غدي العتيبي وتجربتها الأولى في الإخراج السينمائي لفيلم ذهيّن

خاص بـ "هي": من عالم الذكاء الاصطناعي إلى منصة التتويج.. غدي العتيبي وتجربتها الأولى في الإخراج السينمائي لفيلم "ذهيّن"

شروق هشام
25 ديسمبر 2025

من عالم الذكاء الاصطناعي إلى منصة التتويج.. تشق الشابة السعودية الطموحة غدي العتيبي طريقها بثبات في عالم صناعة الأفلام، حيث خاضت تجربتها السينمائية الأولى وهي على أعتاب التخرج من تخصص الإنتاج المرئي والمسموع، من خلال إخراجها لفيلم "ذهيّن"، تلك التجربة التي قادتها نحو عالم الذكاء الاصطناعي بشكل لم تخطّط له، لتتوج بجائزة المركز الثالث في مسار الأفلام المنتجة بالذكاء الاصطناعي ضمن مهرجان الأفلام الطلابية 2025.. لنتعرف على تفاصيل تلك التجربة المليئة بالتعلّم والتحدي، التي فتحت أمام "غدي العتيبي" آفاق مستقبلية جديدة، من خلال هذا الحوار الممتع معها:

تتويج غدي العتيبي بجائزة المركز الثالث في مسار الأفلام المنتجة بالذكاء الاصطناعي
تتويج غدي العتيبي بجائزة المركز الثالث في مسار الأفلام المنتجة بالذكاء الاصطناعي

عرفينا عن نفسكِ.

شابة طموحة من كلية الاتصال والإعلام بجامعة الملك عبدالعزيز، أدرس الإنتاج المرئي والمسموع وبدأت ألامس خطوتي الأخيرة قبل التخرج، أعمل كمذيعة ولدي اهتمام كبير بعالم صناعة الأفلام والتصوير.. أؤمن بأن الإبداع الحقيقي يظهر في الصورة، وإن الجمال يُحكى من خلال السينما وكل التفاصيل التي تصنع مشهد يعيش في ذاكرة المشاهد.. أبحث دائمًا عن فرصة جديدة أتعلم منها، وأجرّب، وأبني لنفسي بصمة لا تشابه أحد.

كيف تصفين تجربتكِ كطالبة في كلية الاتصال والإعلام، وما الذي شدّكِ تحديدًا إلى تخصص الإنتاج المرئي والمسموع؟

تجربتي في كلية الاتصال والإعلام بجامعة الملك عبدالعزيز كانت تجربة استثنائية بكل تفاصيلها؛ صقلت شخصيتي ووسّعت مداركي، وتعلمت من خلالها الكثير، كنت محظوظة بوجود نخبة من الدكاترة والأساتذة الذين دعموا شغفي وفتحوا لي آفاقًا جديدة.. ما شدّني لهذا التخصص هو حلمي القديم؛ فمنذ طفولتي كنت أرى نفسي في عالم الإعلام، وكان حلمي أن أصبح مذيعة، ولذلك كان الإنتاج المرئي والمسموع الأقرب لشخصيتي ولأسلوبي في التعبير.. ومع الوقت اكتشفت أن عالم الإنتاج والإخراج ليس مجرد تخصص، بل مساحة أشعر فيها بأنني في مكاني الصحيح، وأحقق فيها شغفي الإعلامي الذي بدأ معي منذ الصغر.

الشابة السعودية الطموحة غدي العتيبي
الشابة السعودية الطموحة غدي العتيبي

في إطار إيمانكِ بأن الإبداع الحقيقي يظهر في الصورة.. كيف ينعكس ذلك على أسلوبكِ في العمل وعلى رؤيتكِ الفنية؟

إيماني بأن الإبداع الحقيقي يظهر في الصورة جعلني أبحث دائمًا عن الصدق في كل ما أقدّمه، وأميل إلى الأشياء الحقيقية غير المتكلّفة.. أؤمن أن الصورة القادرة على لمس المتلقي هي تلك التي تنقل إحساسًا صادقًا وتعكس الواقع كما هو، دون مبالغة أو تزييف.. هذا الإيمان شكّل رؤيتي الفنية، وجعلني أفضّل البساطة والعمق، وأبحث عن اللحظات الصادقة التي تُحكى بالصورة قبل أي شيء آخر.

حدثينا عن قصة فيلم "ذهيّن" كأول تجربة إخراج سينمائية.

فيلم "ذهيّن" هو أول عمل قمت بإخراجه..  ورغم أنني كنت أتوقع أن يكون فيلمًا واقعيًا، إلا أن التجربة أخذتني نحو عالم الذكاء الاصطناعي بشكل لم أخطّط له.

