي فإن تأثيرها سيكون سلبيًا على صحتنا.

الدهون الضارة (أو السيئة) هي دهون تزيد من خطر إصابتنا ببعض الأمراض مثل القلب والسكري؛ تكثر في الأطعمة المُصنَعة والوجبات السريعة fast food الذي للأسف، يُقبل عليه معظمنا في كثيرٍ من الأحيان.

وكما الدهون الصحية، فإن الدهون الضارة تنقسم إلى قسمين:

1.     الدهون المُشبعة: توجد في دهون الحيوانات، مثل اللحوم المُصنَعة، ومنتجات الألبان كاملة الدسم، وبعض الزيوت الاستوائية كزيت جوز الهند وزيت النخيل. تكون صلبة في درجة حرارة الغرفة، وترفع من مستوى الكوليسترول الضار (LDL)، مما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب.

2.     الدهون المتحولة (المُهدرجة): غالبًا ما تُصنَع في المصانع عن طريق عمليةٍ تُعرف بإسم الهدرجة، بغية تحويل الزيوت السائلة إلى صلبة؛ وبالتالي فإنها أحد أخطر أنواع الدهون. توجد في الأطعمة المُصنَعة، المقليات، المعجنات، والحلويات الجاهزة؛ وهي تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب أكثر من الدهون المُشبعة.

لهذين النوعين بعض الآثار الصحية السلبية المجتمعة، وتتمثل في:

•       زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية.

•       التسبب بمشكلة السُمنة وزيادة الوزن المُفرطة، التي تقف وراء العديد من الأمراض كالسكري.

في الإجمال، وبعد استعراض كافة التفاصيل الخاصة بالدهون الصحية والدهون الضارة وأثرها على الصحة؛ يتكون لدينا مفهومٌ واحد يحثَ على التقليل من الدهون الضارة والإكثار من الدهون الصحية، لتعزيز الصحة بشكلٍ عام.

تكثر الدهون الضارة في الوجبات السريعة لذا ابتعدي عنها قدر الإمكان
تكثر الدهون الضارة في الوجبات السريعة لذا ابتعدي عنها قدر الإمكان

فما هي نصائح الخبراء في هذا الشأن؟

يؤكد الأطباء ومقدَمو الرعاية الصحية على وجوب تأمين صحتنا وحياتنا؛ من خلال تقليل استهلاك الدهون غير الصحية، وتجنَب الدهون المتحولة تمامًا نظرًا لخطورتها الشديدة. في المقابل، فإنهم ينصحون بتناول الدهون المُشبعة باعتدال كونها موجودة في بعض الأطعمة التي قد تُصنَف ضمن "المفيدة"، إنما من الضروري تناولها بكميات أقل.

النصيحة الأفضل لتعزيز الصحة؟ استبدال الدهون الضارة بالدهون الصحية بلا شك، مع اختيار اللحوم الخالية من الدهون أو قليلة الدهون؛ وقراءة الملصقات الغذائية جيدًا عند التبضَع، للانتباه إلى كمية الدهون المُشبعة والمُهدرجة في المنتجات التي تتناولها.

في الختام؛ فإن الفرق بين الدهون الصحية والدهون الضارة وأثرها على الصحة، مسألةٌ في غاية الأهمية لا ينبغي الإغفال عنها. تبدأ من سنٍ صغيرة، مع أطفالنا وأحبتنا نظرًا لدور الدهون الحيوي في بناء الخلايا وعمل الجسم، ولا تنتهي في مرحلة الشيخوخة حيث تترصدنا الأمراض الشائعة في هذه المرحلة العمرية.