"آن جاكسون" مدربة علاجية محترفة وخبيرة في الصحة الذهنية

خاص "هي".. "آن جاكسون" المدربة العلاجية المحترفة وخبيرة الصحة الذهنية: السنّ مجرد رقم والقوة في التجربة

جويل تامر

"آن جاكسون" هي مدربة علاجية محترفة وخبيرة في الصحة الذهنية، كما أنها المؤسسة والرئيسة التنفيذية لشركة "ون لايف كوتشنج". وهي أم لشابين يافعين يدرسان في الجامعة حالياً، ولديها شغف كبير تجاه مساعدة الأفراد على إطلاق العنان لعواطفهم المخبأة وإيجاد هدفهم في الحياة بكل ثقة ومرح.

كان لـ"هي" جلسة خاصة معها ناقشنا خلالها موضوع شهر أبريل "الجمال وارتباطه بالتقدم في العمر" وشاركتنا رأيها الصادق عن العمر والجمال التالي:

"يقدم لنا العالم باستمرار صوراً للجمال الكامل بعيد المنال، ما يبرز أهمية مناقشة العمر ودوره في تحديد هويتنا أكثر من أي وقت مضى. ومن وجهة نظري كأخصائية بالصحة الذهنية ومدربة خبيرة بأسلوب الحياة العلاجية، أدرك كيف يمكن للعمر أن يمنحنا الإمكانيات أو أن يضع حداً لطموحاتنا، وهذا يعتمد كلياً على نظرتنا إلى هذا الأمر.

ومن المثبت عبر التاريخ ارتباط الجمال الأنثوي بمرحلة الشباب، ولطالما صوّرت العديد من المجالات مثل الفنون والإعلانات، المرأة في قوالب نمطية تتمثل بأنها شابة تجاوزت مرحلة المراهقة بقليل، إذ تحتفي المجلات ووسائل الإعلام بصاحبات البشرة الخالية من التجاعيد والقوام النحيل، مع الحرص على إخفاء علامات التقدم بالعمر التي تبرز بعد سن 25 عام. وغالباً ما اقترن التقدم في العمر بالنسبة للنساء بتقليل ظهورهنّ، وهي ظاهرة واسعة الانتشار يطلق عليها اسم "متلازمة المرأة غير المرئية". وتتعرض السيدات في الأربعينيات والخمسينيات من عمرهنّ للتجاهل في وسائل الإعلام وأماكن عملهنّ والمناسبات الاجتماعية، وحتى ضمن السرديات التي ترسم ملامح التاريخ، حيث أنّ معظم قصص السيدات الأكبر سناً لم تظهر للعلن.

لحسن الحظ، فإنّ هذه التوجهات تتغير،

إذ بدأنا نشهد اليوم تحدياً للمفاهيم القديمة، بما فيها قص الشعر وارتداء الملابس الرثة والتلاشي بصمت في الحياة، ولكن السيدات توقفنّ عن فعل ذلك، حيث بدأت السيدات في مرحلة منتصف العمر وما بعدها بتصدر المشهد واستقطاب الانتباه، ليس على الرغم من عمرهن، بل بسبب عمرهن. لا سيما وأنهن يتميزن بالحكمة والتجارب والجمال الذي يترافق مع عيش الحياة بحلوها ومرها.

وتصدرت "مارثا ستيوارت"، البالغة 81 عاماً، العناوين بوصفها أكبر سيدة تظهر على غلاف مجلة "سبورتس إيلوستريتد" في العدد المخصص لملابس السباحة. وعند سؤالها عما إذا ارتدت ملابس تناسب عمرها أجابت: "مناسب لعمر من؟"، وهو تذكير قوي بأن الثقة بالنفس تتخطى حدود العمر، وأن الأناقة ليست مقيدة بعمر معين. وتواصل "نكِي هاسكل"، نجمة وسائل التواصل الاجتماعي ذات الـ 84 عاماً، إلهام الملايين من متابعيها بما تتمتع به من نشاط وحيوية. ووفقاً لمؤسسة "كوفمان"، تمثل السيدات اللواتي تتراوح أعمارهن بين الـ 55 و65 عاماً واحدة من أسرع مجموعات رواد الأعمال نمواً، وهن أكثر نجاحاً من نظيراتهن الشابات.

وتتخطى هذه القصص الحالات الاستثنائية لتمثل دليلاً أن الحياة لا تتوقف عند عمر معين، بل تنطلق من جديد بزخم أكبر.

وبالنسبة للعديد من السيدات، تمنحهم المراحل التالية من حياتهن مزيداً من الصفاء والثقة بالنفس وإدراك مغزى الحياة. وأتذكر عندما كنت شابة، لم أمتلك الشجاعة لأسعى وراء العديد من أحلامي التي أعمل على تحقيقها الآن. وأشعر اليوم أنني أخطو نحو مرحلة جديدة بجرأة ومتعة أكبر لم أمتلكها من قبل. وأقوم حالياً بتأسيس شركة وأساهم بإحداث تأثير إيجابي في المجتمع وأعشق كل لحظة من هذا العمل. وهذه ليست مجرد مصادفة، إنه التطور الطبيعي للمرأة التي توقفت عن تحديد هويتها وفقاً لعمرها، وبدأت بالعيش من أجل تحقيق هدف في حياتها.

