المصمم علي يونس يكشف لـ"هي" عن مجموعة "Heavenly Divine": عندما يلتقي فن النحت بعالم الزفاف
في عالم الأزياء، حيث يلتقي الفن بالابتكار، يبرز اسم علي يونس كواحد من أبرز المصممين اللبنانيين الذين صنعوا بصمتهم الخاصة عبر سنوات من العمل والشغف. انطلق علي من عالم الأعمال إلى قلب التصميم في الكويت، ليعيد تعريف الأناقة والعصرية في فساتين الزفاف والسهرة، محافظًا على تراث الفن الكلاسيكي مع لمسة معاصرة مميزة.
صمّم علي مجموعته الأخيرة بشغف كبير، بدعم فريق عمل متكامل، معتمداً على تقنيات الهوت كوتور التقليدية التي تعتمد كليًا على العمل اليدوي والتطريز الدقيق، بعيدًا عن تدخل الآلات، ما جعل كل فستان يحتاج إلى نحو شهرين من العمل الحرفي المكثف لإتمامه بدقة متناهية.
في هذه المقابلة، استقبلنا المصمم علي يونس في داره الجديد الذي افتتحه مؤخرًا في قلب العاصمة بيروت، ليفتح لنا أبواب عالمه الإبداعي ويشاركنا تفاصيل مجموعاته الجديدة، ومصادر إلهامه، ورؤيته المستقبلية لعالم الموضة، في حوار تتناغم فيه الأصالة مع الحداثة.
إنطلقت في مهنتك من عالم الأعمال الى التصميم تحديداَ في الكويت، ماذا تذكر عن إنطلاقتك؟
لطالما كان شغفي بعالم الأزياء جزءًا من نشأتي، فقد ترعرعت في بيئة يملؤها الإبداع والخياطة، إذ كانت والدتي وجدتي تتقنان هذا الفن بإتقان. كنت أتابع كل التفاصيل بشغف، من اختيار الأقمشة إلى التصميم والتفصيل والتطريز، حتى تكتمل قطعة الأزياء بأجمل حلتها. تأثرت كثيرًا بهذا العالم، لكني اخترت دراسة إدارة الأعمال بدلًا من تصميم الأزياء. ومع ذلك، لعبت الصدفة دورها عندما انتقلت إلى الكويت، حيث بدأت برسم العديد من التصاميم، إلى أن جاء الوقت المناسب لتحقيق الحلم.
عام 2012، أطلقت مجموعتي الأولى ضمن عرض أزياء كبير حظي بإعجاب واسع، ثم افتتحت بوتيكي الخاص في بيروت. غير أن الظروف الأمنية والاقتصادية الصعبة في البلاد دفعتني لاحقًا إلى الابتعاد مجددًا عن لبنان، رغم تمسكي الدائم بشغفي في هذا المجال.
- مؤخرًا، أعدت إطلاق دار الأزياء الخاصة بك تحت اسم جديد MAISON ALI يعكس توجّهًا مختلفًا. ما الذي تمثله هذه الخطوة بالنسبة لك؟
في عام 2023، شعرت أن الوقت قد حان لإعادة إطلاق دار الأزياء الخاصة بي برؤية جديدة وهوية أكثر وضوحًا، فكانت ولادة MAISON ALI . هذا الاسم لا يمثل مجرد تغيير في الشكل، بل يعبر عن تحول عميق في الخط الإبداعي الذي اخترت اتباعه، خصوصًا في مجال فساتين الزفاف الذي لطالما كان شغفي الأكبر.
أطلقت أول مجموعة عرائسية تحت اسم MAISON ALI ، وكانت بمثابة تحد حقيقي بالنسبة لي، إذ تطلبت تصميم وتنفيذ مجموعة كاملة من فساتين الكوتور الراقية بدقة عالية وحرفية كبيرة. ومن خلال هذه المجموعة، رغبت في ترسيخ هوية الدار الجديدة وإبراز رؤيتي الخاصة للأناقة والرقي.
اسمي ارتبط على مدى السنوات الماضية بفنون تصميم فساتين الزفاف،خصوصًا في الكويت والخليج، حيث لاقت تصاميمي إقبالًا واسعًا وثقة كبيرة من العرائس الباحثات عن التفرد والتميز، وهو ما أسعى إلى تعزيزه أكثر تحت مظلة الدار.
