فرحة اللبنانيين لا تعكرها الأجواء المشحونة

بيروت- إحسان علَوه

لم تمنع الأجواء السياسية المشحونة والأمنية المتوترة في البلاد، اللبنانيين من الاحتفاء بقدوم عيد الفطر بعد 30 يوما من الصيام. وتبدأ مظاهر العيد قبل العيد نفسه، حيث تتحضّر العائلات قبل أسبوع لشراء الألبسة وأغراض جديدة للمنزل للتفاؤل وترحيبا باستقبال الزوار.

وتشرع النسوة خصوصا في القرى بإعداد الحلويات الخاصة لضيافة العيد ومنها المعمول على انواعه وكعك العيد، كذلك تعرض محال الحلويات  في المدن ما يلذّ ويطيب منها وخصوصا الحلويات العربية (صفوف، نمورة، بقلاوة..) اضافة الى "السنيورة" التي تشتهر بها مدينة صيدا.

 وفي هذا الوقت، تنشغل ربات المنازل بترتيب وتوضيب بيوتهن بأبهى حلة لاستضافة أقربائهم وجيرانهم. يتبادلون الزيارات خلال اليوم الاول للعيد، فهي جزءاً أساسياً من العادات والتقاليد اللبنانية المتوارثة منذ أجيال، كذلك عملاً بتعاليم الشريعة الاسلامية بصلة الرحم ولإضفاء روح الألفة والمحبة بينهم.

كما يحرصون بعد التهئنة بالعيد بعبارات "ينعاد عليكم بالخير او كل عام وانتم بخير"، على تبادل الهدايا (وأكثرها حلويات وعلب شوكولا وبسكويت).

أجواء ايمانية وروحانية

ما أن تبزغ شمس العيد، حتى تعلو الصيحات والتهليلات والتكبيرات في المساجد، فتلقي بنسماتها الروحانية فيضاً إيمانياً على المؤمنين. ويبدأ جموع المصلّين بالتوافد الى الجوامع لتأدية صلاة عيد الفطر، فيما يتحضّر الاطفال الصغار بأفضل ما لديهم من ملابس للخروج الى الملاهي والنزهات ولقاء أقرانهم واللعب معهم. كما ينتظر الاطفال هذا اليوم بشغف لتلقي "العيدية" من ذويهم.

ولا ينسى اللبنانيون موتاهم في هذا اليوم. يشترون صباحا الورود والبخور التي تعرضها بسطات خاصة لها امام المقابر، وينثرونها فوق قبور أحبائهم تعبيرا عن وفائهم لهم والترحم عليهم، كما يهدونهم ما تيسّر من سور القرآن الكريم.

للأطفال حصة الأسد

وتشهد مدن ملاهي الاطفال حركة اقبال كثيفة من الأسر التي تصطحب صغارها للهو وقضاء أوقاتا مرحة والتمتع ببهجة العيد. فيتسابق الأولاد على الأراجيح و" الدويخة" و"الدولاب" و"سبق السيارات" و"السفينة الطائرة"...لحجز مكان لهم. بينما يترقبهم الاهالي بأعين حذرة ويقطّعون الوقت بتناول "العرانيس" (الذرة)، و"البوشار" الذي يعبق رائحته في الأرجاء، و"الفول مع الحامض"، و"البطاطا المقلية مع الكاتشب"...

الكورنيش البحري على طول الساحل اللبناني يعتبر الوجهة المفضلة للكثير من العائلات ذات الدخل المحدود لقضاء نهارها هناك مصطحبة "أدواتها" من أطباق الطعام وعبوات المياه الى الناراجيل والدراجات الهوائية للأطفال.

المقاهي تضج بروادها

البعض الآخر يفضل المطاعم والمقاهي التي تغص بروادها من المناطق كافة خصوصا في اليوم الثاني والثالث من العيد. والجميع يفضل تناول الاطباق اللبنانية ومنها المشاوي على انواعها  والسمك والتبولة والحمص والكبة، اضافة الى "الكنتكي"..ولا يطيب ذلك الا "بنَفَسْ" من النارجيلة.

يوضب العيد لحظاته مسرعاً، ويرحل كما كل الأوقات الجميلة. يعود اللبنانيون الى أشغالهم وهمومهم اليومية بعد أيام ثلاث قضوها بما يرغبون..فيما تبقى نشاطات العيد وذكرياته الجميلة راسخة في أذهانهم الى حين مجيء عيد آخر...وكل عام وأنتم بخير.