صورة رئيسية  تعرفي إلى خطوات عملية ومهارة أساسية لاتخاذ قرارات صائبة لا تندمين عليها

بين الصواب والخطأ: دليلكِ الفعّال لاتخاذ قرارات صائبة لا تندمين عليها

رحاب عباس

تصوّري نفسكِ واقفةً عند مفترق طرق. كل طريقٍ يؤدي إلى عالمٍ مختلف: "أحدهما يلمع بضوء النجاحِ والرضا، والآخر تُغطيه سُحب من الندم والتساؤلات". لكن كيف تعرفين أي الطريقين ستختارين؟.

وهنا أوكد أنا محررة مجلة "هي" أن القرارات ليست مجرد اختيارات عابرة، بل هي لُحظاتٌ مصيرية تُحدّد ملامح حياتكِ. ففي كل مرة تضغطين فيها على زر "القرار"، تُطلقين سهمًا قد يصيب الهدف أو يُخطئه؛ ولكن ماذا لو امتلكتِ بوصلة خفية تُنير دربكِ؟. الأمر ليس سحرًا، بل هو فنّ مدروس يعتمد على شِفراتٍ قد تكون مخبأة في: "نبضات قلبكِ حين يصمتُ كل شيءٍ حولكِ، ذكرياتكِ القديمة التي تهمس هذا الطريق مررتُ به من قبل، قيمكِ التي تحملينها كدرعٍ ضدّ رياح الشكّ".

ولا أُخفّي عنكِ، أن بعض القرارات  فقد تُشبه الوحوش المُتنكّرة "تظهر لكِ بلباس الفرص الذهبية، لكنها تخفي خلف أقنعتها خسائرَ لا تُحصى؛ بينما قرارات أخرى تبدو صعبةً كـالجبال، لكنّها تُخفي كنوزًا من النمو الشخصي".

من هذا المنطلق، هيا نكّسر القفلَ معًا عبر موقع "هي" كي تُفرّقين بين صوت الخوف وصوت الحكمة بداخلكِ، وتُحوّلين الترددَ إلى قوةٍ مُحرّكة، وتخرجين من كل مفترق طرقٍ وأنتِ أكثر حكمةً وقوةً لاتخاذ قرارات صائبة، وذلك بناءً على توصيات استشاري التنمية البشرة الدكتور مصطفى الباشا من القاهرة.

الحياة سلسلةٌ من القرارات فاجعلِيها سلسلةً من الانتصارات

تعرفي إلى خطوات عملية وبسيطة للتمييز بين القرار الصائب عن الخطأ
تعرفي إلى خطوات عملية وبسيطة للتمييز بين القرار الصائب عن الخطأ

ووفقًا للدكتور مصطفى، اتخاذ القرارات مهارة حياتية أساسية، لكن التمييز بين القرار الصائب والخطأ قد يكون تحديًا. إليكِ خطوات عملية لاتخاذ قرارات أكثر ذكاءً ووضوحًا؛ وذلك على النحو التالي:

حدّدي الهدف الأساسي

اسألي نفسك "ما الذي أريد تحقيقه حقًا؟"؛ على سبيل المثال: "قرار شراء سيارة... الهدف منه قد يكون توفير الوقت، أو تحسين مستوى الحياة، أو الاستثمار". لكن تجنبي اتخاذ قرارات تحت ضغط عاطفي أو اجتماعي من دون فهم الهدف الحقيقي.

اجمّعي المعلومات ولا تنسي تحليلها

ابحثي عن بيانات موثوقة "إحصائيات، تجارب سابقة، آراء خبراء"؛ على سبيل المثال:" قبل قبول وظيفة جديدة، ابحثي عن ثقافة الشركة، رواتب السوق، وتقييمات الموظفين". كذلك تجنبيالاعتماد على مصادر غير دقيقة أو آراء سطحية.

ضعّي قائمة بالبدائل

اكتبي جميع الخيارات الممكنة، حتى تلك التي تبدو غير واقعية. على سبيل المثال:"إذا أردتِ تغيير مسارك المهني، فكري في دورات تدريبية، تغيير الشركة، العمل الحر، أو السفر للخارج". كذلك تجنبيالتركيز على خيار واحد فقط (التفكير الثنائي: نعم/لا).

قومي بقياس الإيجابيات والسلبيات

استخدمي جدولًا بسيطًا لكل خيار: الإيجابيات "المكاسب المادية، العاطفية، الاجتماعية؛ السلبيات "المخاطر، التكاليف، الآثار طويلة المدى". على سبيل المثال: قرار الزواج "اكتبي تأثيراته على حياتكِ المهنية، العلاقات العائلية، والاستقلالية".

