
الأبراج الفلكية وجيل الشباب: قراءة في طاقات العصر الحديث
يعتقد كثيرون أن علم الفلك والأبراج الفلكية حكر على الأشخاص الأكثر نضجًا ووعيًا وخبرة في الحياة. لكن هذا الاعتقاد مخالف للواقع اليوم حيث أصبحت الأجيال الشابة تقبل بشكل ملحوظ على علم الفلك والأبراج للتعرف إلى شخصيتها وحظوظها وعلاقاتها الشخصية والعاطفية وشخصيات الأفراد المحيطين بها. كما أصبحت الأبراج الفلكية وجيل الشباب في علاقة قوية، فصار جيل الشباب أكثر اطلاعًا على قراءات خرائط الفلك. كما أصبح خبراء الفلك وعلماؤه أكثر اهتمامًا بجيل الشباب وأكثر تركيزًا على متطلبات هذا الجيل واحتياجاته.

في الوقت نفسه، يعرّف 65% من أبناء الجيل Zأنفسهم بأنهم روحانيون ومنفتحون على التجارب الروحانية والعلوم الفلكية. ومن خلال متابعة مواقع التواصل الاجتماعي نلاحظ زيادة في شعبية علم الفلك لا سيما بين جيل Zالذين تتراوح أعمارهم بين 13 و28 عامًا، حيث لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دورًا رئيسيًا في انتشاره الواسع. كما يتجه هذا الجيل بشكل متزايد إلى علم الفلك لاكتشاف الذات واكتشاف الآخرين، والتواصل مع المجتمع. غالبًا ما تكون التوقعات المستندة إلى خريطة الأبراج الفلكية عامة، ويمكن تطبيقها على نطاق واسع من الناس. مما يجعلها تبدو دقيقة في بعض الحالات ومغايرة للواقع في حالات أخرى.
أسباب اهتمام جيل Z بعلم الفلك:
اكتشاف الذات والتأمل:
يوفر علم الفلك إطارًا لفهم سمات الشخصية وقدراتها وملكاتها، والأنماط العاطفية والتوافقات، والعلاقات الاجتماعية، بما يتماشى مع تركيز جيل Z على الوعي الذاتي والنمو الشخصي.
التواصل الاجتماعي:
سهّلت منصات التواصل الاجتماعي، مثل إنستغرام وتيك توك وتويتر، مشاركة المعلومات الفلكية ومخططات الميلاد الشخصية، مما عزز شعورًا بالانتماء بين المستخدمين ذوي الاهتمامات الفلكية المشتركة. كما فتحت منصات التواصل الاجتماعي قنوات مجانية وشعبية للاطلاع على آخر وأحدث التوقعات والتقديرات والتحليلات من أشخاص يملكون الشغف والموهبة للنبوغ في هذا العلم القائم على المعرفة الشاملة والخبرة الحياتية والثقافة الواسعة المتعمقة تاريخيًا ونفسيًا.

قطع الشك باليقين:
في عالم يواجه تحديات عديدة، يقدّم علم الفلك شعورًا بالنظام والقدرة على التنبؤ، مما يتيح إطارًا لفهم الأحداث المستقبلية والتأثير عليها.
الجاذبية الفضولية:
تتميّز الرؤية البصرية والطبيعة الرمزية لعلم الفلك، بما في ذلك مخططات الميلاد وعلامات الأبراج، والأساطير التي بني عليها العلم بجاذبية جمالية تناسب جيل Z.الجيل الذي غالبًا ما يعبّر عن نفسه من خلال الموضة والفن ووسائل التواصل الاجتماعي.
تحدي المألوف ومراجعة السائد:
يعرف جيل Z بتشكيكه في المألوف والسائد من المعتقدات والأفكار الاجتماعية والسياسية. كما أنه لا يثق تمامًا بالمؤسسات والسلطات التقليدية، ولأجل ذلك يوفّر علم الفلك إطارًا بديلًا لفهم العالم ومكانتهم فيه.

