إبراهيم الجريفاني: مارسنا الجاهلية بوأد شخصية المرأة السعودية وفكرها

قلائل هم الشعراء المهمومون بالمرأة بحق. يرفعون قضاياها شعارا ووجعها هتافا ودمعها نضالا لتنتقل من حال إلى حال. هذا هو الشاعر السعودي إبراهيم الجريفاني الذي جعل من المرأة وحالها فضاءً يحلق من خلاله في سماء الشعر. وهنا لا نتحدث عن المرأة العربية فقط بل السعودية أيضا. لذلك وبعد مسيرة طويلة من الكتابة الشعرية النسوية بقلم ذكوري كرمه معهد العالم العربي في باريس عن مشروع تحرير فكر المرأة الشرقية في أشعاره. وبعد عام من هذا التكريم، ماذا يقول إبراهيم الجريفاني عن حال المرأة؟
 
كيف يتحدث شاعر سعودي عن تحرير فكر المرأة؟ 
انتمائي لهذا البلد الكبير بحب المسلمين لا يعني أني أخاطب المرأة فيه وحدها. المرأة العربية هي همي الأول، لأن وراء الأبواب الموصدة ألف قلبٍ منفطر. وهذا حال المرأة العربية في كل الدول العربية. في السعودية، تتشابه الأعراف، لأن الرجل في فكره وسلطته ليس بعيداً عن شخصية الرجل العربي. لذا نذرت قلمي لتحرير المرأة العربية لا تحررّها.
 
ما هي التحديات التي تواجهالمرأة لتحرير فكرها؟
نواميس الاِعتياد تجعلنا مقيدين في قيود هلامية موسومة بالأعراف والموروثات. لعل تحرير المرأة يكمن في تحرر فكرها، لأنها نشأت في محيط يجعلها بلا كيان أو رقم غير ذا قيمة. يسكنها في الظل. تفخر انها تماثل الشمعة في اِحتراقها لهذا تكون لهم لا لها. ومحاولاتي اثارة الفكر لإيقاظه حتى لا تكون المرأة ضحية ضمائر غائبة ومستترة بإرادتها. وهنا التحديات كثيرة، لأن الرجل الشرقي لا يحب المرأة الواقفة الى جانبه. يفضلها تابعة لخطواته، أما المرأة العربية تعيش اِزدواجاً سببه الرجل، فهي مع أقرانها شخصية ومعه ضمير غائب. 
 
لماذا تلبستك المرأة في القصائد وقررت أن تكتب بلسانها؟ 
حين تعتنق ما تعتقد لابد وأن تسير حاملا قبساً من ضوء لتنير طريق العتمة. تعتبر المرأة العربية عورة في موروثاتنا، ما جعلها مترددة في المطالبة بحقوقها لأنه سيقولون عنها "خارجة عن النص"! نحن مجتمعات لا نبحث الجُرح لنعالجه بل نزيده نزفاً. لذلك تلبستني المرأة فكرا فعشتها وكتبتها بلسان حالها.
 
ما الذي يختلف عندما يكتب الرجل بلسان المرأة؟ 
يُنظر للجُرح بشكل مختلف فيما لو كتبته هي. المجتمع الذكوري هو افراز لقيود نراها ولا نستطيع تغييرها، لأن الرجل هو المستفيد الوحيد من هذا الأمر في ظل استكانة تامة للمرأة. لهذا ما اعتنقته ليس موجهاً لها فقط بل للرجل بشكل مباشر. إنه اِعتراف من رجل أن الرجال يقسطون في الميزان.
 
تشير إلى ضرورة إيجاد بيئة صحية لتطوير المرأة حتى تكون فاعلة في المجتمع. ما هي البيئة الصحية التي تعنيها؟ وهل ترى أن المرأة السعودية ينقصها الكثير لتكون بالفعل قوة فاعلة في كافة المجالات؟
متى توفر الأمان سيكون هناك بيئة صحية للمرأة لتعطي وتأخذ، أما حين تختلف الأقطاب تتتغير النواميس ويكون هناك طرف فاعل آمر متصرف مدبر والبقية مفعول بهم تابعين متلقين! ستكون الحياة أجمل لو حققنا التكامل بين المرأة والرجل. أما المرأة السعودية ليست بمعزل عن بقية النساء في العالم العربي. تسير في خطوات بطيئة. تحتاج لفهم اِجتماعي يفعل المرأة معطلة، على الرغم من أنها قادرة على التفاعل! لكننا مارسنا الجاهلية بوأد شخصيتها وفكرها!
 
للمرة الأولى يناقش شاعر مسألة العلاقات الزوجية ونزوات الرجل في قصيدة "أنثى أنا"، ما الذي دفعك إلى كتابة هذه القصيدة؟
هذا النص وجد تفاعلا كبيرا، لأنه بمثابة حجرٍ قذف على مياه راكدة. هذا النص "أنثى أنا ليتني كنت عاهرتك" أشبهه بصفعة أرادت أنثى النص أن تصرخ به لتصحيح وضع خاطئ نتجنب الحديث عنه. للرجل العربي ممارسات خارج النص، يبحث فيها عن متع وقتية ونزوة ليعيش حالات نشوة، متناسيا أن من ترتبط به شرعا أيضا أنثى لها اِحتياجها وتتمنى منه اِسعادها. لهذا صرخت بل صفعته، مطالبة اياه بأن يعيش متعته معها. حقيقة نحتاج لوقفة صراحة والبحث عن الحلقة المفقودة في فهم الرجل الشرقي للمرأة.
 
من هي المرأة "المثالية" بالنسبة للشاعر إبراهيم الجريفاني؟ هل هي المرأة المتمردة؟ وما هو مفهمومك لمعنى التمرد النسائي؟
أراها متمردة بقيمها، متحررة في عشقها، حرة في مشاعرها، متكاملة مع الرجل، رافضة للاِنكسار، واعية أن الجسد ليس عاراً نحجل منه بل كينونة اُنثى تتباهى بنفسها. أنا من دعاة التمرد الإيجابي للمرأة. وهو الكامن في معرفة الذات. يجب أن تكون المرأة أنانية في حبها، لا أن تختزل في وعاء عطاء، تدفن فيه وجهها حتى تغسل دمعها. المرأة المثالية في نظري هي من تعي أنها امرأة دون كل النساء.