اختاري القيم التي تُرشدك

القرار الصائب هو الذي يتوافق مع قيمكِ الأساسية مثل "الصدق، العدالة، العائلة"؛ لذا اسألي نفسك: "هل هذا القرار يُشعرني بالفخر؟، هل يؤذي أحدًا؟. على سبيل المثال: "رفض وظيفة ذات راتب مرتفع إذا كانت تتعارض مع مبادئكِ الأخلاقية، أو قرار زواج قد يؤثر على أولادكِ إذا كنتِ مطلقة".

لابد أن يتوافق القرار الصائب مع قيمكِ الأساسية وليس غير ذلك
لابد أن يتوافق القرار الصائب مع قيمكِ الأساسية وليس غير ذلك

استشيري "العقل والقلب"

  • العقل: حلّلي المنطق والأرقام.
  • القلب: انصتي لحدسكِ Gut Feeling  فغالبًا ما يُرسل الجسم إشارات.
  • الراحة: شعور بالاطمئنان حتى لو كان القرار صعبًا.
  • القلق: توتر غير مبرر قد يكون إنذارًا.

 اختّبري القرار مسبقًا

تخيلي النتائج على المدى القصير والطويل "ماذا سيحدث بعد أسبوع، سنة، أو 5 سنوات؟. على سبيل المثال: "قبل الاستثمار في مشروع، تصوّري سيناريوهات النجاح والفشل، وكيفية تعاملكِ معها".

تجنبي الفخاخ الشائعة

  • تحيز التأكيد:ابحثي عن معلومات تؤيد رأيكِ المسبق.
  • التكلفة الغارقة: الإصرار على قرار خاطئ لأنكِ استثمرتي وقتًا أو مالًا فيه.
  • القطيع:اتباع رأي الأغلبية من دون تفكير نقدي.

خذي وقتكِ لكن لا تؤجلي

تحتاج بعض القرارات  إلى تفكير عميق، لكن التأجيل المزمن يزيد القلق؛ لذا حدّدي مهلة زمنيةمثل" 48 ساعة" لاتخاذ القرار، خاصة إذا كان عاجلًا.

تقبَّلي النتائج بمرونة

حتى القرارات المدروسة قد تكون غير مثالية، لكنها خطوة للتعلُّم؛ لذا راجعي قراراتكِ السابقة بانتظام لتحسين مهاراتكِ.

كيف تُمييزين بين القرار الصائب عن الخطأ؟

تعلمي كيف تمييزين بين القرار الصائب عن الخطأ
تعلمي كيف تمييزين بين القرار الصائب عن الخطأ

وتابع دكتور مصطفى، القرار "الصائب" ليس دائمًا الأسهل أو الأكثر راحة، لكنه الأكثر اتساقًا مع قيمكِ ورؤيتكِ لمستقبلكِ. وكما قال روبرت كيوساكي:"النجاح هو مجموع القرارات الصغيرة التي نتخذها كل يوم". لذا استفيدي من التالي:

  • الاختبار الأخلاقي:"هل ستشعرين بالراحة إذا نُشر قراركِ على الملأ؟
  • اختبار الطفل الصغير: "كيف ستشرحين قراركِ لطفل؟ إذا احتجتِ إلى تبريرات معقدة، فقد يكون هناك خلل.
  • التأثير على الآخرين: "هل يخدم هذا القرار مصلحة الجميع أم مصلحتكِ فقط؟

مهارات أساسية للتمييز بين القرار الصائب عن الخطأ

استفيدي من المهارات المقدمة لاتخاذ قرارات صائبة لا تندمين عليها
استفيدي من المهارات المقدمة لاتخاذ قرارات صائبة لا تندمين عليها

وأضاف دكتور مصطفى، يتطلب التمييز بين القرار الصائب عن الخطأ مزيجًا من المهارات العقلية والعاطفية والأخلاقية. إليكِ أهم المهارات التي تساعدكِ على اتخاذ قرارات أكثر حكمة:

مهارة التفكير النقدي  (Critical Thinking)

  • افحصّي البيانات بموضوعية، وتجنبي الانحياز للآراء المسبقة.
  • استخدمي الأسئلة الذكيةمثل: "ما الأدلة التي تدعم هذا الخيار؟، ما الافتراضات الخفية وراءه؟. على سبيل المثال: "قبل الاستثمار في مشروع، ابحثي عن نقاط الضعف التي قد يتجاهلها الآخرون".