أمثلة على تفاعل جيل Z مع علم الفلك:
متابعة اتجاهات وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يشارك الجيل Zويناقش المحتوى الفلكي، بما في ذلك الأبراج. كما يناقش تفسيرات مخططات الميلاد، ومقارنات الأبراج، على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي.
أيضًا يقوم الجيل Z باستخدام تطبيقات الفلك الحديثة، وهناك العديد من التطبيقات التي تمنح قارئيها المادة الخام لكل المعطيات الفلكية. ويستطيع الشخص تفسيرها أو تعلم تفسيرها مع الوقت وهذا من باب ديمقراطية المعرفة السائدة في الوقت الراهن.
علاوة على ذلك، فإن دمج الرموز والصور الفلكية في الوشوم والمطبوعات على الأزياء والاستيكرات على المركبات وتطعيمها في الديكور والأثاث، يؤكد تبني هذا الجيل لعلم الفلك كشكل من أشكال التعبير عن الذات.
ثم هناك البحث عن نصائح في العلاقات الشخصية والعاطفية والمهن والوظائف والمواهب، حيث يلجأ العديد من الشباب إلى علم الفلك للحصول على إرشادات بشأن العلاقات والمسارات المهنية، وحتى القرارات المالية.

ثورة المعرفة
يؤكد كل المتابعين على أن الجيل Z يسستم حياته وفق ثورة المعرفة التي يعيشها ويتأثر بها. كما قد تشير شعبية علم الفلك بين أفراد الجيل Z إلى تحوّل أوسع في كيفية تعامل الشباب مع القضايا الروحانية والمعنوية. كذلك تثير سهولة مشاركة المعلومات الفلكية على وسائل التواصل الاجتماعي مخاوف بشأن احتمالية التضليل وسوء تطبيق المفاهيم والرؤى الفلكية من بعض الأشخاص المدّعين أو المتطفلين أو الطفيليين على هذا المجال.
بشكل عام، يعكس شغف الجيل Z بعلم الفلك رغبةً في فهم الذات، والتواصل، وفهم المعنى في عالمٍ معقّد وسريع التغير. كما يؤكد منشئو المحتوى على أن علم الفلك يمنح الشباب "شعورًا بالمسؤولية" في عالم فوضوي.
شعبية أم تقليعة
نعم يكتسب علم الفلك شعبية كبيرة بين أفراد الجيل Z، كما تشهد بعض تطبيقات الفلك التي تتعمق في علم الفلك ارتفاعًا هائلًا في شعبيتها. فقد ارتفع عدد مستخدمي تطبيق Co-Star، وهو تطبيق أمريكي يجمع بيانات وكالة ناسا ومحتوى من الفلكيين المعروفين، من 7.5 مليون مستخدم عالميًا عام 2020 إلى 30 مليونًا عام 2023. بينما من المتوقع أن ينمو الإنفاق على المنتجات المتعلقة بعلم الفلك إلى 22.8 مليار دولار بحلول عام 2031، ارتفاعًا من 12.8 مليار دولار عام 2021. كذلك تشمل خدمات الفلك المدفوعة "تقارير التوافق الرومانسي"، والتي تتم بمبالغ زهيدة لكن عليها إقبال شديد. وهي عادة معروفة منذ آلاف السنين. ومع أننا ظننا أنها اندثرت، عادت اليوم بقوة بفضل تكنولوجيا الاتصالات وديمقراطية المعرفة.

مفاتيح التغيير
لقد أصبحنا نرى بوضوح جاذبية علم الفلك للجيل الأصغر سنًا. في ظل عالم محبط بشكل متزايد. حيث يتسبب تغير المناخ بالفعل في إلحاق الضرر البليغ في جميع أنحاء العالم.بالإضافة إلى استعار الحروب وصعود اليمين المتطرف إلى مناصب السلطة في العديد من الدول. ووجود بعض أسوأ الرجال في تاريخ البشرية في سدة السلطة والمال والأعمال. وحقيقة أن أقل من واحد بالمئة من الناس يملكون أكثر من تسعين في المئة من ثروات العالم. فيما بقية البشر يرزح معظمهم تحت خط الفقر، ولا يجدون قوت يومهم. كل هذا يشيع الإحباط في نفوس الجيل Z. ومن هنا يبدأ في البحث عن بدائل تعطيه بصيصًا من الأمل وتساعده ليخطو خطواته الأولى في عالم المسؤولية، بعد أن يكتشف ذاته ويطور قدراته المناسبة له.