استلهمي مهاراتكِ الإبداعية وطوري ذاتكِ في مجال التسوق الرقمي العالمي على خطى القائدة البارعة دانا مطالقة

استلهمي مهاراتكِ الإبداعية وطوري ذاتكِ في مجال التسوق الرقمي العالمي على خطى القائدة البارعة دانا مطالقة

رحاب عباس المواردي

سيظل مفهوم القيادة أحد المفاهيم المرتبطة بالشخصيات القادرة على تحقيقه بكل قوة وتحدي وثبات؛ وخصوصًا في ظل عصرنا الحالي. ولاشك أن مواكبة التكنولوجيا التي تلاحق معظم المجالات على مستوى العالم باتت أمرًا حتميًا لكل امرأة أو فتاة تسعى للابتكار والإبداع وتحقيق دور قيادي مؤثر وفعال.

ورغم أن تحديات كل مجال مهني تخلق له عالم منفرد ليضع بصمته المتميزة؛ إلا أن المجال التسويقي لا يزال يفوق كل التوقعات على جميع المستويات، ما جعله منبر التفوق وتحقيق الإنجازات الملموسة للعديد من النساء.

وبما أن التسوق الرقمي وإدارة العلامات التجارية وإطلاق المنتجات أحد الفروع التي تشهد تفوقًا نسائيًا تحت مظلة المجال التسويقي العالمي. برزت دانا مطالقة مديرة التسويق بشركة Rheem Middle East في دفع عجلة نمو العلامات التجارية وتوجيه استراتيجيات التسوق الرقمي نحو الابتكار لوضع حلول مرتبطة بالاستدامة وصديقة للبيئة.

فاذا كنتِ تبحثين عن تطوير أهدافكِ ومهاراتكِ في هذا المجال تحديدًا؛ فما عليكِ سوى الاستمتاع بقراءة هذا الحوار الممتع عبر موقع "هي" مع القائدة البارعة والنموج الاستثنائي على مستوى الشرق الأوسط وأفريقيا دانا مطالقة لتكون مصدر إلهامكِ لتحقيق  نجاحات ملموسة.

مديرة التسويق الأولى بأحد الشركات العالمية على مستوى الشرق الأوسط وأفريقيا دانا مطالقة
مديرة التسويق الأولى بأحد الشركات العالمية على مستوى الشرق الأوسط وأفريقيا دانا مطالقة

سلسلة نجاحات تُجسد لنا اليوم قائدة بارعة في مجال التسويق على مستوى الشرق الأوسط.. كيف كانت البداية؟

بدايتي في عالم التسويق كانت مدفوعة بالشغف لفهم سلوك المستهلك وتأثير العلامة التجارية في حياته اليومية. بعد تخرجي من جامعة الأردن بتخصص نظم المعلومات الإدارية، أدركت أن هذا المجال يجمع بين التحليل الاستراتيجي والإبداع، وهو ما جذبني إليه. بدأت مسيرتي المهنية في شركات عالمية مثل LG وSamsung وDaikin، حيث أُتيحت لي الفرصة لاكتساب خبرة عميقة في إطلاق المنتجات، وبناء الهوية المؤسسية، وتوسيع الحضور الإقليمي للعلامات التجارية في الخليج وإفريقيا وبلاد الشام. هذه التجارب شكّلت الأساس الذي بنّيت عليه نجاحاتي لاحقًا، حيث أقود اليوم استراتيجية التسويق في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، وأسعى باستمرار لابتكار حملات تواكب تطلعات السوق وتعزز من مكانة العلامة التجارية في قطاع HVAC سريع التطور.

