أيام بلون الحب

قال لي صديق: "حياتك بهذه الطريقة تدعو إلى الملل"... هذا الكلام ليس حديثا، وإنما منذ زمن طويل، وكان يقصد أنها تسير على وتيرة واحدة، أصدقاء لا يتغيرون، وإن تغير الزمن، طريقة تفكير يمتزج فيها القديم بقيم ومبادئ لا يمكن أن تتغير مع قليل من فكر عصري يمكنني من التأقلم والتعايش بسلام مع الحداثة بما تحتويه من سلبيات قد أكون غير موافق عليها، ولا أحب التعامل معها، رغم علمي بها.
 
هذا الكلام يحتاج إلى بعض التفسير، فمثلا الناس يستخلصون معلوماتهم اليومية من وسائل الاتصال الحديثة، كالإنترنت، وأنا أميل إلى ما هو مطبوع من وسائل الإعلام، وأثق بالإذاعة، وكنت أحب أن أتجول بين محطاتها المختلفة، بدلا من الجلوس ساعات طويلة أمام شاشة تلفزيون، بحثا عن خبر معين، فالإذاعة تشعرك بقوة جذب تجاهها، لأنها مقارنة بالتلفزيون هي أسرع وأفضل في نقل الحدث، كما أن قراءة خبر أو مقال في مطبوعة تعطيك أكبر قدر من الوقت للحكم على هذا الموضوع.
 
المهم حتى لا يتشعب بنا الكلام، أعود إلى كلام صديقي، كان هناك امتعاض أقرب إلى الاعتراض على أسلوب حياة يدعو إلى الملل، وأنا بطبعي لا أحب أن يتعرض أحد لخصوصية حياتي، فضلا عن أنني تربيت على أن أفعل ما ترتاح له نفسي، بصرف النظر عن رأي قد يعكر صفو حياتي – من وجهة نظري – لو التزمت به، ورأى صديقي أيضا أن الملل يقود إلى الوحدة، وهما الطريق الشرعي والسريع إلى الاكتئاب. وقلت للصديق: "الوحدة انفراد بالنفس بهدف الراحة والتأمل، ولكن الملل شعور بالقرف والإحباط من أشياء وتصرفات وأحداث، والناس قد لا تمل من هذه الأمور عندما لا يجدون غيرها، ثم تنعكس على سلوكهم اليومي، فتسمع ألفاظا وحكايات وقصصا غريبة، ولعل هذا ما قد نراه في مرايا المجتمع، وهو الفن بألوانه وأشكاله".
 
فيبدو بعض هذا الفن غريبا علينا، وليس كما تعودنا في أيام الزمن الجميل، لأن أيام ذلك الزمان كانت وردية بلون الحب، والآن الحياة وردية بلون الدم، والفرق كبير، فالورد رمز للحب دائما، والدم قد يرمز للحقد أحيانا. المهم حتى لا أطيل عليكم، فيصيبكم الملل، الناس لا تمل من الخير ومن الأشياء الجميلة، والناس لا تمل من الحب، ولكن البعض يمل من الحب، فهل هذا معقول؟ نعم، ولكن في حديث آخر.