فوائد الشوكولاتة للصحة الجسدية والنفسية

لعلاقةٍ صحية: تعرفي على فوائد الشوكولاتة للصحة الجسدية والنفسية.. وكيفية تناولها باعتدال

جمانة الصباغ

بالتعريف العلمي البحت، فالشوكولاته هي طعام مصنوع من حبوب الكاكاو المحمصة والمطحونة، وغالبًا ما تُخلط بالدهون (مثل زبدة الكاكاو) والسكر. يمكن تناولها كحلوى صلبة، مثل ألواح الحلوى، أو تُستخدم في تحضير مشروبات مثل الشوكولاتة الساخنة، أو كنكهة أو طلاء لمختلف الحلويات والمخبوزات.

بالتعريف العاطفي الخالص، فإن الشوكولاته مصدر السعادة والراحة والاسترخاء للكثيرين، وعلى رأسهم النساء. هي مادةٌ غذائية في الأصل، لكنها تحمل الكثير من المعاني المعنوية والعاطفية الشديدة التي تجعل من يتذوقها، يذوب في حبها وعشقها كما يذوب المحب بحبيبته.

ونظرًا لأهميتها وقيمتها الكبيرة، تمَ تخصيص يومٍ الشوكولاتة العالمي في السابع من يوليو من كل عام؛ ويقترح البعض أنه الذكرى السنوية لإدخال الشوكولاتة إلى أوروبا في عام 1550.

لن ندخل في تاريخ الشوكولاته الطويل والممتد إلى 1500 قبل الميلاد، بل سنخوض اليوم في فوائد تناول الشوكولاته (باعتدال بالطبع) وتأثيراته الإيجابية على الصحة الجسدية والعقلية والنفسية. لذا ندعوكِ عزيزتي لأخذ قطعةٍ من الشوكولاته بالمذاق الذي تحبين (أنا أفضَل الشوكولاته الداكنة على المحلاة) مع فنجان قهوتكِ المعتادة، وتابعي قراءة السطور التالية..

فوائد الشوكولاتة للصحة الجسدية والنفسية-رئيسية واولى
فوائد الشوكولاتة للصحة الجسدية والنفسية

كيف نبني علاقة صحية مع الشوكولاتة؟

لا أحد يطمح إلى "علاقةٍ معقدة" مع الناس، وبالتأكيد لا نريد علاقةٍ غير صحية مع الشوكولاتة؛ فهي ملاذنا الدائم عندما نشعر بالإحباط وانعدام الطاقة والشغف، نجد فيها مسكنًا وراحةً وتعويضًا عن الانكسارات والخذلان والتعب وضغوط الحياة. لهذا من الضروري أن نبني علاقتنا مع الشوكولاتة على أسسٍ صحيحة، كي لا تتحول ضدنا وتضرنا عوضًا عن نفعنا.

في المقابل؛ لا يجب أن يُشكَل حبنا وتعلقنا بالشوكولاتة عقدة ذنب، فهذا العنصر الغذائي الذي وجده الأجداد منذ آلاف السنين، خُلق ليمدنا بالصحة ومشاعر الراحة والسعادة. لهذا لا تسمحي لأحد بتخريب علاقتكِ "الصحية" مع الشوكولاتة، وإيهامكِ بأضرارها فيما تعلمين تمامًا أنها مفيدةٌ لكِ. كل ما عليكِ فعله هو ترشيد تناول الشوكولاتة، والحرص على اتباع نصائح المختصين فيما يخص الكميات المسموح بها لاستهلاكها، للحصول على فوائدها الصحية والنفسية التي نستعرضها فيما يلي..

ما هي فوائد الشوكولاتة للصحة الجسدية والنفسية؟

إنّ الحفاظ على علاقةٍ صحية مع جميع الأطعمة هو أمرٌ مهمٌّ لعقلكِ وجسمكِ، يشير موقع Hopkinsmedicine.org؛ ولكنّ البدء بعلاقةٍ متوازنة مع الشوكولاتة الداكنة تحديدًا، قد يكون له تأثيرٌ إيجابيٌّ كبيرٌ على صحتكِ العامة.