بالتأكيد مجال التسويق لن يخلو من التحديات.. ما هي أبرزها لتشكيل شخصيتكِ القيادية؟

فعلًا، مجال التسويق مليء بالتحديات في ظل عصرنا الحالي؛ ولاشك أن كل تحدٍ كان بمثابة فرصة لصقل شخصيتي وتعزيز قدراتي القيادية.  ومن أبرز التحديات التي واجهتها كانت قيادة التغيير في أسواق متعددة الثقافات ضمن منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا. فكل سوق له طابعه الخاص وسلوك مستهلك مختلف، مما يتطلب فهمًا عميقًا للسياق المحلي من دون التخلي عن الهوية العالمية للعلامة التجارية؛ ما جعلني تعلمت كيف أُدير فرقًا متنوعة بثقافات وأساليب عمل مختلفة.

تحدٍ آخر كان مرتبط بالتحول الرقمي في التسويق، خصوصًا في قطاع تقني مثل HVAC. وهنا كان من المهم مواكبتي لتطوير أدوات التسويق الرقمي والبيانات الضخمة، وتوجيه الفريق نحو استراتيجيات رقمية مؤثرة تتماشى مع سلوكيات العملاء المتغيرة. كما واجهت تحديات في بناء الشراكات الاستراتيجية مع موزعين وجهات صناعية مؤثرة، ما علّمني أهمية التفاوض، والرؤية طويلة الأمد، وبناء الثقة المستدامة.

عمومًا، كل هذه التحديات شكلت أساسًا لأسلوبي القيادي اليوم: "مرن، مبني على الاستماع، التحليل، والقدرة على اتخاذ قرارات مدروسة في بيئة سريعة التغير".

ما أكبر خطأ تعلمت منه دروسًا قيمة في مسيرتكِ؟

أكبر الأخطاء التي واجهتي في مسيرتي، والتي تعلمت منها درسًا عميقًا، كان الاعتماد بشكل مفرط على الاستراتيجيات العالمية من دون تخصيص كافٍ للسوق المحلي في بداية عملي مع إحدى العلامات التجارية الكبرى.حينها كنت متحمسة لتطبيق حملة تسويقية عالمية ناجحة في منطقتنا، ظنًا مني أن النتائج ستتكرر. لكن ما لم آخذه بعين الاعتبار هو الفروق الثقافية وسلوكيات المستهلك المحلي، مما أدى إلى نتائج أقل من التوقعات.

هذا الخطأ كان بمثابة نقطة تحوّل لي. تعلمت أن النجاح في التسويق لا يعتمد فقط على الأفكار الكبيرة، بل على التفاصيل الصغيرة التي تُظهر فهمك العميق لجمهورك. منذ ذلك الحين، أصبحت أحرص على بناء استراتيجيات تبدأ من السوق المحلي وتُبنى على بيانات وتحليلات دقيقة، ثم أدمجها بإبداع مع الرؤية العالمية للعلامة التجارية.

وسيظل الدرس الأهم الذي تعلمته وسيرافق نجاحاتي المستقبلية، هو الاستماع للسوق أولًا، وليس الافتراض أنه سيتبع نمطًا عالميًا موحدًا.

ما الكتاب أو المصدر الأكثر تأثيرًا في مسيرتكِ؟

أكثر الكتب تأثيرًا في مسيرتي هو كتاب "Start With Why" لسيمون سينك. هذا الكتاب غيّر طريقة تفكيري كليًا حول القيادة والتسويق، وعزز لدي قناعة بأن معظم  الناس يشترون ما يحتاجون إليه. عمومًا، في مجال التسويق، وخاصة في قطاعات تقنية مثل HVAC، من السهل الوقوع في فخ التركيز على المزايا الفنية للمنتجات. لكن هذا الكتاب ذكّرني دائمًا بأن النجاح الحقيقي يكّمن في سرد القصة، وإيصال الرسالة الجوهرية التي تلامس احتياجات الناس وقيمهم.كما ألهمني كثيرًا في بناء حملات تعتمد على الرؤية والهدف، وليس فقط المنتج، وهو ما ساعدني في قيادة حملات مؤثرة تعكس أهمية الالتزام بالاستدامة والابتكار، وتربط بين العلامة التجارية واهتمامات الجمهور الحقيقية.

