
أدوات البحث عن الذات مفتاحكِ الذهبي لتطوير نفسكِ في عصر الهويات المتعددة.. إليكِ أبرزها
لطالما ينبض قلبي بأوجاع لا حصر لها، وأحلام كثيرة لا تزال في سماء الفكر وأرض الخيال. لكن في زمن يُحاصرني فيه ضجيج الأدوار وتوقعات المجتمع، اكتشفت أن قوتي الحقيقية تختبئ في فنّ تشكيل هويتي. هذا الفن المرتبط بفمهوم البحث عن الذات لم يعد ترفًا فلسفيًا، بل منجَم ذهب عملي لاستخرج منه "الوضوح لاتخاذ قراراتتوازن بين أبعادي المتعددة، الجرأة لرفض النماذج الجاهزة وبناء نجاحي الشخصي، والمرونة لتحويلِ تناقضاتي الظاهرة إلى مصادر للإبداع". هنا.. حيث تصبح أدوات البحث عن الذات بوصّلة تُخرجني من متاهة "من أنا؟" إلى خريطة "إلى أين أريد أن أصل؟".
وبما أن كل أداة من أدوات البحث عن الذات هي مفتاح ذهبي يفتح قفلًا في سلسلة نجاحاتي. لذا دعينا نرسم سويًا خريطةهويتنا؛ فحين نُحلل وقتنا رقميًا، سنكتشف أن ساعة واحدة يوميًا للتعلم الذاتي، قد تُطلق مشروعًا يُغير حياتنا خلال عام.
ولا أخفي عنكِ أنا محررة مجلة هي "رحاب عباس" أن هذا ليس حديثًا عن 'الوعي الذاتي'، بل عن تحويل وعينا إلى سلاح نبني به إمبراطورية وجودنا في عصر الهويات المتعددة.
من هذا المنطلق، سأطلعكِ عبر موقع "هي" على أبرز أدوات البحث عن الذات لتطوير نفسكِ في عصر الهويات المتعددة وتحقيق نجاحات لا مثيل لها؛ بناءً على توصيات استشاري التنمية البشرية الدكتور مصطفى الباشا من القاهرة.
لماذا أدوات البحث عن الذات مهمة لتطوير المرأة وما أبرزها؟

ووفقًا للدكتور مصطفى، لأن المرأة التي تعرف عمقها، لا يُمكن أن تُهزم بسطحية العالم. وبما أن عصرنا الحالي هو عصر الهويات المتعددة التي تتصارع فيه التأثيرات العالمية والمحلية، بات البحث عن الذات عملية معقدة تتطلب أدوات متعددة الأبعاد. عمومًا، تتلخص أبرز هذه الأدوات في أربع فئات رئيسية، وهي كالتالي:
الفئة الأولى.. الأدوات المعرفية والذاتية
- التفكير النقدي والتأمل الذاتي: يُشكل التفكيك النشط للمعتقدات والتحيزات أداة محورية "لاكتشاف الذات". حيث يتيح للمرأة تمييز عناصر هويتها الأصيلة عن تلك المفروضة ثقافيًا أو اجتماعيًا. كذلكيُعزز هذا النهج استقلاليتها الذاتية وقدرتهاعلى اتخاذ قرارات متوافقة مع قيمها الشخصية.
- الوعي بالتاريخ والذاكرة الجمعية: يوفر فهم السرديات التاريخية للجماعات الثقافية إطارًا مرجعيًا لفهم ذاتها، مع إدراك أن هذه السرديات قابلة لإعادة التفسير والاختيار الانتقائي. كذلك يُمكّن المرأة من تبني عناصر تراثية تُعزز هويتها مع رفض العناصر التي لا تتوافق مع قيمها.
- الذكاء العاطفي:يشمل القدرة على فهم مشاعرها الشخصية وإدارتها، وكذلك التعاطف مع مشاعر الآخرين، مما يُعزز توازنها الداخلي في مواجهة التحديات الهوياتية.
الفئة الثانية.. أدوات التفاعل والتواصل
- الفضاء الرقمي ووسائل التواصل: تتيح المنصات الرقمية للمرأة "بناء هويات افتراضية تستكشف جوانب جديدة من شخصيتها، الانخراط في مجتمعات معرفية عابرة للحدود الجغرافية والثقافية، والمشاركة في حوارات عالمية تعيد تشكيل الوعي الذاتي لديها.
- التفاعل الثقافي واللغوي: يشمل "إتقان اللغات الأجنبية كجسور لفهم ثقافات الآخر من دون التخلي عن (اللغة الأم).
- الانفتاح على المنتجات الثقافية العالمية: مع الحفاظ على الخصوصية المحلية
- تحويل التعدد الثقافي: من تهديد إلى مصدر لإثراء الهوية الذاتية.
الفئة الثالثة..أدوات التجسيد والممارسة
- الإبداع الفني والأدبي: يستخدم الأدب والفنون كمرايا تعكس تعقيدات هويتها.
- الكتابة والسرد الذاتي:تتحول المذكرات والمدونات إلى أدوات لبناء سردية شخصية متسقة في عالم متشظٍ، حيث تساعدها على "توثيق رحلة بحثها عن الذات، صياغة تجاربها ضمن إطار متماسك، وتحويل تجاربها الفردية إلى رواية وجودية ذات معنى".
الفئة الرابعة.. أدوات المواجهة والتفاوض الوجودي
- المخاطرة والتجريب:يتطلب عصر الهويات المتعددة جرأتها في تجريب أدوار اجتماعية وثقافية جديدة، مع قبول احتمالية الفشل كجزء من رحلة البحث.
- التفاوض اليومي بين الهويات: يميز بين "الهويات السياقية التي يتم تفعيلها حسب مواقفها (المهنية، الاجتماعية، الثقافية)، وبين الهويات الجوهرية التي تُشكل النواة الثابتة لذاتها".
- المقاومة الثقافية الواعية:توازن بين انفتاحها على العولمة ورفض نماذجها الاستلابية، عبر تبني "ثقافة المقاومة" التي تُحافظ على خصوصيتها من دون انغلاق.
كيف تستفيد المرأة من أدوات البحث عن الذات لتطوير نفسها؟