مهارة الذكاء العاطفي  (Emotional Intelligence)

  • تجنبي اتخاذ قرارات تحت تأثير الغضب، الفرح المفرط، أو الخوف.
  • اقرأي مشاعر الآخرين"كيف سيؤثر قراركِ على من حولك؟". على سبيل المثال:" تأجيل قرار فصل موظف أثناء غضبكِ، والتفكير فيه بعد الهدوء".

مهارة المرجعية الأخلاقية  (Ethical Compass)

حدّدي مبادئكِ الأساسية مثل "الصدق، العدالة، الرحمة"، واستفيدي من اختبار الضمير "هل أشعر بالسلام الداخلي بعد هذا القرار؟، هل أستطيع الدفاع عنه أمام من أحبهم؟. على سبيل المثال: "رفض رشوة في العمل حتى لو كانت تُحقق مكاسب مادية".

مهارة التعلُّم من الخبرات السابقة  (Learning from Experience)

راجعي القرارات القديمة"ما الذي نجح؟ وما الذي فشل؟ ولماذا؟"، اطلبي آراءً صادقة من أشخاص تثقين بهم". على سبيل المثال:"تجنبي تكرار استثمار مالي خاسر بنفس الطريقة".

مهارة التفكير الاستباقي  (Proactive Thinking)

التفكير الاستباقي أحد المهارات الأساسية لاتخاذ قرارات صائبة
التفكير الاستباقي أحد المهارات الأساسية لاتخاذ قرارات صائبة

تخيلّي العواقب "ماذا سيحدث على المدى القصير؟، ماذا بعد 5 سنوات؟". على سبيل المثال: "اختاري دراسة مجال تحبينه بدلًا من مجال "مربح" تشعرين تجاهه بالملل".

مهارة التعرف على التحيزات المعرفية  (Identifying Cognitive Biases)

  • تحيُز التأكيد:تفضيل المعلومات التي تدعم رأيكِ الحالي.
  • تأثير القطيع:اتباع رأي الأغلبية من دون تمحيص. على سبيل المثال: "شراء أسهم لأن الجميع يفعلون ذلك، من دون تحليل وضع السوق".

مهارة التحليل المالي والعملي  (Risk-Benefit Analysis)

مقارنة التكاليف والفوائد "ما المكاسب المادية والمعنوية؟، ما المخاطر المحتملة؟". على سبيل المثال: "مقارنة رواتب وعيوب وظيفتين قبل الاختيار".

مهار الاستماع إلى الحدس  (Intuition)

فرقّي بين الحدس والاندفاع؛ فالحدس"شعور داخلي عميق مبني على خبرات متراكمة"، أما الاندفاع فهو"ردة فعل عاطفية قصيرة المدى". على سبيل المثال: "رفض شراء منزل "مثالي" بسبب شعور غامض بعدم الارتياح، ثم اكتشاف مشاكل خفية فيه لاحقًا".

مهارة التوازن بين العقل والقلب  (Balancing Logic & Emotion)

العقل "هل هذا القرار منطقي؟"، القلب "هل أشعر أنه صحيح؟". على سبيل المثال:"قبول وظيفة براتب أقل إذا كانت تُحقق شغفكِ وتوازن حياتكِ".

مهارة الشجاعة في تحمل المسؤولية  (Courage to Take Responsibility)

تقبُل النتائجحتى لو كانت غير متوقعة. الاعتراف بالخطأوتصحيحه بسرعة بدلًا من التمسك بقرار خاطئ. على سيل المثال: "الاعتذار لفريقكِ إذا اتخذتِ قرارًا أدى إلى فشل مشروع".

نصائح مهمة للتدريب على مهارات اتخاذ القرارات الصائية

تأكدي أن القرار الصائب يُبنى على المعرفة وليس على الأرقام فقط
تأكدي أن القرار الصائب يُبنى على المعرفة وليس على الأرقام فقط

ينصح دكتور مصطفى، بضرورة تطبيق الخطوات البسيطة كنهج أساسي للتدريب على المهارات السالفة الذكر، للاتخاذ قرارات صائبة دومًا، وذلك على النحو التالي:

  • التزمي بالتدريب اليومي، من خلال تخصيص 10 دقائق لتحليل قرار صغير تتخذينه؛ مثل "اختيار وجبة غذاء".
  • اقرأي عن فلسفة الأخلاق وعلم النفس التنظيمي.
  • مارسيالتأمللتعزيز الوعي الذاتي وإدارة المشاعر.

وأخيرًا، تذكري أنه لا يوجد قرار "مثالي"، لكن القرار الصائب هو الذييتوافق مع قيمكِ، يُحقق الهدف الأساسي، ويضرّ بأقل عدد ممكن من الأشخاص. وكما قال أفلاطون:"القرار الجيد يُبنى على المعرفة، وليس على الأرقام فقط".