كيف تطورين مهاراتك القيادية في بيئة سريعة التغير مثل التسويق الرقمي؟

أركز في بيئة التسويق الرقمي المتغيرة باستمرار،على ثلاث ركائز لتطوير مهاراتي القيادية: "التعلم المستمر من مصادر موثوقة مثل Google وHarvard Business Review، والمشاركة في المؤتمرات لمواكبة أحدث الاتجاهات.تمكين الفريق من خلال بيئة تشجع على التجربة والتعلم، مما يعزز الإبداع والمسؤولية الجماعية.المرونة والتقييم الذاتي، عبر مراجعة مستمرة للقرارات والتكيف مع المتغيرات بسرعة وفعالية، وذلك لتعزيز مفهوم القيادة الحالي الذي بات يعتمد على الدمج بين التحليل العميق وفهم الجمهور بشكل إنساني، وخصوصًا لمواكبة تحديات عصرنا الحالي.

كيف توازنين بين التحديات المهنية وتطوير الذات؟ وهل لديك روتين معين للتعلم المستمر؟

أخصص وقتًا أسبوعيًا ثابتًا، حتى لو كان قصيرًا، للاطلاع على تقارير أو مقالات من مصادر مثل Harvard Business Review أو Think with Google. وأحرص على حضور ورش عمل أو ندوات رقمية بشكل دوري، خاصة تلك المتعلقة بالتسويق والقيادة.

أما في العمل، فأحاول أن أدمج التعلم في المهام اليومية؛ سواءً من خلال تحليل أداء الحملات، أو تبادل الخبرات مع الفريق، أو تجربة أدوات جديدة. علمًا أن السر في الاستمرارية، وليس الكمية  "حتى 20 دقيقة من التعلم المنتظم تصنع فرقًا حقيقيًا على المدى الطويل".

دانا مطالقة أحد النماذج المشرفة والاستثنائية  في مجال التسوق الرقمي العالمي
دانا مطالقة أحد النماذج المشرفة والاستثنائية  في مجال التسوق الرقمي العالمي

كيف تتعاملين مع أزمات السمعة الرقمية في المنطقة؟ وهل توجد اختلافات في إدارة الأزمات هنا مقارنة ببقية العالم؟

أولاً، أحرص على رصد ما يُقال عن العلامة التجارية لحظة بلحظة عبر أدوات الاستماع الرقمي، مما يتيح لنا التدخل المبكر قبل تفاقم أي أزمة. وثانيًا، في منطقتنا، تختلف إدارة الأزمات عن بقية العالم من حيث أهمية الشفافية والاحترام الثقافي. الجمهور هنا يقدّر الاعتراف بالخطأ، لكن بأسلوب يحفظ كرامة الطرف الآخر ويعكس تحمل المسؤولية دون تصعيد. أما ثالثًا، فأعتمد أسلوب الرد السريع، ولكن الهادئ والمدروس وغالبًا ما نعمل مع فرق العلاقات العامة المحلية لضمان أن الرسائل تتماشى مع اللهجة والسياق الاجتماعي لكل سوق. عمومًا، في كل الحالات، أؤمن أن الاستباقية وبناء الثقة المستمر مع الجمهور هما خط الدفاع الأول ضد أي أزمة مستقبلية.