ويحكي الفيلم قصة شاب فضولي منغمس في أساطير الماضي، وتحديدًا أسطورة أبو فانوس.. يحاول بذكائه وشغفه تفسير هذه الأسطورة عبر الذكاء الاصطناعي، لكن كلما تعمّق في البحث، بدأت خيالاته تتداخل مع واقعه وتسيطر على أحلامه، لتتحوّل إلى هواجيس تتكرر وتلاحقه.

ذهيّن الفيلم الفائز بجائزة المركز الثالث في مسار الأفلام الخاصة بالذكاء الاصطناعي
ذهيّن الفيلم الفائز بجائزة المركز الثالث في مسار الأفلام الخاصة بالذكاء الاصطناعي

كيف نشأت فكرة الفيلم؟ وما الذي ألهمكِ للبدء به؟

عندما لاحظنا وجود مسار جديد في مهرجان الأفلام السينمائية الطلابية بجامعة الملك عبدالعزيز مخصص للذكاء الاصطناعي، قررنا خوض التجربة وتجريب شيء مختلف.. في البداية كنت مترددة بحكم أن المجال جديد بالنسبة لنا، وكان هناك شيء من التخوّف من المجهول، خاصة مع التحديات التي واجهتنا خلال التنفيذ.. لكن ما ألهمني فعليًا هو حب الاكتشاف والمخاطرة، والرغبة في تجربة مساحة جديدة في صناعة الأفلام، ولم أكن أتوقع أن تكون أول تجربة إخراج لي مرتبطة بفيلم يعتمد على الذكاء الاصطناعي، لكنها كانت تجربة مليئة بالتعلّم والتحدي.

من خلال تجربتكِ الأولى في الإخراج.. كيف وجدتِ الانتقال إلى عالم الذكاء الاصطناعي؟ وكيف ساعدكِ ذلك على بلورة رؤيتكِ الإخراجية والفنية؟

أثناء العمل على الفيلم، اكتشفت أن آلية الذكاء الاصطناعي تختلف كثيرًا عن صناعة الأفلام الواقعية، فكلما كان الجهد أكبر في كتابة الـ "برومبت" بدقة، أصبحت مرحلة التنفيذ أسهل وأكثر سلاسة، لأن الذكاء الاصطناعي لا يستطيع أن يفهم ما يدور في ذهن الإنسان أو يقرأ إحساسه.. وخلال هذه التجربة اقتنعت بأن إبداع الإنسان ومشاعره وحسه الفني أمور لا يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يشعر بها أو يعوّضها.. كما ساعدتني التجربة على تشكيل وتطوير رؤيتي الإخراجية والفنية من خلال فهمي كيف يمكن الدمج بين التجريب البصري والدقة في التخطيط لكل لقطة.. تعلمت أن الإبداع البشري لا يمكن استبداله، وأن أدوات الذكاء الاصطناعي يمكن أن تدعم العمل إذا استخدمت بحكمة، لكنها لا تحل محل الحس الفني والقدرة على التعبير عن المشاعر.. بهذه الطريقة، تمكنت من تحديد أسلوبي في الإخراج، وتركيزي على التفاصيل التي تمنح الفيلم شخصيته وهويته المميزة.

غدي العتيبي من عالم الذكاء الاصطناعي إلى منصة التتويج
غدي العتيبي من عالم الذكاء الاصطناعي إلى منصة التتويج

لماذا اخترتِ أسطورة "أبو فانوس" تحديدًا؟ وما الذي جذبكِ لربطها بالذكاء الاصطناعي في قالب واحد؟

اخترت شخصية "أبو فانوس" لأنها حكاية شعبية متداولة في السعودية، وكنت حريصة على التمسك بشيء نابع من هويتنا الثقافية، بالنسبة لشخصية "ذهيّن" فإن كثرة انغماسه في تفسير الأسطورة ومحاولته فهمها جعلت الأمر يتحول إلى هواجيس وأحلام تلاحقه، بحيث لم تعد مجرد حكاية، بل جزء من وعيه وذكرياته الداخلية.. هذا الربط سمح لي باستكشاف العلاقة بين خيال الإنسان والتكنولوجيا، وكيف يمكن للأسطورة أن تتقاطع مع عالم الذكاء الاصطناعي بطريقة بصرية مبتكرة.

ما أبرز التحديات التي واجهتكِ خلال اخراج الفيلم، وكيف تعاملتِ معها كصانعة أفلام في بداياتها؟

من أبرز التحديات التي واجهتني في إخراج أول فيلم لي كان التعامل مع أدوات الذكاء الاصطناعي، التي لم تكن قادرة على فهم رؤيتي الإخراجية بالكامل.. اضطررت أحيانًا للتخلي عن تفاصيل كثيرة كنت أتمنى تنفيذها بنفس الطريقة، لأن الذكاء الاصطناعي لم يكن يفهمني كما يفهم الإنسان.. للتغلب على هذا، ركّزت على تثبيت شخصية "ذهيّن" وجعلها حاضرة في اللقطات الأساسية، بحيث يشعر المشاهد بوجوده ويستشعر دوره، حتى في المشاهد التي لم أتمكن من توجيهها بالكامل.. هذه التجربة علمتني كيف أوازن بين أدوات التكنولوجيا والحس الإبداعي البشري، وكيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يدعم العمل دون أن يحل محل الإبداع البشري.