- ما الذي يميّز هذه المجموعة العرائسية؟ وما هي مصادر إلهامك في تصميمها؟
استلهمت هذه المجموعة العرائسية من شغفي العميق بفن النحت، وخصوصًا من جمالية الفنون التي ازدهرت في عصر النهضة، وهي مرحلة تركت أثرًا كبيرًا في رؤيتي الفنية والشخصية. لطالما سحرتني المنحوتات التي تنبض بالحياة والتفاصيل الدقيقة التي تعبر عن المشاعر بعمق، لذلك أحرص على زيارة المتاحف الكبرى والتأمل في أعمالها الفنية، مستلهمًا منها روح الإبداع، إلى جانب استماعي الدائم لأشهر المعزوفات الكلاسيكية التي تعود لتلك الحقبة الغنية بالفن والجمال.
تأثرت بشكل خاص بأعمال النحات الإيطالي الشهير جان لورينزو بيرنيني، الذي يعد من أبرز رموز عصر النهضة، وكان لفنه تأثير كبير في تشكيل بصمتي الإبداعية. ومن هذا الإلهام، سعيت إلى أن أجعل كل فستان زفاف في المجموعة بمثابة منحوتة فنية تنبض بالتاريخ والجمال، وتجمع بين الحس الكلاسيكي والأناقة العصرية في تناغم راقٍ يعكس هوية MAISON ALI الراقية.
كم استغرق تحضير هذه المجموعة؟
استغرق العمل على هذه المجموعة نحو ثلاثة أشهر من التحضير المكثف، تلتها عشرة أشهر من التنفيذ الدقيق الذي تطلب عناية كبيرة في كل تفصيل، إذ لا مجال للخطأ عندما يتعلق الأمر بفستان زفاف من فئة الهوت كوتور. لم أركز فقط على تصميم الفساتين، بل حرصت أيضًا على تنسيق الإطلالة الكاملة للعروس، من خلال ابتكار إكسسوارات مكملة تضيف لمسة من الفخامة والرقي، استخدمت في تصميمها اللؤلؤ والكريستال والروديوم لتجسيد ترف التفاصيل.
ولإبراز جمال المجموعة بأبهى صورة، نظمت جلسة تصوير خاصة بالتعاون مع فريق محترف جرى استقدامه خصيصًا إلى لبنان. كان كل عنصر في هذه الجلسة مدروسًا بعناية ليعرض العمل ضمن إطار بصري استثنائي يليق بروح الكوتور ويجسد رؤيتي الفنية بدقة وإتقان.
- ما الذي يميّز لوحة الألوان في فساتين الزفاف ضمن هذه المجموعة؟
استلهمت لوحة الألوان في هذه المجموعة من تدرجات حجر الكرارا الرخامي الذي استخدمه كبار النحاتين في عصر النهضة، لما يحمله من رمزية كلاسيكية وجمال طبيعي راق. اخترت ألوانًا تعبر عن هذا الإلهام الفني العريق، فجاءت الفساتين بتدرجات الأبيض النقي والأوف وايت والبيج بمستويات مختلفة من العمق والدفء. هذه الألوان الهادئة والأنيقة تعكس روح النقاء والرقي في آن واحد، تمامًا كما تفعل منحوتات الرخام التي تنبض بالجمال والانسجام، والتي كانت مصدر الإلهام الأساسي لهذه المجموعة.
هل هناك فساتين ضمن المجموعة شعرت بارتباط خاص بها؟
أكثر الفساتين قربًا إلى قلبي هي تلك التي شكلت تحديًا حقيقيًا في تنفيذها، لما تطلبته من تقنيات دقيقة وعمل حرفي متقن. كنت حريصًا على أن يمنح كل فستان إحساسًا خاصًا للعروس، وكأنه صمم خصيصًا لها، بحيث ينسجم مع تفاصيل جسدها ويعكس شخصيتها برقي ونعومة.
لهذا السبب، حرصت على إخفاء القصات الواضحة باستخدام أساليب ناعمة مثل الشك اليدوي والثنيات الخفيفة، ما أضفى على التصاميم انسيابية طبيعية وأناقة راقية تبرز الجمال من دون مبالغة أو تعقيد.
من هي العروس التي تختار تصاميمك؟
العروس التي تختار من مجموعتي هي تلك التي لا تسعى لإرضاء الآخرين بقدر ما تبحث عن التعبير عن ذاتها. إنها عروس راقية، تقدر الفن في التفاصيل، وتطمح إلى إطلالة استثنائية تنعكس فيها شخصيتها. يهمني أن تكون مدركة لقيمة الفستان الذي ترتديه، وأن تختار ما يليق بها ويناسبها فعلاً، لا ما يفرضه الذوق العام. فالفستان بالنسبة لها ليس مجرد قطعة ترتديها، بل قصة تحمل معاني وخصوصية، وتحاكي ذوقها وإحساسها بيومها الكبير.