ماذا عن المهارات الأساسية التي تبحثين عنها عند بناء فريق تسويق رقمي ناجح في المنطقة؟

أركز على مهارات أساسية تجمع بين التقنية والإبداع وفهم السوق المحلي. منها: "التحليل والبيانات (قدرة على قراءة وتحليل البيانات لاتخاذ قرارات مبنية على أرقام، خصوصًا مع أدوات مثل Google Analytics و أدوات إدارة الحملات). فهم منصات التواصل الاجتماعي: "معرفة عميقة بمنصات مثل إنستغرام، تويتر، لينكدإن، وتويتر، مع القدرة على إدارة الحملات الإعلانية على هذه المنصات". التسويق بالمحتوى: "مهارات قوية في كتابة وصناعة محتوى ملائم للجمهور المحلي ويعكس ثقافة المنطقة". فهم السوق والثقافة المحلية: "القدرة على تصميم حملات تسويقية تحترم القيم والعادات في دول الخليج وشمال أفريقيا مثلًا". وإدارة المشاريع: "لتنظيم الوقت والمهام وضمان تنفيذ الحملات بفعالية".

كيف تُحفزين فريقك على الابتكار مع ضمان تحقيق الأهداف العالمية الصارمة؟

أعمل على خلق بيئة آمنة للتجربة تشجع على طرح أفكار جديدة من دون خوف من الفشل، مع تحديد أهداف واضحة تسمح ببعض المرونة في التنفيذ. كذلك أحرص على التواصل المستمر لمشاركة التحديات والأفكار، بالإضافة إلى مكافأة المبادرات الابتكارية وتوفير الموارد والتدريب اللازمين، مع ربط الابتكار بتحقيق النتائج لتعزيز شعور الفريق بالمسؤولية والدافع، وأشجع أيضًا على تمكين القيادة داخل الفريق ليأخذ الأفراد زمام المبادرة و يطوروا حلولًا مبتكرة.

برأيك، ما الأدوات الرقمية الأكثر فاعلية في جذب الجمهور العربي؟ وهل تختلف عن الأسواق الأخرى؟

برأيي، الأدوات الرقمية الأكثر فاعلية في جذب الجمهور العربي هي تلك التي تدمج المحتوى المحلي الأصيل مع التجربة التفاعلية؛ وأبرزها: "منصات التواصل الاجتماعي مثل إنستغرام ، نظرًا لقوة المحتوى المرئي وقابليته للمشاركة.المحتوى المرئي القصير (Short-form videos)  المدعوم بعناصر ثقافية محلية ولغة قريبة من الجمهور.الاختلاف عن الأسواق الأخرى الذي يكمن في أهمية الطابع الشخصي واللغة، والجمهور العربي الذي يتفاعل أكثر مع الرسائل التي تحمل لمسة إنسانية وتعكس القيم المحلية، في حين قد تركز أسواق أخرى على الجوانب التقنية أو الرسائل العالمية المباشرة".

ما هو التغيير الذي تودين رؤيته في مشهد التسويق الرقمي بالمنطقة خلال الخمس سنوات القادمة؟

أتمنى أن يتجه التسويق الرقمي في المنطقة خلال السنوات الخمس المقبلة نحو استراتيجيات طويلة المدى قائمة على القيمة بدل الاكتفاء بالحملات اللحظية، مع التركيز على محتوى أعمق يعزز الولاء، واستخدام التحليل والبيانات لفهم السوق بعمق، ودمج مفاهيم الاستدامة بشكل حقيقي، ليصبح التسويق أداة لبناء الثقة والعلاقات المستدامة مع الجمهور.

ما هي نصيحتكِ لجيل زد وألفا لتحقيق نجاحات ملموسة في مجال التسويق الرقمي العالمي؟

نصيحتي لجيل زد وألفا هي الاستثمار في التعلم المستمر والفضول الإبداعي، فالنجاح في التسويق الرقمي العالمي لا يعتمد فقط على إتقان الأدوات والمنصات، بل على القدرة على فهم الثقافات المختلفة والتكيف مع تغير سلوك المستهلك بسرعة. ومن منبر موقع "هي" أناشد كل فتى وفتاة أن يبدؤوا دومًا  من تحليل البيانات وفهم الجمهور قبل صياغة أي حملة، وأن يكونوا مستعدين للتجربة والخطأ من دون خوف". فالإبداع الحقيقي يولد من الجرأة.