ويقتصر دور العمر على تحديد عدد السنين التي عشتها على سطح الأرض فقط، ولا يمكنه تحديد إمكاناتك وقيمتك وقدرتك على النمو والحب والإنجاز. فإنّ القيود الوحيدة التي نواجهها هي تلك التي نضعها بأنفسنا. وكما قال "هنري فورد": "سواء كنت تعتقد أن بإمكانك القيام بذلك أو لا، أنت على حق".

وفي حال تمكنا من مواصلة الحياة بجرأة وشجاعة، فلن نشعر بالتقدم في العمر أبداً. لأننا سنكون مشغولين بالانطلاق في مغامرات جديدة، واكتشاف أنفسنا من جديد، مع اقترابنا أكثر من الشخصية الفريدة التي من المقدر لنا أن نكون.

ويمثل إدراك الهدف في الحياة والعيش بسلام ورضا جوهر الجمال الذي لا يشيخ، أمّا القوالب النمطية للسيدات في سن الـ 40 أو 50 أو 60 فأصبحت من الماضي، لتتحوّل هذه الفترة العمرية إلى فرصة لتحقيق الازدهار والإنجازات، لا سيما وأنهنّ أصبحن أكثر وعياً وارتياحاً مع شخصياتهنّ، وفي تناغم أعمق مع مسببات سعادتهنّ. ولم يعد الجمال يتمحور حول العناية بالبشرة أو تلوين الشعر، بل أصبح مرتبطاً بطريقة التفكير والثقة والصحة والصداقات والتعبير عن الذات.

وبفضل الوعي المتزايد والمتعلق بالصحة الجسدية والذهنية، فإنّ الشباب لم يعد يتوقف عند سن الثلاثين كما كان متعارف عليه سابقاً، وذلك لأننا أصبحنا نمتلك الوعي الجسدي والفكري اللازم للعناية بأنفسنا بشكل أفضل من أسلافنا. كما ندرك اليوم أن الجمال ينعكس من داخلنا، وربما تكون الثقة بالنفس من أبرز مكونات هذا الجمال وأكثرها جاذبية. وإن الثقة التي تستكشفها العديد من النساء في وقت لاحق من حياتهنّ هي ذاتها التي قضين عشرينيات وثلاثينيات أعمارهن يتمنين الحصول عليها ولم يتمكن من ذلك أبداً، ولكنهن الآن يمتلكنها وهو أمر مذهل.

وطبعاً يجب ألا نغفل دور المجتمع الذي ما زال يمارس الضغوطات على السيدات ليبدين أصغر سناً، حيث تميل قطاعات الجمال والجراحة التجميلية إلى التركيز على وعود الحفاظ على الشباب الدائم. وبدلاً من محاولة الرجوع بالزمن إلى الوراء، ماذا لو حاولنا الاحتفاء بتجاربنا كجزء من قصة حياتنا التي عشناها بحلوها ومرها. كما أن التقدم في العمر يجب ألا يتمحور حول الحفاظ على الشباب، بل يجب أن يرتبط بتقدير الحياة ومعناها والاستمتاع بالرحلة.

وإذا اعتقدتِ عند قراءة هذه المقالة أنك لا تعيشين التجربة ذاتها، فهذا شيء طبيعي. وقد تتبادر إلى ذهنك أسئلة مثل: هل أعيش وفق فكرة شخص آخر حول ما يجب أن أكون في هذا العمر أو هل أحدد حياتي وفق شروطي الخاصة؟

يتجذر الجمال الحقيقي بالأصالة، ويتخطى مفهوم التظاهر بالشباب، حيث يعبّر بالضبط عن حالتكِ اليوم. وإذا كنتِ في مكان لا تفضلينه، فلم يفت الأوان بعد على تغيير الوجهة. لا سيما وأن الحياة لا تمتلك تاريخ انتهاء صلاحية للأحلام والابتكارات.

وبالنسبة لنا كسيدات، حان الوقت للاستغناء عن التعاليم القديمة التي فرضها علينا المجتمع. ويجب علينا أن نتذكر أن قيمتنا لا تتناقص مع التقدم بالعمر، بل تزيد. كما يتوجب أن نمنح أنفسنا فرصة العيش بجرأة، والحلم بقوة وإظهار الثقة في كل مرحلة من حياتنا.

كيف يمكننا البدء بتحقيق ذلك؟

يمكننا البدء من خلال معرفة نقاط قوتنا المميزة التي نمتلكها حالياً. وعدم التوقف لأخذ الإذن من أحد، مع الإصغاء إلى الصوت الهادئ بداخلنا الذي يخبرنا بأنه قد حان وقتنا.

اتخذت هذا العام قراراً بأن أعيش بتصميم أكبر. ولا أقوم بتحديد نفسي من خلال الإنجازات أو ما يمكن أن يتوقعه الآخرون مني، بل أحدد نفسي من خلال ما يمنحني الشغف وحب الحياة. وأدعو الجميع إلى اتباع المنهجية ذاتها. ولنتوقف عن الطلب من السيدات أن يتصرفن وفق ما يناسب أعمارهنّ. ولنبدأ بسؤالهنّ حول كيف يرغبن أن يعشن حياتهنّ.

ويمثل مفهوم الجمال الحقيقي أسلوب حياة يتخطى حاجز العمر. وعندما نبدأ بالعيش من منطلق حب الذات والحرية ووجود غاية في الحياة، فإننا نحظى بإشراقة فريدة ونبرهن على الدوام أن العمر مجرد رقم".