وقت الانتقام .. لماذا ندمر حياتنا بأيدينا؟

وقت الانتقام .. لماذا ندمر حياتنا بأيدينا؟

عبد الرحمن الحاج

وقت الانتقام. إنها تلك الساعة الإضافية التي تخصّصينها لنفسك بعد يومٍ شاق، فتؤجّلين بذلك موعد نومك. ثم تؤخرين ساعة استيقاظك فتدخلين في دوامة التأخير ونقص ساعات النوم لعدة أيام إلى حين يأتي يوم الإجازة فتعيدين ضبط ساعتك البيولوجية. لكن هل تفعلين ذلك أم تواصلين الغرق في بحر "كسر النوم" بالساعات التي تقضينها على تيكتوك أو سناب شات أو أنستغرام؟.

جدول أعمال مزدحم

وقت الانتقام .. لماذا ندمر حياتنا بأيدينا؟

جميعنا مذنبون بذلك. يوم عمل طويل، وبعض التزامات ما بعد العمل، وتحضير عشاء متأخر، وبعض رسائل الواتساب في وقت متأخر من الليل.. وفجأة، تصل الساعة إلى الواحدة ليلًا. ولم تتح لك دقيقة واحدة للاسترخاء طوال اليوم. لذا، نعم، جميعنا تصفحنا تيك توك أو قرأنا كتابًا لساعة إضافية بينما كان من المفترض أن ننام.

لكن يقول البعض إنه من الظلم الشديد أن تنهي عملك وواجباتك المنزلية ثم تذهبين مباشرةً إلى الفراش دون دقيقة واحدة لفعل شيءٍ خاص بك. ولهذا السبب سمّيَ "وقت الانتقام". إنها طريقةٌ للانتقام من جدولك المزدحم.ولكن إذا انتهى بك الأمر بالسهر حتى وقت متأخر جدًا وإحداث ضرر بنومك، فالانتقام يرتد إليك.

ماذا يحدث عندما نحرم أنفسنا من النوم؟

وقت الانتقام .. لماذا ندمر حياتنا بأيدينا؟

يلعب النوم دورًا حيويًا في الصحة الجيدة والرفاهية طوال الحياة. ومع ذلك يعاني الكثير من الناس من مشاكل في النوم، وكلنا ندرك مدى خطورة ذلك. حيث إن شعورك أثناء اليقظة يعتمد على ما يحدث أثناء النوم. وأثناء النوم، يعمل جسمك على دعم وظائف الدماغ السليمة والحفاظ على صحتك البدنية. إذن، ما الذي يحدث بالضبط عندما تحاولين استعادة ذلك الوقت الإضافي للانتقام، وتقصير نومك في هذه العملية؟.

ما يحدث هو أن جهازك المناعي يضعف، وتصبحين أكثر عرضة للإصابة بالعدوى. كما تقصر دورات إصلاح بشرتك، مما قد يؤدي إلى الشيخوخة المبكرة. كذلك ستصبحين أكثر عرضة لتشوش الذهن، وتعجزين عن العمل بكفاءة. كما أنك أكثر عرضة للسمنة، مما يقلل من رغبتك الجنسية. كما سترتبط قلة النوم بزيادة الإصابة بمرض السكري والسرطان.. باختصار، التنازل عن حق بدك في النوم يدمر حياتك.

الأمر جديّ

وقت الانتقام .. لماذا ندمر حياتنا بأيدينا؟

قد تظنين أن هذه التأثيرات تقتصر على من يفوتون ليالٍ كاملة من النوم، أو يحاولون إرهاق أجسامهم بأربع ساعات فقط. لكن هذا ليس صحيحًا. فحتى لو كنتَ تفقدين 30 دقيقة فقط كل ليلة، فإن هذا النقص في النوم يتراكم، وقد يسبب نفس تأثير السهر طوال الليل. نعم لا يتطلب الأمر الكثير. مجرد تأخير موعد نومك 30 دقيقةً لتصفح سريعٍ للأحداث قد يكون ضارًا للغاية.

وللمفارقة فإن وقت الانتقام يصبح دورة لا نهاية لها، تحقق ذاتها. كما إن الحرمان من النوم يجعلنا نواجه صعوبة في التركيز بينما يضعف الحكم، مما يجعلنا أكثر عصبية.

الاستهتار مدمّر

وقت الانتقام .. لماذا ندمر حياتنا بأيدينا؟

إن قلة النوم ستجعلك أقل كفاءة وإنتاجية في يومك سواء في العمل أو المنزل. وهذا النقص في الكفاءة في عملك وأعمالك المنزلية يعني أن مسؤولياتك ستؤثر على وقت راحتك بشكل أكبر. وبما أنك أكثر انفعالًا؟ من المرجح أن تشعري بإحباط أكبر وتحتاجين إلى وقت أطول للانتقام في الليلة التالية.

وقت الانتقام من أكثر صفاتي سلبيةً بلا شك. أظل مستيقظًا حتى الثانية صباحًا تقريبًا، أتصفح الإنترنت أو أنسّق منشوراتي وتعليقاتي .. لأنني ببساطة لا أستطيع أن أتقبل إنهاء يومي دون أن يكون لديّ وقت خاص بي.

وهل يفترض بالحياة حقًا أن تكون مجرد عمل، وتنقلات، وعشاء، وتنظيف، ثم نوم؟. مع يومَي إجازة فقط بينهما؟ إنه أمرٌ يصعب تقبله لكن هل من مفرّ؟. ثم نندم ونرجع ونقول ياريت اللي جرى ماكان؟.

كيف نكسر هذه الدورة؟

وقت الانتقام .. لماذا ندمر حياتنا بأيدينا؟

للبحث عن إجابات سريعة ومضمونة ومجربة، نلجأ إلى موقع Reddit فمن المريح أن نرى آخرين يعانون من نفس المشاكل. ومن الحلول المطروحة في هذا النقاش محاولة تذكر مدى الراحة التي نشعر بها، أو الاعتراف بأن وقت الانتقام لا يُشعرنا بالراحة أو الرضا أصلًا. حيث إن محاولة جعل شخص آخر يحاسبني كانت ناجحة في الماضي.

وتقول الملاحظات من أصحاب التجارب يجب تشجيع الناس على جعل النوم أولوية قصوى. تمامًا كما تفعلين إذا كنت ترغبين في إنقاص وزنك أو تحسين لياقتك البدنية أو التخلص من ترهلات ما بعد الولادة. أيضًا تحدثي مع المقربين منك، وحددي فترة تتراوح من 7 إلى 30 يومًا للتركيز على نومك والالتزام باتباع روتين محدد.

علاوة على ذلك، تحتاجين إلى حثّ أبيك أو أمك أو أختك أو زوجك على البقاء على المسار الصحيح. وجود ذلك الصوت الإضافي الذي يطالبك بوضع هاتفك جانبًا قد يشعرك بالذنب، ما يدفعك في النهاية إلى وضع رأسك على الوسادة وإطفاء الأنوار واستعادة صحتك بعيدًا عن هرطقات "وقت الانتقام".