ما النصيحة التي تقدمها لعروس 2026؟
لا بد أن أشير أولًا إلى أن العروس العربية ذواقة بالفطرة، فهي تسعى دائمًا إلى التفرد وتبحث بعناية عن الفستان الذي يشبهها ويعبر عن شخصيتها. ومع التطور الكبير في وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح الوصول إلى أحدث التصاميم والاتجاهات أسهل من أي وقت مضى، لكن في المقابل، قد تجد العروس نفسها حائرة أمام هذا الكم الهائل من الخيارات، خصوصًا إذا لم تكن تدرك تمامًا ما يليق بها وبشخصيتها وبطابع المكان الذي ستقام فيه حفلة زفافها.
أنصح عروس 2026 بأن تبحث عن التوازن بين البساطة والفخامة الراقية، وأن تختار التفاصيل التي تمنحها إطلالة أنيقة وخالدة، لأن الأناقة الحقيقية لا تزول مع مرور السنين، بل تزداد جمالًا مع الزمن.
ما الذي يميز توقيعك الخاص على فستان الزفاف؟
يكمن توقيعي الخاص في القدرة على المزج بين الجمال والتفرد، بحيث لا يكون فستان الزفاف مجرد قطعة أنيقة، بل تجسيدًا لروح العروس وشخصيتها. أحرص في كل تصميم على أن يعكس الفستان ملامحها الداخلية وتفاصيلها المميزة، ليصبح امتدادًا لها لا مجرد اختيار خارجي.
هدفي أن تتألق العروس بهالة من النور منذ اللحظة الأولى التي تطل فيها يوم زفافها، وأن تروي إطلالتها قصتها الخاصة بأسلوب راق ومؤثر، تاركة أثرًا لا يُنسى في ذاكرة الجميع.
إلى أي مدى تؤثر خطوط الموضة العالمية على تصاميم فساتين الزفاف؟
لا شك أن خطوط الموضة العالمية تترك بصمتها على عالم الأعراس، لكن يبقى الأهم هو كيفية ترجمتها بما يليق بالعروس وشخصيتها. نلاحظ اليوم توجهًا واضحًا نحو اللمسات الراقية والبسيطة التي استحضرت روح فستان زفاف غريس كيلي، وأناقة فستان الأميرة ديانا. كما تعود الأقمشة والتفاصيل إلى أسلوب "الفينتج" والكلاسيكية، وحتى الحشمة أصبحت حاضرة بقوة ضمن توجهات الموضة العرائسية.
واللافت أن العروس اليوم أصبحت أكثر وعيًا وذكاء في اختيار ما يناسبها من هذه الاتجاهات، إذ باتت تدرك تمامًا كيف تختار فستانًا يعكس ذوقها ويواكب الموضة في آن معًا، دون أن تمشي في طريق التقليد أو المبالغة.
- إلى أي مدى تهتم بتفاصيل إطلالة العروس ككل؟
أحرص على متابعة أدق التفاصيل المتعلقة بإطلالة العروس، من أصغرها إلى أكبرها، لأن أي تفصيل غير مدروس قد يؤثر على الصورة النهائية للفستان. فمثلاً، باقة الزهور قد تشوه أناقة الفستان إذا لم تكن متناسقة معه، والمجوهرات غير المناسبة قد تفقد الإطلالة توازنها، حتى التاج الذي تصر بعض العرائس على ارتدائه قد يخل بالتناسق العام إن لم يكن منسجمًا مع التصميم.
لهذا السبب، أحرص دائمًا على مناقشة كل هذه العناصر مع العروس، وأشرف على تنسيقها بعناية، بدءًا من الفستان، وصولًا إلى المكياج وتسريحة الشعر، لأنني أؤمن بأن الجمال يكمن في التكامل بين كل التفاصيل.
ماذا تحضر من مشاريع للمرحلة المقبلة؟
أعمل حاليًا على تحضير مجموعة جديدة من فساتين الزفاف لتكون جاهزة في مطلع السنة المقبلة، كما يعمل الدار عاى تحضير أول مجموعة من الألبسة الجاهزة، في خطوة جديدة توسع نطاق التصاميم وتقرّبها من جمهور أوسع. وفي الوقت نفسه، أضع اللمسات الأولى على مجموعة جديدة من فساتين السهرة الراقية (كوتور)، أحرص فيها على ثقل هوية الدار.