فاز "ذهيّن" بجائزة المركز الثالث في مسار الأفلام الخاصة بالذكاء الاصطناعي.. ماذا يعني لكِ هذا الفوز في أول تجربة إخراج؟ وكيف استقبلتِ ردود فعل الجمهور واللجان؟

ولله الحمد، فاز فيلم "ذهيّن" بالمركز الثالث في مسار الأفلام الخاصة بالذكاء الاصطناعي، وهذه أول تجربة إخراجية لي، وأعتبر هذا الفوز نجاحًا كبيرًا بالنسبة لي.. فالأمر كان تجربة جديدة بالكامل، اضطررت فيها لتعلم أشياء لم أكن أعرفها من قبل، وخوض مغامرة لم أتعامل معها سابقًا.. رؤية حماس الجمهور والإقبال والصدى الذي حققه الفيلم جعلني أشعر بأن الفيلم وصل فعلاً، وتلقيت ردود فعل إيجابية من اللجان أيضًا.. وبإذن الله سأواصل تطوير فيلمي والعمل على مشاريع جديدة تحمل نفس الشغف والإبداع.

غدي العتيبي وتجربتها الأولى في الإخراج السينمائي لفيلم ذهيّن - الصورة الرئيسية
غدي العتيبي وتجربتها الأولى في الإخراج السينمائي لفيلم ذهيّن

كونكِ تعملين كمذيعة إلى جانب دراستكِ.. كيف تديرين وقتكِ وتوازني بين المسارين؟ 

الموازنة بين الدراسة والعمل لم تكن سهلة، لكنها كانت تجربة ثرية ومُلهمة.. حرصت دائمًا على تنظيم وقتي وتحديد أولوياتي، فالدراسة تمثل الأساس، والعمل كمذيعة هو التطبيق العملي لما أتعلمه.. هذا التوازن علّمني الانضباط وتحمل المسؤولية، وساهم في صقل شخصيتي المهنية، حيث انعكس كل منهما إيجابًا على الآخر ومنحني خبرة مبكرة وثقة أكبر في مساري الإعلامي.

ما نوع الأعمال التي تحلمين بصناعتها مستقبلاً؟ وهل ترين نفسكِ تتجهين أكثر نحو الواقعية، أم نحو عوالم الخيال والذكاء الاصطناعي؟

أنا أؤمن دائمًا بإبداع الإنسان وأحب الأعمال التي تحمل واقعية وتعكس مشاعر حقيقية، بحيث تصل الرسالة أو على الأقل تترك أثرًا لدى المتلقي، وفي الوقت نفسه، تجربة العمل مع الذكاء الاصطناعي فتحت أمامي آفاقًا جديدة وأظهرت إمكانيات مختلفة للسرد البصري والتجريب.. أحلم بأن أصنع أعمالًا تجمع بين الاثنين، تعكس هويتنا وثقافتنا بطريقة إبداعية، وتقدّم قصصًا حقيقية ومؤثرة في قالب مبتكر وجديد.

ما الرسالة التي تودين تقديمها للطلبة والشباب الذين يحلمون بالدخول إلى مجال الإخراج وصناعة الأفلام؟

رسالتي للطلبة والشباب الذين يحلمون بالإخراج وصناعة الأفلام هي أن يسعوا وراء أحلامهم بثقة وشغف، فالإبداع هو الوقود الذي يجعلنا نستمر رغم التحديات والصعوبات.. استثمروا طاقاتكم في التعلم والتجربة، ولا تخافوا من خوض مجالات جديدة أو مواجهة المجهول، لأن كل تجربة تضيف لكم خبرة وتقربكم أكثر من تحقيق أحلامكم.. الأهم أن تكونوا دائمًا متحمسين ومخلصين لشغفكم، فهذا ما يمنح أعمالكم الحياة ويجعلها تصل للآخرين.. ومن خلال تجربتي، لم أكن أتوقع أن تجربة بسيطة كهذه قد تحقق الفوز، وهذا يثبت أن الشغف والإصرار يمكن أن يأخذانا أبعد مما نتخيل.

كلمة أخيرة..

استمروا في الإبداع، وثقوا بشغفكم، فالأفلام قادرة على تغيير العالم وإيصال أصواتكم وقصصكم لكل من يشاهدها.

الصور تم استلامها.