إذ تحتوي الشوكولاتة الداكنة على مضادات أكسدة قوية، من بين أكثرها فائدةً نوعٌ من الفلافونول يُسمى إبيكاتشين. الفلافونولات هي مركباتٌ موجودةٌ في النباتات تُحارب الالتهابات وتحمي من تلف الخلايا الناتج عن الجذور الحرة.

إليكِ بعض الطرق التي أظهرت فيها الأبحاث، فوائد الشوكولاتة الداكنة:

1.     تعزيز صحة القلب: بحسب الدراسات، فإن مضادات الأكسدة الموجودة في الشوكولاتة الداكنة تُخفّض ضغط الدم، وتُقلّل من خطر التجلط، وتُحسّن تدفق الدم إلى القلب؛ مما يُقلّل من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية، وأمراض القلب التاجية، والوفاة بسببها.

2.     موازنة جهاز المناعة: تمنع الفلافونولات جهاز المناعة من العمل بشكلٍ مفرط، وتُقلّل من الإجهاد التأكسدي؛ وهو خللٌ تُسبّبه الخلايا في مُحاربتها للجذور الحرة، التي تُعدَ سببًا شائعًا للعديد من الأمراض.

3.     مكافحة داء السكري: يحمي الإبيكاتشين الخلايا، ويُقويها، ويدعم العمليات التي تُساعد الجسم على استخدام الأنسولين بشكل أفضل، مما قد يُساعد في الوقاية من داء السكري أو مُكافحته.

4.     تحسين وظائف الدماغ: للفلافونولات الموجودة في الشوكولاتة الداكنة تأثيرٌ إيجابي على وظائف الدماغ، بما في ذلك تحسين وقت رد الفعل، والوعي البصري المكاني، وتقوية الذاكرة. وعلى الرغم من أن الأبحاث حول هذه النقطة ما تزال سارية، إلا أن أحد أسباب ذلك قد يكون زيادة الفلافونول في تدفق الدم إلى الدماغ.

5.     تعزيز الأداء الرياضي: يزيد الإبيكاتشين الموجود في الشوكولاتة الداكنة من إنتاج أكسيد النيتريك في الدم، مما يدعم الدورة الدموية ويُقلَل من كمية الأكسجين التي يستهلكها الرياضي أثناء ممارسة التمارين الرياضية متوسطة الشدة. وهو ما يسمح للرياضي بالحفاظ على شدة التمرين لفترةٍ أطول.

6.     خفض التوتر: أفاد الأشخاص الذين تناولوا الشوكولاتة الداكنة أنهم شعروا بتوترٍ أقل؛ بدورهم، أكد الباحثون أنه بعد تناول الشوكولاتة الداكنة، انخفضت مستويات هرمون التوتر الكورتيزول. وقد يكون هذا مرتبطًا بتأثير الشوكولاتة الداكنة على صحة القلب، حيث يُعدَ التوتر عامل خطرٍ للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.

تُظهر أبحاثٌ ودراساتٌ عدة فوائد الشوكولاتة الصحية والنفسية المهمة
تُظهر أبحاثٌ ودراساتٌ عدة فوائد الشوكولاتة الصحية والنفسية المهمة

مع مُركباتها المُعززة للصحة والمغذيات الدقيقة، قد ينبغي عليكِ التفكير في السماح للشوكولاتة الداكنة بالدخول إلى حياتكِ، إذا لم تكن جزءًا منها بالفعل. إنما من الضروري أخذ العلم بأن الشوكولاتة الداكنة تحتوي على الكافيين، والذي قد يكون بعض الأشخاص حساسين له. لذا تنبَهي إلى هذه النقطة جيدًا، قبل إقدامكِ على تناول الشوكولاتة الداكنة.