وتابع دكتور مصطفى، يُمكن للمرأة الاستفادة من أدوات البحث عن الذات في عصر تعدد الهويات وتداخل الأدوار، عبر الخطوات العملية التالية:
التأمل والاستبطان (Journaling & Meditation)
- وثقي مشاعركِ وأفكاركِ لاكتشاف الأنماط والقيم الأساسية.
- راقبي ذاتكِ بلا أحكام لفهم الدوافع الداخلية. على سبيل المثال" خصّصي 10 دقائق يوميًا لكتابة إجابة (ما الذي جعلني أشعر بالانتماء اليوم؟).
خرائط الهوية (Identity Mapping)
- ارسمي دائرة مقسمة لأدواركِ (أم، محترفة، صديقة، فنانة...)، وحدّدي مساحة كل جزء.
- اكتشفي التباين بين "الهوية المفروضة" (توقعات المجتمع) و"هويتكِ الحقيقية".
التجارب الاستكشافية
- اشتركي في دورات قصيرة لمجالات غير مألوفة (فنون، تكنولوجيا).
- سفري بمفردكِ،حتى لو كان محليًا، لاختبار تفاعلكِ مع بيئات جديدة.
الحوارات المتعمقة
- ابحثي عن "شركاء تأمل" (صديقات.. مرشدات) لمناقشة أسئلة مثل:"أي نسخة منّي تشعرين أنها الأكثر أصالة؟"
- انضمي لمجتمعات نسائية داعمة تُعنى بالنمو الشخصي.
إعادة تعريف النجاح
- صمّمي معايير نجاح شخصية بعيدًا عن المقارنات. عل سبيل المثال"النجاح بالنسبة لي هو التوازن بين الإبداع ومسؤولياتي".
- استخدمي تقنيات مثل عجلة الحياة لتقييم توازن جوانب حياتكِ.
التحليل الرقمي
- تتّبعي وقتكِ عبر تطبيقات مثل RescueTime لاكتشاف ""أين تُستنزف طاقتكِ؟ وأين تزدهر؟".
- حلّلي منشوراتكِ على وسائل التواصل (أي هويات تُعرضينها ولمن؟).
تقبل التدفق الهووي
- اعترفي بأن الهويات قد تتغير في مراحل حياتكِ (الأمومة، تغيير المهنة).
- طبقي مبدأ الهوية السائلة "هويات متعددة تظهر حسب السياق بلا تناقض".
الإبداع كمرآة
عبري عن هوياتكِ المخفية عبر"الكتابة الحرة (Free Writing)، الرسم التلقائي، مشاريع حرفية تعكس أجزاءً من شخصيتكِ".

وأخيرًا، تأكدي أن كل رحلة بحث عن الذات تُعيد تشكيل عالمكِ من الداخل. وكما لخصت رؤية ستيوارت هول "الهوية ليست مستودعًا نستعيده من الماضي، بل هي ورشة مفتوحة نصنعها يوميًا بلغة الحوار والتجربة". لذا سيبقى التحدي الأكبر هو تحقيق التوازن بين الثبات والتحول، بين الأصالة والانفتاح، في رحلة البحث عن الذات التي لا تنتهي.