لا تحبين مذاق الشوكولاتة الداكنة، لكنكِ تطمحين للاستفادة من فوائدها العديدة؟ لا مشكلة؛ يمكنكِ إضافة بعض المحليات إليها (بنسبٍ مدروسة، كي لا تُبطلي فوائدها) مثل الحليب أو المحليات الصناعية المتوافق عليها (ستيفيا على سبيل المثال) للاستمتاع بالطعم والفائدة الصحية في ذات الوقت.

الاعتدال هو الأساس؛ مع أن الشوكولاتة تُقدّم فوائد صحية لا حصر لها، من المهم تناولها باعتدال نظرًا لاحتوائها على السكر والدهون. حتى نوعية الشوكولاتة يجب أن تكون جيدة، ومحتوى الكاكاو فيها لا يقل عن 70% كي تحرزي نتيجة إيجابية من تناولها.

ماذا بعد؟ لا تحرمي نفسكِ من قطعة الكيك أثناء الاحتفال بعيد ميلادكِ أو تحقيق نجاحاتٍ في مسيرتكِ الدراسية والمهنية. فقد أظهرت دراسةٌ أجريت عام 2014، أن النساء اللاتي ربطنَ تناول كعكة الشوكولاتة بالاحتفال حققن نجاحًا أكبر في الحفاظ على وزنهن؛ بينما من ربطنها بالذنب كنّ أكثر عرضةً لمواجهة عدد من المشاكل، بما في ذلك:

•       انخفاض النجاح في الحفاظ على الوزن على المدى الطويل والقصير.

•       الشعور بالعجز وفقدان السيطرة.

•       اتباع سلوكيات غذائية غير صحية.

•       زيادة عدم الرضا عن صورة الجسم.

•       انخفاض جودة الحياة.

تزيد الشوكولاتة الشعور بالسعادة فلا تحرمي نفسكِ منها
تزيد الشوكولاتة الشعور بالسعادة فلا تحرمي نفسكِ منها

يكمن مفتاح عكس الآثار السلبية لرغبة تناول الشوكولاتة في التوقف عن اعتبارها أمرًا مُحرمًا. ليس عليكِ الشعور بالذنب حيال اشتهاء طعامٍ ما، سواء كان شوكولاتة أو بروكلي. في الواقع، يقول الخبراء إن تصنيف أي طعام على أنه محظورٌ تمامًا، عادةً ما يؤدي إلى زيادة الرغبة الشديدة فيه والشعور بالذنب عند تناوله في النهاية (كل ممنوعٍ مرغوب، أليس كذلك؟).

بدلًا من ذلك، حاولي وضع بعض الشروط لعلاقتكِ بالشوكولاتة. استمتعي بها وتلذذي بتناولها بقصدٍ وهدف، دون الشعور بالذنب. لا تجلسي أمام التلفزيون ويدكِ في وعاءٍ لا نهاية له من حلوى الشوكولاتة؛ بدلًا من ذلك، انتبهي لوقت وسبب تناولكِ للشوكولاتة. على سبيل المثال، إذا كنتِ تستمتعين بتناول قطعةٍ من الشوكولاتة الداكنة يوميًا (كما تفعلين الآن، أكادُ أجزم!)، ولديكِ خططٌ لقضاء عطلة نهاية الأسبوع في مطعم يقدم حلوى الشوكولاتة الشهيرة عالميًا، فقد ترغبين في الاستغناء عن وجبتكِ اليومية لتستمتعي بها في عطلة نهاية الأسبوع.

في الختام؛ فإن الشوكولاتة صنفٌ غذائي مُحبَب ومُغذي، لا شك في ذلك. فلا تسمحي لأحد أو لشيءٍ، بجعلكِ تشعرين بالذنب لمجرد أنكِ تحبين أكل الشوكولاتة.

تناوليها باعتدال، اختاري الأصناف عالية الجودة منها خصوصًا الغنية بالكاكاو، وابني علاقةً صحية معها للاستفادة من فوائدها الصحية والنفسية الجمة، لأنها رفيقتكِ وسلواكِ في المحن وبفضلها، ستشعرين أفضل.